أمريكا ومسؤوليتها عن حرب وحصار اليمن ووباء الكوليرا القاتل (ترجمة)

ترجمة: شاميه الحيدري| المراسل نت:

كشفت منظمة الصحة العالمية، وفقاً لأحدث البيانات التي أصدرتها، أن أكثر من 1500 يمني فارقوا الحياة جراء وباء الكوليرا الذي أصاب 250 الف حالة منذ شهر ابريل من العام الجاري، ويمثل الأطفال الربع في أعداد الوفيات والنصف في أعداد المصابين.

نايلز نيموث |موقع “موندياليزاسيون” الكندي:

وباء الكوليرا القاتل ليس إلا نتيجة مباشرة للحرب الإجرامية التي تشنها المملكة العربية السعودية بمساندة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تهدف إلى استعادة الحكم فعلياً للرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تمت إقالته من قبل تحالف جماعة الحوثي مع القوى الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.

فالعدوان الذي تشنه الرياض يعد جريمة حرب ذات أبعاد شاسعة،  فهو يحاكي تلك الحرب بالوكالة الأمريكية التي تهدف إلى تغيير النظام في سوريا والتي تسببت في قتل وتشريد ملايين الأشخاص، كما تشبه إلى حد ما عملية غزو واحتلال العراق التي تسببت هي أيضاً في قتل أكثر من مليون شخص.

وتحت ذريعة اتهامات لا أساس لها، قامت المملكة العربية السعودية بشن هذه الحرب مبررةً  هذا العدوان بإلقاء التهم على الحوثيين بأنهم يتلقون الدعم والتمويل من قبل ايران.

بدايةً تحت إدارة باراك اوباما واليوم تحت إدارة ترمب، تمحورت الحملة الرامية للسيطرة على اليمن حول نقطة محددة وهي تأمين عبور النفط الأساسي عبر مضيق باب المندب، وتعد هذه النقطة عنصراً رئيسياً في جميع الجهود المبذولة لمنع ايران من أن تصبح قوة اقليمية بإمكانها إلحاق الضرر بالإمبريالية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

 

ومن خلال الدعم اللوجيستي الحيوي الذي تقدمه الحكومة الأمريكية بالإضافة إلى تزويد المملكة العربية السعودية وحلفائها بالقنابل، الصواريخ، الوقود الجوي والمعلومات، قامت الرياض متعمدة بشن قصف جوي على أسواق المواد الغذائية، المدارس، الأحياء السكنية، المستشفيات والعديد من البنى التحتية الأخرى. ليس هذا فحسب، بل قامت واشنطن أيضاً بتزويد الرياض بقنابل عنقودية غير قانونية بموجب القانون الدولي والتي تم استخدامها في قصف العديد من المناسبات.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة فإن أكثر من 16 الف شخص هي أعداد الضحايا الذين لقوا حتفهم سواءً من جراء الغارات الجوية أو المعارك التي تجري على أرض الواقع، في حين أن الثلثين من هؤلاء الضحايا هم من المدنيين. وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 27 مليون نسمة بحسب الإحصائيات التي تم إجرائها قبيل اندلاع الصراع، هناك 17 مليون شخص يفتقر إلى أسس الحياة مثل الغذاء والعناية، ومن ضمن هذا الرقم هناك 7 مليون شخص هم على وشك الموت جوعاً. ناهيك عن أن هناك أطفال دون الخامسة من عمرهم يموتون كل ساعة لأسباب يمكن الوقاية منها مثل المجاعة وسوء التغذية، بالإضافة إلى تشرد أكثر من 3 مليون يمني واقتلاعهم قسراً من ديارهم.

فمن ناحية، قامت الولايات المتحدة الأمريكية –العنصر الاساسي للهجوم- بفرض حصار بحري تسبب في شل حركة البلد وانهيار كامل للبنية التحتية المادية والاجتماعية لليمن، الأمر الذي خلق بيئة ملائمة لتفشي وباء الكوليرا وانتشاره السريع في أوساط السكان.

ومن ناحية أخرى، خلقت هذه الحرب أزمة انقطاع الرواتب لموظفي القطاع الطبي، و العاملين المسئولين عن الصيانة وغيرهم من موظفي القطاع العام منذ عدة اشهر، وعلى اثر ذلك باتت الاحتياجات الأساسية بما في ذلك الكهرباء، مياه الشرب والغسيل سلعاً كمالية باهظة الثمن. ذلك أن سكان مدينة الحديدة الساحلية التي تخضع للحصار يعيشون بدون كهرباء منذ عامين، لذا اضطروا إلى حفر آبار في الشوارع بسبب افتقار المورد الرئيسي للمتطلبات الجوهرية لعملية الضخ وإيصال المياه إلى السكان.

حرب غير معلنة

تزامناً مع الحرب الجائرة ضد الحوثيين، عملت إدارة ترمب على تسارع وتيرة الحرب من خلال سيرها على نفس خطى إدارة سابقه باراك اوباما في الحرب غير المعلنة التي بدأت منذ العام 2009، حيث تم استهداف مسلحين مشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية وقتلهم بواسطة صواريخ هيلفاير يتم إطلاقها من طائرات بدون طيار. وخلال الثماني سنوات الماضية، تم قتل ما يزيد عن الف شخص يمني من ضمنهم أكثر من 200 مدني بما في ذلك أطفال ونساء حوامل.

ما لا يقل عن 90 هجمة هي الهجمات التي تم تنفيذها من قبل طائرات بدون طيار أمريكية منذ يناير، لترتفع أعداد الضحايا إلى 120 شخص الثلث منهم كانوا مدنيين. ومنذ مارس، تم تنفيذ 50 هجوم لطائرات بدون طيار، وهو عدد طغى على المجاميع الشهرية للهجمات التي تم تنفيذها خلال فترة حكم اوباما. آخرها كان هجمتين متتاليتين تم تنفيذهما يومي الجمعة 30 يونيو والسبت 1 يوليو والتي أسفرت عن مقتل شخصين يشتبه بأنهم عضوين لتنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية.

وعلى نفس سياق الحديث عن الحروب ضد تنظيم القاعدة، من الجدير الإشارة إلى أن القوات الأمريكية تعمل بكل حرية في البلد، إذ قامت بتنفيذ غارة في يناير من العام الجاري تسببت في قتل 30 ضحية من المدنيين، من بينهم نورا العولقي طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات وجندي امريكي، ذلك أن نورا هي ابنة انور العولقي وهو مواطن أمريكي من أصل يمني تم استهدافه بغارة لطائرة بدون طيار في العام 2011 بناء على امر أصدره باراك اوباما.

سجون التعذيب

كشفت تقارير تم إصدارها الشهر الماضي عن تعاون الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة في إنشاء وإدارة شبكة من غرف التعذيب تحتجز فيها مئات الرجال والفتيان يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة وتمارس بحقهم شتى انواع التعذيب، حيث وصفها بعض الضحايا السابقين بأنها أساليب وحشية للتعذيب إذ يتم تكديس السجناء في حاويات البضائع الملوثة بالبراز معصوبين الأعين لمدة أسابيع ومن ثم ضربهم هم وابنائهم والاعتداء عليهم جنسياً وأخيراً يتم تعليق الضحية وشويها وسط دائرة من النار.

 

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

من الجدير بالذكر أن نظام التعذيب كان قد بدأ منذ فترة حكم اوباما، إذ كانت تتم عمليات الاستجواب من قبل “خبراء” امريكيين على متن سفن تقع بالقرب من سواحل اليمن.

وعلى الرغم من أن الأزمة الإنسانية تخيم على اليمن وتأخذ في التفاقم يوماً تلو الأخر وهو أمراً لا يمكن انكاره، إلا أنها قوبلت بصمت إجرامي اتخذته وسائل الإعلام الرئيسية والصحف التضليلية.

كما هو متوقع، فإن أولئك الذين يطالبون أولاً وقبل كل شيء بالإطاحة بالأسد وبالرئيس الروسي فلادمير بوتين كونهم يشكلوا مصدر ضرر للمصالح الإمبريالية الأمريكية، ليس ليهم أي شيء يقال حيال الجرائم البشعة التي تمارس بحق اليمنيين من قبل اوباما وترمب والملك سلمان. أما رجال الإنسانية في صحيفة نيو يورك تايمز وواشنطن بوست وغيرها من الصحف التضليلية الذين ذرفوا الدموع الغزيرة خلال الهجوم على حلب في سوريا العام الماضي، هم أنفسهم اليوم يحافظوا على جفاف أعينهم عندما يتعلق الأمر بملايين اليمنيين ضحايا الإمبريالية.

 

 

(170)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,,,,,,,