مزحة إعلامية أمركية تصبح خبراً في المواقع العربية

صحافة| المراسل نت:

“بوتين يهدي ترامب حصاناً أبيضاً” هل صدقت هذا الخبر؟ مبروك، لقد وقعت في فخ الأخبار الكاذبة، في الحقيقة لم تكن أنت الضحية الوحيدة، كثير من المواقع الإخبارية العربية وقعت في هذه المشكلة، والسبب هو “الفهم الخاطئ” أو تداول “الترجمة الخاطئة” لما حدث في برنامج “the late show” الساخر، بين مقدّمه ستيفين كولبرت ودونالد ترامب، ضيفه الخيالي.
سخرية ستيفن كولبرت تحولت إلى حقيقة في بعض المواقع العربية التي قامت بنشر خبر إهداء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب حصاناً أبيض من أهم الأنواع الروسية، وقد تمّ شحن الحصان بطائرة عسكرية روسية إلى كاليفورنيا في أميركا.
لم يقتصر الخبر على هذا فقط، بل ضِيفَ عليه أن ترامب قرّر تقديم ثلاثين في المئة من قيمة أحد أهم الفنادق التي يملكها في نيويورك لصالح بوتين. ووصل الخبر في نهاية المطاف إلى تحديد قيمة الحصان بـ 10 ملايين دولار وتحديد نسله، وتقييم هدية ترامب بـ 300 مليون دولار.

حقيقة الكذبة

بعد التدقيق، وُجدَ أن هذا الخبر عارٍ عن الصحة، وأنّ ما حصل هو أن ستيفن كولبرت استضاف دونالد ترامب وهمياً في برنامجه الاميركي الساخر، حيث قام بطرح أسئلة على ترامب وتركيب مقاطع فيديو معينة لترامب من مقابلات سابقة وكأنها إجابات على أسئلة كولبرت الساخرة، من ضمنها سؤال ساخر عن بوتين أرسل حصاناً خشبياً إلى ترامب شبيه بِحصان طروادة.
ورغم أن برنامج “the late show” معروف أنه برنامجٌ ساخر، وأنّه يقدّم تعليقات كوميدية تتناول السياسيين والفنانين والأحداث الساخنة، ورغم أن مقابلة كولبرت مع ترامب لم تكن حقيقية، والحصان الأبيض الروسي ما هو إلا نسجٌ  كوميدي من خيال المُقدّم لتركيب مشهدية مضحكة تخدم فكرة البرنامج، إلاّ أنَّ الكثير من المواقع في العالم العربي قامت بنشر هذا الخبر، ومنها موقعنا الإخباري “الميادين نت” الذي وقع في هفوة نشره بسبب كثرة وجود الخبر، وبسبب تداوله على مواقع التواصل الاجتماعية التي ساهمت في وصوله أعداد كبيرة من الناس ومشاركته ونشره بشكل كثيف. فهل بدأ الامر بترجمة خاطئة؟ أم فهم خاطىء؟

 

هفوة الأخبار الكاذبة

 ينقسم التضليل الإعلامي إلى نوعين أساسيين: معلومات خاطئة من الأساس، أو معلومات صحيحة تساق عنوة بعيداً عن المعنى خدمةً لغرض سياسي معين. في كِلتا الحالتين يكون الضرر عميقاً وتكون فرص التصحيح محدودة النتائج لأن وقع الخطأ أطول عمراً من أي تصحيح لاحق، وأكثر انتشاراً. وهذا ما حصل مع المواقع العربية التي قامت بنشر الخبر الخاطئ ترجمةً وصياغةً، عن بوتين وترامب.
هي ليست المرة الأولى التي تقع المواقع وأُناس في فخ الأخبار المبالغ بها أو الكاذبة، فقد حصلت في الماضي حالات مشابهة تماماً، حيث تم نقل أخبار ليست صحيحة، وبدون التأكد منها، وهذا ما حصل مع مجلة “le point”  اليمينية الفرنسية، حيث سقطت في فخ الموقع الجزائري الساخر “المنشار” في قصة توقيف الصحافي أحمد لحري.
الإنترنت ساعد كثيراً في نشر الأخبار الكاذبة خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعية، لأن النشر على الإنترنت ليس له ضوابط، فالناشر يضع غالباً مواداً إخبارية لا يذكر مصدرها، أو يعيد نشرها من مواقع أعادت نشرها سابقاً، أو يقتبسها من آراء وتعليقات شخصية على السوشيال ميديا، أمّا المستخدمون – القرّاء، فأغلبهم يعيد نشر الخبر على صفحته دون تأكد من صحة المادة أو مراجعة للمصدر الأساسي.هذا الفعل يجوز للهواة وعلى صفحاتهم الخاصة، أما أن تنزلق محطات إعلامية يفترض التزامها بالمعايير المهنية في هذا الأمر، فهذه مشكلة لابد من حلها لأنها تمسُ بالمهنة الإعلامية أولاً وتستخف بالمشاهد ثانياً، كأن تعمد الوسيلة الإعلامية إلى عدم الإكتفاء بسحب الخبر، بل توضيحه وتصحيحه والإعتذار.

حيل للحماية من الأخبار الكاذبة

أصبح لِزاماً علينا ان نحمي أنفسنا من هذه الأخبار الكاذبة، والتأكد من صحتها، وعلينا أيضاً معرفة كيفية التعامل معها.
ويمكن تحقيق ذلك عبر استخدام محرّك البحث على الإنترنت والتأكد ما إذا كان الخبر من مصدر موثوق كالوكالات والمحطات العالمية والمواقع الإخبارية الموثوقة، وكمية تداوله وتاريخ نشره، والتمييز بين الأخبار أي إذا كان بهدف السخرية أو بعنوان برّاق ومضمون فارغ.
ويجب التأكد من الخبر الأساسي في المواقع الأجنبية، أي مقارنة القطعة المترجمة إلى العربية من المصدر الأساسي المنشورة عليه والاطلاع على عدد القنوات التي قامت بنشر الخبر.

(307)

الأقسام: الاخبار,هاشتاق