ترجمة| مجلة أمريكية: لماذا تتدخل واشنطن في اليمن وسوريا وتهرب من مواجهة مباشرة مع إيران؟

ترجمة: جواهر الوادعي: المراسل نت:

أميتاي إتزيوني*| مجلة ” ناشيونال إنترست” الأمريكية:

حظيت أول عملية عسكرية والتي أذن بها الرئيس ترامب خلال مأدبة عشاء بفشل مثير للقلق. تسببت تلك العملية بمقتل ثلاثين مدنيا بينهم عشرات الأطفال والنساء. كلفت العملية أيضا حياة وليام ريان أوينز من البحرية الأميركية، وأصيب ثلاثة مقاتلين آخرين في وحدته كما أصيب ثلاثة أعضاء آخرين بجروح عندما تحطمت طائرة ڤي-22 أوسبري جراء سقوطها. دفعت تلك العملية القبائل المحلية، بما في ذلك تلك التي كانت تدعم الولايات المتحدة في الماضي، إلى التحالف مع تنظيم القاعدة. لقد أظهرت مرة أخرى ضعف الجيش الأمريكي في حرب العمليات الخاصة.

 

قبل أن أستطرد في حديثي، أود أن أشير إلى أنني كنت قد تلقيت تدريبا لمدة سنة كمقاتل في القوات الخاصة (التي كان يُطلق عليهم في الماضي الكوماندوز)، وشاركت في القتال المباشر لمدة سنتين ونصف. (وتشمل تلك التجربة فترتين قصيرتين عندما كان هناك وقف لإطلاق النار). وأتذكر هذا لأن ما سيتم ذكره فيما يلي ليس فقط بناء على المعلومات المتاحة للجمهور بل أيضا على الخبرة الشخصية.

 

إذا كان الديمقراطيون في الكونغرس لم يتعبوا من الأوامر التنفيذية المتعلقة بالقصف، وإذا كانوا قادرين على إجراء هذا النوع من التحقيقات والاستماع إلى إدارة أوباما فيما يتعلق بخسارة أرواح أربعة من الأمريكيين في هجوم بنغازي، إذا هنا تأتي الأسئلة التي يجب أثارتها، أسئلة محددة حول الغارة التي تمت مؤخرا في اليمن. هذه الأسئلة تتطلب إجابات قبل أن نحاول أكثر في هذه العمليات.

 

ذكر ديفيد سانجر، مراسل صحيفة نيويورك تايمز ويحظى بتقدير كبير، في لقاء تلفزيوني أن قرار شن الغارة في منطقة يكلا” من قبل فريق ترامب لم يتم فيه إتباع الإجراءات المعتادة. إذ لم يكن هناك اجتماع في غرفة العمليات. في الماضي، كان يتضمن ذلك الاجتماع تقارير مفصلة عن العمليات المخطط لها ونقاشات حول الهدف من العملية وتقديم تقييم المخاطر على القوات الأمريكية والمدنيين المحليين وكذلك نظرة عامة على مشروعية العملية. بدلا من ذلك، تم تقرير المسألة خلال محادثات عشاء من قبل أشخاص مثل ستيفن بانون المستشار السياسي البارز لترامب.

 

وبالتالي، فإن أول سؤالين لا بد من طرحهما هما: من الذي قام بإطلاع الرئيس، وما الذي قاله هذا الشخص؟ هل لفتوا انتباهه إلى حقيقة أن قتل عدد من الإرهابيين، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحياة المدنيين، غالبا ما يزيد من عدد الإرهابيين وأن على الولايات المتحدة وحلفاءها التعامل مع هذا؟ (كان وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد قلقا تجاه خلق الولايات المتحدة المزيد من الإرهابيين أكثر ممن كانت تقتلهم). ما المبررات التي أعُطيت لاستخدام القوات الخاصة بدلا من الطائرات بدون طيار؟ هل تم إخبار الرئيس أن قتل عناصر تنظيم القاعدة في أفغانستان في غارات مماثلة تشمل طائرات بدون طيار ساعدت في قمع تنظيم القاعدة (على الأقل لفترة من الوقت)؟ لم يتحقق هذا النجاح جراء القيام بعدد قليل من الغارات المتفرقة بل تحقق القيام بالعديد من الغارات التي تمت واحدة تلو الأخرى.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

قد يرغب المرء حتى بمعرفة– بالنظر إلى مدى اهتمام ترامب المحدود والنفور لصالح الإفادات الاستخباراتية – ما إذا كان الرئيس استمع إلى الإفادات بأكملها (هذا إذا تم تقديم أي منها)، أو ما إذا كان قد أوقفها. ربما ينبغي أن تتم الإفادات في المستقبل في شكل أشرطة فيديو وعرضها على شاشة التلفزيون؟ هل يعتمد الرئيس، كما يصرح كثيرا، على شعوره الغريزي والإحساس بأنه يعرف غريزيا كل ما يحتاج إلى معرفته أفضل من الآخرين؟

 

لقد تم تحذير مقاتلو تنظيم القاعدة بشأن الهجوم ونتيجة لذلك ضاع عنصر المفاجأة الهام. في معظم حالات النزاع المسلح، تكون الظروف لصالح الدفاع نظرا لأن القتال يحدث في أراضيه. الدفاع هو بالفعل على دراية بالمنطقة وقادر على الوصول إلى خطوط الإمداد القصيرة. العامل الرئيسي الذي يفضل فيه الهجوم هو أن الدفاع لا يعرف متى والكيفية التي سيتم مهاجمته بها. هذا ينطبق بشكل خاص في غارات الكوماندوز عندما تهاجم قوات صغيرة قوة أكبر بعيدا عن قاعدة المهاجم. هنا، ونظرا لفقدان عنصر المفاجأة كان الهجوم ضارا بشكل خاص. (تم إحباط عمليتين شاركت فيهما عندما فقدنا عنصر المفاجأة.) نحتاج إلى معرفه، بغض النظر عن الغارة في اليمن، كيف عرف تنظيم القاعدة بالعملية المخطط لها. هل كان ذلك لأن قيادة الولايات المتحدة قررت أن تدرج بعض القوات المحلية؟ أم كان بسبب أن أنشطه للطائرات بدون طيار كانت مكثفة فيما يتعلق بالهدف، مما كان بمثابة علامة منبهة أن الهجوم كان قريبا؟ إذا كان الأمر كذلك، فمن المؤكد أن المرء يريد أن يعرف من ارتكب مثل هذا الخطأ الأولي والأساسي في تنفيذ العملية.

 

مدعيه أن الغارة كانت ناجحة إلى حد كبير، أكدت مصادر تابعة للإدارة قيمة المعلومات الاستخباراتية التي استقتها الولايات المتحدة من المواد التي تم جمعها في الموقع. ومع ذلك، ذكرت الإذاعة الوطنية العامة NPR (مؤسسة إعلامية أمريكية غير ربحية) “تم إذاعة شريط فيديو إرهابي الجمعة من قبل وزارة الدفاع الأمريكية لإظهار ما تم وصفه باستخبارات تم استقاها من عملية الإنزال الأخيرة في اليمن كان في الواقع قد تم إعداده حوالي قبل عشر سنوات، اعترف بذلك.”

 

وبالحديث بشكل عام، لدى الولايات المتحدة فرق صغيرة من القوات الخاصة فيما لا يقل عن ثلاثين بلدا في أفريقيا والشرق الأوسط. هناك افتراض ساذج أن تلك الفرق يمكن أن تنخرط في “بناء القدرات” ومساعدة السكان المحليين في بناء قواتهم العسكرية إلى المستوى الذي يسمح لهم أن يدافعوا عن أنفسهم. وأوضح لي مسؤول في البنتاغون أن واحدا من أهم المهام لهذه الفرق هي الحد من الفساد. هذا أمر مهم لأن جزءا كبيرا من الأموال المخصصة لمختلف القوات العسكرية المحلية ينتهي في جيوب الجنرالات والضباط أصحاب الرتب الدنيا – إلى النقطة التي غالبا ما يتم إرسال تلك القوات للقتال بذخيرة صغيرة وكميات محدودة من المواد الغذائية. من الصعب أن نتصور كيف يمكن لفريق SEAL البحري (نافي سيلس هي قوة العمليات الخاصة الابتدائية للبحرية الأمريكية وأحد مكونات القيادة الحربية البحرية الخاصة)، المدرب تدريبا جيدا في فن القتال أن يكون قادرا على الحصول على مساعدة السكان المحليين للحد من الفساد. خمسة عشر عاما من هذه الجهود في أفغانستان والعراق، والذي تطلب تدخل الولايات المتحدة على نطاق واسع، يظهر كيف كانت هذه الدوافع عقيمة. الغارة في اليمن يجب أن تكون بمثابة فرصة ليتم طرح السؤال الأهم: هل على الولايات المتحدة أن تثبت ضعفها من خلال المشاركة في الحشد غير الناجح لمختلف الدول، هل عليها سحب قواتها من تلك الدول أو المشاركة بمستوى النجاح المطلوب؟

 

أيضا، يجب على المرء أن يسأل أين تتماشى عملية الإنزال في اليمن مع الاستراتيجية العامة للتعامل مع إيران، والتي تساهم في زعزعة الاستقرار في اليمن. هل على الولايات المتحدة التعامل مع القوة الصاعدة عن طريق وكلاء مختلفين في سوريا والعراق ولبنان واليمن- أو مواجهة الوحش مباشرة؟

أميتاي إتزيوني: أستاذ جامعي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج واشنطن. كتابه الأخير السياسة الخارجية: التفكير خارج الصندوق، تم نشره مؤخرا عن طريق روتليدج.

(282)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,,,,