شبكة “ذا إنترسيبت”: غموض معلوماتي حول الدعم الأمريكي لعمليات التحالف في اليمن

ترجمة: أحمد عبدالرحمن

تخضع الولايات المتحدة يوماً بعد يوم لتدقيق متزايد لما تقدمه من دعم غير مشروط على ما يبدو للتحالف الذي تقوده السعودية والذي يشن حرباً جوية وحشية في اليمن، ومن ضمن الاجراءات الرئيسية لهذا الدعم هي عمليات اعادة التزود بالوقود جواً، حيث تقوم ناقلات الوقود الجوية الأمريكية بإعادة تزويد المقاتلات السعودية والاماراتية وغيرها من اعضاء التحالف بالوقود جواً والتي بدورها تقوم بإسقاط القنابل في اليمن، وقد قتلت تلك القنابل ذاتها ما لا يقل عن 3200 مدني اضافة الى تدمير المستشفيات والأسواق، مما أدى إلى اتهامات مفادها بأن الولايات المتحدة تقوم بتسهيل جرائم الحرب.

ولكن القيادة المركزية الأمريكية، أو ما يعرف بـ”سينتكوم”، تعترف الآن بأنها لا تعرف حتى مقدار  كمية الوقود التي تقوم الناقلات الأمريكية بضخه لمقاتلات السعودية وشركائها – وهو ما يتناقض بشكل مباشر مع المعلومات المتعلقة بعمليات التزود بالوقود التي نشرتها القيادة المركزية سابقاً.

ورداً على عدد من الأسئلة التي وجهتها شبكة “ذا انترسيبت”، قالت القيادة المركزية “سينتكوم” بأنها تقوم الآن بجمع بيانات الوقود التي زودت به التحالف وذلك من خلال بيانات الطائرات الأمريكية المتواجدة في المنطقة، وأيضاً عبر معلومات غرفة العمليات الإماراتية-الأمريكية المشتركة وربما عبر بيانات عمليات اخرى، لكن وحتى هذه البيانات التي جمعت تحتوي على تناقضات غير مبررة.

وبعبارة أخرى، الجيش الأميركي يقول بأنه لا يعرف كمية الوقود الخاص به والذي استخدم في عدد غير محدد من العمليات.

وفي حين أن إعادة التزود بالوقود هو مجرد طريقة واحدة من طرق مواكبة أمريكا لعملياتها في اليمن، فإن التضليل والتشويش فيما يخص بيانات عمليات إعادة التزود بالوقود يعكس كيف أصبحت السياسة الأمريكية في اليمن عشوائية ومُهملة.

من جهتها تقول جماعات حقوق الإنسان اضافة الى عدد من أعضاء الكونجرس إن الإجابات الواضحة حول ما تقوم به الولايات المتحدة في اليمن قليلة وغير متقاربة.

“كيت كيزر”، مدير السياسة والدعوة في برنامج السلام اليمني الذي يهدف الى ضمان أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية في اليمن تعكس احتياجات ومصالح اليمنيين والأمريكيين اليمنيين قال: “يطرح موظفو الكونغرس أسئلة منطقية وأساسية حول دعم الولايات المتحدة بالوقود للتحالف السعودي في اليمن، الا انهم لم يحصلوا على إجابة مباشرة من الإدارة، فإحدى الوكالات تقول بأن التزود بالوقود مستمر، في حين تقول اخرى بأن ذلك قد توقف، وعلى ما يبدو فأنه لا يمكنك الحصول على إجابة واضحة وصريحة من هذه الإدارة، فإما أن هناك تظليل وتشويش وقح، أو عدم كفاءة مُقرفة، أو أن هناك كلاهما”.

في يونيو / حزيران الماضي، طلبت شبكة “ذا إنترسيبت” من الجيش الأمريكي اعطاءها أرقام واضحة بخصوص عمليات اعادة التزود بالوقود جواً، وقد أشارت الأرقام المُقدمة من القيادة المركزية الأمريكية “سينتكوم” إلى أن عمليات التزود بالوقود بلغت مستويات قياسية في العام 2017.

وفي ضوء تصعيد العمليات الأمريكية والإماراتية جنوب اليمن، بما في ذلك عدد من المداهمات الخطيرة اضافة الى أكثر من 80 غارات جوية أمريكية – سألت شبكة “ذا انترسبت” القيادة المركزية ما إذا كانت عدة ملايين من الاطنان من الوقود تحولت نحو مهام أخرى غير عمليات التحالف السعودي، لكن إجابتهم على هذا السؤال كانت “إطلاقاً لا”.

القيادة المركزية أقرت الآن بأن ذلك كان أمراً خاطئ، فهناك الكثير من المعلومات حول العمليات التي تواكبها الولايات المتحدة عبر عمليات التزود بالوقود والتي ثبت بأنها غير موثوقة أو غير دقيقة.

المسؤولين الأمريكيين يقولون الآن إن عمليات التزود بالوقود التي تحدث خارج إطار التحالف السعودي لا تقتصر فقط على تلك العمليات المشتركة بين الإماراتيين – وجيش الولايات المتحدة، لكنهم يشيرون ايضاً إلى أن هناك عمليات إعادة تزويد بالوقود لطائرات أخرى في مناطق اخرى، بما في ذلك طائرات أمريكية، وتحديداً في منطقة “القرن الأفريقي”.

المتحدث باسم القوات الجوية الامريكية الوسطى العقيد “داميان بيكارت” قال ان  “قاعدة البيانات التى تتبع عمليات التزود بالوقود لا تحتوي على تفاصيل محددة لكل جهاز استقبال يوضح نوع الطائرة او بلد المنشأ او نوع المهمة او العملية التي كانت تساندها”.

وقال المتحدث باسم القيادة المركزية “جوش ت. جاك” إنه “من الناحية النظرية، أي عملية تزويد بالوقود تنطلق بخزان وقود كامل يتم تضمينها في المجموع الكُلي”.

لكن يبدو بأن قاعدة البيانات نفسها تحتوي على عدد من العيوب، فالأرقام التي أرسلتها القيادة المركزية للقوات الجوية – والتي من المفترض أن تكون مطابقة للمجموع الكلي لكل شهر والتي تم نشرها سابقا، لم تتطابق مع ما هو موجود الأن، فعلى سبيل المثال، قيل لشبكة “ذا انترسيبت” في شهر مارس بأن الولايات المتحدة فرغت 4.039 مليون باوند من الوقود للتحالف السعودي، وهذا الشهر، نشرت القوات الجوية الأمريكية رقماً قياسياً قدره 3.452 مليون باوند “لجميع عمليات إعادة التزود بالوقود التي أجريت في منطقة القرن الأفريقي، لتشمل ولكن لا تقتصر على العمليات التي تقودها السعودية في اليمن، اضافة الى العمليات الأمريكية في تلك المنطقة، وعمليات الإمارات ضد [القاعدة في شبه الجزيرة العربية]، فكيف يمكن أن يستهلك عدد أوسع من العمليات كمية أقل من الوقود المفرغ ؟

وفي واشنطن يحاول موظفو الكونجرس ايضاً تحليل برنامج اعادة التزود بالوقود، ويرجع ذلك الى الارتباك حول ما هو برنامج الذي تدار تحته عمليات التزود بالوقود، وقد تم اخبار اثنين مسؤولين على الأقل في مكاتب الكونغرس هذا العام بأنه قد تم إيقاف عمليات التزود بالوقود تماماً لصالح التحالف بقيادة السعودية، لكن هذا ليس هو ما حصل تماماً، وفقاً لما ذكره العقيد “جون توماس”.

واضاف “اننا نواصل تزويدهم بالوقود وتدريبهم – ما زلنا نزودهم بالوقود”.

أحد الموظفين في أحد مكاتب الكونغرس تحدث الى شبكة “ذا انترسيبت” شريطة عد الكشف عن هويته لتجنب التعرف على رؤساءه في المكتب قائلاً إن “جميع جوانب الدعم الأمريكي لحملة التحالف السعودي غير شفافة”.

مضيفاً “ما زلنا نكافح لمعرفة اشياء اساسية جداً مثل هل لدينا أشخاص متواجدون في مركز القيادة الجوية السعودية؟ وماذا يفعلون هناك؟ وما هي فرص الوصول لهم؟ وماهي قدرتهم على احداث تأثير في الأحداث وما هو مستوى تقيد السعوديون فعلاً بقائمة الأهداف التي يمنع استهدافها، وهل ما زالت عمليات اعادة التزود بالوقود مستمرة – هذه هي الأشياء التي ليس لدينا أي فكرة عنها، كما أن يبدو بأن الإدارة ليست منفتحة فعلاً للتحدث عن هذه الأشياء”.

(96)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,,,