كيف تكسب ألمانيا من حرب اليمن وتقوية الديكتاتوريات الخليجية؟ (ترجمة)

ترجمة: نشوى الرازحي| المراسل نت:

لا الغارات الجوية في العراق وسورية ولا مبيعات الأسلحة إلى “الشركاء الاستراتيجيين” مثل المملكة العربية السعودية ساهم حتى الآن في قلع تنظيم داعش من جذوره. وعوضا عن ذلك جعلت موجة التسليح في الشرق الأوسط  دفاتر مصانع  وشركات الأسلحة الألمانية تمتلئ بالطلبات.

ينس بيرجر|موقع “ناخ دينك زايتن” الألماني:

يوثق الصحفي ماركوس بيكل في كتابه “المستفيدون من الإرهاب” أرقاما وحقائق مثيرة للعجب وصادمة، عن من هم المستفيدون الحقيقيون من جنون التزود بالأسلحة، ففي العام 2016 لوحده، بلغت قيمة المتاجرة بالأسلحة عالميا 1500 مليار دولار أميركي. ووصف الحلقة المفرغة للتسلح والعسكرة والقمع من قبل الأنظمة الحاكمة في المنطقة.

“المستفيدون من الإرهاب” لماركوس بيكل هو كتاب لا يبعث سوى على الإحباط وهو يذهب تماما بكل الصور الجميلة التي تسعى الحكومة الإتحادية لنشرها في العالم عن سياستها الداعية للسلام وتعزيزها للديمقراطية وحقوق الإنسان – إن لم تكن قد استخدمت العنف العسكري فعلا- وسعيها فقط لتحقيق الخير. بهذه الصورة تقريبا يتم تفسير سياسة ألمانيا الاتحادية الخارجية وسياسة الدفاع، فما كان يُردد من قبل وزير الخارجية الاتحادي فالتر شتاينماير (من الحزب السياسي الديمقراطي)  يردد أيضا من قبل وزير الاقتصاد السابق (من الحزب السياسي الديمقراطي) سيغمار غابرييل ووزيرة الدفاع أورسولا فون در لاين (من الحزب الديقمراطي المسيحي).

من كان يؤمن بتلك الشعارات لا شك سينال منه الاكتئاب بعد قراءة كتاب بيكل وسيدرك كم كان ساذجا حينما صدق تلك الأقوال.

لقد وصف المراسل السابق لصحيفة فرانكفورتر ألجماينه من الشرق الأوسط، ماركوس بيكل بنبرة عقلانية وواقعية وأمثلة من مختلف دول العالم العربي أن جمهورية ألمانيا الاتحادية غارقة حتى أذنيها في الحرب والتدمير والبؤس الإنساني وتغيير أنظمة الحكم من خلال سياسة التسليح في منأىً عن الرأي العام.

كتب بيكل: “توجد الأسواق المدرة لأكثر الأرباح لشركات صناعة الأسلحة الألمانية في مناطق الصراع وفي الدول الناشئة حيث الحريات المدنية  في أدنى مستوياتها والعنف في أعلى مستوياته”. وأكد على ذلك في دول مثل السعودية والعراق ومصر.

بعد أن شنت السعودية حربا لا هوادة فيها على البلد المجاور لها، اليمن، وصلت مبيعات الأسلحة في العام 2015 حوالي 270 مليون يورو، وبعد عام من ذلك وصلت المبيعات إلى ذلك المبلغ وزاد عليه نصف مليار يورو. واتضح ذلك الارتفاع السريع في قيمة المبيعات من خلال تصدير ألمانيا للزوارق الدورية، التي تزعم وزارة الخارجية أنها ستستخدم فقط لحماية السواحل في حين يرى بيكل أنها تناسب بشكل أدق أيضا محاصرة السواحل اليمنية. وبأسلوب مهين وجه الاتهام لشتاينمياير بأنه لم يتحدث أمام الحكومة السعودية أثناء زيارته لها لا عن  المدون البدوي، المحكوم عليه بالسجن عشرة أعوام ولا عن قصف اليمن المستمر منذ عامين ناهيك عن عدم لعب السعودية دورا مشكوكا فيه في حرب سورية. كما أن المملكة الصحراوية الوهابية هي المورد الرئيسي لأيديولوجية المليشيات والعصابات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش. وينطبق الأمر نفسه على دول الخليج مثل قطر أو الإمارات، والصفقات مع ذلك مستمرة.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

وبنفس الأسلوب المهين الذي انتقد به بيكل الجمهورية الاتحادية بموقفها  أمام السعودية انتقد أيضا موقفها من  تركيا، التي خدمت لوقت طويل كممر عبور مهم للجماعات الإرهابية  مثل تنظيم داعش إلى دول الجوار.

ربما قد تكون الحروب في سورية والعراق واليمن بعيدة عنا جغرافيا ولكن ألمانيا في الواقع متورطة بعمق في الصراعات العسكرية الدائرة في العالم العربي من خلال مبيعات الأسلحة والتدريب العسكري  ناهيك عن نقل العتاد العسكري والذخائر الذي لا تكترث في يد من ستقع من تلك الأطراف.

وحتى التدريب اللازم لميليشيات البشمرجة ضد تنظيم داعش لا يستبعد أن تسبب الانتقام في المستقبل القريب وتحول إرهاب تنظيم داعش إلى ألمانيا. خصوصا إذا ماقررت الحكومة المركزية في العراق الهجوم على الأكراد شمال العراق لكي تحتل حقول النفط التي هناك ولكي تستعيد مدينة كيركوك. حينها سيطلق البشمرجة النار من أسلحة ألمانية على القوات العراقية المزودة بالمعدات العسكرية الأميركية. حينها من المؤكد سنسمع نحيب سياسيي الحكومة الألمانية العالي وغياب فرحة مدراء شركات تصنيع الأسلحة “هيكر&كوخ” و “تايسن كروبس” و “ديل” و “راينميتال” .

وبالتالي لا تعد ألمانيا فقط جزءا من تجارة الموت الضخمة  بل أنها تلعب دورا نشطا في تفكك منطقة الشرق الأوسط، الذي لا تعرف له نهاية حتى الآن.

قد يسبب كتاب بيكيل الاكتئاب ولكنه يركز في المقام الأول على الأخطاء في السياسة الخارجية والاقتصادية والدفاعية الألمانية. على كل نائب، مرشح للبدندستاغ أن يقرأه، وكذلك، بطبيعة الحال، كثير من الناخبين.

عنوان كتاب ماركوس بيكيل كاملا: “المستفديون من الإرهاب. كيف تكسب ألمانيا من الحروب وتقوي  الديكتاوريات العربية”.

(231)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,,,,,,