صحفي فلسطيني: هل استهداف “صاروخ الحوثي” مكّة المكرمة مجرد كذبة؟.. “حلفاء السعودية” أنفسهم لا يُصدّقون!

خالد الجيوسي

لم تَجرِ الرياح كما تشتهي سُفن العربية السعودية، وبالرغم أن المُعتدي أو المفروض أنه اعتدى على “أراضيها”، وتحديداً المُقدسة منها، يجب أن يكون على كرسي الاتهام، ويستحق العقوبة، هنا تغيّرت المُعادلة تماماً، ليبدو أن “الذكاء” السعودي لم يكن كافياً هذه المرّة أبداً، وفشل فشلاً ذريعاً حتى باستجرار تعاطف الحُلفاء، ذاتهم الذين يبيعون السلاح، لأصحاب “عاصفة الحزم”، فأيّ حظٍّ عاثرٍ هذا الذي يَضرب بالمُخطّطات السعودية “العميقة” عرض الحائط؟

نتحدث هنا، عن “صاروخ الحوثي” الذي قالت السعودية أنه استهدف مكة المكرمة، بالتأكيد لم يكن في حُسبان حكومة المملكة، أن “بائعة السلاح” لها بريطانيا، وشريكتها في “جرائم” اليمن، ستكون أول من يُشكّك في روايتها الرسمية، وعلى غير المُتوقع يُصدر مكتب الخارجية البريطانية، بياناً نشره على موقعه الرسمي يقول فيه، أن الصاروخ الذي أُطلق مُؤخراً من محافظة صعدة، كان يَستهدف مطار الملك عبدالعزيز في جدّة، وليس مكة كما قالت السعودية.

الحوثيون كانوا، قد نفوا نفياً قاطعاً استهدافهم “الأراضي المُقدسّة”، وبيان حليف السعودي (البريطاني) يتماشى تماماً، مع “الرواية الحوثية”، هذا البيان لم يَصدر عن الخارجية “الإيرانية”، ليُقال أنه يتماشى مع مصالح حُلفائهم “الشيعة”، بل صدر عن حليف يُصر على بيع السلاح للمملكة مُقابل أموالها، ضارباً حقوق الإنسان عرض الحائط، وبالتأكيد أن المصلحة البريطانية، لا تتبع “ولاية الفقيه”، وعليه نأمل أن يكون هنالك مُبررات مُقنعة، تَصدر على لسان بلاد الحرمين في ذلك الشأن.

لا عَجب، إن لم يَصدر توضيح أو رد رسمي على بيان مكتب الخارجية البريطانية، فهناك في الداخل السعودي، ما يزال الإعلام المحلي، يتحدّث عن المأساة التي كانت ستقع على يد “هادمي الكعبة” العصر الجديد (الحوثيين)، ويُواصل الشيوخ دعوة الناس، إلى الوقوف خلف قيادتهم التي تخوض معركة إسلامية وجودية، ضد “أعداء الإسلام”، والرد على بيان “مُغرض” كهذا، أو على الأقل توضيحه، ربما يُحبط المخططات الداخلية، التي تسعى إلى المُحافظة على “هيبة” القيادة، رغم هزائمها المُتوالية على الأرض اليمنية.

الأمر لا يحتاج بالنسبة لنا، بياناً من الخارجية البريطانية بالطبع، حتى نُصدّق أن “صاروخ الحوثي” لم يستهدف مكة، والكعبة تحديداً، وذلك للأسباب التالية:

أولاً: أين كانت الدفاعات الجويّة التي تَسبق مكة في المدن السعودية جغرافياً؟ ولماذا لم تستفق إلا عند اقتراب الصاروخ من الأرض المُقدّسة؟ وكأن المدن الأخرى لا “قداسة” لحياة مُواطنيها، وهل تمتلك الدفاعات مثلاً حساسات على شاكلة “طير أبابيل” تستشعر خطورة الاستهداف الذي مثّله “أبرهة الحوثي”؟

ثانياً: هؤلاء الحوثيون ليسوا كفرةً، بل مسلمون، يؤمنون بالله، ونبيّه محمد الكريم، ويعلمون أن للبيت ربٌّ يحميه بالتأكيد، وحتى إن كانوا “يأملون” استهداف الكعبة كما قيل ضمن مُخطط “رافضي”، لن يُقدموا على “استفزاز″ مشاعر المسلمين، وإغضاب رب الكعبة، فقط حتى يُشعروا السعوديين بالهزيمة.

ثالثاً: الكعبة ليست مُلكاً للسعوديين ونظامهم الملكي، أو على الأقل بالنسبة لنا، هي قبلة الحوثيين أيضاً، والمسلمين جميعاً، والجميع هنا “دون استثناء” عليهم أن “يثوروا” لإدانة من “يتجرّأ” على استهدافها، أيّاً كان.

ليس من اللائق بنظرنا، أو مُعيب ومُؤسف بالأحرى، أن يَلجأ أحد الأطراف المُتصارعة في الحروب، إلى “كذبة” استهداف الرموز الدينية، كما تفعل العربية السعودية في حربها المُتواصلة على اليمن الحزين “الشقيق”، للقضاء على سُمعة خصمها، واستجرار التعاطف العربي والإسلامي، وحتى الشعبي الداخلي، هذه طريقة “دنيوية” بائسة لا تتناسب مع القيمة التاريخية والدينية لمكة المكرمة، فحتى في الحروب هناك حد أدنى من الأخلاق، للتعامل بين “الأعداء”، نعم صحيح للكعبة ربٌ يحميها، لكن هذا إن وُجد من يَستهدفها، ويُؤذيها!

نقول ختاماً، إنه لأمرٌ مُحزنٌ لنا بالفعل، أن يتم “ترويع″ الآمنين في كل من اليمن، وأرض الحجاز، وتتساقط الصواريخ على كل من الجانبين، وتُراق دماء “بريئة” لا ذنب لها، لكن وقبل كل هذا علينا أن نكون مُنصفين قليلاً، ونقول بعلو صوتنا، أن من بدأ الترويع “بحزم” معروف لنا تماماً، وعليه  بالتأكيد أن يكون على أهبة الاستعداد، لمرحلة “الترويع″ التي تلي “عاصفته”، هذا إذا كان هناك بالأصل مجال للمُقارنة بين المُروّعين في البلدين، “صاروخ الحوثي” لم يكن الشرارة التي أشعلت فتيل “عاصفة الترويع″، وحين نَصعد على منابرنا، للتباكي على مكة، علينا أنْ نَذكر أنّ أهل اليمن قبلكم، كانوا آمنين!

كاتب وصحافي فلسطيني

نقلا عن رأي اليوم

(339)

الأقسام: آراء,الاخبار