السعودية من قيادة الحرب إلى لعب دور الوسيط المحايد” هل تستطيع اختراق النسيج اليمني؟!

خاص|المراسل نت:

 

منذ انطلاق العملية العسكرية التي قادتها السعودية على اليمن قبل أكثر من عام, تميز الخطاب السياسي للمملكة السعودية باستهداف الحوثي وصالح وقدمت السعودية معادلة : أما الاستسلام واما استمرار الحرب حتى إسقاطهم بالقوة, بينما جرى حشد مجاميع مسلحة وقوات عسكرية كبيرة وعتاد عسكري مهول وقصف من الجو والبر والبحر, ولم تدخر جهداً في استنزاف اليمن في جبهات متعددة.

 

مضمون الشعارات التي تناولت المرحلة تتأرجح تبعا لميزان الأمر الواقع وتحرك من وهم “الاستسلام والإطاحة” إلى مطالب ” الخروج من العاصمة ” وصولا إلى تبني متدرج لمنطق آخر ظهر مؤخراً في تصريحات السفير السعودي الذي تحدث عن رغبة المملكة في إنهاء الخلاف والوصول إلى الحل السياسي المرضي لكل الأطراف, ووصف السفير الأطراف اليمنية بالأشقاء, معرباً عن أمله بأن يصل الجميع من خلال مفاوضات الكويت إلى حلول تفضي إلى السلام والاستقرار.

 

وقال السفير “أن المشاورات الراهنة بين الأطراف اليمنية اليمنية، لابد أن تواجه نوعاً من الشد والجذب، وهذا طبيعي يحدث في أي مشاورات في هذا الأمر، لكن المسار واضح للجميع في إطار واحد، بما يخدم مصلحة واستقرار أمن اليمن وسلامته”. وكشف السفير السعودي عن دعم مالي من المملكة للجان التهدئة في اليمن.

 

هذه التغيرات السريعة و المفاجئة في الموقف السعودي تدعو للبحث عما تدبره الرياض خلف كل حدث او تطور في اليمن, فالمساعي السعودية المستميتة لاختراق النسيج اليمني لن تتوقف, فقد كان التركيز السعودي في بداية الحرب على إعادة الشرعية بهدف طمس وإخفاء الدافع الحقيقي للحرب الاستعمارية التي تهدف للسيطرة على مناطق الثروة وضرب استقلال اليمن, والقضاء على وحدته مهما تعددت التعبيرات السياسية, و يمكننا القول أن الكذب والتناقض في مواقف السعودية سياسة تعتمدها لتحقيق أطماعها الاستعمارية التوسعية, والواهمون يصدقون أن السعودية تريد القضاء على الانقلاب وإعادة السلطة الشرعية إلى اليمن.

وحين توافق السعودية على حوار يمني يمني مقيد بأطر معينة فهي ترضخ للأمر الواقع وفي نفس الوقت تراهن على الزمن وتعمل في الخفاء على تحقيق أهدافاً غير معلنة تحقق رغبتها التوسعية. فهل اكتفى النظام السعودي بما تحقق حتى الآن؟ استطاع النظام السعودي استقطاب بعض القوى السياسية بسبب الزخم الإعلامي والحشد المهول الذي اندفع به, واستطاع من خلاله شق الصف اليمني والقضاء على أي مشروع وطني يمكن أن يقدم من قوى يمنية, ليجعل الحل السياسي حكراً عليه بعد أن أصبحت الحكومة والرئيس اليمني وبعض القوى السياسية رهائن بيده, ومارست قوات التحالف كل ما هو مناف لمصلحة اليمن ووحدة أرضه وشعبه وشاركت في تكريس صيغ التقسيم الإداري والسياسي والجغرافي خصوصاً وأن النظام السعودي تصور أنه يستطيع أن يخرب في اليمن إلى مالا نهاية وتصور أن استمرار قتل الشعب اليمني يمكن أن يمر دون عقاب.

لو عدنا قليلا إلى خمسة شهور ماضية لنراجع تصريحات الناطق باسم عاصفة الحزم التي أكد فيها مراراً أن العملية تهدف إلى تحرير الشعب اليمني من سلطة الأمر الواقع واستسلام المليشيات, وأكد دائماً أنه لا مجال للتفاوض مع الانقلابيين.. فكيف تغيرت تلك المواقف فجأة؟! وكيف أصبحت حركة أنصار الله مكوناً سياسياً معترف به؟! وكيف تدحرجت المواقف حتى أصبحت كل الأطراف بنظر السعودية أطراف متحاربة والسعودية التي قادت الحرب طرف محايد تسعى للم الشمل ورأب الصدع وإحلال السلام؟! يتضح بشكل جلي أن التقلبات السريعة في مواقف السعودية تهدف إلى تعطيل أي حملات عسكرية لتحرير المناطق الهامة في الجغرافيا اليمنية, في الجنوب تحديداً وتعز وبالتأكيد فإن التحول التراجع المفاجئ في المواقف يأتي بناء على تفرضه الوقائع على الأرض لذلك فقد اكتفت الدولة السعودية بالمناطق الواقعة تحت نفوذها, وستظل تعمل على حماية تلك المواقع بأي ثمن, واستمرار الحرب قد يقلب المعادلات, وإحراز أي تقدم لأنصار الله على الأرض من شأنه أن يقوض خطة تقسيم اليمن ويقطع أذرع السعودية ويفشل حملتها العسكرية.

أخيرا يبقى الحل بيد اليمنيين وحدهم لأن بقاء قرارات الحرب والسلم خارج يد اليمنيين يعني أن كل شيء مؤقت, ولن تنقع اليمن التصريحات الكاذبة التي تتحدث عن احترام استقلال اليمن ووحدة أراضيه ودعم سلطته الشرعية, لأن التصريحات المعلنة شيء والممارسة شيء آخر, ولا أحد حتى الآن يعرف الخريطة الجديدة التي تُرسَمْ لليمن, والذين بدأوا معركة استعادة الشرعية لا يعرفون ذلك أيضاً, فلا الشرعية في شكلها الحالي مضمونة, ولا مفاوضات الكويت حاسمة, والوطن في الشهور المقبلة يواجه خيارات حاسمة حاول أن يهرب منها في السنوات الماضية وهي معركة طويلة لن تنته بحوار الكويت, ولكن قد تتحول الحرب الشاملة إلى حروب صغيرة وأحلاف صغيرة والمخفي أعظم.

(70)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل

Tags: ,,,,,,,,