مجلة” فورين بوليسي” الامريكية: هادي ما يزال بالمنفى والحوثيون مسيطرون بعد عامين من حرب تشارك فيها واشنطن

ترجمة: صادق الارحبي: المراسل نت:

ميكا زينكو| مجلة” فورين بوليسي” الامريكية:

شهد الأسبوع الماضي الذكرى السنوية الثانية للقرار المثير للجدل والاكثر ضررا في السياسية الخارجية الذي اصدره الرئيس اوباما. ففي مساء يوم الـ 25  من مارس 2015 نُشر بيان من قبل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، برناديت ميهان على موقع البيت الأبيض على شبكة الانترنت:”لقد أذن الرئيس اوباما بتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للحملة العسكرية التي يقودها مجلس التعاون الخليجي. وبالرغم من عدم تدخل القوات الأمريكية بشكل مباشر في اليمن دعما لهذا الجهد، إلا أننا أنشأنا خلية تخطيط مشتركة مع المملكة العربية السعودية لتنسيق الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي”. بعدها بيومين، أجرى اوباما اتصالا بالملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود و” أكد مجددا على الصداقة القوية بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية مؤكدا دعم الولايات المتحدة للاجراء الذي اتخذته السعودية واعضاء مجلس التعاون الخليجي وغيرهم”.

 

بتلك التصريحات التي لم يسبق لها مثيل، عرضت الولايات المتحدة دعمها السياسي والعسكري لحملة القصف التي تقودها السعودية على اليمن، بالتالي أصبحت الولايات المتحدة مشاركا في حرب أخرى مختارة في الشرق الأوسط. وقد توسعت هذه الحرب إلى رئاسة دونالد ترامب. وكانت النتيجة كارثة بكل المقاييس العقلية.

 

قبل عامين، قدمت السعودية عدد من المبررات للتدخل، على رأسها استعادة سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، والدفاع عن المناطق السعودية من قوات الحوثي التي كانت تتقدم وتستولي على المناطق الواقعة في الجنوب. قال مسئول بارز في الإدارة احد الأسباب الايجابية للتدخل السعودي هو أننا لا نريد تمكين تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية من محاولة تأسيس نفسه كممثل للمعارضة السنية للحوثيين”.

 

لكن السبب الذي تم الاعتراف به علنا من قبل إدارة اوباما وأيدته حملة القصف التي تقودها السعودية كان لضمان تقديم الحكومات السنية دعم ضمني على الأقل للاتفاق النووي الإيراني. وكما قال ادم شيف، ممثل الأقلية في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، فان دعم،الولايات المتحدة سيعتبر” كمؤشر  لاستعدادنا في الرد على المساعي الإيرانية الرامية الى زيادة الهيمنة في المنطقة والتي قد تؤثر على مدى الراحة التي يتمتعوا بها في ظل الاتفاق النووي”، مضيفا” من المهم جدا بالنسبة للولايات المتحدة ان تقدم الدعم للسعودية عندما يتعلق الامر باليمن”. وبفتور، قال احد مسؤلي البنتاغون:” إذا سألت عن سبب مواصلتنا دعم هذه الحرب… ستكون الاجابة التي ستحصل عليها من قبل معظم الناس- اذا كانوا صادقين- هي اننا لن نكون قادرين على إيقافها”.

 

واليوم، لا يزال هادي في المنفى، ولا تزال قوات الحوثي متمركزة في المناطق الحضرية في جنوب اليمن، كما زاد ” التأثير  السيئ” في الشرق الاوسط ( وفقا لمسؤلين عسكريين تحدثوا أمام الوكنجرس). بالإضافة إلى ان تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية قد توسع “، فمن 1000عضوا تقريبا عام  2014الى 4000 في 2016 وفقا لوزارة الخارجية. في حين لم تقف الولايات المتحدة سوى بجهد دبلوماسي لا يكاد يذكر  للمساعدة في الوساطة لإيقاف النار وإيجاد، حل نهائي لهذه الحرب الأهلية التي تم تدويلها والتي تشارك فيها بشكل مباشر.

 

الأهم من كل ذلك، ان حملة القصف التي تقودها السعودية قد تمت بطريقة غير أخلاقية وعشوائية منذ الوهلة الأولى، بما في ذلك استخدام قنابل عنقودية زودتها بها أمريكا، وهو ما لاقى إدانة دولية واسعة النطاق. وكما جاء في التقرير الممتاز  الذي تم توثيقه من قبل لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة والذي نشر في يناير  الماضي، فان التحالف الذي تقوده السعودية قد انتهك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان باستخدام القوة الجوية لعشر مرات على الاقل خلال العام 2016، نجم عن هذه العشر الضربات الموثقة مقتل” 292  مدني، بينهم 100 امراة على الأقل”.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

الاكثر فظاعة، هو ما حصل يوم  8 اكتوبر  2016 عندما استهدفت ضربة جوية مزدوجة صالة عزاء في العاصمة صنعاء والتي أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 827  مدني ما بين قتيل وجريح. فقد استهدفت الغارة تجمع عزاء، وكانت الضربة الاولى باستخدام قنبلة نوع جي بي يو-12 (GBU-12 II PAVEWAY) قنبلة جوية موجهة بالليزر من طراز مارك 82 شديدة الانفجار”، اسقطت الساعة الثالثة وعشرون دقيقة مساءا، تلاها بعد دقائق قنبلة اخرى بينما كان المعزين لا يزالون في حالة من الصدمة. وكما يشير تقرير الامم المتحدة،” ان الحملة الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية، في حين انها تدمر البنية التحتية وتقتل المدنيين، قد فشلت في اضعاف الارادة السياسية لتحالف الحوثي وصالح لمواصلة الحرب”.

 

وفقا لاخر تقديرات الامم المتحدة، فإن 5000 مدني يمني قد قتلوا وجرح ما يزيد عن 8000 اخرين خلال العامين الماضيين، بالإضافة الى ان  21 مليون يمني، اي 82 بالمائة من السكان، في حاجة لمساعدة انسانية عاجلة. وكما ذكر زيد رعد الحسين يوم الجمعة،” قتل خلال الشهر الماضي فقط 106 مدني، غالبتهم نتيجة الغارات الجوية والقصف بواسطة السفن الحربية التابعة للتحالف”.

 

وطوال هذه الغارات، واصلت الولايات المتحدة تقديم المعلومات الاسخباراتية، وتحديد الأهداف، تزويد الطائرات بالوقود، وتقديم الاسلحة. وفي حقيقة الامر، خلال ادارة اوباما، باعت الولايات المتحدة أسلحة وتقديم خدمات بـ 115.3 مليار دولار للسعودية حتى اغسطس من العام 2016. وفي منتصف سبتمبر، بعد انتخاب ترامب، شجب وزير الخارجية جون كيري، بينما كان واقفا بجانب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الوتيرة التي تسير عليها مبيعات الاسلحة، منوها بانهم” يمكن ان تأخذ مدة اطول مما نريد او بالتأكيد مما يريد البلد المشتري، ويسرني ان نتمكن من ايجاد  طريقة لتسريعها فعلا  أكثر وأكثر.

 

وكما يعلم وزير الخارجية بقوله” لقد عملت بجد على تسريعها ومحاولة المضي بها الى الامام… واحدى توصياتي للإدارة القادمة ستكون ان نسعى الى ايجاد طريقة ما في قوانينا لتعجيل ذلك.” وبالفعل تم الاستماع لتوصية كيري، حيث قررت ادارة ترامب مرارا وتكرارا بأنها صادقت على صفقة بيع اسلحة  بقيمة 1.5 مليار كان قد تم تعليقها من قبل اوباما.

 

بعد يوم من نشر البيان الصحفي الصادر عن مجلس الامن القومي على الصفحة الرسمية للبيت الأبيض على شبكة الانترنت قبل عامين، تم توجيه سؤال للجنرال لويد اوستن، قائد القيادة المركزية الامريكية، حول اهداف الدعم الذي تقدم الولايات المتحدة. ولا يزال رده المذهل بمثابة الوصف الأكثر دقة لمسئول أمريكي:” لا اعرف حتى الآن الأهداف والغايات الموضوعة للحملة السعودية، وسيكون عليا أن اعرف انه من الممكن تقييم احتمال النجاح”. وبصرف النظر عن قدرتها في اسقاط الاسلحة بطريقة لا اخلاقية تفتقر للتمييز والتناسب، يبدو انه لا توجد هناك أهداف وغايات واضحة حتى يومنا هذا.

 

من ناحية شخصية، خلال 20 عاما تقريبا من نيل شرف العمل والتفاعل مع مسؤولي وموظفي الامن القومي الامريكي، لم يسبق ان تابعت قضية يتعذر على اي شخصا ما تبريرها او الدفاع عنها. لقد بات الضباط العسكريين المطلعين او الذين لعبوا دورا في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية يشعرون بالاشمئزاز بشكل خاص بسبب الإستراتيجية الوحشية والعقيمة من الغارات الجوية. لكنه ومع دخول الحرب الاهلية عامها الثالث، لا نتوقع اي تخفيض للغارات الجوية او الدعم الامريكي لذلك. وما يحدث الان هو ان هذه الحرب المخزية تمتد الى ادارة رئاسية ثانية  وكونجرس جديدة يبدو اكثر اقبالا عليها.

 

ميكا زينكو: زميل بارز في مركز العمل الوقائي في مجلس العلاقات الخارجية. وهو مؤلف كتاب “فريق الحمر، Red Team: كيف يمكنك النجاح من خلال التفكير  كما يفكر العدو.

(215)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,