“واشنطن بوست” الأمريكية: التحالف يحاصر ويدمر اليمن واستسلام الحوثيين غير وارد

ترجمة: أحمد عبدالرحمن| المراسل نت:

*إيشان ثارور|صحيفة واشنطن بوست:

سبتمبر كان بالفعل شهر صعباً. فخلال الاسبوع الماضي، اجتاحت الفيضانات الكارثية ولاية تكساس، ودخلت موجة غير مسبوقة من اللاجئين الى بنجلاديش، وتسببت تجربة نووية بهزات أرضية في جميع انحاء أسيا، وحطم اعصار ضاري منطقة الكاريبي. ولكن في خضم كل هذه الأزمات، برزت حالة طارئة طال أمدها عن السنوات، ناهيك عن الأشهر، ودون نهاية تلوح في الأفق.

إن الصراع في اليمن، الدولة الأكثر فقرا في العالم العربي، هو كارثة وفاجعة بجميع المقاييس. فالصراع هناك مستمر منذ العام 2015، عندما دخل التحالف الذي تقوده السعودية في المعركة لدعم هادي وشرع في حصار مدمر، فضلاً عن حملة لا هوادة فيها من الضربات الجوية.

وقد أدى عدم التوصل إلى حل سياسي إلى تكلفة باهظة الثمن، فقد قتل أكثر من 10 آلاف شخص، وما زال أكثر من مليوني شخص مشردين في مخيمات مؤقتة أو ملاجئ، اضافة الى قرابة 20 مليون يمني – أي أكثر من ثلثي سكان البلاد – ممن يواجهون انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية وقد ذكرت وكالات الاغاثة ان حوالي 7 ملايين شخص باتوا على حافة المجاعة.

وعلاوة على ذلك، يعاني اليمن من ما أطلق عليه اسم “أسوأ أزمة تفشي للكوليرا في العالم”، حيث أصاب هذا المرض أكثر من 600،000 شخص بعد أن تفشى خلال فترة الصيف وتوسع إلى ما هو أبعد من توقعات المنظمات الدولية، وقد قتل هذا المرض ما لا يقل عن 2000 يمني.

“سودارسان راغافان” كان قد أبلغ الشهر الماضي عن حجم الكارثة الصحية العامة في البلد مفيداً بأن ” انتشار المرض بدأ سريعاً في نهاية أبريل، مدعوماً بالحالة السيئة التي تعاني منها المرافق الصحية اضافةً الى محدودية الوصول إلى المياه النظيفة لملايين اليمنيين، وعلى الرغم من تباطؤ انتشاره في بعض المناطق، الا أنه كان سريعاً جداً في مناطق أخرى، وهو مما تسبب في إصابة ما يقدر ب 5000 شخص يومياً”.

وأضاف “كل هذا مع انهيار النظام الصحي بشكل كبير، فقد أدت الغارات الجوية التي نفذها التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين إلى تدمير أو تعطيل أكثر من نصف المرافق الصحية في اليمن، كما أدى نقص الأموال إلى إجبار المرافق المتبقية على الإغلاق”.

ويواجه اليمنيون حربا وحشية بين مجموعة من الفصائل الانتهازية بالتزامن مع انهيار تام للدولة الهشة أصلاً، ذلك مع عدد لا حصر له من الموظفين المدنيين والمعلمين والمهنيين المدربين الذين وجدوا أنفسهم يائسين دون أي عمل يوفر لهم ولأسرهم احتياجاتهم الضرورية.

وفي الوقت نفسه، تكافح منظمات الإغاثة من أجل جلب الإمدادات عبر الموانئ المحاصرة من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، وقد أدى ذلك إلى غضب بين كبار الشخصيات الذين ينشطون في عمليات الإغاثة.

ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، قال لرويترز أن: “على المملكة العربية السعودية أن تمول بشكل كامل احتياجات الأزمة الإنسانية في اليمن”.

مضيفاً “إما أن توقف السعودية الحرب أو أن تقوم بتمويل الأزمة، والخيار الثالث هو أن كلا هذه الأشياء”.

اضافة الى كل ما سبق فهناك أيضاً البعد الخارجي للصراع، فالحملة السعودية تغذيها الأسلحة التي تشتريها المملكة من حكومات الغرب، بما في ذلك الأسلحة البريطانية والأمريكية.

(كاتي رايت)، رئيسة منظمة “أوكسفام” قالت عن أزمة الكوليرا في بيان نشر الشهر الماضي: “هذه ليست كارثة عرضية – إنها كارثة من صنع الإنسان سببها السياسات الداخلية والدولية”.

مضيفةً “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة متواطئتان في دعم هذه الحرب وفي معاناة الملايين من الناس في اليمن عبر مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة والدعم العسكري”.

 

وهذا الأسبوع، وجد تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه من بين 5444 من الضحايا المدنيين الذين سقطوا منذ آذار / مارس 2015 – عندما دخلت المملكة العربية السعودية الحرب – فإن ما لا يقل عن 3233 من الوفيات، بما في ذلك أكثر من 1000 طفل، سقطوا على يد قوات التحالف.

 

زيد رعد الحسين المفوض الأعلى لحقوق الانسان في الامم المتحدة قال في وقت سابق ان “تحفظ المجتمع الدولي في المطالبة بالعدالة لضحايا النزاع في اليمن أمر مخجل، ويسهم بطرق عديدة في استمرار هذا الرعب”، وهذا الأسبوع، حث جميع الأطراف على السماح بإجراء تحقيق مستقل في الانتهاكات المزعومة وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتعقيباً على تعليقات مسؤول الامم المتحدة، رفضت السلطات السعودية الرد على ادعاءات التقرير.

من جهته قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ل (سكاي نيوز) “لقد دعينا الامم المتحدة الى المجيء ومناقشة هذا الأمر معنا، كما دعونا الامم المتحدة للحضور والاطلاع على الألية التي نختار بها اهدافنا وكيفية القيام بعملياتنا”.

لكن وعلى ما يبدو فإن استسلام الحوثيين ليس في الحسبان، ويقول “مايكل ديمبسي” عضو مجلس العلاقات الخارجية: “إن سخرية القدر في هذا الصراع هي أن كل طرف من الأطراف المتحاربة يبدو أنه يعتقد بأن الوقت يقف إلى جانبه”.

كاتب متخصص في الشؤون الخارجية بالصحيفة

(304)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,,