من سيفتك بالآخر أولا: آل سعود .. أم آل الشيخ؟!

كتاب داعش في كتابه (داعش” .. من النجدي إلى البغدادي)  يقدم المؤلف فؤاد إبراهيم، استقصاء تاريخيا دقيقا ومشوقا لجذور الحركات الإرهابية المعاصرة، لاسيما داعش، على جانبين:

١- الفكر والعقيدة: بدءا بمؤسس الحركة الوهابية محمد عبدالوهاب، وبيئة نجد، وصولا إلى “أبوبكر البغدادي”، وبخلاف الانطباع الذي يعكسه التواصل الفكري، بما يوحي بأن داعش هي الثمرة الأخيرة للشجرة الوهابية، يرى المؤلف أنها عودة إلى الجذور الأولى، وبعبارة أخرى ليست داعش الجيل الثالث للإرهاب، بل السلالة النقية للجيل الأول الوهابي..

٢- السياسة والدولة: يبدأ المؤلف بمحمد بن سعود، واستغلاله للعقيدة الوهابية الجهادية، واندفاع أتباعها، لتوسيع مملكته، مرورا بخروج ” إخوان من أطاع الله” عن الطاعة أحيانا، وقيام ملوك آل سعود لإعادتهم إلى الطاعة، ربما بالقتال، وصولا إلى ظهور القاعدة، ثم داعش في العراق، وكسرها لاحتكار آل سعود لشرعية الدولة الإسلامية التي اكتسبتها وحكمت باسمها منذ البدء.

ينتهي الكتاب بوصول الجانبين، آل سعود، والوهابية، إلى نقطة حرجة قد تعني حتمية المواجهة وفض الشراكة الكاثيوليكية بينهما، خليفة داعش قرشي هاشمي ويطبق حدود الله ولا يعطل الجهاد.. بخلاف حكام آل سعود، ما يجعل دولة داعش أكثر تمثيلا للدولة الإسلامية، من الأسرة السعودية التي باتت فاقدة للشرعية حسب المواصفات والمعايير الوهابية.

على صعيد الواقع، الأسرة السعودية لم تعد ترتبط بأغلب الوهابيين إلا بالمال، كثير من رجال وأتباع الوهابية في السعودية يوالون داعش، ويقاتلون معها بالمال والنفس، بل حتى يرى بعضهم شرعية الجهاد داخل المملكة.. ضد آل سعود..

الكتاب في فصوله الأخيرة يعطي انطباعا بحجم ورطة النظام السعودي، بين التزاماته وتعهداته التاريخية تجاه الوهابية، وبين التزاماته كدولة أمام مواطنية وأمام المجتمع الدولى، وعلى الجانبين يستحيل أن يتجنب النظام السعودي المواجهة مع الوهابية، وعلى المستوى الدولي هناك قناعة دولية تتزايد باطراد حول حقيقة علاقة الوهابية بالإرهاب العالمي، باعتبارها القاسم المشترك بين كل الانتحاريين والجماعات الإرهابية، في موازاة   ضغوط متزايدة على الأسرة الحاكمة لفض شراكته معها..

في الأخير، يجد المشهد المتوتر نفسه بين خيارين:

– تخلص الوهابية من الأسرة السعودية الحاكمة، وهو احتمال أكثر ورودا، وإن كان سيصب في صالح داعش..

– البديل الآخر هو تخلص الأسرة السعودية من الوهابية، وهذا خيار شبه مستحيل، حاليا، معظم شعب المملكة بات وهابيا، أي دواعش مع وقف التنفيذ.

 

د. صادق القاضي

 

(147)

الأقسام: الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار