غضب الفجر يخرق الدروع

ريزان حدو

وصول الجيش السوري و حلفائه إلى الحدود العراقية هو إنجاز بلا أدنى شك، و لكن الإنجاز الأكبر هو الطريقة التي تمت بها تلك العملية و ما آلت إليه من احتواء و تحجيم لعملية درع اليرموك و مخططها الذي يتلخص بالانطلاق من الجنوب السوري ثم التوسع مرورا” بمنطقة التنف في المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي و منها شمالا” باتجاه دير الزور و ريفها.

فبعد سلسلة غارات نفذتها طائرات التحالف الدولي بزعامة واشنطن على نقاط و قافلات الجيش السوري و حلفائه في محاولة لمنع وصولهم إلى الحدود العراقية عبر نقطة التنف، لجأ الجيش السوري إلى عملية مباغتة بدأت بترك مجموعة تقوم بإشغال عناصر داعش من جهة وعناصر مغاوير الثوار و داعميهم من جهة أخرى في محاولة لايهامهم أن الخيار الوحيد للجيش و حلفائه هو الوصول إلى الحدود العراقية عبر السيطرة على معبر التنف، بالتزامن مع هذا نفذت مجموعة أخرى عملية التفاف في البادية السورية عبر رسم قوس شمال شرق التنف يبدأ من منطقة السبع بيار وصولا إلى الحدود العراقية.

 

عملية الالتفاف هذه حجمت مشروع درع اليرموك التوسعي و قطعت الطريق عليه للتمدد شمال شرق  للوصول إلى دير الزور و ريفها، في سيناريو يذكرنا بما آل إليه مشروع درع الفرات في الشمال السوري و الذي بدأ في 25 آب 2016 عندنا دخل الجيش التركي مدينة جرابلس السورية بالتزامن مع تواجد نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في أنقرة،

كان مخطط درع الفرات وصول القوات التركية و فصائل درع الفرات إلى تخوم مدينة حلب تمهيدا” لوضعها بين فكي كماشة ( من الجهة الشمالية و الشرقية الجيش التركي و فصائل درع الفرات، و من الجهة الغربية و الجنوبية جيش الفتح المدعوم تركيا” ) و الهدف الثاني تأمين طريق الجيش التركي و حلفائه للوصول إلى مدينة الرقة أملا” باحتكار عملية تحريرها، و أيضا” قطع الطريق الحسكة كوباني عفرين.

 

وهنا بدأ العمل على احتواء و تحجيم مخطط درع الفرات فتحركت وحدات الحماية الكردية عبر  محورين، الأول من ريف الباب الشرقي، والثاني من ريف منبج الغربي، احتدمت المعارك على تخوم مدينة الباب ونفذ الطيران التركي سلسلة غارات استهدفت مواقع الوحدات الكردية، وبينما كانت الأنظار مركزة على مدينة الباب نفذت الوحدات الكردية عملية التفاف على محور تل قراح المسلمية فافين وصولا إلى جنوب غرب مدينة الباب، بالتزامن مع وصول الوحدات الكردية إلى جنوب غرب مدينة الباب كان الجيش السوري ينفذ عملية  اقتحام سريعة في ريف حلب الشرقي ليصل إلى جنوب شرق مدينة الباب و يتلاقى مع الوحدات الكردية القادمة من غرب منبج لتصبح نقاط تمركز الجيش صلة الوصل بين نقاط الوحدات في غربي منبج مع نقاط الوحدات جنوب غرب الباب منفذة عملية التفاف عبر رسم قوس يصل غربي منطقة الباب بشرقيها من الجهة الجنوبية و بالتالي تحجيم عملية درع و إحكام الحصار عليها عبر فرض خطوط حمراء يصعب تجاوزها، انعكست حالة الحصار المفروضة على مناطق درع الفرات سلبا” على الفصائل المسلحة فشهدت المنطقة نزاعات مسلحة بين الفصائل أنفسهم و كثرت حالات الانشقاق و اللجوء إلى نقاط الجيش السوري و  نقاط الوحدات الكردية،

 

ومن المرجح أن تشهد مناطق درع اليرموك في الجنوب السوري نفس السيناريو خلال الأيام القليلة القادمة.

العقل الإستراتيجي الذي يعمل بهدوء و صبر بعيدا” عن الضجيج الإعلامي استطاع تفريغ مشروعي درع الفرات و درع اليرموك من مضمونهما كمرحلة أولى، بانتظار الظرف المناسب و تبيان الخيط الأبيض من الأسود في حرب الخليج الرابعة و انعكاساتها على الأزمة السورية  لتوجيه ضربة قاضية تنهي هذه المشاريع بشكل نهائي، ولتبقى إرادة السوريين هي الدرع الحقيقي الأبدي لسورية.

 

كاتب كردي سوري

 

(49)

الأقسام: آراء