استمرار الصراع بين وكلاء “التحالف”: ما بعد اتفاق الرياض مثل ما قبله!

تقارير| صحيفة المراسل:

بعد أسبوعين من التوقيع عليه، لا يزال “اتفاق الرياض” بالنسبة للواقع في المحافظات الجنوبية، مجرد وثيقة منحت القوات السعودية حق السيطرة على ما كانت تسيطر عليه الإمارات.. هذا كل ما انعكس من ذلك “الاتفاق” على الميدان هناك، أما الصراع بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي، والذي يفترض أنه محور “الاتفاق”، فلا زال كما هو ويبدو أنه يتوجه نحو “جولات جديدة” لا تقل احتداما عن سابقاتها قبل التوقيع، فمن أبين إلى شبوة إلى عدن، تتنوع مظاهر التصعيد والتوتر بين الطرفين، بدءا باستمرار منع حكومة هادي وموظفيها من العودة، ومرروا باستئناف مسلسل الاغتيالات، وصولا إلى اشتباكات مسلحة يصاحبها نشاط تحشيد متبادل لمقاتلي الطرفين، وبالتالي فإن صورة المشهد اليوم في المحافظات الجنوبية لا تختلف عن صورتها قبل “الاتفاق”، باستثناء التواجد السعودي، الأمر الذي يؤكد مجددا أن الاتفاق لم يكن سوى “مخرجا” رأته السعودية لتقوية نفوذها في الجنوب واستثمار ذلك في الحرب مع صنعاء.

 

اغتيال قيادي بارز من أتباع هادي في أبين

 

عسكريا، أفادت مصادر خاصة لـ”صحيفة المراسل” بأن قائد “مقاومة ذي ناعم” في قوات هادي، العقيد محمد حسين اللباسي (كنيته أبو وسيلة) لقي مصرعه، مساء الثلاثاء/ الاربعاء الفائت، بعملية اغتيال تعرض لها في منطقة مودية بمحافظة أبين، حيث قام مسلحون بإطلاق النار على سيارته وأردوه قتيلا على الفور فيما أصيب مرافقه بجروح. واوضحت المصادر أن ذلك يأتي ضمن “مخطط” ترعاه الإمارات عبر أذرعها المحلية (المجلس الانتقالي وقواته) لتصفية القيادات العسكرية الموالية لهادي وللسعودية، في إطار الصراع الدائم بين الطرفين، وهو ما اكدته اتهامات الموالين لهادي الذين وجهوا أصابع الاتهام نحو “الحزام الأمني” التابع للامارات.

يأتي هذا بعد اشتباكات عنيفة شهدتها محافظة أبين بشكل متقطع منذ أواخر أكتوبر الماضي في مودية وأحور، بين قوات هادي و”الحزام الأمني”، وسط أنباء متواصلة أفادت باستمرار التوتر، وهو ما أكدته عملية الاغتيال.

 

اشتباكات عنيفة في شبوة

 

لم تقتصر مظاهر استمرار الصراع العسكري بين الطرفين على ما يحدث في أبين، إذ علمت ” صحيفة المراسل” أن اشتباكات عنيفة جديدة اندلعت قبل أيام، في محافظة شبوة هذه المرة، بين قوات هادي و”النخبة الشبوانية” التابعة للانتقالي في منطقة خمر على مشارف مديرية عتق التي كانت تسيطرة عليها “النخبة” قبل أن تنتقل إلى سيطرة قوات “هادي” ضمن جولات المواجهة المتسارعة في أغسطس الماضي، الأمر الذي يعني أن “اتفاق الرياض” لم يضع أي حل لذلك.

المشهد في أبين وشبوة يبدو تماما كما كان عليه قبل “الاتفاق”، فالاغتيالات والاشتباكات المتكررة هناك تأتي مصحوبة بعمليات “تحشيد” غير مسبوقة لقوات الطرفين، إذ أبلغت مصادر خاصة صحيفة “المراسل” بأن قوات هادي تستمر باستقدام تعزيزات عسكرية كبيرة من مأرب ومن محافظات أخرى، وعلى رأس تلك التعزيزات عناصر من تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، في الوقت الذي تواصل فيه قوات “الانتقالي” تحشيد قواتها بالمقابل، الأمر الذي ينذر بتوسع مساحة وحجم المواجهات، والدخول في جولات أخرى تطيل مسلسل الصراع المعروف بين الطرفين، وهو ما يوضح أن “الاتفاق” الذي وقعا عليه كان مجرد مسرحية.. (ينص الاتفاق على عودة قوات الطرفين إلى مواقعها التي تحركت منها بداية أغسطس الماضي خلال 15 يوما ولم يحدث أي شيء من ذلك حتى الآن)

 

 حكومة هادي ممنوعة من العودة إلى عدن

 

ومن شبوة وأبين إلى عدن التي ينص “الاتفاق” على أن تعود إليها حكومة هادي وموظفيها خلال أسبوع واحد ينتهي في تأريخ 12 نوفمبر، الثلاثاء الفائت، لكن ذلك لم يحدث، ليس لأن حكومة هادي فضلت عدم العودة بل لأنها “مُنعت” بشكل واضح، من قبل “الانتقالي” قبل أن تسمح السعودية لرئيسها وستة وزراء فقط بالعودة إلى عدن وكان في استقبالهم ضابط سعودي، الأمر الذي يؤكد من ناحية إضافية على أن كل بنود “اتفاق الرياض” التي تناولت الصراع بين حكومة هادي والانتقالي، هي مجرد بنود شكلية وضعت لتمرر البند الأساسي المهم، وهو أن تدير السعودية المحافظات الجنوبية وتسيطر عليها.

وفي هذا السياق، أقرت وزارة الاعلام بحكومة هادي في وثيقة “بلاغ” صادرة عنها، بأن موظفيها مُنعوا من دخول مبنى الوزارة في عدن، الاثنين الفائت، من قبل حراسة المبنى التابعة لقوات الانتقالي، مشيرة إلى أن هذا لا يخالف “الاتفاق” فحسب، بل يخالف أيضا “توجيها” أصدره هادي، السبت الفائت، يقضي بعودة موظفي حكومة هادي إلى عدن.

هكذا يبدو المشهد في المحافظات الجنوبية، وكأن “اتفاق الرياض” لم يضف إليه سوى تعديلا بسيطا أزل القوات الإماراتية واستبدلها بقوات سعودية، فيما بقى كل شيء آخر على ما هو عليه متجها نحو المزيد من الصراعات والمواجهات الداخلية، والفوضى التي يبدو أن السعودية تحتاجها لتثبيت سيطرتها هناك، بينما تحاول إقناع العالم بأنها رعت “خطوة سلام” من خلال هذا الاتفاق، وتحظى بورقة تظن أنها ثمينة في المواجهة مع “صنعاء” سياسيا وعسكريا.

(104)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل,عاجل

Tags: ,,,,,,,,