صحيفة نمساوية: الحصار يجوّع اليمنيين ومنذ قرر هادي نقل البنك المركزي إلى عدن والموظفين بلا رواتب

ترجمة: نشوى الرازحي: المراسل نت:

صحيفة “نويه تسورشر” النمساوية:

يعاني ملايين اليمنيين من سوء التغذية إلى درجة الخطورة. لقد فاقمت تكتيكات الحرب الطائشة من الأزمة الإنسانية في البلد المتفكك وغير المتطور إلى درجة كبيرة.

في إحدى الصور، اختفى تقريبا الطفل ذو الجسم الهزيل، الذي لم يتبق منه سوى الجلد والعظام، على سرير المستشفى الكبير. رُكبت على صدره ثلاثة أقطاب كهربائية، منظر من الصعب تحمل مشاهدته. إنها واحدة من الصور الكثيرة المثيرة للقلق في محافظة الحديدة اليمنية، المهددة بالمجاعة على نحو خاص. لقد دفعت الحرب، التي لم يُرحم فيها المدنيون، البلد المتفكك والفقير إلى حافة الهاوية. فوفقا للأمم المتحدة، يعاني 1.5 مليون طفل يمني من سوء تغذية مهدد للحياة. وإجمالا، يعاني سبعة ملايين يمني من سوء تغذية حاد.

 

البنك المركزي اليمني عاجز:

يوضح منصور راجح، خبير اقتصادي في البنك المركزي اليمني كيف تفاعلت العديد من العوامل إلى وصل الحال إلى ما هو عليه في الحديدة: قبل الحرب، كان يعيش سكان الحديدة على الزراعة والثروة السمكية. ولكن منذ اندلعت الحرب على اليمن، ارتفعت أسعار الوقود بالطبع وأصبح من الصعب الحصول عليها وبالتالي تراجعت الزراعة. ويجد الصيادون صعوبة في الصيد، حتى من قبل الحرب وذلك بسبب الصيد الجائر من قبل الشركات الأجنبية. والآن، تضاعفت محدودية الحركة بسبب قوات التحالف السعودي: يقول السعوديون أنهم يريدون منع تهريب الأسلحة للحوثيين، الذي تشن السعودية حربا ضدهم في اليمن. كما أصبح نقل مواد الإغاثة صعبا بسبب الحصار المفروض من قبل التحالف العسكري السعودية.

 

تفاقمت الأزمة الإنسانية بكل كبير منذ دخول البنك المركزي اليمني في الصراع. فالبنك كان مستمرا في صرف رواتب الموظفين في كل المناطق اليمنية، بالرغم من أن مقره كان في صنعاء، أي في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

 

ولكن، في أغسطس، طلبت حكومة المنفى بقيادة الرئيس هادي المدعومة من قبل السعودية أن يتم منع الحوثيين من الوصول إلى الاحتياطي في الحسابات الأجنبية. وفي سبتمبر، أقال هادي محافظ البنك المركزي الذي يحظى باحترام كبير في البلد وأعلن عن نقل البنك من مقره في صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن. أراد أن تصبح هذه المؤسسة تحت سيطرته ورفع قبضة الحوثيين عنها، وعمل بذلك على شل المؤسسة الحكومية التي كانت ما تزال مستمرة في العمل بصورة جزئية.

 

1.2 مليون موظف حكومي، الذين يعولون 6 ملايين يمني تقريبا، بدون رواتب منذ ذلك الحين. وفي الوقت نفسه، لم يعد البنك يدعم استيراد المواد الغذائية.

 

إن الوضع ينذر بالخطر في مناطق مثل الحديدة على وجه التحديد. صحيح أن المشكلة لا تقتصر على بضعة أماكن. فقد قال رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في أكتوبر محذرا أن جيلا كاملا مهددا بالجوع. وأيضا في العاصمة صنعاء، يعيش كثير من الناس في ظروف محفوفة بالمخاطر. تتحدث سهى بشرين، التي تعمل لدى إحدى منظمات الإغاثة في اليمن، في تقرير لها عن أن هناك نداء في المدارس العامة لأولياء الأمور الأيسر حالا أن يجهزوا لأبنائهم أكثر من ساندويتش لأطفالهم، للأطفال الذين لا يجدون ما يأكلون: “هناك أطفال، لا يأكلون سوى نصف ساندويتش، لكي يبقى النصف الآخر للعشاء.”

 

يتم تطبيق التجويع كأسلوب من أساليب الحرب. فالتحالف العسكري السعودي مستمر في فرض الحصار على البلد بأكمله. وفي تقرير لمركز الرأي المستقل “مركز صنعاء”، يحذر منصور راجح، من شلل البنك المركزي اليمني الذي من شأنه أن يكون تصعيدا خطيرا للأزمة. كما يخشى أن يكون هذا تكتيكا حربيا الهدف منه تجويع الملايين.

 

وفي صنعاء، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان وميض شاكر، لم يعد أحد يستقل السيارة لتوفير مال البنزين لشراء المواد الغذائية، حتى أنه تم التخلي عن زيارة المستشفيات. وأصبح الناس يأكلون وجبات صغيرة. ويقول شاكر، لقد تحركت عجلة التكاتف الاجتماعي، فمن لديه مدخرات يساعد أقاربه. كما يتم جمع بقايا الطعام لمطعم مخصص للمحتاجين، الذين من البديهي أن تتم مساعدتهم. وبالطبع كل يعمل في محيطه. ولكن “استراتيجيات استمرارية البقاء على قيد الحياة لدينا انهارت. وحان الوقت الذي يجب أن تتصرف فيه دول العالم وجميع أطراف الصراع.”

(211)

الأقسام: الاخبار,المراسل العام,اهم الاخبار,صحافة وترجمات