“فورين بوليسي” الأمريكية: لهذه الأسباب لجأت السعودية للتواصل مع الحوثيين في اليمن وتجاهل هادي وحكومته

صحيفة المراسل | ترجمة:

يعمل الأمير خالد بن سلمان  طوال الوقت لإنقاذ المملكة العربية السعودية من الصراع الكارثي الذي استهله أخوه, في حين أبدأ بعض المسؤولين الإقليميين والأمريكيين بتفاؤل حذر.

قاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منذ أربعة أعوام ونصف تحالفاً عسكرياً ضد الحوثي في اليمن، مما دفع السعودية إلى الولوج في الحرب الأكثر كارثية في تاريخها الحديث, والآن، يتطلع إلى شقيقه الأصغر، خالد، لإخراجه منها.

في الأسبوع الماضي، سافر الأمير خالد إلى مسقط عاصمة سلطنة عمان، لعقد اجتماع مع السلطان قابوس بن سعيد لإعداد أرضية لمحادثات رفيعة المستوى مع الحوثيين، ويمثل الاجتماع تتويجا لأكثر من ثلاث سنوات من المحادثات المباشرة السرية ومعظمها سرية بين المسؤولين السعوديين والحوثيين.

تم تكليف الأمير الأصغر من قبل شقيقه بالتفاوض على إنهاء الحرب، التي بدأت قبل حوالي خمس سنوات، في وقت الذي أصبحت فيه التكاليف السياسية والعسكرية والإنسانية للنزاع غير قابلة للاستمرار أكثر فأكثر.

تصاعدت الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن في أعقاب سلسلة من الهجمات على الأراضي السعودية، بما في ذلك هجمات صاروخية بدون طيار في منتصف سبتمبر وقصف صاروخي على منشأتين نفطيتين سعوديتين، مما قلل مؤقتاً إنتاج المملكة من النفط الخام إلى النصف وفضح هشاشة المملكة الغنية بالنفط.

 

جديد في اللعبة:

تشكل المبادرة الدبلوماسية اختباراً للأمير الشاب خالد صانع السلام الذي يفتقر إلى الخبرة نسبياً والذي تم تعيينه سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة في أبريل 2017.

قال جيرالد فييرستين، السفير الأمريكي السابق في اليمن: “إنه جديد نسبياً على اللعبة الدبلوماسية وذكي ولبق بشكل معقول، ومن الواضح أنه قريب جداً من شقيقه، وأعتقد أنه سبب وجوده الحقيقي والواقع أنه يتحدث عن كلاً من والده وشقيقه”.

عندما تولى منصب نائب وزير الدفاع في وقت سابق من هذا العام، أصبحت الحرب أولويته الرئيسية.

على حد قول مسؤول كبير في إدارة ترامب: في مناقشاته مع المسؤولين الأمريكيين بشأن الحرب المثيرة للجدل، بدا خالد بن سلمان “متقبلاً” للمخاوف التي أثارها المشرعون الأمريكيون بشأن التدخل العسكري الأمريكي, ولكنه قال أن تواجد أنصار الله على الحدود يمثل “تهديد وجودي” و تعد أولوية الرياض الأولى والثانية والثالثة .”

 

ضعف السعودية:

لقد نجحت الرياض لسنوات في تحمل موجات من النقد الدولي بسبب تعاملها مع الحرب في اليمن، بما في ذلك حملاتها الجوية وقصفها العشوائي للأهداف المدنية والحصار المفروض على البلد الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. ويقول  المراقبون الدبلوماسيون, لكن السعودية لم تفعل شيء حيال الهجوم الأخير على احتياطيات النفط السعودية حيث أنها بدأت في الدفع بشكل فعال باتجاه السلام.

 السعوديون والإماراتيون اصطدموا بالحقيقة البسيطة المتمثلة في عدم وجود تقدم عسكري لتغيير الوضع الراهن لصالحهم

 

كشف الهجوم عن ضعف السعودية المتزايد جراء الحرب الجوية التي نتج عنها حتى وقت قريب خسائر بشرية محدودة على المواطنين السعوديين, لكن موقف الرياض أصبح غير مقبول على نحو متزايد بقرار شريكها العسكري الرئيسي دولة الإمارات بسحب قواتها والتوصل إلى السلام مع الحوثيين.

قام السودان – الذي قدم حوالي 40.000 جندي إلى الحملة في اليمن بسحب عدة آلاف من الجنود معظمهم من قوات الدعم السريع شبه العسكرية من اليمن, كما ان عضو آخر في التحالف المملكة المغربية قد سحبت بالفعل قواتها من اليمن في وقت سابق من هذا العام.

أظهر الحوثيون  قدرة متزايدة على النجاح في نقل الحرب إلى العاصمة السعودية وحقولها النفطية، حيث شنوا هجوماً صاروخياً على مطار سعودي في مارس 2018, وفي سبتمبر، استخدمت الطائرات بدون طيار لقطع تمديدات منشآت آرمكو النفطية في منطقة بقيق وخريص وجعلها في وضع خارج نطاق العمل، مما أثار صدمة في أسواق النفط العالمية وانخفض إنتاج المملكة من النفط إلى النصف.

أصبح واضحاً، ليس للسعوديين فقط، بل وحتى للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن أن القرار 2216 كان غير واقعي وغير قابل للتنفيذ”

منذ بداية الحرب كانت الرياض معارضة الانخراط مباشرة في محادثات مع الحوثيين مؤجلةً توالي وسطاء الأمم المتحدة لمواصلة المحادثات بين الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية والحوثيين.

لقد تراجع السعوديون إلى حد كبير عن قرار مجلس الأمن الصادر في أبريل 2015 والذي اعترف بالرئيس هادي كقائد شرعي لليمن وطالب الحوثيون بتسليم الأراضي التي استولوا عليها وتسليم أي أسلحة استولوا عليها خلال استيلائهم العسكري على صنعاء.

قال وزير الخارجية اليمني السابق القربي: “ومع ذلك، ومع مرور الوقت، أصبح واضحاً، ليس للسعوديين فقط، بل وحتى للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن أن القرار 2216 كان غير واقعي وغير قابل للتنفيذ”.

وفي الوقت نفسه، أنشأ السعوديون بشكل خفي قناة خلفية سرية للوصول مباشرة إلى الحوثيين عند الحاجة.

افتتح محمد الجابر السفير السعودي لدى اليمن مناقشات مع كبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبد السلام، على هامش محادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في الكويت في عام 2016, أسفرت هذه المحادثات عن اتفاق لوقف الأعمال العدائية وإنشاء لجنة للتخفيف من حدة التصعيد والتنسيق في مدينة الظهران الجنوبية بجنوب المملكة، حيث كان على المسؤولين الحوثيين واليمنيين مراقبة الالتزام بوقف الأعمال القتالية, لكن هذا الترتيب سرعان ما تلاشى بعد أن شنت قوات الحوثيين هجوماً صاروخياً على منشآت حيوية في يناير 2017, مما أدى إلى تجميد القناة الدبلوماسية بشكل فعلي.

وفي الوقت نفسه، استمرت الولايات المتحدة وبريطانيا في الضغط على السعوديين والحوثيين لإعادة الولوج في المحادثات مادامت الحرب مستمرة والأزمة الإنسانية تتفاقم, ووفقاً لثلاثة مصادر دبلوماسية قامت بتفصيل هذه الاتصالات, قام سفير المملكة المتحدة في اليمن، مايكل آرون، بإيصال الرسائل ذهاباً وإياباً بين السعوديين والحوثيين.

واصل خالد بن علي الحميدان، رئيس الاستخبارات العامة السعودية، تبادل رسائل عبر تطبيق “الواتس آب” مع عبد السلام المفاوض الحوثي.

وفقاً لمصدر دبلوماسي, ففي سبتمبر سافر حسين العزي، نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثي بحكم الواقع، برا إلى العاصمة العمانية مسقط والتي كانت بمثابة قاعدة دبلوماسية غير رسمية للحوثيين, وأضاف أن الحكومة البريطانية، في الوقت نفسه، ساعدت في ترتيب رحلة إلى عمان بالأردن، حيث التقى العزي بالنائب حميدان.

رفضت الحكومتان البريطانية والسعودية الطلبات بالتعليق, بعد وقت قصير من اجتماع عمان، في 20 سبتمبر، ومن جانبهم أعلن الحوثيون أنهم سيوقفون جميع الهجمات عبر الحدود ضد المملكة وتعهدوا بجعلها دائمة إذا وعد السعوديون بوقف الضربات الجوية.

لم يوافق السعوديون على وقف الضربات الجوية، لكنهم قللوا من عدد الهجمات الجوية على أهداف الحوثيين.

من جانبهم، يستمر الحوثيون في شن هجمات ضد المصالح السعودية, على سبيل المثال، استولت قوات الحوثي مؤخراً على سفينة سعودية إلى جانب سفينتين أخريتين في البحر الأحمر.

كان الحوثيون والسعوديون على اتصال دائم بمؤتمر عبر الفيديو خلال الشهرين الماضيين، وفقاً لتقرير صادر عن وكالة أسوشيتيد برس, فأن الجانبين يناقشان إمكانية إعادة فتح مطار اليمن الرئيسي في صنعاء وإنشاء مناطق عازلة بين الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن والحدود السعودية والسعي لالتزام الحوثي بنأى بنفسه عن إيران.

قالت مصادر دبلوماسية إن مسؤولين سعوديين وحوثيين كبار عقدوا محادثات مباشرة في مسقط على هامش اجتماع خالد بن سلمان مع السلطان العماني.

لقد استقبل التواصل الخارجي السعودي بالترحيب من قبل حلفاءها الذين سئموا من خوض حرب بلا نهاية ويشعرون أن الوقت قد حان لإبرام اتفاق مع الحوثيين.

قال فيليب ناصيف من منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان: “لقد وصلوا إلى هذه النقطة لأن السعوديين والإماراتيين يواجهون سلسلة من العقبات غير المتوقعة اثناء التدخل في اليمن … بما في ذلك الحقيقة البسيطة المتمثلة في عدم وجود تقدم عسكري لتغيير الوضع الراهن لصالحهم”.

قال أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أن الاتفاق يجب أن يأخذ في الاعتبار التطلعات المشروعة لجميع مكونات المجتمع اليمني, وهذا يشمل الحوثيين.

– المباحثات بين الحوثيين والسعودية تزعج المسؤولين في حكومة هادي

أزعجت مباحثات القناة الخلفية بعض المسؤولين في الحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية والذين تم استبعادهم إلى حد كبير من المحادثات, كما قاموا بتهميش وسيط الأمم المتحدة، مارتن غريفيث – على الرغم من أن غريفيث قد دعم العملية إلى حد كبير بأٌسس يمكن أن تساعد في إعطاء زخم لجهود الوساطة التي يبذلها.

أشار مصدر يمني بارز: “لقد تم استثنى الحكومة اليمنية من المشهد وفي رأيي أن هذا أمر خطير للغاية”، مضيفاً أنه من الأهمية الحفاظ على دور الأمم المتحدة كوسيط رئيسي, إذا لم تفعل كل شيء بالشراكة مع الحكومة اليمنية، فسوف ينتهي بك الأمر إلى الانزلاق أعمق فأعمق في الصراع”, كما أن أي محاولة لعرقلة عملية الأمم المتحدة … ستنتهي بنا جميعاً إلى القفز إلى الهاوية”.

(379)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,,,,,,,,,,