ترجمة| الاندبندنت: على ترامب الابتعاد عن حرب اليمن فهي معقدة ولا يمكن تحقيق نصر فيها

ترجمة: صادق الارحبي: المراسل نت:

صحيفة” الاندبندنت” البريطانية:

كانت أول عملية تنفذها إدارة ترامب فيما يخص مكافحة الإرهاب فاشلة بالنسبة للولايات المتحدة وأسوأ من ذلك بكثير بالنسبة للقرويين اليمنيين الذي لقوا حتفهم، أو من أصيبوا، شردوا، ومن شهدوا قتل مواشيهم التي كانوا يعتمدوا عليها في معيشتهم.

 

وبتصعيد المشاركة الأميركية في الحرب الأهلية الدائرة في اليمن، تكون إدارة ترامب بذلك قد أجرت أول تغيير جذري في سياستها في الشرق الأوسط. فبعد تدميره خلال سنوات من الصراع، ربما سيكون هذا البلد المنكوب هو وجهة الإدارة الأميركية الجديدة التي ستبدأ الولايات المتحدة من خلاله بمواجهة وانهاء النفوذ الإيراني في المنطقة برمتها.

 

وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، تقوم الولايات المتحدة بزيادة الدعم العسكري للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والحلفاء اليمنيين في محاولة للإطاحة الذين يقاتلوا جنبا الى جنب مع جزء كبير من الجيش اليمني الذي ما يزال موالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

 

وإذا ما كانت هناك حرب معقدة، لا يمكن تحقيق نصر فيها، ويتعين البقاء بعيدا عنها فإنها حرب اليمن.

 

على الرغم من المزاعم السعودية الا ان دليل حصول الحوثيين على ما هو أكثر من الدعم الخطابي من إيران لا يكاد يُذكر بالمقارنة مع ما تحصل عليه السعودية من الولايات المتحدة وبريطانيا. وما من مؤشر بان حملة القصف الجوي الذي تقوده السعودية- المستمر منذ عامين- ستكسر نهائيا حالة الجمود العسكري. فكل ما حققه التدخل السعودي حتى الآن هو السير باليمن التي باتت على مقربة من المجاعة. وجه جيمي ماكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن نداء استغاثة للحصول على مساعدات هذا الأسبوع.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

لكنه، وفي الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة بشأن الكارثة التي تواجه اليمن، أعطت وزارة الخارجية الأميركية الاذن لاستئناف توريد الأسلحة الموجهة بدقة للسعودية. وهي الأسلحة التي تم تعليقها في أكتوبر الماضي من قبل الرئيس اوباما عقب قصف الطائرات السعودية مجلس عزاء في العاصمة صنعاء، مما أسفر  عن مقتل اكثر من 100 معزي. فمنذ بدء السعودية حملة القصف على اليمن في مارس 2015، قدمت الولايات المتحدة مساعدتها بتزويد الطائرات السعودية بالوقود وإرسال مستشارين الى المقرات الرئيسية لادارة العلميات السعودية. ومن اجل المضي قدما لاستكمال صفقة الأسلحة يكون المطلوب هو الإذن بذلك من قبل البيت الأبيض.

 

ثمة عنصر غريب في قرار ترامب بشأن محاربة إيران في اليمن بحجة ان الإيرانيين يقدمون الدعم المالي والعسكري القليل جدا للحوثيين. وغالبا ما يتم ترديد الدعاية السعودية من قبل وسائل الإعلام الدولية التي تتحدث عن الحوثيين بعبارة” المدعومين من إيران” بالرغم من ان اليمن تكاد تكون معزولة تماما عن العالم الخارجي نتيجة الحصار البري والبحري والجوي الذي تفرضه قواتها.

 

حتى الواردات الغذائية، التي يعتمد عليها اليمنيون كليا، بات دخولها أكثر صعوبة عن طريق ميناء الحديدة شبه المدمر  الواقع على الساحل الغربي.

 

إن استئناف تزويد السعودية بالذخائر الموجهة بدقة ليست هي الإشارة الأولى في أن ادارة ترامب ترى في اليمن مكان مناسب لجعله ساحة لتنفيذ أكثر الاستراتيجيات عنف في المنطقة. ففي 29 يناير الماضي، أي بعد توليه المنصب بأيام، أرسل ترامب نحو 30 جندي من أفراد الكتيبة السادسة التابعة للقوات البحرية الأميركية مسنودة بطائرات هليكوبتر لمهاجمة قرية فقيرة تسمى “الغيل” في محافظة البيضاء جنوب اليمن. كان الغرض من الغارة، وفقا للبنتاغون، جمع معلومات استخباراتية- بالرغم من انه قد تم تنفيذ محاولة باءات بالفشل لقتل أو إلقاء القبض على قاسم الريمي زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

 

أيا كان هدف الهجوم، فسرعان ما تحول إلى إخفاق دموي، صاحبة مقتل مدنيين في منطقة الغيل الى جانب احد أفراد البحرية، وليم اوينز . وان تفسير البتاغون لما حدث يشبه إلى حد كبير محاولات مماثلة لشرح أبعاد مقتل وإصابة مدنيين إبان النصف الأخير من القرن الماضي في كلا من فيتنام، أفغانستان والعراق. قال رئيس القيادة المركزية للجيش الأمريكي، الجنرال جوزيف فوتيل، في جلسة استماع في مجلس الشيوخ بان ما بين أربعة و12 مدنين ربما لقوا حتفهم في الغارة، مضيفا” بعد إجراء مراجعة شاملة لما بعد العلمية” تبين انه لم تكن هناك أهلية في صناعة القرار  الذي لم يكن حكيما.

 

من جانبها، حاولت ادارة ترامب الحيلولة دون إجراء اي تحقيق حول ما حدث بالضبط في الغيل بقول ان ذلك سيكون بمثابة اهانة لتضحية وليم اوينز. وسرعان ما لاقىت هذه المحاولة انتقاد بيل اوينز، والد الجندي وليم اوينز الذي قتل  خلال الغارة “، الذي قال بان الحكومة تدين لولده بإجراء تحقيق.” وأضاف” عليكم ألا تختبئوا وراء موت ولدي من اجل منع إجراء تحقيق”.

 

فيما يخص هذه الحادثة، تمكن البيت الأبيض والبنتاغون حتى الآن من غض الطرف بشكل ناجح إلى حد ما عن إجراء أي تحقيق حقيقي عن الدمار الذي لحق بالقرية النائية التي تم استهدافها في اليمن، ربما معتقدين انه  ما من صحفي مستقل ربما يمكنه القيام برحلة محفوفة بالمخاطر  الى موقع الهجوم. لكن تقريرا مطولا أعدته حديثا لونا كريغ بعنوان” الموت في الغيل”، تم نشره على موقع مجلة “ذا انترسيبت” الاستقصائية، يعري بطريقة مقنعة الرواية الرسمية عن الأحداث التي يبدوا ان ما ورد فيها قليل جدا.

 

وتتحدث كريغ على لسان القرويين بقول ان فريق البحرية أتى بغطاء مكثف من اطلاق النار منذ بداية الهجوم، فضلا عن هجوم طائرات الهيلوكبتر التي تم إرسالها الى هنالك. وتضيف” فيما بدا بأنه ذعر أعمى فقد قصف طائرات الهيلوكابتر المقاتلة القرية برمتها. حيث تم تدمير أكثر من 12 مبنى ومنازل مبنية من الحجارة وبداخلها أصحابها، ناهيك عن نفوق أكثر من 12 من الماعز والأغنام والحمير. كما قتل على الأقل ست نساء و10 أطفال وهم في منازلهم نتيجة اختراق القذائف أسطح منازلهم المسقوفة بالقش والأخشاب أو أنهم قتلوا بشكل جماعي بينما كانوا يحاولون الفرار نحو الخارج.

 

تقول إدارة ترامب إنها كانت” عملية ناجحة للغاية” فقد تم تنفيذ هجوم على مجمع محصن- ولا توجد مجمعات أخرى مماثلة في القرية. يزعم ترامب بان” قدر كبير من المعلومات الاستخباراتية الضرورية” تم الحصول عليها وقد نشر البنتاغون فيلم مصور تم ضبطه في الغيل بالرغم من حقيقة ان معلوماته تعود إلى حوالي 10 سنوات ولم تحتوي اي شيء جديد.

 

من المفارقات، ان القرويين الذين اشتبكوا مع فريق البحرية ينتمون في حقيقة الأمر  إلى القوات المعارضة للحوثيين والقوات الموالية لصالح وايضا، لاسيما ليلة الهجوم، “رجال قبائل مسلحين ظنوا بان الحوثيين قد وصلوا للاستيلاء على قريتهم”. ولم يعلموا بأنها كانت قوات أميركية إلا عندما  رأوا أضواء الليزر الملونة المنبعثة من أسلحة القوات المهاجمة التي انتشرت بالمكان. وعندما انسحب الفريق المهاجم، بعد مقتل احد أفراده وجرح اثنان آخرين بجروح خطيرة، تم تدمير طائرة نوع MV-22 اوسبري التي تعرضت لهبوط اضطراري كانت معدة لغرض تخليصهم وكان لابد من تدميرها بواسطة طائرة اميركية اخرى.

 

كانت أول عملية تنفذها إدارة ترامب فيما يخص مكافحة الإرهاب فاشلة بالنسبة للولايات المتحدة وأسوأ من ذلك بكثير بالنسبة للقرويين اليمنيين الذي لقوا حتفهم، أو من أصيبوا، شردوا، ومن شهدوا قتل مواشيهم التي كانوا يعتمدوا عليها في معيشتهم. بيد انه عندما قال السيناتور جون ماكين، الذي يراس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، بان الغارة كانت فاشلة تم شجبه على الفور من قبل ترامب الذي قال بان اوينز” قتل في مهمة ناجحة” واي جدل بشأن نتائجها سيكون ” تشجيع للعدو ليس إلا”.

 

تميل التغطية الإعلامية الدولية إلى التركيز على حرب سوريا والعراق، مع أن ترامب والبنتاغون يتبعون الى حد كبير سياسيات وخطط اوباما في تلك البلدان.

 

أما في اليمن، فبدأت تظهر سياسات جديدة بسبب تنفيذ إدارة ترامب أولى عملياتها  في مكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة التي تقود الى ذبح المدنيين والقيام بمحاولة تستر فاشلة لذلك. وربما تنضم اليمن قريبا إلى حروب أفغانستان والعراق التي تتمنى الولايات المتحدة أنها لم تتورط فيها.

(369)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,,,,