ترجمة| مجلة التايم الأمريكية: ما يجب معرفته بشأن الأزمة في اليمن وتورط الولايات المتحدة؟

ترجمة: إيمان المتوكل: المراسل نت:

 

مجلة التايم الأمريكية:

لقد أسفرت الحرب الأهلية في اليمن منذ 18 شهرا عن مقتل 10.000 شخص، وها هي الآن تدفع بالبلد نحو شفير المجاعة. ذلك ان 21 مليون يمني- اي 80% من السكان- هم في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، وفق الأمم المتحدة.

 

لأنها غرقت في خضم ضوضاء انتخابات الرئاسة الأميركية والحجب الناجم عن الصراع في سوريا والعراق، فقد فتكت الحرب والمجاعة باليمن بهدوء. فمثل ذلك الطفل السوري الغريق ايلان كوردي، الذي عثر عليه منكب على وجه على شاطئ البحر، او الطفل الحلبي عمران، تطرح صور الفتاة اليمنية الهزيلة ذات الـ 18 عاما سعيده احمد باغيلي سؤالا ينم عن حالة من الإهمال: كيف وصلنا إلى هذا الحال؟

 

في انتظار حدوث أزمة إنسانية:

حتى من قبل الحرب، كان اليمن البلد الأشد فقرا في شبه الجزيرة العربية. في 2012، كان حوالي 44 بالمائة من السكان من أصل 25 مليون نسمه يعانون من نقص التغذية أي أن حوالي خمسة ملايين شخص بحاجة إلى مساعدات طارئة.

 

جزء كبير من الفقر في اليمن ناشئ عن نقص المياه. ففي العاصمة صنعاء- حيث تشير بعض التنبؤات إلى إمكانية نفاذ المياه فيها بحلول عام 2017– ارتبطت حياة اقل من نصف المقيمين بمورد المياه. إضافة إلى ذلك فان المياه التي يتم توفيرها عن طريق الحنفية تصل مرة واحدة فقط كل أربعة أيام، وفي جنوب مدينة تعز، تصل مرة في الشهر. وسط حالة الفقر، ازداد الفساد السياسي. لقد أدارت وكالة الاستخبارات الأميركية سي أي ايه لفترة طويلة ضربات جوية بطائرات دون طيار ضد القاعدة في شبة الجزيرة العربية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في البلد.

 

مع ذلك, يبدو أن العالم بدأ أخيرا بادراك عمق الأزمات الأسبوع الماضي, عندما تم نشر صور المراهقة باغيلي, والتي تعاني من سوء التغذية الحاد, عبر مواقع الأخبار العالمية. في إحدى الصور, تمتد باغيلي ذات الجسم الذي بات يشبه هيكلا عظمي في وضعية الجنين على سريرها في مستشفى الثورة في اليمن. وفي صورة أخرى, بدت قابضة بيديها على مسندي الكرسي المتحرك المعدني الذي كانت جالسة عليه, لقد انحسر خداها وتمددت بشرتها بشدة حتى بروز عظم فكها.

 

 تعود جذور تاريخ الصراع الحالي إلى الربيع العربي:

في أعقاب الثورة التونسية عام 2011, دعا المحتجين في أنحاء اليمن إلى عزل الحاكم المطلق علي عبد الله صالح المدعوم من قبل الولايات المتحدة والسعودية حينها- والذي، كما يعتقد، قد كدس حوالي 60 مليار دولار خلال فترة حكمة.

في نهاية المطاف تخلى صالح عن السلطة لنائبة عبد ربه منصور هادي في فبراير 2012, لكن التحول أدى إلى نتائج سلبية: هجمات إرهابية متتالية في صنعاء, اضطرابات بشأن الأمن الغذائي, سيطرة الحوثيون القادمون من شمال على العاصمة – من ثم تحالف صالح مع المتمردين.

فر هادي من البلاد عندما تقدم الحوثيوم إلى معقله في مدينة عدن وطالب بالدعم. وفي مارس 2015 بدأ التحالف الذي تقوده السعودية- بدعم استخباراتي ولوجستي و تزويدهم بالذخيرة فيما بعد من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا – بدءوا بقصف مواقع الحوثيين لدعم حكومة هادي المعترف بها دوليا.

 

حرب فوضوية ووحشية، الولايات المتحدة متورطة فيه:

لقد اتصف الصراع اليمني بأنه حرب بالوكالة بين إيران الشيعية والمملكة العربية السعودية السنية, غير أن الوضع يختلف كثيرا عن ذلك. يصف المحلل السياسي الإيراني ماهان عابدين سلوك إيران بأنه “عالي بلاغيا لكنه متدني عمليا.”

 

لقد خاض الحوثي, الذي يُعد نصير الأقلية الزيدية الشيعية المسلمة في اليمن, معارك متقطعة ضد الحكومة- وضد المملكة العربية السعودية- لما يزيد من عشر سنوات ولكنه تطور ليصبح حركة شعبية واسعة النطاق عقب الربيع العربي. لقد وجد الحوثيون تأييداً بعد سيطرتهم على صنعاء عام 2014 من قبل العديد من الشباب اليمنيين اليائسين, من بينهم بعض من الغالبية السنية.

 

 

إن الامتداد الحقيقي للدعم الإيراني للحوثيين غير واضح. وما يُعد واضح هو أن الصراع الداخلي في اليمن حول عدم القدرة من تحقيق توافق في الآراء بشأن تقاسم السلطة وهيكل الدولة لما بعد صالح والتي قد تصاعدت في الوقت الراهن إلى حرب متعددة الأطراف ويتعذر  حلها.

إلى جانب قيامها بإسقاط قنابل عنقودية أميركية الصنع على اليمن، فقد أثارت السعودية ثانية احتجاجات عنيفة ضدها من قبل منظمات حقوق الإنسان عندما قصف الطيران السعودي مراسم عزاء في صنعاء في الثامن من أكتوبر الماضي, حيث أسفر الهجوم عن مقتل 140 شخص، وجرح 500 آخرين وهو ما أصاب واشنطن بحرج شديد.

وعقب القصف, قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض نيد برايس بأن التعاون الأمني الأمريكي ليس “شيكا على بياض,” وإنها ستقوم بمراجعة ” خفض الدعم المقدم بشكل كبير لقوات التحالف التي تقودها السعودية”.

ولكن قبل أسابيع- وفقا لرغبات السعودية– فشلت أمريكا في دعم إجراء تحقيق دولي مستقل على  جرائم الحرب المرتكبة في اليمن. و يوم السبت, قتلت غارة سعودية أخرى 58 شخصا في سجن يقع غربي اليمن.

لقد نفى البنتاغون بأن واشنطن تسعى للقيام بدور أوسع في النزاع. ومع ذلك, فان التدخل العسكري الأمريكي المباشر في اليمن جاء في غضون أيام من قصف قاعة عزاء صنعاء. وفي 10 أكتوبر, أطلقت الولايات المتحدة صواريخ كروز انتقامية على رادارات واقعة في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين بعد أن محاولة استهداف المدمرة البحرية يو اس اس ماسون  في البحر الأحمر.

 

تنبؤات الخبراء بصراع طويل الأمد:

إن انهيار محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في شهر أغسطس, تصعيد أكتوبر وتفشي مرض الكوليرا مؤخرا الذي أضاف حالة من التوتر إلى الفشل السابق في اليمن فيما يتعلق بنظام الرعاية الصحية أدت إلى التكهن بان من الممكن أن تتحول اليمن إلى “سوريا ثانيه”.

 

اخبر الكساندر كوربيل, المحلل البارز لمركز أبحاث مقره اوتاوا، مجلة التايم أن من غير المرجح بأن تصبح اليمن مكان تلعب فيه القوى الإقليمية بنفس ما هو حاصل في سوريا, و يعود السبب في جزء منه في أن واشنطن والرياض لديهما مصالح راسخة في استبعاد العناصر الفاعلة الأخرى. وفي نفس الوقت, توقع ” حدوث نزاع ساحق طويل الأمد يصاحبه تداعيات إنسانية ضخمة”.

 

كما اخبر ناجي حسين, ضابط شرطة يعيش في الإمارات العربية المتحدة وقد عاد لتوه من زيارة قام بها لأسرته في البيضاء, اخبر مجلة التايم, عن طريق رسالة بالبريد الالكتروني يوم الثلاثاء بأن معظم المزارع المحلية والحقول في المنطقة قد دمرت أو هجرت. كما أن أسعار الغذاء قد ارتفعت : ذلك أن علبه الفاصوليا التي كان سعرها 60 ريال يمني  (0.24$)  باتت الآن بسعر  1.04 $.

 

وأضاف حسين” لقد أصبحت الحالة المعيشية صعبة، نحن نعيش في خوف، نسمع الطائرات ولا ندري متى سيكون الهجوم التالي”.

(341)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات