لوموند الفرنسية: هادي لم يعد معترفاً به في اليمن والإمارات تعرضت لطعنة في الظهر

ترجمة: أسماء بجاش| المراسل نت:

 

اصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قرارا جمهورياً بإقالة محافظ محافظة عدن الجنوبية عيدروس الزبيدي رئيس الحركة الانفصالية الجنوبية والحليف الأول لدولة الإمارات العربية المتحدة ” عَرَاب الحكومة اليمنية”.

لويس إيمبرت وبنيامين بارت| صحيفة “لوموند” الفرنسية:

 

لا تزال مدينة عدن الجنوبية تحت سيطرة الحكومة؟ فمنذ ما يقرب من العام تمكنت هذه المدينة الجنوبية من تنفس الصعداء بصورة تدريجية, إذ تعتبر مدينة عدن أكبر ميناء جنوبي لليمن والعاصمة الفعلية بحكم الأمر في الوقت الراهن, بينما تقبع صنعاء تحت سيطرة الحوثي.

 

وبالرغم من ملايين اليوروهات التي تستثمرها دولة الإمارات العربية المتحدة الراعي الرسمي الاجنبي لتحرير الجنوب اليمني من قبضة المتمردين الحوثيين إلا أن مدينة عدن تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من كهرباء وماء, بيد أن الجانب الأمني يسير قدماً.

 

فقد شهدت مدينة عدن في 27  ابريل المنصرم تحطيم ذلك التوازن الهش الذي تعيشه المدينة بفعل قرار الإقالة الذي أصدره الرئيس عبد ربه منصور هادي بحق الرجل القوي محافظ المحافظة “عيدروس الزبيدي”, إذ يرى الرئيس هادي انه بهذا القرار قد عمل على كسر التحالف العاصف الذي مكث طويلاً بين الحراك الجنوب ودولة الإمارات وذلك بفضل رئيس الحركة الانفصالية الجنوبية, حيث شارك عيدرس الزبيدي في يوليو من العام 2015، إلى جانب القوات الإماراتية في رفع الحصار الذي فرضه الحوثيين على مدينة عدن, وبالتالي فهو يتمتع بشعبية حقيقية في المدينة, كما يحظى بثقة صناع القرار في دولة الإمارات العربية المتحدة.

 

خنجر الانقلاب في الظهر:

جاء قرار الرئيس هادي بمثابة تحدي صارخ في وجه دولة الإمارات العربية المتحدة حامي حمى المدينة, إذ ندد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي انور قرقاش في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بالقرار معتبر إياه بأنه طعنة في الظهر, كما أشار أيضا إلى انه في قاعدة  الحياة السياسية تكمن مشكلة الشرعية الحقيقة في تغليب المصلحة الشخصية والأسرية والحزبية على مصلحة الوطن.

 

كما أقال الرئيس هادي أيضا القيادي السلفي هاني بن بريك من منصب وزير الدولة, حيث يعتبر الأخير المورد الرئيسي للأسلحة والأموال من دولة الإمارات في هذا البلد وقائد ألوية الحزام الأمني في محافظة عدن, فقد اخذ ما يقرب من 100 ألف شخص على عاتقهم رفع راية النضال ضد الحوثيين في ساحل  البحر الأحمر من جهة, وضد الجماعات الجهادية التابعة لتنظيم القاعدة في محافظة ابين من جهة ثانية.

 

وفي تغريده له أشار السلفي “هاني بن بريك” إلى أنه رجل مقاوم قبل أن يتولى زمام أمور الوزارة وبعدها, كما أكد أنه سيعود للجبهات وسيكون على نقاط التفتيش في المدن والمنشآت العسكرية.

 

أثارت هذه القرارات حفيظة الشارع في مدينة عدن, إذ جابت المدينة مظاهرات مؤيدة وداعمة للمحافظ السابق, بينما انتشر الحرس الرئاسي الموالي للرئيس عبد ربة منصور هادي والقوات الموالية للمحافظ السابق على حد سواء في كافة أرجاء المدينة.

 

في ظل سحابة الصيف التي تخيم على المدينة, حل الرئيس عبدربه منصور هادي ضيفا على المملكة العربية السعودية, إذ استقبل الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس هادي بعد يومين من قرارات الإقالة.

 

من جانبه أشار احد المحللين السعوديين المقربين من الحكومة أن هذا الاستقبال يعتبر بمثابة دعم واضح من الرياض للرئيس هادي, ولكن الغموض كان سيد الموقف الذي خيم على هذه المحادثات.

 

ففي الواقع ان لدى الرياض الكثير لتخسره في حال خسرت تحالفها  في هذه الحرب  مع الإمارات العربية المتحدة, فالرياض تعتبر  القائد السياسي والداعم  المالي الرئيسي للتحالف  العربي في هذه الحرب التي اشتعل فتيلها في أواخر مارس من العام  2015 ضد المتمردين الحوثيين الذين يُنظر إليهم كـ “حصان طروادة” الذي ساعد على تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة, بيد أن الحقيقة تكمن في أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي رأس الحربة, إذ تعمل ابو ظبي بشكل كبير على شن الغارات الجوية وفرض الحصار البحري على المناطق التي يسيطر عليها المتمردين الحوثيين.

 

وبحسب معلوماتنا فان دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل على نشر ما بين 2000 و4000 مقاتل بصورة دائمة في اليمن وذلك من خلال قاعدتها العسكرية الواقعة في ميناء عصب الإرتيري لتغذية العمليات القتالية على الأرض.

 

أضف إلى ذلك استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة وحلفائها لشن هجوم على ميناء الحديدة الرئيسي الواقع تحت سيطرة المتمردين الحوثيين على ساحل البحر الأحمر, ولكن في حال تعثرت الأزمة الحاصلة في مدينة عدن فان هذا سيعود سلباً على تلك العملية.

 

اُستنزفت دولة الإمارات العربية المتحدة قواها في هذه الحرب, فهي تواصل السير قدما دون إحراز أي نتائج عسكرية يمكن  التنبؤ بها أو أي أمل في إيجاد حل دبلوماسي, بيد أن صناع القرار في دولة الإمارات العربية المتحدة أعربوا عن اعتقادهم عدة مرات بأن الحل في اليمن يكمن في العملية السياسية, وها هم اليوم يجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه.  فقد أثقلت هذه  الحرب كاهل الحكومة الإماراتية، فبحسب احد المراقبين الأجانب المقيمين فيها فقد لقي 90 جندي اماراتي  مصرعهم في اليمن, حيث عملت ابو ظبي على نشر قواتها في المناطق الجنوبية المحررة إلى جانب حلفائها المحليين. وبحسب ذات المصدر فقد قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإنفاق ما بين 9 إلى 11 مليار يورو على شكل دعم للعديد من الجوانب.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

وبعد ان تموضعت القوات الإماراتية في مدينة عدن مستعينة بقوات هزيلة حاولت ان توطد تواجدها في قاعدتها في ميناء عصب من خلال حلفاء ضعيفة لم تحقق سوى نجاحات متواضعة.

 

الجنوب تجاه الحكومة المركزية:

رأت الدولة اليمنية الجديدة النور لأول مرة في العام 1990 حيث تم توحيد شطري اليمن بعد أكثر من قرن من الانتداب البريطاني على عدن ومضي ثلاثة وثلاثون عاما من استقلال الجمهورية الديمقراطية الشعبية في الجنوب.

 

شهدت العاصمة الاماراتية ابو ظبي في ابريل المنصرم لقاء جمع هاني بن بريك بساسة اماراتيين في احد الفنادق. وأكد بن بريك على أن الاجتماع لم يتطرق إلى قضية فك الارتباط بين شطري اليمن كما أنهم لم يقدموا أي وعود بذلك.

 

ومع ذلك، فقد أشار إلى أنه ما من شك في أن دولة الإمارات ستكون سعيدة بقبول “إرادة الشعب” التي تميل كما يبدو لصالح الانفصال.

 

وبالنسبة لبعض الأجزاء من البلد فقد استبعدوا دور الرئيس هادي وبعض من حلفاءه وعلى وجه الخصوص حزب الإصلاح الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين الذي يعتبر مصدر قلق لأبو ظبي, فيما يصطف الوزراء عن حزب” الإصلاح” العاملين في محافظة مأرب الواقعة في الجهة الشمالية الغربية لليمن حول نائب الرئيس هادي والمتمثل في شخص على محسن الأحمر الذراع الايمن للرئيس هادي والمدعوم من المملكة العربية السعودية, وجميعهم  ليسوا موضع ترحيب في المناطق الجنوبية.

 

إن عملية صرف الرواتب لموظفي الخدمة المدنية لا تزال جزئية وذلك عقب التهجير القسري للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن في سبتمبر من العام الماضي,كما نجحت في العام الماضي محاولات اغتيال استهدفت رموز في الحكومة و شخصيات من الحراك الجنوبي الذي يهيمن على مرافق الدولة المحلية.

 

وفي فبراير من هذا العام، شنت طائرة هليكوبتر تابعة لسلاح الجو الإماراتي  غارة استهدفت من خلالها جنود من الحرس الرئاسي، حيث رفض هؤلاء الجنود التخلي عن مدخل مطار مدينة عدن.

 

لم يعد الرئيس هادي معترفا به سياسياً في شمال البلد بعد مرور عامين من الحرب، وفي المقابل فقد عمل بشكل او بأخر على أضعاف المناطق الجنوبية, مع ذلك تظل سلطته هي الوحيدة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.

 

لقد قاد حلفاء الرئيس هادي – دون تحقيق اي نجاح- مفاوضات سلام مع المتمردين الحوثيين، كما عملوا أيضا على النأي بالحراك الجنوبي بعيدا.

و يرى عدد من الدبلوماسيين الغربيين من وجهة نظرهم أن تضم المحادثات المستقبلية في طياتها القوات الموجودة على الأرض بشكل أفضل.

(546)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,,,,