موقع ديلي بيست يكشف سجون ومعتقلات الإمارات في اليمن ويشبهها بمعتقل غوانتانامو (ترجمة)

ترجمة: أحمد عبدالرحمن قحطان| المراسل نت:

قوة مسلحة تديرها الإمارات العربية المتحدة كانت قد اختطفت المئات من الرجال في اليمن، بحسب أقارب المختطفين وعدد من الناشطين المحليين في مجال حقوق الانسان، وهو الأمر الذي اثار مخاوف بشأن اختيار الولايات المتحدة للشركاء في حربها ضد التطرف الإسلامي.

أبيجيل فيلدينغ سميث |موقع “ديلي بيست” الأمريكي:

اليمنيون قالوا إنه وخلال العام الماضي، كان رجال يرتدون الزي العسكري يأتون إلى بيوت الناس ويقومون بأخذهم بعيدا، وفي كثير من الحالات لم تتم رؤية من تم أخذهم مرة أخرى.

أولياء الأمور اليائسين أخبروا مكتب الصحافة الاستقصائية أنه ليس لديهم تقريبا أي معلومات عن مصير أبنائهم كما لا يوجد مكان يمكنهم اللجوء إليه لمساعدتهم.

وتُظهر النتائج التي توصل إليها المكتب أن تقريراً صادر عن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة كان أثار الانتباه بشأن عدد من حالات الاختفاء القسري في وقت سابق من العام الماضي وتحديداً بمناطق جنوب وشرق اليمن التي تسيطر عليها الإمارات العربية المتحدة.

ويُعتقد أن الأفراد الذين كانوا يرتدون زياً عسكرياً رسمياً ينتمون إلى ميليشيا تسمى ب “قُوات النُخبة”، التي تخضع للسيطرة الإماراتية.

وقد اتُهمت قوات النخبة بأخذ عدد الرجال إلى سجن سري في مطار الريان جنوب شرق اليمن، حيث قال أحد نشطاء حقوق الإنسان أنه يتم تكديسهم في حاويات شحن معدنية ثم يتركون في درجات حرارة تصل الى 50 درجة مئوية.

وشبه الناشط حالة ووضع القاعدة الجوية بالوضع في خليج غوانتانامو وسجن أبو غريب، وهو السجن السيئ السمعة الذي كانت تديره الولايات المتحدة في العراق.

وقال والد أحد المختطفين: “نحن لا نعرف ما إذا كانوا أحياء أم ميتين، هل هذه حقوق الإنسان؟”.

الإمارات العربية المتحدة كان لها دور كبير فيما يحدث في اليمن منذ عام 2015، فقد دخلت في البداية لدعم الحكومة في حربها ضد ثورة المتمردين، لكنها ومنذ ذلك الحين كانت تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة لمحاربة فرع القاعدة في اليمن.

 

وتعد دولة الامارات العربية المتحدة احد الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وتجمع البلدين علاقات وثيقة، وفي استجابة لتقارير الاختفاء والإساءات التعسفية المزعومة، قال مراقبون دوليون إنه يجب طرح أسئلة حول التواطؤ الأمريكي في هذا الأمر، وما إذا كانت المعلومات التي تأخذها دولة الإمارات العربية المتحدة من السجناء تستخدم لتوجيه الغارات والضربات الجوية.

المكتب أمضى أسابيع في التحقيق في حالات الاختفاء وقام بتعقب أسر المحتجزين، ولكن كان كثير منهم يخشون حتى الحديث عن الموضوع، اما القليلون الذين وافقوا على إجراء مقابلة معهم وصفوا وقت وظروف اعتقال أبنائهم بالتفصيل، لكنهم طلبوا منا عدم نشر أي شيء قد يحدد هويتهم أو هوية أبنائهم.

 

أحد هؤلاء، طلب أن يشار إليه بلقب “أبو علي”، وقال للمكتب أنه سمع باب منزل عائلته يطرق في أحد الأيام من العام الماضي، وكانت مجموعة من الرجال المسلحين يرتدون زياً لونه مائل الى البيج – وهو يعتقد بأنهم ينتمون إلى قوات النخبة – تبحث عن ابنه.

وقال أبو علي بينما كان ما يزال مشوشاً مما حدث “لم يكن أبني مختبئاً”، “ولم يكن هناك أي حاجة للقيام بهذا العمل وبهذا الشكل الفظيع”، ولكن المسلحين أخذوا ابنه بعيداً.

وبعد أن استمر أبو علي بالبحث والسؤال عن ابنه، حصل على معلومات تفيد بأن ابنه كان محتجزا في مقر الاحتجاز في القاعدة الجوية، الأن وبعد أشهر، لا يزال لا يعرف ما هي المعاملة التي يتلقاها في الريان أو ما الذي سيحدث لابنه، الا انه أضاف “لقد أختفى النظام والقانون في اليمن”.

 

ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة حول اليمن والذي نشر في يناير / كانون الثاني، فقد تم إنشاء قوات النخبة لمواجهة تنظيم القاعدة في مدينة المكلا جنوب شرق البلاد بمجرد أن استعادت الحكومة اليمنية السيطرة على المدينة في أبريل 2016.

مدينة المكلا كانت قد بقيت تحت سيطرة الجماعة الإرهابية لمدة عام تقريبا، وكانت العملية التي حررت المدينة بقيادة الإمارات العربية المتحدة، ولا يزال الإماراتيون هم القوة الفعلية في جميع أنحاء المدينة.

وقال تقرير الأمم المتحدة: “إنه وفي حين أنها تعمل “أسمياً” تحت قيادة الحكومة الشرعية، إلا أن [قوات النخبة] تخضع فعلياً لسيطرة دولة الإمارات العربية المتحدة.

 

الاعتقالات التي تقوم بها قوات النخبة يفترض بأنها محاولة لاستجواب المشتبه بهم من تنظيم القاعدة، حيث لا تزال المنظمات المتطرفة تشكل تهديدا خطيرا في اليمن، وقد أعرب بعض السكان المحليين عن تأييدهم لمحاولات قوات النخبة لتحقيق الأمن.

لكن الناشطين وأقارب المختطفين يقولون إن العديد من المعتقلين لا ذنب لهم سوى قيامهم بأعمالهم المعتادة في المكلا في الوقت الذي كانت فيه القاعدة تسيطر فعلياً على المدينة.

 

الكثير من الناس الذين يعيشون في المكلا عملوا من الناحية التقنية لصالح الجماعة في مرحلة ما، لأنهم كانوا بحكم الأمر الواقع هم الحكومة التي تدير شئونهم.

ويقول أبو علي إن هذا هو الحال مع ابنه، حيث قال: “ابني كان متزوجا، وكان بحاجة إلى عمل، لذلك عمل”، “والقاعدة كانت تسيطر على كل شيء”.

فريق من خبراء الأمم المتحدة كان قد أجرى تحقيقاً في ست من حالات الاخفاء القسري التي قامت بها قوات النخبة في المكلا في الفترة بين نيسان / أبريل وتشرين الثاني / نوفمبر من العام الماضي، وقالوا ان خمسة من الرجال الذين تم أخذهم ليس لهم أي علاقة بالقاعدة.

في اليمن هناك العديد من الجهات المسلحة المختلفة، والآباء لا يعرفون الى من يذهبون للحصول على المساعدة عندما يتم أخذ أبنائهم.

أحد الأقارب قال للمكتب “لا توجد سلطات رسمية يمكنك التحدث إليها”، “نحن لا نعلم ماذا يحصل”.

وقال “لقد طرقنا جميع ابواب السلطات، لكن وللأسف فإن الحُكم في الأول والأخير يعود للإماراتيين وهم أصحاب الكلمة الاخيرة”.

ويقدر نشطاء حقوق الإنسان العدد الإجمالي للمختفين في المكلا وأماكن أخرى بالمئات، ويقال إن بعضهم أفرج عنهم بعد عدة أشهر، ولكن الأغلبية ما زالوا مفقودين.

من الصعب جدا الحصول على أي معلومات لمعرفة الأوضاع في قاعدة الريان، لكن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن هناك انتهاكات جسيمة تحدث هناك.

وقال رجل يتابع الوضع في الريان عن كثب، وطلب عدم الكشف عن اسمه، إن هذه الانتهاكات تبدأ ب “مراسم الترحيب” التي يتعرض فيها السجناء للعنف والإهانات. وتبدأ تلك المراسم بتكديس المختطفين في حاويات معدنية تصل درجة حرارتها الى 53 درجة مئوية في منتصف النهار.

وقال الناشط إن أحد السجناء الذي أُطلق سراحه كان ينزف الدم من باطن قدميه بسبب الضرب الذي تعرض له.

ويزعم أن السجناء جردوا من ملابسهم للاستجواب، وواصل الناشط تشبيه الوضع هناك ب “غوانتانامو وأبو غريب”.

الولايات المتحدة والإمارات يعملان معاً وبشكل وثيق في اليمن، وقد ذكرت التقارير ان القوات الاماراتية كانت حاضرة في المداهمة التي شنتها قوات الكوماندوز الامريكية في يناير الماضي، وحسبما كُشف للمكتب فقد لقي تسعة اطفال دون سن 13 عاما مصرعهم اضافة الى سقوط أحد جنود البحرية الامريكية.

ووفقا لرويترز، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تبادلت المعلومات مع الولايات المتحدة التي قالت إنها جمعتها من عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن.

وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة الشريك المفضل للولايات المتحدة، حيث أشار وزير الدفاع الأمريكي “جيم ماتيس” إلى الدولة الخليجية الصغيرة بأنها “سبارتا المصغرة”، لمقارنتها بالمدينة اليونانية الحربية القديمة.

 

وقد تم تطوير النظام العسكري لدولة الإمارات العربية المتحدة بطريقة تتكامل وتتفق بشكل سلس مع سياسات الولايات المتحدة، كما يشار الى تعاون البلدان معاً بشكل وثيق في أفغانستان.

“أليكس مورهيد”، مدير المشاريع في معهد حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا قال إنه إذا كانت مزاعم إساءة المعاملة في السجون التي تخضع لإشراف دولة الإمارات العربية المتحدة صحيحة، فإنه يجب طرح أسئلة عما إذا كانت المعلومات الاستخبارية المستخرجة تحت التعذيب يتم تقاسمها مع الولايات المتحدة واستخدامها في عمليات مكافحة الإرهاب الخاصة التي تقوم بها الولايات المتحدة “.

“مضيفاً: “بالنظر إلى هذه المزاعم، يجب أن تكون الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن المكان التي حصلت منه دولة الإمارات على معلوماتها الاستخبارية، كما أن هناك أسئلة جادة يجب الإجابة عليها حول مدى تورط الولايات المتحدة في عمليات الاعتقال الإماراتية في اليمن”.

 

السيد مورهيد قال أيضاً “يجب على الولايات المتحدة أن تكون شفافة حول ما تقدمه من مساعدة لدولة الإمارات العربية المتحدة وقواتها البديلة في اليمن، كما يجب عليهم التحقيق في هذه الادعاءات “.

 

وردا على سؤال من المكتب حول مزاعم إساءة المعاملة في السجون التي تديرها دولة الإمارات العربية المتحدة والمخاوف بشأن ارتباطها بعمليات الولايات المتحدة، قال مسؤول عمليات المقر العسكري الأمريكي في اليمن والذي يتبع القيادة المركزية: “أن التقارير التي تتحدث عن انتهاكات لقوانين النزاع المسلح يتم التعامل معها بجدية، وان مثل هذه الاجراءات لا تتفق مع سياسة الولايات المتحدة”.

ندوى الدوسري، وهي عضو غير مقيم في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط الذي يقع مقره في الولايات المتحدة، إن الاخفاء القسري يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية على الولايات المتحدة، حيث أنه يستنزف الدعم المحلي لمهمة مكافحة الإرهاب.

حكومة الإمارات العربية المتحدة لم تستجب حتى الأن لطلب المكتب بالتعليق على هذه القصة.

 

“أبيجيل فيلدينغ سميث” هي صحفية بريطانية ومن أبرز مراسلي مكتب الصحافة الاستقصائية

(196)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,,,