واشنطن بوست: لماذا فشل الحل في اليمن ولماذا سيفشل مرة أخرى؟

ترجمة: صادق الارحبي| المراسل نت:

ندوى الدوسري*|صحيفة” واشنطن بوست” الامريكية:

 

أعلن قياديو المجلس الجنوبي الرئيسيين في اليمن مجلساً سياسياِ انتقالياِ لتمثيل الجنوب في خطوة نحو الاستقلال عن الشمال.

 

قبل أسبوع من ذلك، احتشد الآلاف من أنصار الانفصال الجنوبي في مدينة عدن الساحلية باليمن ضد الرئيس عبدربه منصور هادي وقراره الأخير المتعلق بعزل محافظ عدن عيدروس الزبيدي من منصبه.

 

يتولى الزبيدي الآن رئاسة المجلس السياسي الجديد والسلطة السياسية الأعلى في الجنوب. وقبل ذلك، أعلنت قيادات في محافظة حضرموت في الجنوب استقلالها كإقليم فيدرالي.

 

لطالما ظل المجتمع الدولي مترددا في التعامل مع هذه المظالم الإقليمية لعدة عقود. فقد تفاقمت هذه الانقسامات بسبب الحرب الأهلية الدائرة وتم أخذها على محمل الجد، وذلك لإعاقة  مفاوضات السلام المستمرة.

 

كيف تركز المفاوضات الحالية على النخبة القديمة؟

ومنذ انتفاضة عام 2011، شارك المجتمع الدولي في مفاوضات سياسية حول مستقبل اليمن. وعمل المستشار الخاص للأمم المتحدة جمال بن عمر عن كثب بمعية  مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة والدبلوماسيين الغربيين للضغط على الأطراف السياسية اليمنية لقبول الاتفاقية التي  قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي في نوفمبر 2011.

 

بيد  انه و في نظر  الكثيرين، فشلت هذه المبادرة في تلبية مطالب الشعب. فقد خرج مئات الآلاف من اليمنيين إلى الشوارع احتجاجا على شروط ما اعتبروه صفقة معيبة للغاية تخلت عن مطالبهم المتعلقة بالإصلاح السياسي وأبقت على القادة الفاسدين الذين  ثاروا ضدهم.  ولأن مبادرة مجلس التعاون الخليجي ركزت بالدرجة الأولى على حل الصراع بين النخب السياسية التقليدية من الجزء الشمالي من البلاد بدلا من المظالم  في مناطق أخرى، شعرت العديد من الأطراف الفاعلة بالحرمان من الحقوق.

 

كما منحت مبادرة مجلس التعاون الخليجي الحصانة للرئيس  السابق علي عبد الله صالح للموافقة على الصفقة، وهو ما سمح له بالبقاء في اليمن، نشطا سياسيا، ولا يزال يسيطر على معظم القوات المسلحة.

 

هذا إلى جانب تمكن صالح من تعطيل عملية الانتقال السياسي، بتحالفه مع الحوثيين والإطاحة بالحكومة المدعومة دوليا، وجر البلد إلى حرب أهلية.

 

ومنذ استيلاء الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014، حاولت الأمم المتحدة، من خلال المستشار الخاص للأمم المتحدة بن عمر  وخليفته إسماعيل ولد الشيخ أحمد، التوسط في التوصل إلى وقف إطلاق النار وتسوية سياسية للمساعدة في وضع حدا للحرب .

لكن الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة تتعامل فقط مع النخب اليمنية الشمالية التي تقاتل بعضها البعض من اجل السلطة.

 

وكانت الشخصيات الرئيسية في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، بما في ذلك هادي، ونائب الرئيس علي محسن، ورئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، كانوا أعضاء أساسيين ضمن نظام صالح، وجزءا من المؤسسة السياسية الشمالية التي هيمنت طويلا على بقية البلاد.

 

 

خلافا لمعظم ما يٌقال، هي حرب ليست من جانبين

كثيرا ما تم تصوير الحرب على أنها صراع بين حكومة هادي والتحالف الحوثي/ صالح، مما يعني أن غالبية اليمنيين يدعمون احد الأطراف  أو  الآخر.

 

ومع ذلك، فإن الصراع الحالي في اليمن، وجذوره، يعتبر أكثر تعقيدا ، ويشمل مطالب  شريحة واسعة من المناطق المهمشة خارج الشمال.

 

ذلك ان حكومة هادي وحلف الحوثي وصالح يمثلان فقط السياسات والانقسامات داخل النخبة اليمنية الشمالية التي تقاتل بعضها البعض من أجل السلطة والموارد والسيطرة على البلاد.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

غالبا ما تأتي النخب الحاكمة في اليمن من المناطق غير الساحلية والمناطق التي تفتقر للموارد في الشمال، في حين يميل اليمنيون المهمشون سياسيا إلى العيش في مناطق النفط والغاز والأراضي الخصبة وصولا إلى الساحل.

 

لقد اعترى سكان هذه المناطق الغنية بالموارد السخط من الحكم الشمالي, ورأوا أن ثرواتهم ومواردهم تذهب الى جيوب النخب الشمالية، في حين أن مناطقهم ظلت مهمشة سياسيا ومحرومة من الخدمات الأساسية.

 

لقد أدت الحرب إلى تفاقم مظالم الجنوبيين ضد الحكم الشمالي. دخل اليمن الشمالي والجنوبي ضمن اتفاق وحدة متسرع في العام 1990.

 

حيث منحت اتفاقية الوحدة الشطر الشمالي الإمساك بزمام الأمور فيما يتعلق بصناعة القرار الوطني .

 

بعدئذ حاول الجنوبيون التفاوض على نظام فيدرالي من شأنه ان يسمح للجنوب نيل بعض الحكم الذاتي ولكنه قوبل بالرفض، مما أدى إلى محاولة الانفصال من قبل قادة الجنوب ونشوب حربا أهلية قصيرة الأمد في العام 1994 انتهت بانتصار الشمال .

 

وفي العام 2007، شكلت جماعة سياسية منظمة تنظيما هشا ما يسمى الآن بـ “الحراك” لمعالجة المظالم الجنوبية من خلال الاحتجاج السلمي.

 

لكن حكومة صالح قد ردت بالعنف، وتصاعدت مطالب الحركة إلى طلب الانفصال. وقد أدت الحرب الحالية إلى زيادة المظالم الجنوبية بشكل كبير كما تجلى ذلك من خلال المسيرات الجماهيرية في عدن.

 

لماذا يستمر الفشل في محادثات السلام؟

حتى الآن، كانت هناك ثلاث جولات غير ناجحة من المفاوضات بقيادة الأمم المتحدة بين وفود يمثلون تحالف الحوثي / صالح وحكومة هادي.

 

في الجولة الأخيرة، وضعت الأمم المتحدة خارطة طريق للمفاوضات رفضها الطرفان. لا يبدو أن هناك أي ثقة حقيقية بين الجانبين، ولا يبدو أن أيا من الطرفين على استعداد للعمل أولا من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

 

 

وفي الوقت نفسه، قد يكون هادي حذرا من أي اتفاق سلام يمكن أن يقضي بإزاحته أو أيا من أولئك الذين التفوا حوله على مدى السنوات القليلة الماضية، وهو شيء لا يريدون السماح بحدوثه.

 

وقد أعلن مبعوث الأمم المتحدة مؤخرا أن المنظمة ستبدأ جولة جديدة من المحادثات المقرر عقدها هذا الشهر. وإذا لم يتم توسيع نطاق محادثات السلام إلى ما وراء نزاع النخب السياسية من أجل السلطة، فمن الصعب رؤية كيف يمكن التوصل إلى اتفاق سلام مستدام. كما أنه من المرجح إخفاق أي اتفاقا يستبعد المظالم الإقليمية واللاعبين الرئيسيين على أرض الواقع.

 

ندوى الدوسري*: زميلة بارزة غير مقيمة في “مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”.

(468)

الأقسام: الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,