ما أسرار الخطاب الهادئ للقمة العربية بالأردن؟

 صحافة| المراسل نت:

على خلاف السياق الذي توقعه “الرؤساء الخمسة” في لبنان، اتخذت كلمات “القادة العرب” في قمة بحر الميت لهجة تهدئة غير مألوفة منذ سنوات. لكن هذا التغيير في الخطاب السياسي يشير إلى مرحلة انتقالية قابلة للتراجع أو التصعيد. فما هي الأسباب؟

 

قاسم عز الدين| الميادين نت:

 

بين عشية وضحاها انقلب الخطاب الرسمي العربي دائرة كاملة في العودة إلى قمة سرت عام 2010، حيث مألوف القمم العربية مجرد دبلوماسية علاقات عامة. لم يذكر الملك السعودي إيران بتهمة الإرهاب، كما هو دأب السعودية ووزير خارجيتها منذ الأزمة في سوريا. فأمير الكويت ذكرها بالاسم في دعوتها “لاحترام سيادة الدول وأسس حسن الجوار”، لكنه خصّ القمة بالدعوة “للحوار البنّاء من أجل تحقيق الأمن والاستقرار” مع إيران. وهو أمر يكسر المحرّمات الخليجية طوال السنوات الماضية.

 

أمير قطر بدا الأكثر تشدّداً في إشارته إلى “اتخاذ إجراءات ملزمة للنظام السوري لتنفيذ قرار جنيف 1″، والأكثر التزاماً بالخطاب الرسمي المعهود في تلميحه إلى حزب الله وفق تعبير “ميليشيات طائفية من مذاهب مختلفة”. وهو ما تتداوله الدول الخليجية في محاولة مقايضة المقاومة مقابل “داعش” والنصرة.

 

لكن مغادرة الرئيس المصري والملك السعودي قاعة الاجتماع أثناء كلمة الأمير القطري، ربما تؤشر إلى تمايز عن قطر، ولاسيما أن الرئيس والملك اتفقا على زيارات متبادلَة لبلديهما في وقت قريب.

 

من دون سابق إنذار أسّس وزراء الخارجية العرب خطاب التهدئة الذي تأكّد في القمة، حين تراجع المجتمعون عن حديث القمة السابقة في اتهام حزب الله بأنه ذراع إيراني للسيطرة على الدول العربية. فوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بشّر بأن قمة بحر الميت هي “منطلق لعمل عربي جامع وشامل” وأنه يفتتح “حقبة جديدة من العمل العربي المشترك”.

 

 

وفي هذا الاتجاه طالب وزراء الخارجية العرب إيران “بالكفّ عن الأعمال الاستفزازية” لأن هذه الأعمال “تقوّض بناء الثقة”، على نقيض دعوات القمم الخليجية والعربية السابقة التي كانت تدعو إيران إلى إثبات أنها مؤهلة للثقة في الانسحاب من المنطقة شرطاً للحوار.

في أسباب الاتجاه إلى هذه “الحقبة الجديدة” أن الحقبة “غير الجديدة” قبل القمة، أثبتت فشل “التحالف العربي” بتحقيق انتصار عسكري في اليمن على الرغم من استنفاد معظم الطاقات والموارد أملاً بحسم عسكري واحتلال صنعاء.

 

وفي سوريا تبيّن أن التحالف مع “التحالف الدولي” يتراجع بشكل ثابت منذ استعادة حلب. وأن المتغيرات الأميركية والتركية التي تسير نحو المراهنة على تغيير الجغرافيا – السياسية السورية لا تعير اهتماماً يُذكر لنفوذ السعودية في الشمال السوري وحتى في الجنوب. فانحسار “داعش” في العراق وسوريا يأخذ من رصيد السعودية في أولوية إسقاط النظام في سوريا، بينما يتجه دونالد ترامب في اتجاه أولوية مواجهة “داعش” وتغيير أولوية إسقاط النظام.

 

لعل السبب الأهم المباشر في هذه التهدئة، هو تعطيل محرّك ما أُطلق عليه “شبه ناتو عربي” خلال الأسابيع الماضية، ولا سيما في لقاء ولي ولي العهد مع ترامب في واشنطن. فالطموح الأميركي في هذا “الناتو العربي” يفرض على السعودية أن تتكفل بتكاليف العمليات في سوريا وأن تشارك أيضاً بقوات برّية وأن تسلّم النفط والموارد السعودية، من دون أي مقابل ملموس في مواجهة إيران أو مواجهة المقاومة وفي لبنان وأنصار الله في اليمن.

 

والأدهى أن هذه الطموحات الأميركية الطموحة تتعرّض إلى حواجز حاجزة في داخل الولايات المتحدة وفي داخل الإدارة الأميركية.

خطاب التهدئة في قمة بحر الميت هو بمثابة نفس عميق بانتظار أن يتبيّن ترامب الخيط الأبيض من الخيط الأسود. وهي تهدئة لا تُلزم دول القمة بأكثر من كلام من دون سمّ زعاف حتى إشعار آخر.

(293)

الأقسام: الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,