مفاوضات الكويت وآفاق الحل السياسي

المحرر السياسي

يستطيع أي متابع لما يجري على الساحة السياسية اليمنية أن يقدم صورة كاملة لما يمكن أن تؤول إليه مفاوضات الكويت التي بدأت بعد تفاهمات جرت بين السعودية وأنصار الله.

وهنا بدأ المشهد الأخير يوضح بقية المشاهد السابقة والتي عشناها بأسلوب العرض البطيء مشهداً بعد مشهد.
المشهد الأول : محاولة كل طرف سياسي الالتفاف على بعض مخرجات الحوار الوطني التي قدمت من الخارج وطبخت بطريقة بن مبارك, واعتبرها المجتمع الدولي مسلمات لا يمكن رفضها أو الطعن فيها.

سعى كل طرف إلى إفشال مخرجات مؤتمر الحوار فرفض أنصار الله والحزب الإشتراكي طريقة تقسيم الأقاليم الستة.
و سعى الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني بسبب تمرير مادة ضمن المخرجات تقضي بمنع أي قائد عسكري من الترشح للرئاسة الا بعد مضي عشر سنوات على تقديم استقالته, الأمر الذي يمنع العميد احمد علي عبدالله صالح من خوض الانتخابات الرئاسية, و توضح هذه المادة أيضا رغبة المجتمع الدولي بإزاحة صالح وعائلته من الحياة السياسية.
و رفض حزب الإصلاح بعض البنود الخاصة بمعالجة قضية صعدة, منها دمج عناصر أنصار الله في الجيش اليمني.
المشهد الثاني : ضعف الدولة, وتراجعها, دون قدرة من الرئيس هادي على امتلاك ناصية امرها وتحكم شخصيات نافذة من حزب الإصلاح في القرار السيادي, وتسخير مقدرات وأموال الدولة لصالحهم, ومن العلامات الدالة على ذلك التعثر إعلان وزير المالية الإفلاس, واضطرار الحكومة إلى رفع الدعم عن المشتقات النفطية, وعجز الرئيس عن إيقاف الفساد, الذي أدى إلى اندلاع أحداث 21/سبتمبر/2014, التي أطاحت بالقادة العسكريين المواليين لحزب الإصلاح, حيث اتهم حزب الإصلاح الرئيس هادي نفسه ووزير دفاعه بمساندة جماعة أنصار الله.

المشهد الثالث: استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي, والاطاحة بحلم الرئيس صالح بالعودة إلى السلطة بعد حل مجلس النواب بالإعلان الدستوري من قبل أنصار الله, تبعه هروب الرئيس هادي إلى عدن وما رافق ذلك من أحداث أدت إلى مغادرته إلى السعودية.

المشهد الرابع رد الفعل السعودي من خلال تبني عملية عسكرية وشن غارات جوية استمرت لأكثر من عام رافقتها حرب داخلية بين أنصار الله والجيش اليمني من جهة ومجاميع مسلحة مدعومة من دول التحالف من جهة أخرى.. لكن هذه الحرب أفضت إلى تشكيل وحدات عسكرية تحت مسمى الجيش الوطني في المناطق الجنوبية ومأرب.

في الوقت نفسه عملت حركة أنصار الله على دمج عناصرها في الجيش مستغلة فترة سيطرتها على مؤسسات الدولة.
المشهد الأخير: في غمرة الحرب الشرسة التي تقودها المملكة السعودية ضد اليمنيين بدأت السعودية تقديم نفسها كوسيط بين الأطراف المتصارعة, وبدأت مفاوضات الكويت التي تظهر رغبة المجتمع الدولي بإنهاء الصراع والانتقال إلى الحل السياسي.

ويبدو أن الجميع سيعودون من الكويت إلى موفنبيك مجدداً لاستكمال الحوار بعد أن أصبحت الأقاليم أمراً واقعاً, وتم دمج عناصر أنصار الله بالجيش, وأدرك علي عبدالله صالح أخيراً أنه قد انتهى سياسياً, وأصبح لا يطالب إلا بخروج آمن من البلاد.
حتى لو حاول أي طرف أن يقامر ويواصل رهانه على أمل تعويض خسائره أو جزء منها, فإن أي لعبة جديدة يفكر أي طرف في خوضها سترفع من خسائره إلى حد لا يحتمل.

(180)

الأقسام: آراء,الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار