فوز ترامب مصدر قلق للكثير من الحكام والملوك العرب

رويترز| المراسل نت:

يجاهر الزعيم المستقبلي لأكبر حليف للشرق الأوسط -الذي وصفه أمير سعودي بأنه “عار على أمريكا” بعد دعوته لحظر دخول المسلمين- بازدرائه للشراكات الأمنية مع العرب ويعتقد أنه بدون الولايات المتحدة فإن السعودية لن يكون لها وجود لفترة طويلة.

ويعني فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أنه الرجل الذي سيتعين على حلفاء واشنطن العرب التعامل معه بعد تنصيبه في يناير كانون الثاني بينما يلتمسون مساعدة الولايات المتحدة لإنهاء حروب من سوريا إلى الموصل وإدارة أزمات إنسانية وتوفير وظائف لمواطنيهم في وقت يشهد انخفاضا في أسعار النفط.

يشير الهجوم الذي وجهه ترامب اثناء حملته الانتخابية على المهاجرين المسلمين -والذي كان هدفا لتعليقات الأمير السعودي الوليد بن طلال على تويتر- والحلفاء العرب الذين لا “يدفعون” في مقابل الدعم الأمريكي إلى أن العلاقة قد تكون حساسة.

ومن غير الواضح إلى أي حد سيختلف ترامب الرئيس عن ترامب المرشح المثير للاستقطاب في الانتخابات.

وسرعان ما تدفقت رسائل تهنئة مقتضبة من حلفاء عرب من بينهم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تمنى لترامب النجاح “بما يحقق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.”

لكن بعيدا عن البروتوكول فإن فوز ترامب مصدر قلق للكثير من الحكام والملوك والأمراء العرب. فهم يواجهون الآن أمريكا جديدة يقودها ترامب الذي يخشون أن يغير نظاما إقليميا ساد لعقود من الزمان.

وأسلوب ترامب العملي الجاد يروق لبعض العرب العاديين الذين يشيدون بما يعتبرونه قدرته على القيادة الصارمة.

وقال علي المهندي (57 عاما) وهو قطري يملك شركة للأجهزة الكهربائية أثناء تزويد سيارته بالوقود في محطة بالدوحة اليوم “زعيم قوي…هذا ما نحتاجه هنا في الشرق الأوسط وفي أنحاء العالم.”

ويرى مهندي في ترامب حليفا مفيدا في مواجهة تهديد الجماعات المتشددة قائلا إنه “صريح للغاية وليس مثل الساسة. الإسلاميون المتشددون سيئون بالنسبة للغرب وبالنسبة لنا أيضا.”

لكن هناك مخاوف من غياب الوضوح في سياسات ترامب بالنسبة لأكثر مناطق العالم اشتعالا بينما تسعى جاهدة للانعتاق من الحرب وحماية التدفق الحر لصادراتها النفطية.

شبان عرب ساخطون

ثمة مخاوف على وجه الخصوص بأن خطاب ترامب المعادي للمهاجرين المسلمين سيستفيد منه تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة الحريصان على تجنيد الشبان العرب الغاضبين لشن حرب على حكومات المنطقة التي يعتبران أنها عميلة لواشنطن.

ويريد زعماء الخليج العرب رئيسا أمريكيا يتفهم مخاوفهم بعد ثماني سنوات مما يعتبرونه غيابا للثقة في ظل الرئيس باراك أوباما وهو شخص لم يقدم نوع الاتصال الشخصي الذي يقًدرون أهميته.

ويريدون على الأخص المساعدة لاتقاء إيران منافستهم الأساسية. لكنهم يخشون أن تشجع إشادة ترامب العلنية بفلاديمير بوتين روسيا على توسيع دعمها للرئيس السوري بشار الأسد وهو حليف لإيران وعدو لمعظم الدول العربية.

يقول دبلوماسيون ومحللون إنه فيما عدا تعهده بأمن إسرائيل -وهو من ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية- ونبرة إنعزالية في تصريحاته لا يزال الكثير في بيانات ترامب بشأن المنطقة غامضا أو لم يدرس بعناية.

وهناك انقسام في الرأي بشأن ما إذا كانت تعليقات ترامب اثناء الحملة الانتخابية ستوضع موضع التنفيذ عندما يتولى الرئاسة. ومن بين هذه التعليقات قوله أنه سيدرس وقف شراء الولايات المتحدة للنفط السعودي ما لم تقدم الرياض قوات لمكافحة الدولة الإسلامية.

وقال فيصل اليافعي المعلق بصحيفة ذا ناشيونال إن الكثير من الناس يعتقدون أن ترامب استخدم تصريحاته المتهورة للفوز بالأصوات وإنه سيخفف منها عندما يتولى الرئاسة.

وأضاف قائلا “أنا غير مقتنع. أعتقد أنه يؤمن في حقيقة الأمر بخطابه. من المقلق للغاية أنه لا يبدو غير مدرك لكيفية عمل السياسة العالمية. فعلى سبيل المثال فإن المرء لا يخرج علنا ويقول ‭‭’‬‬إذا تعرض حلفاؤنا للتهديد فإننا لن نتدخل .. لماذا لا يستطيعون بناء أسلحتهم النووية؟‭‭’‬‬”

“هذا النوع من الحديث لا يساعد الثقة. ذلك الانهيار في الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها له تأثير حتمي غير مباشر على الاقتصادات وعلى القرارات التي تتخذها هذه الدول على مستوى سياسي.”

وأشار اليافعي الذي تصدر صحيفته من الإمارات العربية المتحدة إلى أن العراقيين يضعون أرواحهم على الجبهة لاستعادة الموصل المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة في بلدهم. وقال “هذه ليست حربا من أجل المنطقة فقط إنها حرب من أجل العالم.”

وبدا آخرون أكثر تفاؤلا.

توقع مسؤول تركي رفيع المستوى استمرار العلاقات القوية مع الولايات المتحدة وجادل بأن “التعليقات في فترة انتخابات دائما ما تكون نبرتها أكثر تصلبا وتشددا من اللازم. لكنها تظل مرتبطة بفترة الانتخابات.”

السعوديون “مستعدون للمجازفة”

قال الأمير سلطان بن خالد الفيصل الضابط السابق بالقوات الخاصة السعودية وهو الآن باحث بارز في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض إن “ما يقولونه وما يفعلونه (في الانتخابات الأمريكية) شيئان مختلفان تماما.

“السياسة الخارجية لا يصنعها رجل واحد. لكن من الصعب تحديد سياسته في حقيقة الأمر.”

وكانت تعليقات ترامب هجومية ومثيرة للانتباه. فقد قال إن الولايات المتحدة يجب أن تحصل على مقابل من الدول التي تقدم الحماية لها.

وقال ترامب لصحيفة نيويورك تايمز في مارس آذار إنه بدون أمريكا فإن “السعودية لن يكون لها وجود لفترة طويلة جدا.”

وأثار فوز ترامب ترحيبا حذرا في سوريا التي تشهد عامها السادس من الحرب بين المعارضة وقوات حكومة الأسد.

وفي دمشق أشار عضو البرلمان السوري شريف شحادة إلى أن السياسة الأمريكية قد تغير أسلوب الأسد. وأبلغ رويترز “يجب أن نكون متفائلين لكن بحذر.”

وغذت بيانات ترامب بشأن سوريا وموقفه الأكثر انفتاحا تجاه روسيا حليف الأسد مخاوف المعارضة بشأن السياسة التي قد يتبعها بشأن الصراع الذي يقصف فيه سلاح الجو الروسي مقاتلي المعارضة.

لكن وراء كل ذلك فإن كثيرين من المسؤولين والمراقبين يرون نتيجة أخرى لا تحمد عقباها.

ولم يسُر فوز ترامب الأحزاب اليمينية في الغرب فقط بل أيضا الجماعات المتشددة التي أبلغت أنصارها أن الانتخابات كشفت الموقف الحقيقي للولايات المتحدة تجاه المسلمين.

وقال أحد أنصار تنظيم الدولة الإسلامية على مواقع التنظيم على الإنترنت “سقطت الأقنعة”.

وكتب آخر يقول “إعلانات (ترامب) الحمقاء وحدها ستخدمنا حتى إذا كانت قراراته ستكون تحت إشراف مجلس الشيوخ.”

(388)

الأقسام: الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,,,,,