وثيقة حماس..صاروخ طائش في الهواء

سفيان الشوا

 

عندما ظهرت حركة المقومة الاسلامية (حماس) سنة 1987 قلنا طلع البدر علينا وبدون مبالغه نعتقد ان الشعب الفلسطيني كان سعيدا بظهورها العلني خاصة وانها لم تخذله فقدمت الشهداء الابرار تباعا وعشنا مع قوله تعالى:- ( من المؤنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ).صدق الله الغظيم الا ان الازمات ابت ان تترك حماس بل رافقتها لدرجة ان الكثيرين اعتقدوا ان هذه الحركة لن تستطيع البقاء في الساحة الفلسطينية .بل ذهب البعض الي ان حماس سوف ترفع الراية البيضاء وتستسلم . اوتسير في الخط الذي سارت فيه اكبر الفصائل الفلسطينية وهي حركة فتح .

الا ان هذا كان حلما من احلام اليقظه.. فقد فاجاتنا حماس بانها اعدت قوات مسلحة ومدربة تدريبا عسكريا ممتازا وصنعت الصواريخ بالرغم من الحصار الاسرائيلي برا وبحر وجوا.. بل شارك في الحصار ذوي القربي فتم اغلاق المعبر الحدودي بين مصر وفلسطين وهو معبر (رفح )وكان يفتح على فترات  متباعدة لمدد قصيرة جدا.. ثم اشترك في الحصاراخوان الدم..وكانوا يتباهون بذلك.

صمدت حماس 11 سنة وهي تقاوم بامكانيات متواضعة وتصدت لاعتدائات اسرائلية متكررة كان اخرها عدوان سنة2014 حيث دمرت الطائرات الاسرائلية اجزاءاء كبيرة من غزة .وتركت غزة وحيدة في المعركة . وهناك من وصفها بحركة ارهابية ..والصقوا بها التهم جزافا كان اخرها انتماؤها الي حركة الاخوان المسلمين المحظورة في بعض البلاد العربية.

كان واضحا بالعين المجرده العداء الذي تكنه السلطة الوطنية الفلسطينيه الي حماس . كانت السلطة تعترف باسرائيل وتجرى المفاوضات معها وجها لوجه بل بالاحضان كانت السلطة تهاجم حماس وتعتبرها عدوا لها بل قامت السلطة بحملة غير مسبوقة في تعليم الكراهية لابناء الضفة الغربية   ضد حركة حماس بل والي جميع سكان قطاع غزة ..وكانهم ليسوا فلسطينيين.ولا نبالغ اذا قلنا ان السلطة الفلسطينية كانت تشن حربا على حماس بلا هوادة في المحافل الدولية .

ولعل اخر حروب السلطة ضد حماس هو اقتطاع 30% من رواتب الموظفين في قطاع غزة فقط دون باقي الموظفين في الضفة الغربية ولكن احدث هذه الهجمات هو طلب السلطة من اسرائيل رسميا عدم امداد غزة بالكهرباء . وذلك امعانا في الضغط على حماس التي تحكم غزة منذ سنة 2007.

ويبدو ان حركة (حماس) اصابهتا السهام من كل جانب .مقرونا بتعب جميع المواطنين الفلسطينيين في (غزة ) فرأت (حماس) الخروج من هذا المازق اوتثبت للعالم انها حركة سلام ..وهي ليست من رحم الاخوان المسلمين .

فقد اعلنت حماس عن تعديل في موقفها من جميع المشاكل التي كانت امامها ولكن في الحقيقة يوجد تغيير طفيف في موقف حماس ولعل اهم المتغيرات الجددة هي:-

موافقة حماس على اقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران سنة 1967 وعاصمتها القدس الشريف.بدون الاعتراف بدولة اسرائيل.

ترفض حماس اضطهاد اي انسان او الانتقاص من حقوقه على اساس دديني او قومي او طائفي .

ترى حماس ان المشكلة اليهودية والعداء للسامية واضطهاد اليهود ظواهر مرتبطة بالتاريخ الاوروبي في معاملتهم لليهود وليس بتاريخ العرب والمسلمين .

تنظر حماس الي موافقتها على الدولة الفلسطينية على جزء من فلسطين باعتبار ذلك صيغة توافقية فلسطينية فقط .كما تؤمن حماس بادارة العلاقات الفلسطينية على قاعدة التعددية والانتخابات الديمقراطية.

تؤكد حماس انها حركة وطنية اسلامية فلسطينية مرجعيتها الدين الاسلامي وهي لا تتبع ايا من الحركات الاسلامية خارج حدود الوطن الفلسطيني.

تؤكد حماس ان حربها مع اسرائل ليست حربا دينية ..فهي لا تكره اليهود بسبب ديانتهم ولا تحاربهم .وانما تحارب الاحتلال بغض النظر عن ديانته.

هذه اهم النقاط التي تعتبر حماس انها غيرت مواقفها الواردة في ميثاقها الوطني .الا ان حماس لم تغير شيئا من مواقفها المتعلقة بالثوابت الوطنية الفلسطينية فهي لم تتنازل عن تحرير كامل التراب الفلسطيني ولم تعترف باسرائيل ولم تعترف باتفاقيات اوسلو ولم تتنازل عن حق عودة جميع اللاجئين .ولعلها تمسكت باهم شرط في القضية الفلسطينية بحسب تفكير (حماس) وهو الكفاح المسلح لتحرير كل فلسطين ولم تتنازل عن سلاحها .

من هذا يظهر التباين المطلق بين موقف (حماس) وبين ما تطلبه اسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الامريكية والدول الاوروبية لذلك سارعت اسرائيل برفض هذه الوثيقة وهي تصر على موقفها.ولرافضون كثيرون.

قد نختلف مع الاخ العزيز الاستاذ (عبد الباري عطوان) في تحليله كما ورد في صحيفة راي اليوم الغراء حيث قال:-

هناك نقاط اساسية نجد لزاما علينا التاكيد عليها وهي:-

 

اولا- لا يمكن قبول اسرائيل والغرب بقيام دولة فلسطينية مرحلية على حدود الرابع من حزيران 1967 دون الاعتراف الكامل بدولة اسرائيل ونبذ الكفاح المسلح والتنازل عمليا عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين .

ثانيا:- لا يمكن اسقاط تهمة الارهاب وفتح قنوات الحوار الا بعد التخلي عن الكفاح المسلح ..وتسليم السلاح.

 

 

ثالثا :-القبول بمبدأ التفاوض المباشر مع اسرائيل والاعترف بها وكل القرارات الدولية والاتفاقات الموقعه معهم بما فيها اتفاق اوسلو.

المؤلم ان جميع التنازلات الاسرائلية التي ذكرها الاستاذ عبد الباري نفذتها السلطة الوطنية الفلسطينية بل اكثر فقامت بالغاء الميثاق الوطني الفلسطيني وجمدت جميع مؤسسات منظمة التحرير وسلمت سلاحها.  ولم يبق سوى (ورقة التوت) التي تستر ما تبقى ولكن اسرائيل رفضت كل هذا.

لذلك نرى ان وثيقة حماس يجب ان توضع في موضعها الصحيح ولا تكون مقدمة لسلسة من التنازلات لها اول وليس لها نهاية..مثل السلطة .

 

نحن نرى وضع الاسئلة الثلاثة التالية فاذا كان الجوا بالايجاب كان خيرا والا فليس هناك الا جواب واحد تعرفه اسرائيل جيدا وتخاف منه.والاسئلة هي:-

اولا:- هل تريد اسرائيل السلام حقا ..؟

ثانيا هل تملك اسرائيل مفاتيح السلام ..؟

ثالثا :- هل تستطيع اسرائيل استعمال مفاتيح السلام المتوفرة..؟

فاذا كانت اسرائيل تريد السلام وتملك مفاتيحه وتستطيع استعمال هذه المفاتيح فاهلا وسهلا بالسلام العادل والشامل بين الفلسطينيين واسرائيل.

 

 

اما اذا كان العكس صحيحا فان وثيقة (حماس) والف وثيقة اخرى ليست الا مجرد مضيعة للوقت ..مثل المفاوضات العبثية التي تجريها السلطة منذ ثلاثة عقود وبدون جدوى.بل باستمرار اغتصاب الاراضي وزيادة العنجهية الاسرائلية. لعلنا نتذكر (اسحق شامير) رئيس وزراء اسرائيل زمن مؤتمر مدريد سنة 1991 عندما قال سوف اجعل المفاوضات مع الفلسطينيين (عشر سنوات)..! اي بدون جدوى مجرد اضاعة للوقت .

ونتذكر (شمعون بيريز) رئيس اسرائيل عندما قال المفاوضات مثل لعبة الركض على الحواجز فمن يتوقف عن القفز يخسر السباق ..وكانه اراد الفلسطينيين ان يستمروا في القفز على الحواجز مدى الحياة.

واخيرا نتنياهو عندما رفض مجرد المفاوضات مع الفلسطينيين بحجة عدم وجود شريك فلسطيني مؤهل.

 

 

قرانا اتفاق اوسلو وسمعنا عن حل الدولتين واجرينا المفاوضات مع اسرائيل في انحاء الكرة الارضية وفي كل يوم يضعون حاجزا جديدا .

رفض الجنرال (شارون )اتفاق اوسلو ثم رفض( نتنياهو) حل الدولتين وفشلت كل المفاوضات التي تمت برعاية الرؤساء الامريكيين  بوش الاب وكلينتون وبوش الابن واوباما ونعتقد ان (ترمب) لن يكون احسن حظا ممن سبقوه.

 

 

اذن هل وثيقة حماس الجديدة صاروخ طائش في الفضاء الطلق..؟

ام اننا بحاجة الي صواريخ حقيقية لتحرير فلسطين فعلا وليس قولا ..؟

فما اخذ بالقوة لا يسترجع الا بالقوة..فالصراع مع اسرائيل ليس صراع حدود بل انه بكل تاكيد صراع وجود..يجب الا نخدع انفسنا فانظروا الي تصرفات اسرايل على الارض انها تؤكد من النيل الي الفرات ارضك يا اسرائيل..!!

 

نقلاً عن رأي اليوم

(134)

الأقسام: آراء

Tags: ,,,