حكاية النصر

محمد الصفي الشامي

توسد كتف الليل ، وأغمض عينيك ، واتركني أحكي لك قصة قبل نومك .. لكن يلزم عليك أن تُدرك بأنها ليست من قصص ألف ليلة وليلة أو من حكايات الجدات القديمة ..!!

بل أحداث واقعية ، ورحى حرب طويلة .

قد تزعجك تكتكات عقارب ساعتك ، وتشغلك عن التركيز .. بإمكانك خلعها ..!

تنفس بعمق ، واصغ إليّ جيدا ، واستمع إلى ما سأقوله ..

في أحد البلدان ذات الحضارة العريقة ، والتاريخ المتجذر ، وقبل ما يقارب ثلاثة أعوام ، سادت فيه حالة من الفوضى والعنف والاغتيالات ، وأصبح النسيج الاجتماعي في أسوأ مراحل تفككه وتمزقه ..!!

وكانت الحقيقة مجرد أكاذيب ، والظلم دائما هو المنتصر ، وكأن الأشرار يتجولون في أزقة وشوارع المدن بأريحية تامة ..

وفي ذات يومٍ توافد الآلاف من الأرياف والقرى والمدن إلى الساحات كطوفان جارف ، ونار مشتعلة لإنقاذ البلد مما يخطط له المحيط الإقليمي والدولي في سبيل النيل منه ، بعد أن بلغت القلوب الحناجر ، وجاوز الظلم مداه والباطل حده ، ليجعلوا من قطيع تلك البهائم البشرية عبرة ، التي حاولت بكل ما أوتيت من قوة على تقويضهم وخنقهم ومسحهم…و لكن دون جدوى .

وبعد أن أدركتْ تلك القطيع نهايتها المحتومة ، باشرت السفارات والقنصليات العمل على قدم وساق بإخلاء سفاراتها ورعاياها الأجانب ، وكان من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية ، التي قامت بإتلاف كافة محتوياتها قبيل مغادرتها من ذلك المبنى الهائل والضخم ذي الأرضيات والجدران الخرسانية بسماكة ‘ 3 أقدام ‘ ، والأبواب المصنوعة من معدن ‘ نيكل كرومونيوم ‘ بسماكة ‘ 6 إنش ‘ أي بما يعادل 12 درع حماية ، وكأن ذلك المبنى بمثابة حصن في السماء .

لم يمضِ وقت طويل بعد مغادرتهم حتى أيقظت اليمنيين أصوات غارات طائرات مقاتلة في الثانية بعد منتصف ليل الخميس 26 مارس 2015 م ، بعد أن أصدر البيت الأبيض بيانا أوضح فيه أن واشنطن ستقدم الدعم اللوجستي لتحالف العدوان على اليمن ..

ليس هناك حاجة للانتظار ، هيا تحركوا نحن على وشك أن ندخل في مواقف خطيرة ، والمخاطر تلوح في الأفق ، جهزوا أمتعتكم ، وانفروا في الجبال والصحاري والسهول والوديان ، وعلى امتداد الشريط الحدودي ، وليكن زر أمان بندقياتكم على وضعية الاستعداد لإفراغ رصاصات بندقياتكم في رأس العدو ..

هكذا كان المشهد حينها ، وبعد عامين من الصمود الأسطوري ، باتت تلك الطائرات المقاتلة التي تشن غاراتها على المدن والمناطق اليمنية تقصف اليوم المواقع العسكرية في عمق الأراضي السعودية التي سيطر عليها المقاتل اليمني .

 

اجل أيها العدو .. لقد قطع شريانك الفخذي.. لديك 3 أو ربما 4 دقائق للعيش .. قلبك يضخ الدم خارج جسدك ..

إنه وقت جميل .. هذه هي اللحظات الأخيرة من حياتك ..

أخبرني كيف تشعر ؟

 

(94)

الأقسام: آراء