‏لهذا نكرر الدعوة إلى الاعتماد على الإرادة الوطنية

صلاح السقلدي

ربع قرن من المعاناة ظل الجنوب ” جنوب اليمن” يتجرعها، ويقاوم شتّــى أنواع الظلم والحيف الذي لحق به ولكن بالوسائل الوطنية الشريفة دون أن ينحدر إلى هِـــوّة الاستعانة بجيوش الغير وطاقاتهم وقرارهم، ولم يقبل على نفسه أن تكون أرضه مستباحة  مع أنه كان يقبع تحت سطوة سلطة حرب 94م الجائرة بكل تفرعاتها السياسية والعسكرية والقبلية، والدينية المتطرفة القادمة  لتوها من دهاليز الادغال في افغانستان التي ظلت وما تزال تلك الأدغال تفقّس الإرهاب وتصدره برعاية أمريكية خليجية منذ أكثر من أربعة عقود، وبرغم أنه أي الجنوب كان له ما يبرر ان هو استعان بالخارج وان هو أجاز هذا المنطق الفاسد” الاستعانة بالخارج” الذي نسمعه منذ نهاية مارس 2015م، ولكن أبى أن يكون كذلك، إلى أن أتى ذلك الشهر المارسي، لنشهد معه تطورات دراماتيكية أدخلت الجميع في نفق الضياع والتشظي، برغم ما اعتبره قطاع واسع بالجنوب بأنها فرصة سانحة  اتيحت له ويجب أن يستفيد منها لطرد تلك القوى الفوضوية التي عبث بالجنوب وأجهزت على المشروع الوحدوي بشنها تلك الحرب التدميرية ” حرب 94م .

وبرغم ما تحقق للجنوب اليوم من مكاسب سياسية وعسكرية بمواجهة تلك القوى إلا أن المستقبل يبدو كئيبا،والاعتماد الكُـلّي أو حتى شبه الكلي على الغير هو نقيصة بالشعب واسترخاصاً لكرامته وقراره السيادي والوطني، واستهانة بقدراته وغيرته الوطنية، وتصوريه أمام العالم بأنه مجرد تابع وذنَــب بمؤخرة أمير النفط، خصوصا بعد أن استلمت السعودية زمام الأمور بالجنوب مؤخرا وبعد وأزاحت الإمارات منه أو بالأحرى بعد أن تركت الإمارات شريكها الرئيس: ” السعودية ” ليواجه مصيره وحيدا باليمن.. فهي أي السعودية أضعف من أن تنجح بإدارة بلد مضطرب تفترسه الفاقة وتنشب بجسده مخالب الجماعات المتطرفة التي هي بالأصل صناعة سعودية غربية بامتياز. فالمملكة التي عجزت عن حماية حدودها الجنوبية طيلة خمس أعوام مضت تحت ضربات المقاتلين اليمنيين واستعانت بجماعات يمنية جنوبية وشمالية لحمايتها لن تقوى على حماية وتأمين محافظات مترامية الأطراف من المهرة شرقا حتى باب المندب غربا. كما أنها تفتقر لتجربة الإدارة والتحكم وتمتلك جيشا رخوا رعديدا, هذا فضلاً عن أن لها أطماع  حقيقية بالجنوب، وهو الأمر الذي بات يدركه كل الجنوبيون بمن فيهم الموالون لهذه المملكة، وتعمل على قدم وساق لتحقيق هذه الأطماع، والبداية كانت من محافظة المهرة.

كل هذه العوامل تبرر التوجس من الدور السعودي بالجنوب، وهو التوجس الذي يتفاقم يوما إثر يوم بنفس السواد الأعظم من الجنوبيين نخبا وأفراداً، بالتوازي مع إصرارها على تسمين السلطة الموالية لها والمسماة بالشرعية التي هي بالأساس حزب الإصلاح” الذراع الإخوان باليمن”, وتمكينها بكل أسباب القوة والتضخم عسكريا وماليا وإعلاميا بل وفكريا- على الرغم بما تزعمه السعودية من أنها تصنف الحركة الإخوانية بالحركة الإرهابية. وهذا التسمين والدعم السعودي الهائل لهذا الحزب يعزز من حالة فقدان الثقة لدى الجنوبيين من حيادية الدور السعودي الذي يقدّم نفسه كوسيط بين الخصمين” الجنوبين وحكومة الفنادق ” ،فيما هو أي الدور السعودي يميل كل الميل لطرف الإخواني الذي لا يتورع بإعلان نيته بالتوقيع على ورقة بياض للسعودية في حال أن مكنته من العودة لسدة الحكم بصنعاء وأخضعت له الجنوب مرة أخرى.

وعطفا على ما تقدم نكرر تنويهنا وتحذيرنا لكل الجنوبيين على مختلف مشاربهم بألا يأمنوا للسعودية جانباً، فهي تفعل كلما بوسعها لتحقيق أطماعها  تجاه أرضهم وثرواته وجغرافيتهم، ولن تأبه أبدا بتضحياتهم معها  .. فالتجارب القريبة والبعيدة تحدثنا عن هكذا خداع وعن اطماع هائلة ليس فقط منذ ما بعد قيام الدولة بالجنوب غداة استقلال 30نوفمبر 67م بل من قبل ذلك وبعده.

(36)

الأقسام: آراء

Tags: ,,,,