مفاوضات الكويت: التوافق على شكل الصراع القادم!

المحرر السياسي|المراسل نت:

 

ربما أن كثير من اليمنيين يلمسون أن المفاوضات التي تجري في الكويت لتحديد مستقبل بلادهم سينتج عنها تغيراً كبيراً على الواقع، وأن مرحلة ما بعد الكويت ستكون مختلفة كلياً عما قبلها، غير أن المراقب لسير المفاوضات سيخرج بنتيجة مفادها أن الأطراف اليمنية هناك تبدو وكأنها تتفاوض على شكل الصراع القادم أكثر من التفاوض على الحل السياسي.

من خلال يوميات مفاوضات الكويت نلحظ أن الأطراف تتخذ بين الحين مواقف متشددة بسبب زعم كل طرف بشأن اختراقات وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ منذ 11 ابريل الماضي، وحتى أن وفد الرياض قرر تعليق مشاركته في المفاوضات على خلفية قضية “معسكر العمالقة” بعمران وبغض النظر عن صحة ما ادعاه حول ذلك إلا انه عاد إلى المفاوضات المباشرة دون أن يتحقق له ما أراد.

على الجانب الاخر قال وفد صنعاء (انصارالله والمؤتمر) أن ذهابهم إلى الكويت جاء بعد تلقيهم ضمانات أممية ودولية بشأن تثبيت وقف إطلاق النار ورغم ما يتحدث به الوفد منذ وصوله إلى الكويت عن اختراقات لوقف إطلاق النار بالجملة ولكن هذا لم ينعكس على سير المفاوضات بالمجمل التي عادت اليوم وشهدت توافقاً على تشكيل لجان سياسية وأمنية وهو ما يعتبر خطوة كبيرة إلى الأمام في إطار الدخول في صلب المفاوضات وأهدافها.

صحيح أن هناك تراجع كبير في مستوى المعارك والغارات الجوية إلا أن الميدان ما يزال يقول إن هناك تربص عسكري قد ينتج عنه اختراقاً كبيراً يغير الموازين في أي لحظة وفي أي جبهة من الجبهات من أي طرف وجميع الأطراف تتحدث عن ذلك إضافة إلى استمرار المعارك العسكرية هنا وهناك وهو ما يوضح القصد من أن الأطراف تبدو وكأنها تسعى للتوصل لاتفاق على شكل الصراع القادم أكثر من البحث عن حل سياسي.

الحاجة إلى إيجاد أرضية للصراع جاءت نتيجة للرغبة السعودية للخروج دخولها الحرب بشكل مباشر والعودة إلى استراتيجيتها القديمة بدعم الصراعات وليس الدخول فيها وآخر شكل من أشكال هذه السياسة مستمر إلى اليوم في سوريا بعد أن كاد يتطور الأمر إلى تدخل مباشر هناك إلا أن الظروف الداخلية والخارجية التي شهدتها السعودية سياسيا وعسكريا واقتصادياً دفعها لاختيار نموذج التدخل في سوريا على نموذج تدخلها في اليمن.

ويجمع كثيرون على أن التفاوض المباشر بين السعودية وانصارالله كان نقطة التحول الكبرى في الحرب وبمثابة إعلان سعودي عن الخروج من الحرب والاعتراف بالجماعة كأمر واقع في اليمن خصوصاً أن الموالين لها خدعوها في أكثر من مناسبة ويريدون اليوم أن يتواصل تورطها باليمن وذلك يصطدم برغبة قاطعة من المملكة بعد الانجرار أكثر في اليمن.

وفيما لم تتوقف المعارك في مختلف الجبهات رغم التراجع الكبير نجد أن التزاماً كبيراً من قبل السعوديين والحوثيين على تنفيذ الاتفاقات بشأن معارك الحدود حتى أن السعودية التي لم تتمكن تماماً او تساهلت في إلزام الموالين لها بوقف إطلاق النار في الجبهات الداخلية إلا أنها فعلت ذلك بحزم فيما يتعلق بالهجمات على ميدي وحرض الحدوديتين من قبل قوات هادي ومسلحو حزب الإصلاح (اخوان اليمن).

أيضا في الوقت الذي شهدت الجبهات الداخلية تصعيداً عسكرياً انعكس على مفاوضات الكويت وجعلها تراوح مكانها فإننا نجد أن السعودية تواصل الخطوات التي تؤكد رغبتها في السلام على الحدود عندما تم الإعلان عن تسليم نحو 40 أسيراً وموقوفاً إلى الحوثيين بالتزامن مع تحركات خليجية قادها الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني لإنقاذ المفاوضات وكانت زيارته للكويت مثمرة ونتج عنها عودة المفاوضات المباشرة في وقت قياسي.

أخيراً وبالنظر للواقع العسكري والسياسي يصعب القول أن الكويت ستشهد اتفاقاً سياسياً يفضي إلى سلام شامل في اليمن والأقرب للحدوث هو التوصل إلى حكومة كيفما كان ذلك فالمهم أن يبدو التحالف كمن حقق أهدافه من الحرب حيث ستتسع السلطة القادمة والشرعية لتشمل كل الأطراف وبموجبها لن يكون هناك إمكانية لدعوة الخارج للتدخل وبذلك تتخلص السعودية من الشرعية التي تحولت إلى عبء عسكري واقتصادي كبيرين إلا أن الصراع الداخلي يبدو أنه لن يتوقف قريباً وستخوضه السعودية بسياسته القديمة بعدم التدخل المباشر حيث يلاحظ أنه وبعد ان كان يجري تقديم ولي ولي العهد كقائد عسكري يخطو بثقة إلى العرش نجد أن هناك تحولاً يظهر من خلال تقديم محمد بن سلمان كرجل اقتصاد وصاحب رؤية مستقبلية في السعودية.

 

 

 

(703)

الأقسام: آراء,الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار

Tags: ,,,,,,,,,