معركة الحديدة: هادي من رئيس إلى “قفاز” ترتديه الإمارات لصناعة أكبر كارثة في اليمن

تقارير| المراسل نت:

إلى ما قبل الثاني عشر من شهر يونيو الجاري، كان وزراء حكومة هادي على رأسهم وزيرا الخارجية والداخلية يؤكدون علنا أن الإمارات تمنع الرئيس المعترف به دولياً من العودة إلى عدن وتتحكم بكل شيء في عدن بما في ذلك السماح للوزراء بالتحرك داخل المدينة ولم يكن لقوات هادي أي تواجد في الساحل الغربي، لكن وبعد أيام من بدء التصعيد في ذلك التاريخ في الساحل الغربي من قبل التحالف بقيادة إماراتية التي أعلنت انطلاق معركة السيطرة على الحديدة، وجدت أبوظبي أنها بحاجة للاعتراف بعبدربه منصور هادي لمواجهة الضغوط الدولية التي تحذر من تداعيات المعركة، فيما وجد الأخير في ذلك فرصة لتحقيق مكاسب تعيد بعض من أهميته في المشهد اليمني التي فقدها على مدى السنوات الماضية.

وفي الأيام الأولى لبدء التصعيد كان وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش هو المتحدث الوحيد عن معركة الحديدة وأطلق عشرات التصريحات لصحف خليجية ودولية يؤكد أن قرار المضي في المعركة قد اتخذ ولا تراجع عنه فيما كانت حكومة هادي بعيدة كل البعد عمّا يجري في الساحل سوى على المستوى الميداني حيث تتواجد قوات جنوبية تطالب بالانفصال وقوات يقودها طارق صالح الموالي للإمارات ويرفض الاعتراف بما يسمى الشرعية، وأمام غياب الحجة لدى الإمارات أمام المجتمع الدولي لاقناعه بدعم المعركة،  شهدت العلاقات الإماراتية مع هادي وحكومته تقارباً مفاجئاً بدأ بدعوة وجهها ولي عهد أبو ظبي لهادي لزيارة الإمارات، زيارة استمرت لوقت قصير انتهت بالسماح له بالعودة إلى عدن بعد أكثر من عامين من المنع والاحتجاز له في الرياض.

ورأى هادي أن حاجة الإمارات له لشرعنة معركة الحديدة ستحقق له مكاسب فدفع حكومته لتبني المعركة وتبني الخطاب الإماراتي حرفياً معلنة عدم قبولها بأي مقترحات لتجنيب الحديدة معركة عسكرية إلا إذا انسحبت قوات الجيش والحوثيين، في وقت كانت ما تزال جبهة الساحل خالية من أي وحدات عسكرية تعترف به أو بحكومته، وهذه كانت ثغرة أخرى تزامنت مع مساعي المبعوث الأممي مارتن غريفيث لإيجاد حل يمنع حدوث المعركة في المحافظة التي يوجد فيها الشريان الوحيد لحياة أكثر من 20 مليون يمني وهو ميناء الحديدة، ولسد تلك الثغرة زعمت وسائل إعلام حكومة هادي إن وحدات من ألوية الحرس الرئاسي ستتجه نحو الساحل الغربي للمشاركة في معركة الحديدة.

ويعلق السياسي والصحفي اليمني جمال عامر على استجابة هادي للإمارات رغم ما فعلته به خلال العامين الماضيين قائلاً إن “هادي شخص غير متطلب في ما له علاقة بضرورات احترام موقعه الرسمي كرئيس مفترض فقد بدى سعيدا ومبتسما لمجرد دقائق استقبله فيها ولي عهد ابو ظبي وترتب عليها السماح له بالعودة الى عدن للقيام بمهمة ادارة العمليات الحربية بالساحل الغربي مع علمه من ان الغرض هو تحميله تبعات الجرائم التي ستحصل في مدينة مزدحمة بالسكان”.

ويشير عامر في مقالة رصدها المراسل نت في صفحته بموقع الفيسبوك إلى أنه بعد زيارة هادي للإمارات والسماح له بالعودة إلى عدن، إلى أن مجلس الأمن “عقد جلسته الثانية بعد يومين من جلسته الأولى ليعلن فقط ان الحرب جاءت بناء على طلب الحكومة الشرعية بحسب الرسالة المرسلة منها”.

كما رأى عامر أن “هادي ايضا لا يجرح كرامته ان يستقبل زواره في بلاده وفي مقر حكمه الرسمي بينما تعتلي رأسه صور قيادات التحالف فقط ولذا هو يتصرف ككائن لم يعد لديه ما يخسره اكثر على المستوى السياسي او الاخلاقي باعتبار ان كل همه صار منصبا على ان يقضي ما بقى له من خدمة محتفظا بمميزات المنصب البروتكولية وما يدره عليه من دخل مشروع وغير مشروع”.

تلك المكاسب التي قبل بها هادي جعلته منتظماً على تبني كل التصريحات الصادرة عن السعودية والإمارات التي ترفض تحركات المبعوث الأممي لوقف معركة الحديدة والذي أعلن أمس الجمعة في مقابلة رصدها المراسل نت، أن جماعة أنصار الله وحكومة هادي وافقا على مقترح الإشراف الأممي على ميناء الحديدة لتجنبيها الحرب، لكنه أشار ضمنياً لمشكلة تحول دون تنفيذ المقترح تتعلق بمطالب التحالف بضرورة انسحاب الجيش والحوثيين عندما قال إنه “يتعين معالجة قضية محافظة ومدينة الحديدة”.

لكن الإشارة الضمنية من قبل المبعوث تحولت إلى إعلان صريح من قبل دول التحالف، حيث قال عبدالله المعلمي مندوب السعودية في الأمم المتحدة في تصريحات صحفية رصدها المراسل نت أمس الجمعة، إن كلام المبعوث الأممي بشأن الحديدة غير مقبول مؤكداً أن قرار الحسم العسكري قد اتخذ، وأن دول التحالف لن تقبل بأي محادثات بشأن الحديدة.

إعلان المبعوث الأممي موافقة أنصار الله وحكومة هادي على مقترح الاشراف الأممي على ميناء الحديدة لتجنيب المحافظة المواجهة العسكرية أظهرت أن تصريحات المندوب السعودي قد جعلت لدول التحالف موقفاً مغايراً للحكومة التي تزعم دعم شرعيتها، وبدلاً من أن يتراجع التحالف، دفع هادي مجدداً بحكومته للتراجع والتوافق مع موقف التحالف.

وأعلنت حكومة هادي اليوم السبت في بيان حصل عليه المراسل نت، وقالت إن قواتها “على أهبة الاستعداد لتحرير الحديدة وبقية الاراضي اليمنية، وإذ نؤكد في نفس الوقت أننا مستمرين في دعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن والتي تهدف لدفع مليشيا الحوثي للانسحاب دون شروط، والدفع بعملية المفاوضات للأمام” بحسب نص البيان.

في النهاية وكما فعلت في محطات متعددة، لن تجد دول التحالف صعوبة في تهميش هادي مجدداً بعد الاستفادة منه بتحميله التبعات الإنسانية لما قد تتعرض له الحديدة جراء التصعيد العسكري، وأيضاً لا يبدو أن هادي لديه أي اعتراض في ان يتم استخدامه وحكومته كـ”قفاز” للتحالف في مساعيه للسيطرة على الحديدة، مقابل إعادته مؤقتاً للواجهة رغم التحذيرات الأممية التي تؤكد أن حدوث معركة الحديدة قد تؤدي لمقتل 250 ألف شخص أي ربع مليون يمني وحدوث أزمة إنسانية هي الأكبر على مستوى العالم والأكبر في تاريخ اليمن من خلال تعطيل ميناء الحديدة شريان الحياة الوحيد المتبقي لليمنيين.

(268)

الأقسام: الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار,تقارير المراسل,عاجل

Tags: ,,,,,,,,,