عبدالعزيز ظافر معياد
مع اعلان احمد عسيري عدم تمديد الهدنة -التي لم ترى النور اصلا – يفترض أن إعلان كيري في مسقط، الأسبوع الماضي، قد انتهى عملياً على الأقل من جانب السعودية، وكان لافتا تجاهل قيادة دول ما يسمى التحالف التام لمطالبة وزير الخارجية كيري بتمديد العمل بالهدنة، كما لوحظ دخول الاوربيين وان كان على استحياء على الخط بالدعوة الى تمديد الهدنة ،وذلك في بيان صادر عن مسئول في الاتحاد الأوربي و في تصريح صحفي لوزير الخارجية الألماني، لكن دون أي مؤشرات على وجود توجه جاد لممارسة ضغوط حقيقية لوقف العدوان وربما يظل الامر على حالة الى حين وصول ترامب الى البيت الابيض.
-لكن ظهر جليا تجاهل الاعلام الخليجي تماما لدعوات تمديد الهدنة و بصورة تعبر عن رغبة جامحة لدى السعودية في تجربة الحسم العسكري مجددا ولو للمرة الأخيرة وتحت الحاح هادي وعلي محسن على ما يبدو ،وصاحب ذلك تكثيف القوات الموالية لهادي لعملياتها العسكرية للسيطرة على تعز المدينة وريفها، كما تسارعت المؤشرات مؤخرا عن قرب شن القوات الموالية للسعودية عملية عسكرية ضخمة وواسعة النطاق للسيطرة على باب المندب والمخا وميدي وصولا الى الحديدة والساحل الغربي اجمالا، ويبدو ان هذه المرة ستكون هي الأعنف و الأكبر من حيث عدد القوات المشاركة خاصة مع وصول الاف من المجندين الذين تلقوا تدريبات في ارتيريا الى عدن قبل أيام ويتوقع مشاركتهم في الهجوم الواسع النطاق.
-يبدو ان هادي وحكومته باتوا اكثر إصرارا وجدية في حسم المعركة في تعز والساحل الغربي، مع ادراكهم للتحول الجوهري الذي طرأ على الموقف الدولي مؤخرا من التسوية السياسية ،والذي لا يصب في صالحهم ،كما يدركون ضرورة الإسراع في الحسم العسكري كون الوقت ليس في صالح حلفائهم مع قرب وصول إدارة الرئيس ترامب الى البيت الأبيض والضريبة الباهضة التي قد يفرضها عليهم لمواصلة واشنطن دورها الحالي في الحرب او حتى لغض طرفها عما يحدث.
-من الواضح ان القرارات التي أصدرها هادي مساء الاثنين، تصب في جزء منها في اتجاه دعم التوجه للحسم العسكري في تعز ،وذلك من خلال تغيير هادي لقائد المنطقة العسكرية الرابعة أحمد سيف اليافعي،الذي طالما اشتكى منه قادة المقاومة في تعز ،واتهموه بتجاهل مطالبهم وعدم تقديم الدعم لهم رغم ان تعز تدخل ضمن نطاق مهام المنطقة العسكرية الرابعة ،كما ان تعيين ثابت مثنى جواس، قائداً لمحور العند، يرجح تفعيل استخدام قاعدة العند لمصلحة المقاومة في تعز.
-وفي الجانب الاخر لقرارات هادي، يظهر بجلاء قيامه ونائبه علي محسن بإعادة ترتيب وضعهم في حضرموت بما يساهم في تكريس نفوذهم هناك، حيث تم التضحية ب عبدالرحمن الحليلي فيما يبدو انه محاولة للتجاوب مع مطالب مشائخ حضرموت -والذي يتواجد اكثر من ثلاثين منهم حاليا في الرياض والتقوا هادي ومحسن قبل يومين -خاصة ان التغييرات تمت قبيل انعقاد المؤتمر الحضرمي الجامع المقرر في ديسمبر المقبل .
-التجاوب هنا تم من خلال تعيين شخصية عسكرية من المحافظات الجنوبية هو صالح طيمس بديلا للحليلي المنتمى للشمال في قيادة المنطقة العسكرية الأولى في سيئون ،لكن هادي تجنب تعيين حضرمي على رأس المنطقة كما كان يأمل الحضارم ،واختار بدلا عن ذلك تعيين طيمس وهو كازمي من محافظة ابين ،وكان من جماعة علي ناصر محمد الذين هربوا الى الشمال، عقب احداث 86م ،كما انه محسوب في الوقت ذاته على علي محسن ،الذي كان قد استعان به في ترتيب مجال التدريب في الفرقة الاولى مدرع في تلك الفترة.
-كما كرس علي محسن نفوذه في قيادة المنطقة الأولى من خلال تعيين هادي، للعميد أحمد الضراب رئيساً لأركان المنطقة العسكرية الأولى، والمعروف عن الضراب انه رجل محسن الأول في حضرموت، وهو من أبناء سنحان ، ويبدو ان الرجل لايحضى بسمعة جيدة في حضرموت جراء دوره المشبوه في الفساد المتوغل في قطاع النفط في المحافظة، واجمالا يبدو اننا مقبلين خلال الأيام والاسابيع القادمة على واحدة من اصعب مراحل الازمة التي طالت اكثر مما ينبغي ،وكان الله في عون اليمنيين.
(162)