حصري: التنسيق الحوثي-الروسي-الصيني يدشن مرحلة جديدة ستقلق هادي والتحالف في اليمن

خاص| المراسل نت:

 

لم تفصح جماعة أنصارالله الحوثيين عن تفاصيل زيارة وفدها المفاوض، اليوم الأربعاء، للعاصمة الروسية موسكو ولقائه بنائب وزير الخارجية ومستشار الرئيس فلاديمير بوتين لشؤون الشرق الأوسط، إلا أن مصادر سياسية تحدثت لـ المراسل أن الزيارة تأخذ أبعادا متعددة وتكتسب أهمية كبيرة، مشيرة إلى أن تزامن الزيارة مع الانتصار الذي تحقق في حلب السورية، لا يمكن فصله عنها.

 

وضم وفد الحوثيين الزائر لموسكو رئيس الوفد المفاوض والناطق باسم الجماعة محمد عبدالسلام وعضوية حمزة الحوثي ومهدي المشاط.

واكتفت وسائل الإعلام الناطقة باسم الجماعة بنقل تصريح مقتضب لرئيس الوفد محمد عبدالسلام الذي كتب في صفحته بموقع تويتر “التقينا خلال زيارتنا الرسمية لروسيا في مقر الخارجية الروسية بمستشار الرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية” (ميخائيل بوغدانوف) ” مشيرا إلى أن اللقاء كان مهما ومثمراً.

وفيما كان الموقف الروسي يتصف بكثير من التوازن بين فريقي صنعاء والرياض، وذلك منذ اندلاع الحرب في مارس 2015، إلا أن المصادر التي تحدثت لـ المراسل نت أكدت أن كثير من المعطيات ترجح بأن اللقاء الذي ضم وفد الحوثيين اليوم الأربعاء مع نائب وزير الخارجية في موسكو، بوجود تغير كبير في التوجه الروسي للتعامل المستقبلي مع الأزمة اليمنية، خصوصا أنه جاء في مرحلة فاصلة شهدت انتصار الجيش السوري، وهو الحليف الأبرز لروسيا، في معركة حلب.

 

كما تحدث مصدر مطلع لـ المراسل نت أن اللقاء الحوثي-الروسي كان استثنائيا وتناول قضايا مهمة بعضها تم طرحه للمرة الأولى، مشيرا أن التفاعل من الجانب الروسي كان مختلفا هذه المرة، ويكشف عن تطور لافت للاهتمام الروسي بالأزمة اليمنية.

 

ويرى مراقبون أن اللقاء الحوثي-الروسي سيسبب قلقاً كبيرا لحكومة هادي في الرياض، مشيرين إلى أن هادي شعر بقلق بالغ انعكس على الإعلام التابع له، من الزيارة التي أجراها وفد الحوثيين لجمهورية الصين قبل عدة أيام، رغم أنها _أي الصين- على مسافة أكبر من الازمة اليمنية مقارنة بروسيا.

الاهتمام الكبير الذي حظي به وفد الحوثيين مؤخرا على المستوى الرسمي في العاصمة الروسية موسكو وقبل ذلك العاصمة الصينية بكين، يرجح أن الدولتين العظميين قد أنهتا مرحلة اختبار الجماعة وتقييم قدرتها على البقاء والحفاظ على قوتها خلال أكثر من 20 شهرا على الحرب السعودية، بما يشجع موسكو وبكين على التمسك بالجماعة والمراهنة عليها في اليمن.

 

وخلال مراحل الحرب على اليمن، أظهرت مواقف المندوب الروسي في مجلس الأمن انحيازا واضحا لموقف صنعاء، حيث عطل فيتالي تشوركين المندوب الروسي أكثر من بيان تقدمت به دول غربية بشأن اليمن، وبرر ذلك بانحياز تلك البيانات للتحالف السعودي، وكان أبرز موقف للمندوب الروسي عندما شن هجوما كبيرا على المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ واصفا إياه بأنه يعمل مندوبا للتحالف السعودي وليس للأمم المتحدة.

وتتسم السياسة الروسية بالتحفظ النسبي عندما يتعلق الأمر بالأطراف التي تمكنت من الإطاحة بالأنظمة في بلادها وتعتمد على الاعتراف بشرعية الأنظمة، لكن، هادي منح الروس الكثير من الفرص للتعامل مع طرف صنعاء، عندما نال من شرعيته بتغيير رئيس الحكومة خالد بحاح بشكل يخالف المبادرة الخليجية التي يتمسك بها.

وجاءت خطوة انعقاد البرلمان اليمني ومنحه الثقة للمجلس السياسي الأعلى وبعد ذلك لحكومة الإنقاذ التي تشكلت بصنعاء، لتعطي الروس مساحة أخرى للتحرك والتعامل مع الطرف الأقرب إليهم وفقا للصراع العالمي القائم وهو الطرف الذي يمثله الحوثيين.

وكان هناك تأييد روسي ضمني لخطوات تشكيل المجلس الأعلى وحكومة صنعاء، تمثل بحضور القائم بأعمال السفير الروسي بصنعاء آنذاك، لجلسة مجلس النواب التي منحت الثقة للمجلس الأعلى.

 

بالنسبة للحوثيين، فهم استفادوا كثيراً من تآكل شرعية هادي وحكومته وفقا للمعطيات السابقة، كما انهم حققوا الفائدة لأنفسهم بقدرتهم على تمثيل اليمن وتمكنهم من الحفاظ على قوتهم على مدى 20 شهرا من الحرب، وهو الأمر الذي انعكس بالانفتاح الدولي الكبير على الجماعة.

وضمن الانفتاح الكبير من قبل الدول العظمى على الحوثيين، فقد شهدت الأسابيع الماضية لقاءات هامة ضمت وفد الحوثيين مع السفير الفرنسي أولا في العاصمة العمانية مسقط وبعد ذلك السفير الألماني.

وتطور الأمر عندما تلقى الحوثيين دعوة رسمية من القيادة الصينية لزيارة بكين واللقاء بالمسوؤلين الصينيين الذين أولوا اهتماما كبيراً للزيارة.

وكانت زيارة وفد الحوثيين للصين والتي سبقت زيارتهم للعاصمة الروسية، قد اثارت حفيظة هادي وحكومته الذين حاولوا بشكل علني التأكد من استمرار الاعتراف الصيني بشرعيتهم، ولكن ذلك لم يكن ليمنع اعتراف الصين بالحوثيين باعتبارهم قوة نافذة في اليمن قادرة على حماية المصالح الصينية، وهو ما تحدث به دبلوماسي صيني.

ففي الثاني من ديسمبر الجاري علقت وزارة الخارجية الصينية على زيارة وفد الحوثيين إلى بكين بدعوة رسمية من الصين، وقالت أن ذلك لا يعني عدم اعترافها بهادي وحكومته، إلا أنه لايمكن تجاوز حجم نفوذ أنصارالله في اليمن.

الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الصيني هونغ لي أن زيارة وفد الحوثيين إلى الصين هي الأولى، حيث ترأس الناطق باسم الحركة محمد عبدالسلام الوفد ورافقه حمزة الحوثي ومهدي المشاط عضوي الحركة في المفاوضات السياسية.

وترى الصين إلى اليمن بعين المصالح التجارية التي تحتاج لحماية وضمانة لاستمرارها ولذلك تعتقد أن الحوثيين يسيطرون على معظم اراضي اليمن ولا يمكن تجاهلهم.

في هذا السياق قال السفير الصيني السابق لدى صنعاء “شي يان تشون” أنه “لا يمكن تجاهل قوة ونفوذ مليشيا الحوثي وسيطرتها على مناطق واسعة في اليمن حيث توجد مصالح صينية وحيث تعمل العديد من الشركات الصينية”.

واضاف في تصريحات لقناة الجزيرة القطرية أن الصين تعلمت الدرس ووجدت أنه لا مناص من “التواصل وفتح قنوات اتصال مع الحركات المعارضة بما فيها الحركات المسلحة”.

ويأتي اللقاء الذي عقده وزير الخارجية الأمريكية بوفد الحوثيين في العاصمة العمانية سقط في نوفمبر الماضي والإعلان عما عرف آنذاك بـ”اتفاق مسقط” الذي تضمن وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة جديدة، ليتوج منذ ذلك الحين الاعتراف الدولي بالحوثيين، عن طريق إقرار واشنطن بصعوبة تجاوزهم كقوة وازنة في اليمن.

لم يقتصر الامر على إدراك الامريكيين لقوة الحوثيين وإبرام اتفاق مسقط معهم بعد مباحثات استمرت لساعات طويلة بحسب ما قال وزير الخارجية الامريكي جون كيري، والذي تجاوز بشكل واضح عبدربه منصور هادي وحكومته واكتفائه بالأطراف الحقيقية للحرب متمثلة بالحوثيين والسعوديين والاماراتيين.

 

إجمالا لم يعد الانفتاح الدولي على الحوثيين خافياً، فاللقاءات الرسمية تجري بشكل علني، كما ان القول بأن تلك اللقاءات تتسبب بإقلاق هادي وحكومته لم يعد مجرد تكهنات بل إن ممثلوهم يعبرون عن ذلك القلق ويتحركون بموجبه بشكل علني أيضا.

(1675)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل

Tags: ,,,,,,,,,