هل أصبح الوضع في منطقة الشرق الأوسط على وشك الانفجار؟ 1-3

  ترجمة: اسماء بجاش| المراسل نت:

ارتفعت وتيرة أعمال العنف في عدة بلدان في منطقة الشرق الأوسط, فمن الوجود العسكري لدول حلف شمال الأطلسي “الناتو” في منطقة حوض المشرقي في سوريا والحرب التي تقودها ضد ما يعرف بتنظيم داعش, إلى  انجرار القوات الأمريكية وراء العمليات القتالية في مدينة الموصل العراقية التي اسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 105 شخص,  وانتهاءً  بالهجوم الذي استهدف الطائفة القبطية  في مصر في الآونة الأخيرة. بالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو عما هي المخاطر التي ستؤدي إلى انفجار الوضع في منطقة الشرق الأوسط اليوم؟

 

الكسندر ديل فالي|موقع “اتلانتيكو” الفرنسي:

تصطلي منطقة الشرق الاوسط منذ سنوات ليست بالقليلة بنيران الصراعات المتأججة فيها, إذ يمكن أن تُعزى هذه التوترات إلى فترة اوائل تسعينات القرن الماضي: أي منذ اندلاع  الحرب في العراق.  كما يمكننا العودة قليلا إلى ما هو ابعد من ذلك أي إلى فترة الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان, والفترة التي شهدت اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية التي سجلت خلالها العديد من المذابح والمجازر.

 

إن الخلل الحاصل في العالم اليوم يرجع إلى حقيقة أنه بعد انتهاء الحرب الباردة بقيت الولايات المتحدة الأمريكية من دون سلطة المحافظين \.  وهو  ما  أفسح امامها المجال لإعداد وتحريك الحروب التي اندلعت  فيما بعد في العراق  خلال الفترة من 90- 91   والتي عرفت آنذاك  باسم حرب الخليج الثانية ،  وفي العام 2003  والتي عرفت بغزو العراق.

فهذه الاحداث ادت بشكل كبير إلى زعزعه الاستقرار في المنطقة, كما ادت ايضاً إلى سقوط  النظام الديكتاتوري  في العراق،  إلا  أن هذه الاحداث عملت بشكل او بآخر  في الحفاظ على  تسلسل معين.

فقد استوطنت الفوضى في العراق وبالتالي فهي تعتبر المؤسس الفعلي لنمو الجماعات الجهادية والإرهابية, بالإضافة إلى انها البؤرة التي من خلالها تم اشعال فتيل الفتنة القائمة بين المذهب الشيعي  والمذهب السني حتى يومنا هذا.

 

جاء بعد ذلك الحدث الابرز  الذي هز العالم:  حدث 11 من سبتمبر في العام 2001 ، ومن ثم حرب الخليج الثانية التي زادت من الفوضى الحاصلة على الصعيدين الوطني و الإقليمي  لاسيما وأن  النظام البعثي العراقي  قد دُمر بشكل كامل لصالح العصبية القبلية والدينية والعرقية.

لم يعد هناك اي وجود  لشكل الدولة، فلقد  كانت التجزئة  التي طالت  الدولة العراقية  بمثابة الخطوة الاولى لتجزئة اقليمية لمنطقة الشرق الاوسط . بالإضافة إلى تجزئة  الارض الليبية وهو  ما  عمل بدوره على تفاقم حده زعزعة الاستقرار في القارة الأفريقية.

بعد ذلك، جاء دور تنظيم القاعدة  لملئ الفراغ من جانب واحد  ومن ثم يليه منافسه المتمثل في تنظيم داعش، وللمرة الأولى منذ سنوات  عدة  تتمكن جمهورية إيران الإسلامية على الجانب الآخر  من الخروج  عن نطاقها الجغرافي واستطاعت السيطرة على اجزاء من العراق من خلال الطائفة الشيعية التي لطالما عانت من التهميش  لفترة  طويلة.

وبالتالي فهذا هو السبب الذي يقف وراء  زعزعة الاستقرار بشكل كبير جدا في المنطقة وأتاح الفرصة عشرات المرات امام الجماعات الجهادية من تنظيم القاعدة،  فضلا عن  فتح الباب على مصراعيه امام  تنظيم داعش  اللذين  تمكنا من  تبني ذرائع جديدة.

لقد تمكنت جمهورية إيران الثورية الشيعية من الاستفادة من الفراغ الحاصل وعلى مدى سنوات طوال . بينما عملت المملكة العربية السعودية على تصدير الوهابية السلفية التي اُعتبرت تهديدا ضد الفرس الشيعة.

تعيش المنطقة بأسرها منذ عقود في خضم موجة اضطرابات عارمة، ويعود  الفضل في ذلك إلى الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية. ومثل هذا الوضع ليس بجديد, فإذا  ما  تجولنا  ضمن أروقة التاريخ  سنلمس بأن الوضع الحاصل في  افغانستان  ناجم عن  ان  واشنطن قد عاثت فيها فساداً عندما لعبت بورقة الجهاديين السنه من اجل  قصم  ظهر  السوفييت الروس.

ومن بعد العراق, غرقت سوريا في  مستنقع من الفوضى . بينما بدأت هذه الايديولوجيا تتسرب إلى المملكة الاردنية عن طريق تنظيم القاعدة وتنظيم داعش. فبالرغم  من  الاستقرار الواضح الذي  يعيشه البلد إلا انه هش للغاية.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

لا يختلف هذا الوضع عن الوضع السائد في اليمن والمملكة العربية السعودية,  فمن  جهة  بات لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش  تواجد  هناك ، ومن جهة ثانية يواجه البلدين خطر من نوع اخر،  لكنه هذه المرة من الداخل حيث يواجه المذهب السني خطر التمدد الشيعي الايراني الذي يسعى إلى التوسع في اليمن وذلك عن طريق التمدد الشيعي الزيدي, بل إنها  قد صبت جل اهتمامها  على استغلال الاقليات الشيعية الاثناعشرية القاطنة في شبه الجزيرة العربية والمناطق الشرقية من المملكة العربية السعودية.

 

كما  ان الحرب في ليبيا  قد عملت على زعزعه الاستقرار مرة اخرى في منطقة الشرق الاوسط و القارة الافريقية:  فبالرغم من القضاء على نظام الحكم الديكتاتوري,  إلا ان  الاستقرار الذي تلا ذلك كان مجرد استقراراً نسبي,  حيث سيطرت الهجرة ومحاربة الاسلام الراديكالي المتطرف على مجريات الامور.

وعلى هذا النهج  سارت الثورات العربية التي  واصلت سيرها قدماً  باتجاه زعزعه استقرار الأنظمة المستقرة ، ولكن تم استردادها بسرعة من قبل الإسلام السياسي بشعاراته الديمقراطية والجهادية  ممثل بجماعة الاخوان المسلمين. فقد  تأثرت كلا من  مصر, تونس, سوريا واليمن  وهي الدول التي عانت من زعزعه الاستقرار فيها بشكل دائم. لكن، وعلى الرغم من الاضطراب الاسلامي ، يبدو ان هذه الوضع  المضطرب توقف في مصر بعد عملية الانقلاب العسكري.

 

ولان عبد الفتاح السيسي، الزعيم المصري المناهض للإسلاميين  لم يستطع  كبح جماح حاله الفوضى التي لا تزال قائمة في منطقة الشرق الاوسط و المناطق الشمالية من القارة السمراء- خصوصا وأن شرعيته الديمقراطية منخفضة جدا, في الوقت الذي تسعى فيها  الجماعات الجهادية العالمية و جماعة الاخوان الاستحواذ عليه- فإن هذا الامر  يعد بمثابة نذير شؤم لاندلاع  حرب أهلية  وشيكة بالفعل في المنطقة الجنوبية ومنطقة القبائل البدو  التي غالبا ما  يشتعل فتيلها  من خلال الهجمات الارهابية المنتظمة التي لم تستهدف الطائفة القبطية فحسب, بل استهدفت طوائف اخرى.

(231)

الأقسام: الاخبار,صحافة وترجمات

Tags: ,,,,,,,,,,