داعش والزومبي !

د.صادق القاضي

بين “داعش” وشخصية “الزومبي” في أفلام الرعب، مماثلة جذرية تتجاوز مجرد التفنن في الممارسات السادية، إلى الوجود الذهني الميتافيزيقي لكلٍّ منهما.!

على الجانبين هناك خرافة كبيرة، وجمهور مستهدف، وصناعة رابحة .. وكائنات لزجة هلامية تتغذى على المخاوف، وتتسرب من ثقوب الوعي واللاوعي لتغرق الواقع بالدماء والأشلاء.

لا يعني هذا أن لا وجود موضوعي لداعش، ولكن وجود داعش مرتبط موضوعياً بهذه الحالة الروحية النفسية الفكرية الثقافية السياسية.. المضطربة والقلقة في السياقات المحلية والدولية الراهنة، ومن المؤكد أن تغير هذه السياقات، وهو أمر حتمي، سيلقي اليوم، أو غدا بداعش والقاعدة وبقية الفصائل الإرهابية إلى حيث ألقى الغرب المسيحي بحراس الهيكل في العصور الوسطى.

لم تكن محاكم التفتيش في الغرب سوى حلقة متأخرة من مسلسل طويل مرعب، لشبق لاهوتي عارم، كان يستند على قوى وإمكانات لا تقل بحكم الزمان والمكان عن قوى المراكز الوهابية الإخوانية وإمكانات النفط الخليجي.

ومع ذلك تلاشت المسيحية السياسية، وما حدث هو أن المسيحيين اقتربوا من الله بقدر ابتعادهم عن الكنيسة، ولو عادوا للإيمان بحاكمية الكنيسة، لعادت محاكم التفتيش مجددا، لقد زالت محاكم التفتيش ليس لأن الكنيسة تغيرت، بل لأن المسيحيين تغيروا.

من الإشارات ذات المغزى في الأساطير الغربية القديمة، أن بإمكان الشخص القضاء على أعتى السحرة والأرواح الشريرة، وذلك بأن يدير لها ظهره ببساطة، بما يعني في حالة القاعدة وداعش والإسلام السياسي عموما، أن الإرهاب ظاهرة ذهنية، وأن إخراجه كفكر وثقافة وسلطة من رؤوسنا، بمثابة الحكم عليه بالإعدام في أرض الواقع.

(51)

الأقسام: آراء