ترجمة| صحيفة “در فرايتاج” الألمانية: التحالف يدمر اليمن وليس الحوثيين..ماذا يريد آل سعود في اليمن؟ (الجزء الثاني)

ترجمة نشوى الرازحي: المراسل نت:

يريد السعوديون تأمين قوتهم، وهذا ما جعلهم يلعبون في سبيل ذلك دورا متعدد الجوانب. فهم يشنون حرب إبادة ضد البنية التحتية والتوريد والاقتصاد.

اضغط هنا لقراءة الجزء الأول

ديتريش كلوزه|صحيفة “در فرايتاج” الألمانية: الجزء الثاني: 2-2

في الواقع، تتضامن الولايات المتحدة الأميركية في هذه الحرب مع المملكة العربية السعودية- سياسيا، إذا ما نظرنا في الأساس إلى قرارات مجلس الأمن التي كانت بدافع من الولايات المتحدة الأميركية- وعسكريا من خلال المساعدة الفاعلة لوجيستيا وتحديد الأهداف وتزويد المقاتلات بالوقود وآخيرا وليس بأخير تزويدها بالأسلحة.

لا يقتصر قتال السعوديون للحوثيين على أسباب سياسة خارجية فقط، بل وأيضا لأسباب سياسية داخلية، وهي نفسها الأسباب التي دفعت السعودية للتدخل في البحرين عام 2011: بسبب الخوف من انتقال عدوى أعمال الشغب إلى الشيعة السعوديين نتيجة النجاحات التي حققها الحوثيين الشيعة (بكل بساطة) وأدت إلى الثورة. ولكن هذا ما حدث بالفعل حتى وإن لم يكن بدرجة تصل إلى التهديد بالنسبة للسعودية خاصة في المناطق الشيعية و خروج تظاهرات كبيرة تطالب بالانفصال بالحكم الذاتي.

 

المثير للاهتمام هو التساؤل لماذا جعل السعوديون مصالحهم في اليمن على وجه التحديد؟ الملفت هو أن السعوديين لم يستهدفوا بغاراتهم الجوية المقاتلين الحوثيين بالدرجة الأولى ولا القوات اليمنية المتحالفة معهم، أي الأهداف العسكرية. وكانت الغارات السعودية تستهدف المناطق السكنية، كما توضح لنا صور المنازل المدمرة والنساء القتلى والأطفال (الذين من البديهي أنهم هم من يتواجد في المساكن).

 

ليس هذا فحسب، فقد كانت جزء كبير من الغارات الجوية يستهدف أيضا بصورة منهجية البنية التحتية وطرق النقل وإمدادات الغذاء والمياه والمنشآت الاقتصادية. والآن أصبحت المواصلات وعمليات الإمداد والاقتصاد مشلولة تماما.

بدأت الغارات الجوية في 26 مارس بهجمات “خاطئة” على مطار مدني في صنعاء. وهذا الهجوم استهدف منطقة سكنية، وللعلم أن مجموعة من تلك الغارات كانت قد استخدمت فيها كثير من “الذخائر الذكية” التي تصدرها وزارة الدفاع الأميركية بكل سرور.

 

ولكن بعد وقت قصير تم تدمير جزء كبير من المطارات المدنية وعليها طائرات مدنية. لماذا ذلك؟ هل لمنع احتمال استخدامها لأغراض عسكرية؟ إن ذلك مضحك، خصوصا إذا ما تأمل المرء في كل الهجمات التي شنت منذ أول يوم. إذ لم يكن هناك أهداف عسكرية ينبغي قصفها بصورة عاجلة.

 

من الواضح أنه تم قصف المصانع بصورة ممنهجة. فماذا يعني تدمير ثلاثة مصانع أسمنت في ثلاث مناطق مختلفة في غضون اسبوع واحد بداية شهر يوليو؟ بماذا سيتم إعادة إعمار البلد بعد الحرب في الغالب؟

إنه لمن المحير التفكير في الهجوم الذي حدث يوم 24 يوليو على سكن عُمال محطتي كهرباء في المخا وراح ضحية ذلك الهجوم 120 شخصا. أعلن السعوديون بعد ذلك عن عدم مسؤوليتهم فمن قام بذلك اذا؟  أهم الأميركيون والبريطانيون من نفذ الهجمات؟

هم أرادوا بدون أي شك تدمير محطة توليد الكهرباء؟ فهل هي هدف عسكري؟؟

تمت كل الهجمات بصورة منهجية، فما علاقة طرق المواصلات. تم قصف الطريق التي تربط صنعاء بصعدة في الشمال: الطرق وكل السيارات التي على تلك الطريق تم قصفها. وتم إخلاء الطريق المؤدية إلى صعدة من السيارات التي تم تدميرها. ومن لا يزال يمتلك سيارة أصبح يشعر بالذعر من قيادتها في كل الأحوال، حتى وإن كان بحاجة إلى قيادتها لجلب المواد الغذائية أو نقل مرضى إلى اي مرفق صحي.

وكثيرا ما تم قصف شاحنات محملة بالمواد الغذائية أو شاحنات نقل مياه الشرب (إلى منطقة انهارت فيها عمليات الإمداد بالمياه بسبب السعوديين) أو شاحنات نقل الوقود. محطات تعبئة البنزين كانت الأهداف المفضلة للقصف. تم تدمير 180 محطة وقود في كل أجزاء البلد. وفي صعدة لم يعد هناك أي محطة وقود. بهذه الطريقة تمت إصابة المواصلات بالشلل وبشكل سريع.

لا مواصلات مما يعني لا نقل للمواد الغذائية، لا إمداد بالمواد الغذائية أبدا إلى بلد يتوجب عليه استيراد من 80 إلى 90 بالمائة من احتياجاته الغذائية. وقد شل الحصار المطلق وعرقل كل حركة للسفن، بحيث لا يمكن وصول أي مواد غذائية إلى البلد أبدا. اما ما هو موجود في المخازن فلا يمكن نقله أبدا داخل البلد!

 

ولم يعد هناك تجارة ولا توزيع بضائع. فقد تم تدمير عدد كبير من الأسواق في أجزاء مختلفة من البلد مع إزهاق عدد كبير من الأرواح. لماذا الأسواق بالذات؟ الأسواق هي الأماكن التي يتزود فيها جزء كبير من الناس بالمواد الغذائية. وإذا ما أصاب التجار الذعر من البقاء نهار كامل في السوق فلا شك أن التأثير سيكون واضحا.

 

لماذا قام السعوديون حتى بقصف نقطة توزيع للمساعدات الغذائية مقدمة من ألمانيا في صعدة؟ لماذا قصفوا – على الرغم من أن جزء كبير منها تحت سيطرة حلفاؤهم- مطاحن الدقيق وبذلك تم إفساد كميات كبيرة من الحبوب؟

 

لماذا قصف السعوديون، على الأقل في محافظة صعدة، عدد كبير من آبار المياه وألحقوا بها الضرر؟  وبالمناسبة، في اليمن لم يعد بالإمكان جلب المياه من الآبار العميقة لتزويد السكان بها بسبب الحصار المفروض على الوقود والذي تسبب في خلق أزمة مياه.

هناك تجويع ممنهج للسكان جميعهم وجعلهم يموتون من العطش أيضا، فقد تم تدمير البنية التحتية بأكملها والاقتصاد المدني بأكمله. وتلك هي جريمة حرب تضم إلى جرائم الحرب التي اقترفت فيها.

لكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للسعوديين. لماذا تم قصف “صالتي زفاف” في يوم واحد، رغم انها تخص إحدى العائلات وكان يجري فيها حفل خاص وتم إحالتهما إلى رماد وركام؟ لماذا تم قصف مئات المدارس وكثير من الجوامع والعديد من الجامعات وواحدة من أهم المتاحف في البلد، الذي ترك وحيدا وتم استبعاده ونسيانه؟ إنها حرب ثقافية أيضا ينبغي فيها تحويل البلد الى لا شيء؟

 

ما الذي يهدف إليه السعوديون بكل ذلك؟ أي تطلعات لديهم وراء كل هذا الدمار في فترة ما بعد الحرب، التي لا بد أن تأتي على كل حال؟ أعيد ما قلته في البداية: من الصعب فهم نفسية السعوديين. إنهم لا يرحمون عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهدافهم، فكل شيء عدا ذلك لا يهمهم.

أم أنهم يفكرون في أن يحسبون ببرود حساب زمن ما بعد الحرب؟ يجب أن يستمر تحكمهم في مصير البلد المدمر تماما والذي سُلب كل الإمكانيات الاقتصادية وأصبح أفقر مما كان عليه في فترة ما قبل الحرب. يجب أن يبقى الارتباط الكلي لهذا البلد إلى الأبد، البلد الذي لا يدفع له إلا الخبز الجاف لكي يبقى على قيد الحياة. نعم. السعودية ليست بحاجة لأكثر من ذلك مطلقا، بلد مدمر تماما يعتمد عليها اعتماداً كليا ويبقى مجرد بلد فقير.

 

وليس لدى السعوديين أي مشكلة مع الأرقام- خصوصا حينما يكون لديها بلد جار لا يسوى شيء سياسياً.

وما هو مثير للاهتمام أيضا ربما يكون السبب الذي دفع الأميركيين (وكما علمنا مؤخرا البريطانيين أيضا) الى العمل بكل نشاط مع السعوديين في سبيل التوصل إلى ذلك. لماذا يقدمون الدعم للسعوديين، لوجستيا، من خلال التنسيق وتقديم الإحداثيات لأهداف القصف، المطارات المدنية ومصانع الإسمنت ومحطات الطاقة الكهربائية والطرقات وعمليات نقل المواد الغذائية وآبار المياه والأسواق والجوامع والمتاحف والمدارس والجامعات…ومازالوا مستمرين في ذلك؟ ما الذي يحفزهم على ذلك؟ فدورهم في ارتكاب جرائم لا يقل عن دور السعوديين أبدا.

 

فيما يلي لمحة عامة عن الأضرار التي ألحقها السعوديين في البنية التحتية باليمن في الفترة ما بين 26مارس و31يوليو2015:

تم تدمير 82 من ابار وخزانات مياه و 94 محطة توليد طاقة كهربائية وخطوط وأبراج كهربائية و227 طريق وجسر. كما دمرت 10مطارات و 6 منافذ أو تضررت بشدة. ودمر 88 مركز اتصالات 30596 منزلا. ونزح أكثر من 410 ألف شخص. وتم تدمير 342 مدرسة ومركز تعليمي.  واضطرت 3500 مدرسة للتوقف بسبب الحرب السعودية و 29 دمرت كلية. تدمير وتضرر515 مسجد. بالإضافة الى تدمير و تضرر 188 مستشفى و مركز طبي.  تدمير 11 مخزن أدوية.  ودمرت 76 مزرعة دجاج و 6 صوامع قمح و177 محطة غاز وبترول. وتم قصف 114 شاحنة نقل للوقود و 397 مخزن للمواد الغذائية و 333 شاحنة نقل للأغذية.  تدمير أو إلحاق الضرر بـ 16 موقعا سياحيا. تم قصف 735 منشأة حكومية وإلحاق أضرار بها. وتم تدمير 149 مصنعا و 192 سوقا.  كما تضرر 35 موقعا تراثيا تاريخيا نتيجة القصف.  وتدمير 15 ملعب لكرة القدم.

(866)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,