‏لهذا نقول إن مشروع دولة الستة الأقاليم المزعوم مرفوض جنوباً وشمالاً

صلاح السقلدي

نتذكّـــرُ جيداً أنه غداة انتهاء الحرب التي شنتها القوى التقليدية والقبلية والحزبية والدينية المتطرفة على الجنوب وعلى وحدة 90م  السلمية بحرب شاملة عام 94م  قالت سلطة ما بعد تلك الحرب التي استأثرت بالوضع شمالا وجنوباً، وسامت الشريك الجنوبي سوء العذاب وأذاقته شتى صنوف العسف والإقصاء والنهب والتكفير أن المشاريع السياسية التي تم التوافق عليها قبل تلك الحرب- وتقصد بذلك المشروع السياسي الطموح والحضاري المدني الذي عُـــرف بـــوثيقة العهد والاتفاق- قد أصبحت من الماضي وأنها أي تلك المشاريع -وفقا لمنطق تلك السلطة- لم تعد صالحة لوضع ما بعد الحرب باعتبار أن أوضاع ما بعد الحرب بحاجة الى مشروع سياسي يواكب المتغيرات، وان الحرب قد جبّــتْ ما قبلها من مشاريع .

هكذا كان منطق المنتصر حينها، وهكذا تم دفن أهم وأفضل مشروع سياسي ينشد الدولة المدنية الخالية من هيمنة قوى النفوذ وفسادها وعجرفتها طيلة عقود مضت.

اليوم هي ذات القوى التي تآمر على ذلك المشروع تريد اليوم أن تفرض من منطق الغطرسة مشروعها التدميري الذي تم إقراره خلسة وبطريقة الفهلوة والحذلقة في أحد الفنادق الوثيرة بصنعاء باسم  مشروع مخرجات الحوار والدولة الاتحادية من ستة أقاليم, وهو المشروع الذي استهدف بشكل سافر القضية الجنوبية كقضية سياسية وطنية عادلة ولدتْ من رحم مشروع وحدوي راقي تم قتله بالمهد, وذلك بأن نص ذلك المشروع “المؤامرة” شطر الجنوب الى قسمين ليتسنى لهذه القوى مواصلة النهب والهيمنة.فتٍحِــت ذريعة سحب البساط عن المركز بصنعاء تم استهداف الجنوب على تلك الشاكلة أي شطره نصفين, مع أن كل القوى التي تتخفى تحت هذا الزعم هي اليوم جُــلها إن لم نقل كُلها قوى وأحزاب وعسكر وقوى دينية متطرفة تنتمي لما يسمى بالمركز المقدس بل وهي ذاتها التي كانت سبب كارثة 94م وسبب كل المآسي حتى اليوم. فهذه القوى ولأنها تعرف جيداً مدى سخط الجنوبيون من هيمنة القوى بالشمال طيلة ربع قرن فقد عزفت على هذه النغمة واستخدامها لغرض لئيم وماكر لا علاقة بسحب بساط ولا غيره من أساليب التحاذق.كما انه من الطريف بالأمر أن تكون حرب 94م قد استطاعت أن تجب ما قبلها من مشاريع ، وحرب 2015م لم تستطيع.

وفي الشمال تم استهدافه بهذا المشروع اقصد مشروع الستة الأقاليم استهدافا طائفيا، -وقد تحدثنا عن هذا الأمر بل قُل المؤامرة مرارا- المؤامرة التي هندست لها الرياض وواشنطن عبر أذرعها البائسة-. حين كان المخطط المسمى بالأقاليم الستة قد وضع الشمال وبالذات شمال الشمال، وسط دائرة الاستهداف الطائفي بشكل لا تخطأه عين، فمجرد النظر بخارطة ذلك المشروع الخبيث نرى كيف تم عزل المناطق عزلا طائفيا وسط اخدود جغرافي يمتد من صعدة شمالا حتى ذمار جنوبا كأقليم مغلق عن أية منافذ بحرية وبرية، باسم “اقليم أزال”.ومع أن صنعاء المحافظة والأمانة تم ادراجهما ضمن هذا الأقليم إلا أن ثمة قانون كان من المزمع ان يتم اصدارها يخص صنعاء، لينتزعها من داخل ذلك الإقليم وجعلها مدينة للجميع, وهو ما يعني بالضرورة إفراغ مضمون ذلك الإقليم- المزعوم- من أية مميزات وموارد. وكذلك الحال كان سيتم من عدن لانتزاعها من وسط اقليمها المزعوم هو الآخر” اقليم عدن.

وفي حضرموت كانت عيون أصحاب هذا المشروع جاحظة على نفطها، وجعها اقليما باسمها لذات الغرض الاستحواذي التآمري. وبالتالي يكون من المنطقي أن يتم رفض هذا المشروع  بل ومقاومته بكل السُـــبل. فهو فوق أنه قد استهدف الجنوب سياسيا، ونال من الشمال مذهبيا فأنه لا يضمن بقاء وحدة 90م كما يتوهم السُــذج بالشمال فهو مشروع تفتيتي بامتياز, وفي الوقت عينه فأنه لا يقضي على ثقافة ما بعد غزو الجنوب ويعيد الجنوب الى سابق عهده من الشراكة الوحدوية الحقيقة وينصفه أو حتى يمنحه الفتات السياسي والاستقلال الذاتي ولو حتى  حكم محلي متوسط الصلاحيات، كما يتطلع له البلهاء بالجنوب ، فالمشروع هو احتلال مبطن لخدمة ذات قوى 94م وبتخطيط واشراف دول اقليمية ودولية كبرى.

 

المقال خاص لـ”صحيفة المراسل”

(121)

الأقسام: آراء,الاخبار

Tags: ,,