الخلافات السعودية المصرية: شرخ أم أزمة عابرة؟

تقارير| المراسل نت:

تشوب حالة من التوتر العلاقات السعودية المصرية بعد أن أعلن وزير النفط المصري، طارق الملا، أن شركة أرامكو السعودية للبترول أبلغت الهيئة المصرية العامة للبترول بالتوقف عن إمدادها بالمواد النفطية “لحين إشعار آخر”.

وبدا جليا هذا التوتر بين الرياض والقاهرة عندما أخذت علاقات البلدين منحى ونمطاً غير مألوف عقب تصويت مصر لصالح قرارين مختلفين في مجلس الأمن، أحدهما مشروع قرار فرنسي لوقف العنف في حلب، والآخر مشروع قرار روسي تعارضه السعودية ودول الخليج .

وأثار تصويت مصر لصالح القرار الروسي حالة غضب لدى المملكة العربية السعودية الذي اعتبرته مخالفا للموقف العربي. ووصفه عبد الله المعلمي، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة، بأنه “مؤلم.”

ويربط متابعون بين توقف الإمدادات وتصويت مصر لصالح القرار الروسي. فيما عزاه آخرون لأسباب اقتصادية لا سياسية. غير أن الحكومة المصرية نفت إضفاء طابع سياسي على قرار الشركة السعودية.

وقد أقر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ضمنا بوجود محاولات للضغط على بلاده. وقال في كلمة له في ندوة تثقيفية للقوات المسلحة، “لن نركع إلا لله”. وشدد على أن سياسة بلاده مستقلة بشأن سوريا، مؤكدا على ضرورة الحل السياسي لهذه الأزمة. ونفى وجود علاقة بين وقف تزويد مصر بشحنات نفط سعودية خلال الشهر الجاري، وبين التصويت المصري في مجلس الأمن.

ورغم التزام الجانبين رسميا الصمت إزاء هذه الأزمة صاحب هذا التوتر تراشق إعلامي سعودي مصري تبادل بموجبه إعلاميون مقربون من السلطات في البلدين اتهامات بلغت حد التلاسن والتهديد، فضلاً عن التذكير بـ”أفضال” كل بلد على الآخر.

وكانت تصريحات ساخرة لوزير الحج السعودي الأسبق ورئيس منظمة التعاون الإسلامي، إياد مدني، حول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أثارت جدلا إعلاميا وسياسيا واسعا. وتوالت مطالب بإقالته من منصبه رغم اعتذاره عن خطئه وتأكيده على أن تصريحاته عن ثلاجة السيسي كانت من قبيل المزاح ولم يكن يقصد منها أي إساءة للقيادة المصرية، وفي النهاية قدم مدني استقالته “لأسباب صحية” حسبما قال.

كما عزا عدد من الخبراء خلافات القاهرة والرياض لمشاركة مصر، ممثلة في شيخ الأزهر أحمد الطيب، وغياب السعودية، في مؤتمر ديني عالمي بمدينة غروزني. لمناقشة مفهوم “أهل السنة والجماعة”. وكان من ضمن توصيات المؤتمر، عدم إدراج السلفيين والحركة الوهابية في السعودية ضمن تعريف هوية “أهل السنة والجماعة”. كما استثنيت المؤسسات الدينية السعودية من المؤسسات التعليمية.

وتعد السعودية من أكثر الدول تأييدا للنظام المصري الحالي ودعما له. وقد استفادت القاهرة من مساعدات مالية وتسهيلات اقتصادية كبيرة عقب التغيير الذي شهدته مصر في 3 يوليو/حزيران 2013.

ويطرح مراقبون تساؤلات عن مدى الخلاف المصري الخليجي، وهل يقتصر فقط على الملف السوري، أم أنه يمتد إلى ملفات أخرى. وهل تتجه العلاقة بين دول الخليج التي دعمت مصر بعشرات المليارات من الدولارات في السنوات الأخيرة إلى التأزم، أم أن الأمر سحابة صيف عابرة ستزول سريعا؟

وفي مقابلة مع بي بي سي قال الكاتب والصحفي السعودي جمال خاشقجي “أميل إلى أن السعودية حريصة على مصر وسوف تسعى إلى أن تبقى على علاقة جيدة معها. المشكلة هي أن هناك تباينا في رؤية مصر حيال التهديدات التي يواجهها الأمن القومي العربي”. ويضيف خاشقجي “المصريون حاولوا التزام الحياد في هذه المسألة. لكن من الواضح أن السعودية لن تقبل هذا الحياد. فعندما تؤيد مصر موقف النظام السوري والروسي فإنها تؤيد الموقف الإيراني في الملف السوري حتى لو لم تقل ذلك علنا”.

وأردف خاشقجي “إن هيمنة ايران وانتصارها في سوريا هو أصل الخلاف، وهو التهديد الاستراتيجي الذي تراه السعودية ويرفض النظام المصري اعتباره. من هنا تولدت الخلافات السعودية المصرية. بالتالي أرى أن هذه الخلافات عابرة وستزول إذا غيرت مصر موقفها وشاركت السعودية رؤيتها”.

من جانبه قال محمد أبو الفضل، نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام ومشرف صفحات الرأي “هذه أزمة عابرة في تقديري لأن ما يجمع بين البلدين من مصالح استراتيجية مهمة يفوق كثيرا ما يمكن أن يفرق بينهما من خلاف حول بعض القضايا السياسية الإقليمية. ربما تكون الأزمة هذه المرة قد أخذت منحى تصاعديا أكثر مما يجب”.

وأكد أبو الفضل أن “ما بدا هوة واسعة بين الطرفين قد يكون دافعا نحو ضرورة ردم هذه الفجوة لأن الطرفين سيخسران كثيرا إذا استمر المد التصاعدي للأزمة”.

وفي تقديره يرى أبو الفضل “أن هناك مؤشرات تفيد بأن كلا البلدين لا يريدان المضي في مسار منفرد، كل على حدة، لأن الوصول إلى نقطة اللاعودة يمكن أن يقلب موازين كثيرة في المنطقة”.

بي بي سي

(124)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل

Tags: ,,,,,,