ثمة خلل واضح في تفكير البعض!!

أحمد عبدالرحمن

إنه خلل ناتج عن انفصام عميق في الشخصية..

أتحدث عن أولئك الذين يرفعون شعار “محاربة الإمامة”، وبدلا من التفكير في سياق شعارهم المرفوع ، يتجهون لمهاجمة من يكتب عن السعودية ، كما لو أنها أمهم الرؤوم التي أرضعتهم، وبالتالي يُستفزون من أي رأي مخالف تجاه “المملكة العربية السعودية”، أو “مملكة الكراهية” وفقا لتوصيف الكاتب الأميركي “دور جولد”، بل ويُستنفرون ويتداعون لتوجيه سياطهم إلى صاحب هذا الرأي وتهمتهم جاهزة ومستهلكة عن موالاة الكاتب لإيران على حساب هذه السعودية، التي يتجاهلون دعمها للإمامة منذ ثورة 48 الدستورية، مرورا بانقلاب 55، وصولا إلى ثورة 62 وما بعدها.

هذه الكائنات التي ترفع الشعارات دون وعي منها، لا تعرف أن السعودية وليست إيران ، هي من موّلت ودعّمت وسعت بكل إمكانياتها لإعادة الإمامة إلى الحكم وعلى مدى أكثر من ست سنوات، في مواجهة الثورة الوليدة، ووصلت في دعمها للحرب الداخلية حتى محاصرة صنعاء وتطويقها فيما بات يعرف تاريخيا بمعركة “حصار السبعين”، وبعد انتصار الجمهورية ظل حضورها متغلغلا في نشر الفوضى وعدم الإستقرار في الجمهورية الحديثة.. فكيف غدت داعمة الإمامة وحاضنتها بين “عاصفة وضحاها” داعمة للجمهورية والنظام الجمهوري؟ .. أليس فيكم من يفكر؟!

هذا ليس دفاعا عن إيران. وحاشاي أن أقف هذا الموقف. أنا فقط أذكركم بما أظنكم قد نسيتموه أو فاتكم تذكُّره في خضم صراعكم مع الأوهام المعشوشبة في رؤوسكم.

أما بالنسبة لي فكما أنني ضد التدخل السعودي من قبل أن يكتسب طابع الحرب العدوانية الواضحة، فإنني بالمستوى ذاته على الضد من التدخل أو العبث الإيراني بأي شكل من الأشكال في بلادي.

هذا هو موقفي، وموقف أي يمني سوي لناحية أي تدخل خارجي على السواء.. ضميري لن يسمح بذلك، كما أن هويتي الوطنية اليمنية وتربيتي القومية العربية ، لن ترضى لي أن أقف في صف أي صيغة تدخل.. فقد خُلقت يمنيا عربيا، ومثلي لا يموت إلا على ما خلق.

يقيني بيمنيتكم يجعلني على ثقة من أن السعودية في عدوانها يا هؤلاء لا تفكر بالإمامة أو الجمهورية..ولا يهمها من يحكم، طالما وهذا الحاكم يفقتقد المشروع والرؤية المحركة له، وبالتالي لن يخرج عن “رداء الطاعة” لها..وتهتز رعبا من أي حاكم يملك المشروع الوطني المتحرر من وصايتها..هل تتذكرون الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي؟؟

حسنا .. ألا يعد ذلك دليلا على أن السعودية لا تفكر بكم أو بمستقبلكم، ولا يعنيها مستقبل اليمن واليمنيين، بل إنها تفكر في مصالحها ومستقبلها ووجودها القائم على زعزعة الجوار سواء في اليمن أو العراق أو سوريا أو مصر، بما فيها بعض دول الخليج أيضا. لننظر في الخريطة، وسنرى الدمار الذي يلف أغلب الجمهوريات العربية، في المقابل سنرى الاستقرار الذي تنعم في ظله ممالك النفط وأخواتها !!

.هذا الأمر كان قد دفع الكثير من المفكرين الغربيين والعرب للتساؤل عن ذلك السر الذي جعل من الدول ذات الأنظمة الجمهورية ساحات لثورات الربيع العربي؟، وتجاوز هذه الثورات الأنظمة الملكية الأحادية، كهدف مفترض وواقعي للثورات؟!

ثم إن السعودية ووفقا لنظام حكم ما قبل التاريخ القائم فيها، سيكون من صالحها قيام نظام ملكي بصبغة إمامية في اليمن.. هكذا نظام حكم سيروقها جدا، وليس بعيدا أن تدعمه ..ومن الغباء الرهان على التخلف للمحافظة على منجز الحاضر النقيض لها، فما بالنا وأنتم تراهنون على ما قبل التاريخ ليوصلكم إلى المستقبل؟!! هل تعتقدون بأن السعودية تريد أن تصلح خطأها التاريخي ذاك، من خلال عدوانها الحالي على اليمن الجمهوري؟

تكذبون على أنفسكم، وأنتم تتعمدون القفز على وقائع وتجارب التاريخ .. لو أنكم فكّرتم بهذه الطريقة الملتوية على الحقائق الماثلة أمامكم منذ عقود!!

لهذا لا غرابة إن سقطت رهاناتكم هذه، وقد يكون ذلك قريبا، وسيغلب دويُّها سقوطكم في الخديعة المرة، وعندها ستعرفون كم أنكم أصدقاء مع توأمكم الغباء!!

وربما أقول ربما تدركون لحظتها بإنكم قد علّقتم أحلامكم على شمّاعة المجرب، ذلك أن البعض منكم قد تنكّروا لأنفسهم ووطنيتهم وأفكارهم وتاريخهم، وفوق هذا تنكّروا لبطل أحلامهم الحديث، صاحب مقولة “التجريب بالمجرب خطأ مرتين”، فكيف، وهذا المجرب هو “السعودية”؟!..

(97)

الأقسام: آراء