صحيفة فرنسية: اليمن..عوز متفاقم للمساعدات ومجاعة وشيكة!

ترجمة محمد السياري: المراسل نت:

صحيفة “سلات أفريك” الفرنسية:

 

وفقاً لأحدث تقرير صدر مؤخراً عن منظمة الأمم المتحدة وحلفائها في مجال حقوق الإنسان في إطار “التوصيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، فإنَ ما يزيد عن 17 مليون نسمة من سكان اليمن مهددون بالموت على أثر حالة من الانعدام الحاد في الأمن الغذائي تمخضت عن الصراعات العسكرية التي مزقت البلاد. ومن بين اثنتين وعشرين محافظة تضمها المنطقة دخلت عشرون منها في مرحلة متقدمة من مراحل انعدام الأمن الغذائي تعرف بـ”مرحلة الطوارئ” أو “مرحلة الأزمة”، في حين يواجه أكثر من ثلثي السكان مختلف المخاطر التي تفضي إلى مجاعة محققة فضلاً عن العوز الشديد للمساعدات الحيوية الضرورية للبقاء على قيد الحياة والحفاظ على سبل العيش. وفي ظل غياب المساعدات الإنسانية والدعم اللازم لسبل العيش، فإنَ كلاً من محافظتي تعز والحديدة، اللتان تمثلان ما يقرب من ربع سكان اليمن، توشكان على الوقوع في براثن المجاعة.

 

ومع بلوغ عدد الأشخاص الذين يواجهون “مرحلة الطوارئ” أو “مرحلة الأزمة” ما يقرب من 17 مليون شخص، تشهد اليمن حالياً واحدة من أخطر الأزمات الغذائية التي عرفها التاريخ. من ناحية أخرى، تعكس هذه الأرقام زيادة بنسبة 21% منذ منتصف العام المنصرم، كما أنها تؤكد وتسليط الضوء على النتائج التي خلص إليها تقرير “التقييم المرحلي للأمن الغذائي وسوء التغذية في حالات الطوارئ” في فبراير 2017.

 

الصراع العسكري..عامل رئيسي لانعدام الأمن الغذائي:

لطالما كانت الصراعات العسكرية تتسبب في العديد من النتائج المدمر التي تتركز حول الأمن الغذائي وسبل العيش. وفي ظل ما يجري في اليمن، أكد ما يقرب من 80% من مجمل الأسر اليمنية بأن أوضاعهم المعيشية والاقتصادي في حالة تدهور مستمر على خلاف ما كانت عليه منذ بداية الأزمة. وفي السياق ذاته، هناك العديد من العوامل الأخرى التي ساهمت إلى حد كبير في تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في البلاد مثل انخفاض معدل الإنتاج المحلي، أعاقة وصول الواردات التجارية والإنسانية، ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمشتقات النفطية، ارتفاع نسبة البطالة، قلة مصادر الدخل، شحة مصادر التمويل المقدمة للمنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة التي تقدم المساعدات الغذائية والإغاثية، انهيار الخدمات العامة وشبكات الأمان الاجتماعي وغيرها.

 

ومنذ تصاعد وتيرة الأزمة خلال العامين الماضيين، شكلت محافظتا تعز والحديدة، المعروفتان محلياً بأنهما من أهم المحافظات المنتجة للمواد الغذائية، مسرح مناسب لاحتدام الصراع الدامي بين أطراف النزاع. إضافة إلى ذلك، فقد سجلت كلاً منهما أعلى معدلات سوء التغذية في البلاد، بنسبة تتراوح بين 17% في تعز و25% في الحديدة؛ في حين تقف عتبة “حالة الطوارئ” التي حددتها منظمة الصحة العالمية – السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة فيما يخص المجال الصحي – عند 15%.

 

وبهذا الخصوص، كان صلاح الحاج حسن، ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في اليمن، أوضح قائلاً: “لقد كان لهذا النزاع تأثير مدمر على سبل العيش المتعلقة بالزراعية؛ حيث انخفضت مستويات الإنتاج الزراعي والحيواني بشكل حاد مقارنة مع سابقاتها التي سُجلت قبل اندلاع الأزمة؛ ومن الضروري للغاية أن تستوعب تحركاتنا الإنسانية تقديم المساعدات الغذائية والزراعية ليس فقط للحيلولة دون خسارة المزيد من الأرواح بل كذلك للحفاظ على سبل كسب العيش”.

 

وصرح ستيفن أندرسون، ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري لمكتب المنظمة في اليمن، قائلاً: “من الواضح أنَ الأوضاع قد تدهورت بصورة متسارعة منذ احتدام الصراع في المنطقة خلال العامين المنصرمين. وفي إطار الوضع المأساوي الراهن للأمن الغذائي والتغذية في اليمن أصبحت هناك حاجة ملحة لتوفير موارد مالية إضافية لتكون قادرة على تقديم المساعدات الغذائية العاجلة والخدمات التغذوية المباشرة بشكل دائم يفي باحتياجات أولئك الذين هم في أمسَ الحاجة إليها للحيلولة دون انزلاقهم إلى هاوية المجاعة “؛ وأضاف: “الوصول غير المحدود إلى جميع المناطق، بما في ذلك المتعلق بالأغراض التجارية، سيكون عاملاً حاسماً في ضمان عدم تدهور وضع الأمن الغذائي في اليمن”.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

 

من جانبها، قالت الدكتورة ميريتكسل ريلانو، ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في اليمن: “نحن نقف أمام أعلى معدلات سوء التغذية الحاد التي سُجلت في تاريخ اليمن الحديث؛ فمن بين 2.2 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، هناك 462 ألف حالة تعاني من سوء التغذية الحاد. ولتوضيح معنى ذلك، فإنَّ الطفل الذي يعاني من سوء التغذية الشديد والحاد معرض أكثر بعشر مرات لخطر الوفاة إذا لم يتلق العلاج في الوقت المناسب بالمقارنة مع الطفل المتمتع بصحة جيدة وبنفس الفئة العمرية. ولا شك أن الصراع المستمر وانعدام الأمن الغذائي سيكون لهما آثار بعيدة المدى على الصحة والتنمية العامة للأطفال في اليمن “.

 

 

استمرار انعدام الأمن يعطل سبل العيش:

تسبب الصراع الحاصل على طول الخط الساحلي للبحر الأحمر أبان الأشهر القليلة الماضية في إحداث أضرار جسيمة في بنية ميناء محافظة الحديدة، الذي يعد أكبر ميناء في اليمن؛ الأمر الذي أدى إلى عرقلة الواردات التي تشكل 90% من مصادر الغذاء الرئيسة في البلاد. وفي خط موازٍ أدت القيود المفروضة على عمليات العبور وفقدان القوارب والشباك وغيرها من المعدات إلى القضاء على مهنة صيد الأسماك التي تمثل مصدراً هاماً من مصادر الدخل والغذاء. ومن المرجح أن يؤثر انعدام الأمن على طول الخط الساحلي على بداية موسم زارعة بذور الذرة الرفيعة في أبريل، وهي أحد أهم الحبوب المنتجة محلياً. علاوة على ذلك، سيشكل هذا الأمر عائقاً أمام حركة التجارة، كما سيدفع بالمزيد من السكان إلى ترك منازلهم ويحد من توافر الغذاء إضافة إلى تعطيل سبل العيش.

 

وفي مختلف أنحاء اليمن، هناك ما يقارب من 2 مليون أسرة تعمل الآن في مجال الزراعة ولا يمكنها الحصول على المتعلقات الزراعية الضرورية كالحبوب والأسمدة ومشتقات الوقود اللازمة لتشغيل أنظمة الري الخاصة بهم. ومن الجلي أنَ الأسعار الباهظة للوقود تجعل عملية الري مكلفة للغاية. وفي الإطار ذاته، من المرجح أن يؤدي ذلك الانعدام في الأمن إلى الحد من وصول المساعدات الإنسانية بحيث تقتصر على بضعة كيلومترات فقط في محيط المدن الرئيسة، وبطبيعة الحال سيعمل ذلك على خلق حالة حرجة من العوز الشديد لدى سكان المناطق الريفية للمعونات الاغاثية.

 

لذلك تعتمد منظمة الأمم المتحدة على الدوام إلى مناشدة جميع الأطراف المنخرطة في الصراع للعمل على تسهيل وصول المنظمات الإنسانية بصورة مستمرة وغير مشروطة لتتمكن من رفع مستوى المساعدات الإنسانية بحيث تلبي الاحتياج المتزايد لدى أولئك الذين هم في أمس الحاجة لتلقي المساعدات.

(85)

الأقسام: الاخبار,المراسل العام

Tags: ,,,