السعودية تشن حروبا متعددة ضد مصر في القارة الافريقية

تقارير| المراسل نت:

تمر العلاقات المصرية السعودية بخلافات كبري، خرجت للعلن في مواقف كلا البلدين من القضايا الإقليمية الكبرى بالمنطقة العربية. التوترات المُرشحة للتفاقم المرحلة المُقبلة، تظهر أحد وجوهها في التوسعات الأخيرة للمملكة العربية السعودية في إفريقيا، والتي شملت إجراء مباحثات لإنشاء قاعدة عسكرية بجيبوتي، وتمويل سد النهضة الإثيوبي، فضلًا عن التوسع ببعض المشاريع الاستثمارية الكُبرى، والزراعية.

التوسعات التي تأتي بتنسيق مغربي قد تؤثر علي النفوذ المصري بالدول الإفريقية، خصوصًا في ظل شبه غياب للدور المصري، وفشل مصري في إيقاف بناء سد النهضة الإثيوبي.

تمويل سعودي لبناء سد النهضة..

توسَّعت حجم الاستثمارات السعودية بإثيوبيا خلال ولاية الملك «سلمان بن عبد العزيز»؛ إذ شهدت تعزيزًا للتنسيق بين البلدين في قضايا الأمن القومي، فضلًا عن زيادة مخصصات الاستثمارات السعودية بإثيوبيا، وترحيب رسمي من جانب الدولة الإفريقية بالمملكة، ومنحها مزايا كُبرى للمستثمريين السعوديين. كما شهدت السعودية خلال ولاية الملك سلمان أول زيارة لرئيس الوزراء الإثيوبي للمملكة بنهاية عام 2015، شهدت خلالها توقيع اتفاقات تجارية واستثمارية بقيمة 160 مليون دولار.

 

وكان وزير الزراعة السعودي المهندس «عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي»، أكد أن حجم الاستثمارات السعودية الحالية في إثيوبيا تبلغ 5.2 مليار دولار، مبيناً أن الاستثمارات الزراعية منها تمثل ما نسبته 30 %.

وتجاوز عدد المشروعات الاستثمارية السعودية في إثيوبيا 294 مشروعًا، والتي تُقدر قيمتها بأكثر من 3 مليارات دولار، منها 141 مشروع في الإنتاج الحيواني والزراعي، فضلًا عن المشروعات الصناعية التي تجاوزت 64 مشروعًا، بالإضافة إلى مشروعات جديدة في مجالات أخرى للتنمية.

يتجلى كذلك ارتفاع حجم النفوذ السعودي بالدولة الإفريقية في طرح إثيوبيا مزايا للمستثمرين السعوديين لزيادة المشروعات السعودية، وذلك من خلال عدَّة حوافز طرحتها أثيوبيا للمستثمرين السعوديين، من بينها الإعفاء الجمركي، وإلغاء الازدواج الضريبي، واتفاقية القرض، وتوصيل الكهرباء.

رجل أعمال السعودي هو الشريك الرئيس في مشروع «سد النهضة»

الشيخ «محمد العامودي»، رجل أعمال سعودي، يُصنف كداعم أول وشريك رئيسٍ لإدارة الإنشاءات فى مشروع السد مع شركة «سالينى» الإيطالية من خلال مصنعين للأسمنت يتم توريد معظم إنتاجهما إلى سد النهضة، فضلًا عن الشحنات التى يوردها مصنع Messebo الوطنى التابع للحكومة الإثيوبية.

 

تمد مصانع العامودى شركة «سالينى» بمتطلبات مواد البناء، خاصة الأسمنت اللازم لبناء السد فى مراحلة الأولية، بينما تم توقيع عقود شركات وسيطة مملوكة أيضًا لرجل الأعمال السعودي لتقديم الخدمات اللوجيستية للمشروع.

والمصنع المملوك للمستثمر السعودي «ديربا ميدروك» بدأ تشغيله فى فبراير (شباط) 2012، ويمثل إنتاجه 25% من احتياجات الأسمنت فى إثيوبيا، حيث ينتج 8 آلاف طن يوميًا، بتكلفة استثمارية بلغت 800 مليون دولار، وتم بناؤه بالتعاون مع شركة صينية.

وكان رجل الأعمال السعودي، وثيق الصلة بالأسرة الحاكمة، أول المتبرعين في حملة تمويل سد النهضة التي أطلقها رئيس الوزراء الراحل «ميلس زيناوي»، إذ قدم حوالي 88 مليون دولار للحكومة الإثيوبية لبناء السد في 2011، حسبما ذكر الموقع الرسمي لمحمد العامودي على شبكة الإنترنت، بتاريخ 27 سبتمبر (أيلول) 2011.

نفوذ الرجل السعودي في إثيوبيا، الذي يملك أيضًا مساحات شاسعة للزراعة، سعى لاستخدامه لتمرير مشروع تأسيس السد، ودعم مسألة استكماله، دون اعتبار لوجهة النظر المصرية الرافضة للمشروع.

وتولت الشركة التابعة للعامودى بالتفاوض مع «كارجو وير CargoWare» المتخصصة في تقديم الاستشارات والتسهيلات اللوجيستية؛ لوضع خطة لنقل مواد البناء، من خلال أسطول من النقل يتضمن 1000 شاحنة من طراز «فولفو»، لنقل آلاف الأطنان من الأسمنت من ميناء جيبوتى والمحاجر، إلى مصنع «ديربا ميدروك Derba Midroc» للأسمنت ونقل الكميات المتطلبة إلى موقع سد النهضة، وعدد من المشروعات الإنشائية الأخرى.

وأظهر العامودي دعمًا علنيًا لتأسيس مشروع سد لنهضة الإثيوبي، في مقابلة له مع صحيفة بيلد الألمانية « معظم الشعب الإثيوبي يدرك جيدًا أن سد النهضة سيعود بأرباح كبيرة ومجزية، وأنه سيساهم في تنشيط الزراعة فضلًا عن إنتاج الكهرباء، ومن شأنه أن يلعب دورًا استراتيجيًا في رفع مكانة إثيوبيا وزيادة قوتها أمام بعض جاراتها».

حصار سعودي لمصر: قاعدة عسكرية سعودية في جيبوتي

سعت المملكة أيضًا لتوسيع وجودها العسكري بالتوزاي مع مشاريعها الاستثمارية، حيث كثَّفت من زياراتها الاستكشافية لقيادات عسكرية سعودية لبعض المناطق الإفريقية، والتي أسفرت عن تأسيس قاعدة عسكرية سعودية بجيبوتي.

 

ويأتي تأسيس القاعدة العسكرية السعودية في جيبوتي ضمن مشروع اتفاقية للتعاون العسكري بين الحكومتين السعودية والجيبوتية، بينما تُشكل في خلفية هذا التعاون الثنائي أمرًا مقلقًا للسلطات المصرية التي فسر الكثيرين مسألة استضافة مصر لرئيس أريتريا الأسبوع الماضي ردًا على مساعي السعودية لتأسيس قاعدة عسكرية، دون التنسيق معها، خصوصًا أن هذه القاعدة ستضعف موقف مصر في قضية سد النهضة، التي تدعم المملكة بناءه بشكلٍ غير مُعلن.

قدمت الرياض مؤخرًا إلى الحكومة الجيبوتية منحة بقيمة 50 مليون دولار لدعم برنامج الاستثمار في جيبوتي، في إطار مساعدات دول مجلس التعاون الخليجية للبلاد التي تقدر بـ200 مليون دولار أمريكي، فضلًا عن اتجاه المملكة لإقامة خطوط ملاحية مباشرة بين موانئ جيبوتي وجدة وجازان؛ لدعم التبادل التجاري بين البلدين، وتعزيز تواجد المنتجات السعودية في دول القرن الإفريقي.

المغرب: بوابة السعودية لتحجيم نفوذ مصر والجزائر بشمال إفريقيا

التحالف بين السعودية والمغرب، والذي تجلَّى في اللقاءات المشتركة بين مسئولي البلدين والتماهي في المواقف السياسية الأخيرة، أحد وجوه الصراع السعودي المصري حول النفوذ في إفريقيا. فرهان المملكة على المغرب، التي توسعت هوَّة الخلاف السياسي بينها وبين سلطة الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، لدعمها بشمال إفريقيا، يأتي للانتقاص من نفوذ مصر وحليفتها الجزائر التي تتماهي مع الموقف المصري في عددٍ من القضايا المُشتركة، كدعم بقاء الأسد في مقعده كـ «رئيس» لسوريا، فضلًا عن دخول الرئيس الجزائري على خط الأزمة السورية، بتنظيم أكثر من لقاء داخل الجزائر، للوصول لحل سياسي للأزمة، وهو الموقف المُناقض لوجهة نظر السعودية حيال الأزمة السورية.

 

مساعي المملكة لتوسيع رقعة نفوذها في المغرب العربي، أحد تجليات الصراع مع مصر، حيث سعت السعودية من وراء دعم المغرب إلى تحجيم نفوذ الجزائر في النظام الإقليمي العربي، عبر دعم متزايد للمغرب، وترجيح كفتها في التنافس التاريخي مع الجزائر أيضًا، وهو الأمر الذي ينعكس بدوره على مصر، حليف الجزائر، والتي تحولت لخصم لدود لدى المغرب مؤخرًا في أعقاب دعم السلطات المصرية لجبهة «البوليساريو» الانفصالية.

هذا الدعم شمل تقديم السعودية منحًا مالية لا تُسترد للمغرب، خلال الشهر الجاري، شاملةً ثلاث اتفاقات تمويل، تصل قيمتها الإجمالية إلى 230 مليون دولار، تخصّص الأولى لمشروع خاص بالريّ الفلاحي، والثانية لمشروع توفير التجهيزات الطبية للمستشفيات العمومية، فيما تخصّ الاتفاقية الثالثة مشروعًا لدعم المقاولات المتوسطة والصغرى.

هذا الدعم المالي مرتبط باعتماد السعودية على المغرب، كحليفٍ عسكريٍّ قوي لها، شارك معها في مجموعة من الجبهات العسكرية، آخرها عملية «عاصفة الحزم» في اليمن، ومناورات «رعد الشمال».

كما يرتبط هذا الدعم السخي من السعودية للمغرب بمحاولة توظيف القدرات الأمنية والمعلوماتية، التي تمتلكها الرباط لصالح مشروع الزعامة للسعودية في الشرق الأوسط؛ بجانب القدرات البشرية والعسكرية للمغرب؛ بغرض مساندة السعودية ضمن تحالف إسلامي واسع؛ في مواجهتها مع إيران.

نقلا عن موقع ساسة بوست

(235)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,,,,