تقرير فرنسي: حقائق وأسباب الحرب وأطماع الغرب والسعودية بثروات اليمن (ترجمة)

ترجمة: شامية الحيدري| المراسل نت:

 

يقول الفيلسوف الفرنسي، ميشيل سير “لا شيء يبني نفسه، لا شيء يصنع نفسه، ولا شيء يخترع نفسه، عدا السلام النسبي النابع من السلام المحلي، النادر حدوثه وبقاءه وسط حالة من الدمار الشامل ناجمة عن الحرب الأبدية”.

 

 موقع “أجورا فوكس” الفرنسي:

العربية السعيدة، من يتذكرها؟ تدعى اليوم اليمن التي لطالما أعتبرها الرومانيين أرضاً شبه خرافية يعيش عليها طائر الفينيق (العنقاء) ومنها تنبع رائحة البخور أثناء ممارسة الطقوس الدينية بالإضافة إلى روائح عطره أخرى: وراء نهر النيل، بعد منطقة الفرما- بيت آمون بالقبطية وهي أحد المدن الثلاث لمنطقة بورسعيد القديمة- هناك تقع اليمن مغسولةً بمياه البحر الأحمر، العربية السعيدة التي تزخر بالعطور والثروات كثيراً ما تعارضت بسبب اسمها مع “العربية” الأخرى. فقد قسم الرومان الجزيرة العربية إلى ثلاث أقسام، فإلى جانب العربية السعيدة هناك: العربية البترائية – مملكة قديمة للأنباط (مجموعة من العرب القدماء الذين كانوا يقطنون في شمال الجزيرة العربية وجنوب الشام)-، والعربية الصحراوية – منطقة واقعة داخل الجزيرة العربية حيث كان يسكنها قبائل من البدو- تتكون من الصحاري التي اجتازها وعبرها العرب القدامى. كلها تعد رمزاً للحضارات الغنية بقوافل المر والبخور وذلك بالطبع قبل اكتشاف البترول.

 

يبدو أن الاضطرابات الحالية التي انحصرت بشكل دائم على منطقة الشرق الأوسط، هي بمثابة خطى تمهيدية لإعادة تقسيم العالم. فتقاسم الأراضي التابعة للشعوب الضعيفة لطالما كان هدفاً منشوداً لبريطانيا العظمى وتابعتها فرنسا وذلك منذ الهزيمة التي شهدتها معركة واترلو-  معركة فاصلة وقعت في 18 يونيو 1815 في قرية واترلو قرب بروكسل عاصمة بلجيكا- وعلى إثرها تم نفي الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت، أعقب ذلك عقد مؤتمر فيينا الذي جمع سفراء الدول الأوروبية. بيد أن فرنسا وبريطانيا تنافست علناً في حادثة فاشودة التي وقعت في 18 سبتمبر 1898- ذروة التنافس الاستعماري الأوروبي بين المملكة المتحدة وفرنسا في شرق أفريقيا- فمن خلال هذه الحادثة تفرقت طرق كلاً من فرنسا وبريطانيا حيث أن فرنسا كانت ترمي إلى التوسع نحو الشرق وذلك من خلال ربط المحيط الأطلسي عبر داكار عاصمة السنغال بالبحر الأحمر عبر جيبوتي، في حين أن بريطانيا كانت تخطط لتوسيع السكك الحديدة كيب تاون بالقاهرة. وقد نتج عن هذه الحادثة ظهور ما يسمى ب “متلازمة فاشودة” في السياسة الخارجية الفرنسية (التأكيد على النفوذ الفرنسي في الأراضي التي قد تصبح تحت النفوذ البريطاني).

 

بعد ذلك، قامت فرنسا والمملكة المتحدة بالتفاهم سراً والتوصل للاتفاق الذي سمي باتفاق سايكس بيكو والذي قضى بتقسيم منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية المسيطرة على هذه المنطقة في الحرب العالمية الأولى. وكان هذا الاتفاق احد الاتفاقات البائسة إذ أن العالم لم يلتمس تبعاته إلا بعد مرور قرن على ابرامه.

 

ما هي حقيقة أن هذه الحرب هي حرب انقسامات في الدين الإسلامي؟

 

أسلفنا من خلال مواضيع سابقة عن العداوات التاريخية بين كلاً من المملكة العربية السعودية واليمن في حين تتداول الصحف الحرب في اليمن على أنها حرب انشقاقية بين الطائفتين الشيعية والسنية ويعود تاريخ الشيعة إلى علي بن ابي طالب (صهر النبي محمد صلى الله علية وسلم) وتكمن الخلافات بين هاتين الطائفتين في عدم اعتراف الشيعة بالثلاثة الخلفاء (الراشدين) الذين تولوا الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله علية وسلم حيث يعتبرهم الشيعة بأنهم سلبوا الخلافة التي كان من المفترض إسنادها لعلي. أما الصراع الحالي في اليمن فقد بدأ منذ قيام الوزير رياض ياسين- وزير الخارجية اليمني الذي تم تعيينه بقرار من الرئيس هادي في الحكومة المؤقتة في المنفى- بإثارة قضية التهديد الذي تشكله إيران بشأن محاولة الاستيلاء على السلطة في اليمن لاسيما وهي الداعم الرئيسي لجماعة الحوثي.

 

بيد أنه في الواقع لا يوجد شيئاً من هذا القبيل فهذه الحرب هي بالأحرى حرب تنافسية بين المملكة السعودية التي يحكمها العاهل السعودي والذي لولا مساعدة الدول الغربية له، لما استطاع التحكم بزمام الأمور خاصة وأن هذه الدول الغربية تغدق علية وبسخاء العديد من عقود الأسلحة، وبين إيران المتهمة بتشكيل القوس الشيعي. من الجدير بالذكر أن إيران هي أحد الدول المتسمة بالتكنولوجيا خاصة وقد تمكنت من إسقاط طائرة بدون طيار تجسسية دون الإضرار بها، وكذلك إنشاء قواعد صارخيها على متن الغواصات التابعة لها، هذا بالإضافة إلى تمكنها من وضع أقمارها الصناعية في الفضاء.

 

البترول والغاز: واقع أخر للصراع في اليمن:

 

تكمن الحقيقة الأخرى لهذه الحرب في الاحتكار للموارد النفطية التابعة لليمن منذ الأزل بواسطة النظام السعودي، ذلك أن الأخير قام بشن العديد من الحروب ضد اليمن تحت ذرائع مختلفة ولكن الهدف الحقيقي هو التسبب في انخفاض الموارد النفطية لليمن: “حيث أن الحرب الأخيرة التي شنتها قوات التحالف العربي- الأمريكي وعلى رأسها السعودية ضد اليمنيين تندرج تحت هذا المغزى”.

 

ففي العام 1934 قامت مملكة آل سعود بشن أولى حروبها ضد اليمن من أجل الاستيلاء على محافظة جيزان، عسير ونجران، كما تمكنت من الاستيلاء على منطقة واديا وشرورة خلال الحربين التي شنتهما في السبعينات.

 

علاوة على ذلك، هناك مواقع الكترونية للصحافة العربية تشرح هدف النظام السعودي الذي يقف وراء حربه ضد اليمن: ” إن هدف السعودية من تدخلها العسكري في اليمن هو جلياً للغاية فهي بالطبع ترمي إلى الاستيلاء على مدينة حضرموت الواقعة جنوب اليمن، ذلك أن اليمن وبالأخص محافظاتها الثلاث، مأرب، الجوف والبيضاء هي مناطق غنية بمكامن النفط، حيث أن أحد الشركات النفطية الإيطالية بدأت في العام 1979 بممارسة أنشطتها للتنقيب عن البترول في شرق اليمن وبالتحديد في محافظة حضرموت وأعلنت في العام 1982 عن اكتشاف حقول نفطية واعدة في مختلف أنحاء اليمن”.

 

ويتركز استخراج النفط في البلد على مجموعتين من حقول النفط الأولى في مأرب والثانية في المسيلة وفي أواخر العام 2010 شهد إنتاج النفط تدني طفيف بمعدل 250.000 برميل يومياً كما تراجعت صادرات النفط في العام 2002 إلى 150.000 برميل يومياً، بينما تصل احتياطات النفط الخام المؤكدة إلى 4 مليار برميل (640.000.000 متر مكعب)، ذلك أن البلد بدأ في أواخر العام 2009 بتصدير الغاز الطبيعي المسال ويعود الفضل في ذلك لمصنع إسالة الغاز الذي تديره شركة توتال الفرنسية.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

أفاد الخبير الاقتصادي اليمني محمد عبد الرحمن شرف الدين لوكالة فارس للأنباء أن “المملكة العربية السعودية قامت بسرقة احتياطات النفط الخام في اليمن من المحافظات اليمنية الواقعة على الحدود السعودية وذلك بالتعاون مع شركة الطاقة الفرنسية العملاقة توتال، وأضاف الخبير أن “63% من إجمالي النفط الخام الذي يتم إنتاجه في اليمن يتم سرقته من قبل السعودية بالتعاون مع عبد ربه منصور هادي، الرئيس اليمني الهارب ومرتزقته”.

 

وقال شرف الدين أن ” الرياض تقوم بشراء الأسلحة والذخائر بواسطة عائدات النفط “البترودولار” التي تقوم بسرقتها من الشعب اليمني ومن ثم تقوم بإعطاء هذه الأسلحة لمرتزقتها الذين يقتلون اليمنيين”.

 

وفي أواخر العام الماضي، أوضح خبير اقتصادي يمني آخر أن “واشنطن والرياض قامت برشوة الحكومة اليمنية السابقة مقابل الامتناع عن التنقيب عن النفط ووقف أي أنشطة للتنقيب مشيراً إلى أن اليمن يمتلك احتياطات نفط أكبر من تلك التي تمتلكها منطقة الخليج بأكملها”.

 

من جانبه، قال علي حسن السناري  أن ” المملكة العربية السعودية وقعت اتفاقاً سرياً مع الولايات المتحدة الأمريكية يقضي بمنع اليمن من استخدام احتياطاتها النفطية على مدى الثلاثين عاما الماضية” وأوضح السناري أن “اليمن يمتلك احتياطات نفطية وفيرة في كلاً من مأرب، الجوف، شبوة وحضرموت” منوهاً بأن ” موقع ويكيلكس قام بتسريب سلسلة من الوثائق السرية التي من خلالها تم الكشف عنها منها بأن حكومة الرياض كانت قد شكلت لجنة برئاسة ولي العهد السابق، سلطان بن عبد العزيز”  مشيرا إلى أن “المملكة العربية السعودية قامت بتكليف اللجنة بتنفيذ مشروع حفر قناة من المملكة العربية السعودية إلى البحر العربي عبر محافظة حضرموت بهدف الاستغناء عن مضيق هرمز ومضيق باب المندب”. وأكد على أن “احتياطات النفط الجديدة التي تم اكتشافها في محافظة الجوف كفيلة بجعل اليمن واحدة من الدول الكبرى المصدرة للنفط في المنطقة والعالم”.

 

الفوضى العارمة: “عاصفة الحزم في الصحراء”:

 

يعتبر التحالف من الجانب الأمريكي بمثابة تقليد لـ “عاصفة الصحراء” التي قادها الجنرال نورمان شوارتسكوف – تحالف قوات الهجوم البرية والبحرية والجوية ضد العراق خلال حرب الخليج الثانية عام 1991- أما التحالف الأخير فهو تحالف يضم 10 دول بقيادة المملكة السعودية والذي بدأ بالتدخل العسكري في اليمن منذ 3 سنوات، ومن ضمن هذه الدول مصر التي كانت تدين بالفضل للرياض بـ 12 مليار دولار، والتي هرعت لمساعدة الجيش السعودي ضد اليمن، ومن ثم انضمت السودان، الأردن، المغرب، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، قطر والبحرين. وبلغ إجمالي الطائرات المشاركة المعلنة في هذه الحرب 100 طائرة حربية و150.000 جندي سعودي بالإضافة إلى 4 سفن حربية تابعة للبحرية المصرية وقد أطلق على هذه العملية اسم عاصفة الحزم.

 

المملكة العربية السعودية التي تجمعها عداوة أزلية مع إيران، هي نفسها من تقوم بتشجيع تنظيم الدولة الإسلامية داعش. واليوم السلالة الوهابية تترقب بخوف متزايد التأثير المتكدس لطهران على الشعب السوري والعراقي الذي يعيش تحت حكم داعش.

 

كشفت مصادر استخباراتية في العاصمة صنعاء أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بإرسال عملائها للأمن الأمريكي إلى جنوب اليمن بغرض التعاون مع قوات التحالف العربي التي تقودها السعودية حيث أن واشنطن قامت بدفع مبلغ  1500$ يومياً لكل عميل من عملائها وأكدت المعلومات أن هؤلاء المرتزقة تم تكليفهم بمهام عديدة وأهمها هي ارتكاب الجرائم والإضرار بالمدنيين اليمنيين.

 

وتسعى قوات التحالف العربي إلى توظيف عدد أكبر من المرتزقة التابعين لشركة بلاك ووتر- شركة تقدم خدمات عسكرية وأمنية- لاسيما بعد الخسائر الأخيرة التي شهدتها خلال معارك باب المندب كما أن الرياض تسعى إلى تعويض هذه الخسائر الفادحة. فبحسب مصادر محلية، لقي ما لا يقل عن 31,100 شخص مصرعهم خلال هذه الحرب التي تم شنها في محاولة لإعادة الحكومة السابقة إلى سدة الحكم وإضعاف حركة أنصار الله الحوثية.

 

السعودية في مأزق وتراجع مزودو الأسلحة الغربيين:

 

قام مجموعة من المفكرين الفرنسيين الذين وقعوا على مبادرة روح الاختلاف- مجموعة من المثقفين، المفكرين، والمواطنين من جميع التيارات السياسية والعقائدية- بعمل تحليل دقيق إلى حد ما فيما يتعلق بالوضع الراهن في اليمن ومن خلال التحليل أوضحوا أن جماعة الحوثي ليست من النوع المتعصب كما تصفها وسائل الإعلام فهم ينتمون للمذهب الزيدي وهو مذهب معتدل يمثل نوع من التوفيق والتوسط بين الطائفة السنية والطائفة الشيعية ويرى هؤلاء المفكرين أن الدول الغربية التي تغذي وتؤجج الصراع في اليمن لاسيما من خلال بيعها للأسلحة تحاول اليوم أن تنأى بنفسها عن هذا الصراع.

 

بعد أن أدركت الولايات المتحدة الأمريكية الوقوع التدريجي لحليفتها السعودية في شرك المستنقع اليمني، قررت أن تنأى بنفسها تدريجياً عن الصراع في اليمن حيث قامت واشنطن بسحب الجزء الأكبر من موظفيها الذين أقاموا في المملكة السعودية من أجل تنسيق الدعم الأمريكي. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة الأمريكية لازالت  مستمرة في تنفيذ العمليات العسكرية في اليمن حتى في ظل إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وذلك من أجل استهداف القادة التابعين لتنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية.

 

وكما هو الحال تماماً بالنسبة للقضية السورية، فالأمر هنا يتعلق بحرب لا نهاية لها، يتم التحضير لها في الباطن من قبل تابعين للزعماء الأساسيين في الغرب.

 

أما بالنسبة لليمن، فقد بات العد التنازلي مرعباً للغاية: ذلك أن هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 26 مليون نسمة، يعيش تحت نيران القصف التي راح ضحيتها زهاء عشرة آلاف قتيل جزء كبير منهم هم من المدنيين الأبرياء، ناهيك عن تشريد 3 مليون شخص ونفي مائتي ألف آخرين، في حين أن 14 مليون هم بحاجة طارئة للمساعدات الإنسانية.

 

وفي حال تعرضت التصرفات المنفصمه للسعودية، كونها داعياً للحرب، للانتقاد الشديد فهو أمر فوق المقبول أو المسموح أن يتقبله “المجتمع الدولي”، لاسيما بالنسبة لفرنسا التي تعفي شريكها التجاري السعودي بدون أدنى خجل وكأنها تقوم بفعل خير. وبالفعل، في دول العالم الثالث يتم قتل البريء بكل بساطة على خلاف ما يقال.

 

عواقب الحرب:

حذرت منظمة الأمم المتحدة من أن 5 مليون شخص في اليمن هم عرضة للموت جوعاً خلال بضع أسابيع بعد أن قامت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة بتضييق الخناق على اليمنيين وحصار تم إغلاق جميع الطرق، المطارات، والسواحل اليمنية ومنع أي مساعدات إنسانية من الدخول للبلد وهذا كله من الممكن ترجمته بأنه جرائم حرب مهولة أو بمعنى أدق إبادات جماعية. لكن وسائل الإعلام “الغربية” بدت وكأنها غير مبالية تماماً لكل هذا، ولكي لا نقول لا أحد يتحدث عن اليمن فهناك البعض ممن تناول الشأِن اليمن، غير ان جميع وسائل الإعلام لم تظهر مطلقاً نفاقها بصراحة تامة.

 

انحرفت أولى العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن التي أجازها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب والتي استهدفت تنظيم القاعدة في منطقة يكلا وسط اليمن، عن هدفها الرئيس لتجني أرواح ضحايا مدنيين من بينهم نساء وأطفال وأحد الجنود الأمريكيين، فقد أشارت مجموعة الأزمات الدولية (ICG) من خلال التقرير الذي نشرته حول توسع نفوذ تنظيم القاعدة في اليمن أن هذه العملية “أودت بحياة العديد من الضحايا المدنيين من بينهم 10 من النساء والأطفال بالإضافة إلى رجال من القبائل المحلية”.

 

تمكنت منظمة الأمم المتحدة من التحقق بأن ما يقارب من 1400 طفل يمني لقوا حتفهم بالإضافة إلى 2140 جريح منذ تصعيد الحرب على اليمن في أواخر مارس 2015. كما أعلنت ميرتكسل ريلانو ممثلة المنظمة في اليمن أن ” نحو 2000 مدرسة في اليمن لم تعد صالحة للاستخدام بسبب الضرر والدمار الذي حل بها، وباتت هذه المدارس المدمرة تستخدم حالياً لإيواء أسر النازحين أو لأغراض عسكرية”. وأضافت ممثلة المنظمة في اليمن أنه ” ينبغي أن تكون المدارس مناطق آمنه ومقدسة كي يتمكن الأطفال من جني العلم، النمو، واللعب وهم بأمان تام”.

 

من جانبها، نوهت منظمة الصحة العالمية (OMS) إلى أن الصراع في اليمن وخلال 20 شهر، تسبب في مقتل 7350 قتيل وجرح 39.000 آخرون، وتشمل هذه الأرقام الضحايا المدنيين والمقاتلين على حد سواء. ذلك أن هذا الصراع يدور بين كلاً من جماعة الحوثي المدعومة من قبل إيران وبين القوى الموالية للحكومة السابقة المدعومة من قبل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية.

 

أطلقت كاثي كيلي، ناشطة تساعد في تنسيق أعمال منظمة “أصوات من أجل اللاعنف الخلاق”، نداء استغاثة بحق الضحايا في اليمن وحالة الرعب المهول من القصف والمجاعة الوشيكة. وتحدثت عن مقتل اللاجئين الصومالين الذين كانوا على وشك الهروب من اليمن وكتبت “في العام 2016 قامت الولايات المتحدة الأمريكية باستقبال 84,995 لاجئ، بيد أن اليمن البلد الأكثر فقراً في العالم العربي استقبل في العام نفسه 117000 من اللاجئين الجدد والمهاجرين، وتستضيف حالياً أكثر من 255000 لاجئ صومالي، على الرغم من أن هذا البلد يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم ناهيك عن القصف الجوي المستمر الذي تقوم به المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية”.

 

واتهمت كاثي كيلي مصنعي الأسلحة بأنهم يستفيدون من تجارة الموت حيث كتبت “في هذه الأثناء، يقوم مصنعي الأسلحة الأمريكيون ومن ضمنهم الجنرال ديناميكس، رايثون وشركة لوك هيد مارتن، بجني الأرباح الطائلة من وراء بيعهم للأسلحة للمملكة العربية السعودية”. وفي ديسمبر من العام المنصرم كتبت ميديا بنجامين ناشطة حقوق الإنسان :” على الرغم من الطبيعة القمعية التي يتسم بها النظام السعودي، إلا أن الحكومة الأمريكية لم تتوانى عن تقديم المساعدة للمملكة العربية السعودية، ليس فقط على الصعيد الدبلوماسي وإنما أيضاً على الصعيد العسكري وكل هذا يفسر نفسه من خلال صفقات الأسلحة الهائلة التي تم الاتفاق عليها تحت إدارة اوباما والتي بلغت قيمتها 115 مليار دولار”.

 

وأوجزت كاثي كيلي كلامها بالقول: “إن الوضع حرج للغاية وينبغي على جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة المطالبة على الفور برفع الحصار عن اليمن وإيقاف الغارات الجوية ومبيعات الأسلحة وترتيب مفاوضات لتسوية الوضع في اليمن، فالمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية هما أكثر البلدان التي أضرت باليمن ويتحتم عليهما التخلي عن مناوراتهما الدنيئة ضد أعدائهما مثل إيران قبل أن يكلف ذلك خسائر هائلة لا يمكن تلافيها في الأرواح البشرية. وينبغي على المواطنين الأمريكيين أنفسهم المطالبة بتغيير السياسة الأمريكية التي تتحمل المسئولية الكاملة في هذه المأساة المميتة التي يعيشها الشعب اليمني”.

 

أقل ما يمكن قوله عن الوضع في اليمن هو أنه ليس واضحاً بما فيه الكفاية وعلى العكس من ذلك هناك بعض الحقائق الموضوعية: ذلك أن الحكام العرب وصلوا بكرامتهم إلى الحضيض فبدلاً من أن يكرسوا اهتماماتهم في مجال العلوم والمعرفة، قاموا بتزويد أنفسهم بالأسلحة التي من شأنها أن تشعل فتيل الحروب سواء بين الشعوب أنفسهم أو بين الملوك بعضهم البعض. ويكفينا معرفة أن السعودية قامت بإبرام صفقات أسلحة مع الولايات المتحدة الأمريكية بلغت أكثر من 100 مليار دولار، وبالمثل هناك العديد من الحكام الآخرين ممن ينفقون ما يعادل 200 مليار دولار مقابل شراء الأسلحة من الدول الغربية التي تتبع سياسة فرق تسد.

 

محنة الشعوب العربية تكمن في عدم امتلاكهم لقادة شرعيين فهم لا يتوارد لأذهانهم إنهاء الاستعمار وإنما اتخذوا من الإسلام شماعة ليعلقوا عليها أهدافهم دون احترام هذا الدين الذي سيشهد ثورة وحيدة حقيقة وهي القيامة “البعث”. جمال عبد الناصر، صدام حسين، الأسد وحتى القذافي جميعهم بالتأكيد كانت لديهم بعض الأفكار حول الدولة والأمة العربية ولكننا نعلم جميعاً كيف انتهى بهم المطاف بالقضاء عليهم وإزالتهم.

 

هل هذا يعني أن الصراع في اليمن سيتوقف بمجرد أن يبتعد مزودو الأسلحة الغربيين عن هذا الصراع؟ لا شيء من هذا سيحدث! فالمملكة العربية السعودية وحلفائها العرب سيحصلون على الأسلحة مقابل دفعهم كل ما يملكون على الأسلحة القديمة التي تباع بأسعار باهظة لهؤلاء الحكام فهم مستأسدين جداً مع هذا البلد الضعيف البائس، ولكنهم خانعين تجاه الدول الغربية. كل هذا لأنهم يملكون أرضاً تحمل في باطنها مكامن نفط هائلة فتوقفوا عن التفكير ليقضوا معظم أوقاتهم في إنفاق هذا العائد الذي لم يبذلوا فيه أدنى جهد وبالتالي تسخيره واستخدامه أسوأ استخدام.

 

وأخيراً، الصراع في اليمن لا يحظى بأي أولوية في وسائل الإعلام الغربية، التي تفرض على نفسها رقابة ذاتية بدرجات متفاوتة كي لا تغضب مملكة من العصور الوسطى تقوم بتغذية عملتها، وترويج صناعة الأسلحة والتجارة لديها، وأيضاً السياحة وزيارة قصور فندوم الأوربية.

 

أين حقوق وكرامة الشعوب؟ لماذا لا نبتكر مرصد لحقوق الإنسان يتم تأسيسه في أحد الدول الغربية كما هو الحال في المرصد السوري لحقوق الإنسان- مكتب إعلامي يقع في المملكة المتحدة معارض لحكومة سوريا- الذي تمكن بنظرة ثاقبة من رصد أعداد الضحايا السوريين من مقره في قلب لندن.

(814)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,