ترجمة| الغارديان: أوقفوا المساعدة على القتل في اليمن

ترجمة: أحمد عبدالرحمن| المراسل نت:

صحيفة الغارديان: تغذي مبيعات الأسلحة البريطانية حربا وحشية وعبثية. واذا لم يكن بمقدورنا إيقاف الصراع، فعلى الأقل ينبغي علينا الكف عن السماح باستمراره.

 

لقد أصبح من الصعب غض الطرف عن المعاناة في اليمن، بالرغم من محاولة الكثير من الناس في لندن وواشنطن ذلك. ففي الشهر الماضي فقط ، أودى قصف عزاء بحياة ما لايقل عن 140 شخص، وغارة على احد السجون إلى مقتل 58 شخص، وصور لمراهقين باتوا يشبهون هياكل عظميه وكل هذه أثبتت الآثار المدمرة لحرب تم التغاضي عنها. فمنذ اندلاعها في مارس من  العام الماضي، قتل على الأقل 10.000 شخص من بينهم 4000 طفل. إذ تلازم هذا البلد المعدم المعاناة حتى في أوقات السلم. وحاليا شُرد أكثر من 3 ملايين شخص، بينما 14 مليون ماضون نحو الجوع. حيث ان كل أربعة من خمسة أشخاص يمنيين بحاجة للمساعدة.

 

يتحمل المتمردين الحوثيين قدرا كبيرا من المسؤولية بشأن الدمار.  فهم من طردوا الرئيس المعترف به دوليا، عبدربه منصور هادي، بالتحالف مع سلفه، علي عبدالله صالح، الذي تمت الإطاحة به في الربيع العربي. بيد أن القصف المكثف من قبل التحالف الذي تقوده السعودية قد أودى بحياة عدد كبير من المدنيين- من ضمنهم هجومي العزاء والسجن- وتم ذلك بأسلحة و دعم عسكري من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وآخرين.

 

يجادل البعض بان هذه المشاركة الغربية ناجم عن السلوك السعودي المعتدل. وهذه الحجة، غير المقنعة البتة، تبدو أكثر تعريا يوما بعد يوما. اخبر وزير العمل السابق فينس كابل الجارديان حاليا انه تم تضليله عندما قام بالتوقيع على ترخيص تصدير صواريخ بريطانية الصنع شريطة ان المملكة المتحدة ستقوم بالإشراف على الأهداف المحتملة، بعد ذلك قالت وزارة الدفاع انه لا يوجد أفراد عسكريين تابعين لها ضمن” سلسلة الاستهداف”، وقد نفت ان يكون السيد كابل قد قدم مثل هذه الضمانات.

 

ينبغي أن يكون ضعف أي تأثير  حازت عليه بريطانيا وأميركا من خلال صفقات الأسلحة جليا من خلال عدد القتلى المدنيين، الهجمات المتكررة على المدارس والمستشفيات، والأدلة المتزايدة عن استخدام القنابل العنقودية. وفي الوقت ذاته، يجعل الصراع من السهل على مرتكبي انتهاكات حقوقية بأي مكان آخر  تجاهل الانتقادات كنفاق محض، وهو ما  خلق فرص جديدة للجهاديين- وهذا الامر بالتأكيد ليس في صالح بريطانيا أو أميركا.

 

البعض في المملكة العربية السعودية، أيضا، تسألون عن الحكمة من حرب مكلفة تستنزف الخزائن التي بان من الصعب أن تمتلئ بفضل انخفاض أسعار النفط. وتخشى الرياض من قوة إيران المتنامية، ولا ترغب في رؤية دولة أخرى تقع تحت سيطرة منافستها، ويقول مسئولون أميركيون  انهم اعترضوا شحنات أسلحة كانت في طريقها للتمردين، وهو ما نفته إيران، بالرغم من قول بعض الخبراء بان دعم طهران للحوثيين يبدو دعائي أكثر منه واقعي. وعلي ايه حال، فقد استنفذت الرياض الكثير من المصداقية السياسية في هذا الصراع الذي من غير الممكن أن ينتهي بسهولة.

 

يتعين على المجتمع الدولي مساعدة اليمن في إيجاد مخرج- وزيادة الضغط للتأكد من حدوث ذلك. الشهر الماضي، تم تقديم اتفاقية سلام أممية (لكنه لم يتم الكشف عنها علنا) تقدم شيء من أمل خافت: فهي تشير على الأقل بان هناك محاولة لتجاوز مطالب بسيطة فيما يتعلق باستعادة الحكومة والبحث في إيجاد حل واقعي. بيد أن القرار لا يزال بعيد المنال، ذلك ان رفض السيد هادي للاتفاق أمر متوقع، اذ يبدو انه سيؤدي الى استبعاده.

 

في هذه الأثناء، تتعاظم السخافات. ذلك أن نصف الـ 115 مليار دولار ما يساوي (92 مليار جنية استرليني) قيمة مبيعات أسلحة التي تمت الموافقة عليها في ظل إدارة اوباما لا تزال آجلة. في ذات الوقت، حث سفيرها لدى الأمم المتحدة,سامانثا باور، الرياض على وقف الغارات الجوية العشوائية. المملكة المتحدة،التي رخصت ببيع ما قيمته 3.3 مليار جنية استرليني من المبيعات منذ بدء الصراع في اليمن، تتبجح بزيادة المساعدات بنحو 37 مليون جنية استرليني لليمن. انه لتعهد مدعاة للضحك ان لم يكن مخزيا جدا. بحلول اغسطس الماضي، بلغ مقدار الدمار الذي سببته الحرب بـ 14 مليار جنية استرليني. بالتالي لن تفي المساعدات سوى للشيء اليسير لإصلاح ذلك- وما من مبلغ يمكنه استعادة الأطراف المفقودة او إحياء الموتى.

 

إن هذه التناقضات لتدعم الدعوات التي يطلقها ساسة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة  لوقف مبيعات الأسلحة والدعم. بالإضافة إلى ان القضية الأخلاقية الخالصة تكون قانونية: لا يمكن بيع الأسلحة حيثما يكون هناك خطر واضح في إنها ستستخدم في انتهاك القانون الإنساني الدولي. ويمكن الآن ان يكون هناك شك قليل بان هذا هو الحال. لقد حذرت الولايات المتحدة من ان التعاون الأمني مع السعودية ليس شيك على بياض وأعلنت” مراجعة السياسة”- ما يرجح انه يعني إرجاء القضية حتى إشعار أخر.

 

في بريطانيا، حدث انقسام داخل لجنة ضبط التسلح البرلمانية، فبعض أعضاء اللجنة يدعون الى وقف فوري لكن البعض الآخر يجادلون بان المملكة المتحدة تنتظر المراجعة القضائية التي تم كسبها من قبل منظمة ” حملة ضد تجارة الاسلحة “. يقتضي هذا ان يتم السماع عنه مطلع العام المقبل. إلا ان كل يوم من التأجيل يعني مزيد من الأطفال المعرضين للتقزم، للمزيد من التشويه، تدمير مزيد من المنازل، تمزيق مزيد من الأرواح، ومزيد من الوفيات نتيجة الجوع او القصف. ليس هناك وقت نضيعه. وينبغي على بريطانيا والولايات المتحدة وقف مبيعات الأسلحة فورا.

 

 

(61)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات