ترجمة| كتاب السيطرة على الإعلام : حقيقة الإعلام في النظام الديمقراطي (الحلقة الأولى)

صحيفة المراسل|كتاب:

 

الإعلام.. تلك الآلة السحرية التي يمكنها توجيه الرأي العام إلى شيء وإبعاده عن آخر، وتحويلة إلى النقيض وتعبئته ونصوير ما ليس له وجود على أنه واقع ليس منه مفر، عن سيطرة الإعلام على الجماهير وعن السيطرة على الإعلام من قبل مجموعة محدودة ومعينة. يكتب الناشط السياسي والكاتب الأمريكي “نعوم تشومسكي”  كتاب ” السيطرة على الإعلام” بكلمات قليلة ومركزة وفصول ليست بالحجم الكبير، يكشف لنا هذا الكاتب فلسفة وسياسة التحكم في أجهزة ومؤسسات الإعلام، وذلك مع نماذج وأمثلة إلى بدايات القرن العشرين وتصل إلى يومنا هذا بل تتنبأ بالغد المقبل أيضاً.. ليس هذا فحسب وإنما تشمل الولايات المتحدة والدول التي تجاورها في القارة الجنوبية.. وأيضاً الدول الأوربية المختلفة، فمع هذا الكتاب يمكننا مشاهدة التأثير العميق للإعلام، وقدرة “البروباجندا” على خلق ثقافة الرأى العام توجه حتى ضد ما يريده.

ونظرا لأهمية ما يطرحه هذا الكتاب، وما يحويه من حقائق وتحليلات وأفكار تهم الباحثين والجمهور على حد سواء، تخصص صحيفة “المراسل” مساحة على صفحاتها لإعادة نشره على حلقات، ليستفيد منه الجميع..  وفيما يلي الحلقة الأولى:

 

عن المؤلف

 

البروفيسور نعوم تشومسكى ناشط سياسي وكاتب معروف عالمياً، وهو يشغل أيضا استاذ علم اللغويات بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيث يقوم بالتدريس منذ عام 1955 ، وقد حاضر تشومسكى عن اللغويات والفلسفة والسياسة، وأحدث كتبه هو كتاب 9-11 (*) والذي حقق أعلى نسبة مبيعات له على مستوى العالم، وتشمل مؤلفاته الأخرى: القوى الآمال، ماذا يريد العم سام (**)، النظم العالمية القديمة والحديثة، الديموقراطية الرادعة، صناعة الإجماع (مع إي. إس. هيرمان)، 501 عام والغزو مستمر، الأرباح فوق الناس، الإنسانية العسكرية الجديدة آفاق جديدة لدراسة اللغة والعقل، البلدان المارقة، وجبل جديد يريم الخط، إن جهود تشومسكى من أجل تدعيم الديمقراطية يٌحتفى بها من قبل حركات العدالة الاجتماعية والسلام العالمية.

 

 

 

الانجازات الهائلة للبروباجندا

يدفعنا الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام في شؤن السياسة المعاصرة إلى طرح تساؤلات حول ماهية العالم والمجتمع الذي نرغب في العيش به، وعلى وجه الخصوص في أي صورة من الديموقراطية نريد لهذا المجتمع أن يكون ديموقراطياً.

لنبدأ أولاً بطرح مفهومين أو تعريفين مختلفين للديموقراطية.

المفهوم الأول يعتبر أن المجتمع الديموقراطي هو المجتمع الذي يملك فيه العامة (الجمهور) الوسائل اللازمة للمشاركة الفعالة في إدارة شئونهم، وأن تكون وسائل الإعلام منفتحة وحرة.

إذا بحثت عن المعنى اللغوي لكلمة الديموقراطية في القاموس، فستجد ذات التعريف، أما المفهوم الآخر للديموقراطية، فهو أن يمنع العامة من إدارة شئونهم وكذا من إدارة وسائل الإعلام التي يجب أن تظل تحت سيطرة متشددة، وقد يبدوا هذا مفهوماً مستهجناً أو شاذاً للديموقراطية، ولكن من المهم بمكان فهم أن ذلك هو المفهوم الحاكم، وفي واقع الأمر هو ليس فقط المفهوم المعمول به فعلياً لفترات طويلة ولكنه أيضاً له أساس من الناحية النظرية، ولكني سأقتصر بالحديث عن الفترة الحديثة، وسأوضح كيف تطورت فكرة الديموقراطية وكيف ولماذا نقدم مشكلة وسائل الإعلام والتضليل المعلوماتي ضمن هذا السياق؟!.

لنبدأ أولاً بالإشارة إلى أول عملية دعائية حكومية في العصر الحديث، حيث كانت أثناء إدارة الرئيس وودرو ويلسون الذي انتخب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1916، وفق برنامج انتخابي بعنوان “سلام بدون نصر”، وكان ذلك في منتصف الحرب العالمية الأولى.

في تلك الأثناء كان المواطنون مسالمين لأقصى الدرجات، ولم يروا سبباً للانخراط والتورط في حرب أوروبية بالأساس، بينما كان على إدارة ويلسون التزامات تجاه الحرب، ومن ثم كان عليها فعل شيء ما حيال هذا الأمر، فقامت الإدارة بإنشاء لجنة للدعاية الحكومية أطلق عليها (لجنة كريل) وقد نجحت هذه اللجنة خلال ستة أشهر في تحويل المواطنينين المسالمين إلى موانين تتملكهم الهستيريا والتعطش للحرب، والرغبة في تدمير كل ما هو ألماني، وخوض حرب، وإنقاذ العالم!.

المفهوم الحاكم للديموقراطية: منع العامة من إدارة شئونهم وإدارة وسائل الإعلام

كان هذا الأمر بمثابة إنجاز هائل وقد قاد بدوره لإنجاز آخر؛ ذلك أنه بعد أن وضعت الحرب أوزارها، تم توظيف ذات التكتيك لإثارة هيستيريا ضد الرعب الشيوعي، كما كان يطلق عليه، وقد نجحت إلى حد كبير في تدمير الاتحادات العمالية والقضاء على بعض المشكلات الخطيرة، مثل حرية الصحافة وحرية الفكر السياسي، وكان هناك تأييد قوى من قبل وسائل الإعلام، وكذلك من قبل مؤسسة رجال الأعمال التي نظمت بل وشجعت جل هذا العمل، وكان بصفة عامة نجاحاً عظيماً.

وكان المفكرون التقدميون بين هؤلاء الذين شاركوا بحماس في حرب ويلسون، ولاسيما أولئك المنتمين لمجموعة جون ديوى – الذين كانوا يتباهون كما يفهم من كتابتاتهم آنذاك – بكونهم هم الذين سلطوا الضوء على أولئك الأفراد في المجتمع الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء، وتحديداً هم أنفسهم؛ لكونهم قادرين على دفع المواطنين المترديين دفعاً إلى الحرب، وذلك بإخافتهم وإثارة مشاعر قومية متطرفة، والوسائل التي استخدمت كانت غير محدودة، فعلى سبيل المثال كان هناك قدر كبير جيد من الفبركة والتزييف للمذابح التي ارتكبها الألمان، مثل موضوع الأطفال البلجيكيين ذوي الأذرع الممزقة، وكل تلك الفظاعات التي ما زلنا نقرؤها في كتب التاريخ. معظم هذه القصص هي من اختراع وزارة الداعية البريطانية، والتي كانت مهمتها آنذاك – كما وصفوها في تقاريرهم السرية “توجيه فكر معظم العالم”، ولكن الأمر الأكثر أهمية هو رغبتهم في السيطرة على فكر الأفراد الأكثر ذكاءً في الولايات المتحدة، والذين سيقومون بدورهم بنشر الدعاية التي خططوا لها، وتحويل البلد المسالم إلى بلد تحكمه هيستيريا الحرب، وقد حدث ونجحوا بالفعل، وكان هناك درس ما في ذلك المثال ألا وهو أن الدعاية التي تتم بإشراف الدولة حينما تدعمها الطبقات المتعلمة وحين لا يسمح بأي انحراف عن الهدف، بإمكانها أن تحدث أثراً كبيراً. ذلك كان درساً تعلمه هيتلر وكثيرون غيره، ويتم اتباعه حتى اليوم.

 

ديموقراطية المشاهد

وقد انبهر بهذه النجاحات جماعات أخرى مثل المنظرين الديموقراطيين الليبراليين، وشخصيات إعلامية مرموقة مثل والترليبمان عميد الصحفيين الأمريكيين آنذاك، وأحد أهم محللي السياسة الخارجية والمحلية وكذا أحد أهم المنظرين الليبراليين الديموقراطيين. وتحمل العديد من مقالاته عناوين على شاكلة “نظرية تقدمية للفكر الليبرالي الديمقراطي” كما وأن ليبمان كان منخرطاً في لجان الدعاية واعترف بانجازاتها. وذكر بأن ما اسماه بالثورة في فن الديموقراطية يمكن تطويعه لخدمة ما وصفه بتصنيع الإجماع، بمعنى جعل الرأي العام يوافق على أمور لا يرغبها بالأساس عن طريق استخدام وسائل دعائية.

كما وأن ليبرمان رأى بأن هذه فكرة جيدة بل وضرورية. وكانت كذلك لأن – من وجهة نظره –  المصالح العامة كفيلة تماماً بخداع الرأي العام، ويمكن فهمها وإدارتها فقط بواسطة “طبقة متخصصة” من “الرجال المسئولين” الذين يتمتعون بدرجة من الذكاء تتيح لهم فهم وإدراك الأمور. هذه النظرية تؤكد أن نخبة صغيرة – مجتمع المفكرين الذي أشار إليه أصحاب ديوى من قبل – فقط بإمكانها فهم وإدراك ماهية المصالح العامة، ومن ثم تقرير الأمور التي من شأنها أن تغنينا جميعا، وأن يروا بأن هذه الأمور من شأنها أن تضلل الرأي العام. وجهة النظر تلك ليست بجديدة، فهي تعود لمئات السنين، وهي كذلك وجهة نظل لينيتية بحتة. وفي حقيقة الأمر هي مطابقة لمدأ توظيف ثورات شعبية كإحدى الوسائل التي من شأنها أن تدفع بهم إلى سدة الحكم، قم دفع الجماهير الغبية الدهماء باتجاه مستقبل غير قادرين أو مؤهلين لفهمه، أو ضع تصور له؛ لشدة غبائهم وعدم أهليتهم لفعل ذلك.

الدعاية التي تتم بإشراف الدولة وتدعمها الطبقات المتعلمة ولا تنحرف عن الهدف حدث أثراً كبيراً وهو ما يتم اتباعه اليوم

ويبدو هناك تقارب ما بين النظرية الماركسية الينينية وبين الديموقراطية الليبرالية فيما يتعلق بالافتراضات الأيديولوجية التي تتبناها كلتا النظريتين. لذا برأيي أن هذا هو أحد الأسباب التي دفعت بالناس للتحول بسهولة من موقف لآخر بدون الشعور بأن تغييراً ما قد حدث. فهو آمر يتعلق بتقييم أين توجد القوة. ربما تقع ثورة شعبية قد تدفع بنا لسدة الحكم أو ربما لن تقع، وإذا صح الأفتراض الأخير فستعمل مع أولئك الذين لديهم القوة الحقيقة، بمعنى آخر مجتمع رجال الأعمال ومن شأننا أن نفعل ذات الشيء، أي أن تقود الجماهير الغبية بإتجاه عالم هم غير قادرين على فهمه لشدة غبائهم وعدم أهليتهم. وقد دعم ليبمان هذا الاتجاه بتقديم نظرية مفصلة عن الديموقراطية التقدمية، حيث يفترض بأنه في ماخ ديموقراطي سليم، يصنف المواطنين إلى طبقات. فهناك أولاً طبقة من المواطينن لابد وأن تقوم بدور فعال في إدارة الشئون العامة، هذه هي الطبقة المتخصصة وهم الذين يحللون وينفذون ويصنعون القرارات ويديرون الأمور في النظم السياسية والاقتصادية والإيديولوجية، وهي نسبة ضئيلة من السكان، وبطبيعة الحال فإن الشخص الذي من شأنه أن يضع تلك الأفكار لابد وأن يكون عضوا في تلك المجموعة الصغيرة وهم يتناقشون عما يمكن فعله مع “تلك البقية الأخرى” “أولئك الآخرين” وهؤلاء الآخرون هم من ليسوا في زمرة المجموعة الصغيرة، وهم الغالية العظمى من السكان والذين يصفهم ليبرمان بأنهم “القطيع الحائر أو الضال” ويقول بأننا يجب أن نحمي أنفسنا من وقع أقدام وزئير هذا القطيع. إذن هناك “وظيفتان” في النظم الديموقراطية: الوظيفة الأولى منوط بها الطبقة المتخصصة، الرجال المسئولون يقومون بالتفكير وفهم التخطيط للمصالح العامة، ثم هناك أيضا القطيع الضال! بيد أنه وفق ذلك التحليل، فإن هذه القطيع أيضاً يتمتع بوظيفة ما في النظام الديموقراطي، تلك الوظيفة – حسب تصور ليبمان – تتمثل في كونهم مشاهدين وليسوا مشاركين في الفعل. هناك وظيفة أخرى بالإضافة لتلك المشاهدة من قبل القطيع؛ نظراً لأنه نظام ديموقراطي في التحليل النهائي، فمن وقت لآخر يسمح لهذا القطيع بتأييد أحد أفراد الطبقة المتخصصة، بمعنى آخر يسمح لهم بالقول “نحن نريدك قائداً لنا” ذلك لأنها ديموقراطية وليست نظاماً شمولياً، وهذا ما يطلق عليه “الانتخابات”، ولكن بعد أن يلقوا بثقلهم خلف عضو أو آخر، من الطبقة المتخصصة، ومن المفترض أن يعودوا أدراجهم على افور ويصبحوا مشاهدين لا مشاركين للأفعال. هذا ما يجب أن يحدث في نظام ديموقراطي سليم!.

ويبدوا أن هناك منطقاً ما يحكم الأمور، بل قد يكون هناك مبدأ أخلاقي قوي في النظرية التي ترى أن عامة الجمهور على درجة من الغباء لا تمكنهم من فهم الأشياء، وإذا ما حاولوا المشاركة في إدارة أمورهم فهم يتسببون في خلق مشاكل، ولذا قد يبدوا الأمر لا أخلاقياً إذا ما سمحنا لهم بفعل ذلك – فحسب منطقهم – لابد وأن نروض هذا القطيع الحائر وألا نسمح له بالغضب وتحطيم كل شيء، وهو يكاد يكون ذات المنطق الذي يقول بأنه ليس من البديهي ترك الطفل ذي الثلاثة أعوام  يعبر الشارع بمفرده، فأنت لا يجب أن تعطيه هذا النوع من الحرية؛ لأن الطفل ذا الثلاثة أعوام لن يعرف كيف يتعامل مع التلك الحرية، وبذات المنطق يمكن القول بأنه لا يجب السماح للقطيع الحائر بأن يكونوا مشاركين في الفعل، فهم سيتسببون في إثارة المشاكل، وبالتالي نحن بحاجة لترويض هذا القطيع وهذا الترويض سيكون من خلال تلك الثورة الجديدة في فن الديموقراطية أو تصنيع الإجماع والقبول.

الدعاية في النظام الديموقراطي بمثابة “الهراوات” في الدولة الشمولية

يجب إذن تقسيم وسائل الإعلام والمدرسة ووسائل الثقافة الشعبية، حيث من المفترض أن تمد الطبقة السياسية وصانعي القرارات بإحساس ما بالواقع، كما يجب أيضا تلقينهم الاعتقادات الصحيحة، وعلينا أن نتذكر أن هناك افتراضاً غير معلن هنا، هذا الافتراض – لابد للرجال المسئولين أن يخفوا هذا الامر حتى عن أنفسهم – يتعلق بالسؤال الأساسي ألا وهو كيف يصل هؤلاء إلى المواقع التي تجعلهم يمتلكون السلطة لصنع القرارات؟ الطريق الذي يسلكونه بالطبع يكون من خلال خدمة أولئك الأفراد الذين يملكون القوة الحقيقة، وهم أولئك الذين يملكون خدماتها لصالح أولئك الذين يملكون القوة الحقيقية، يكونون بالتالي جزءاً من المجموعة التنفيذية، ومن المهم أن يتم هذا الأمر بهدوء؛ مما يعني أنه لابد وأن يلقنوا أنفسهم المعتقدات التي من شأنها أن تخدم مصالح القوة الخاصة، وإلى أن يجيدوا تلك المهارة لن يكونوا جزءاً من الطبقة المتخصصة، وبالتالي نجد لدينا نوعاً من النظم التعليمية موجه للرجال المسئولين أو الطبقة المتخصصة الذين يجب تلقينهم قيم ومصالح الطبقة الخاصة والطبقة الكوربراتية (مؤسسات الأعمال) الحاكمة التي تمثلها، فإذا ما تمكنوا من تحقيق ذلك، يمكنهم إذن أن يكونوا جزءاً من الطبقة المتخصصة. أما بقية القطيع الحائر فيجب العمل على تشتيتهم وتحويل انتباههم لأمور أخرى وجعلهم خارج نطاق دائرة المشاكل، والتأكد من أنهم سيحتفظون بمكانهم في مقاعد المشاهدين للفعل، ومن وقت لآخر يلقون بثقلهم خلف أحد القادة الحقيقيين والذين يمكن المفاضلة فيما بينهم.

هناك “وظيفتان” في النظم الديموقراطية: الأولى منوط بها الطبقة المتخصصة التي تفكر وتخطط للمصالح العامة والثانية تخص القطيع الضال

وقد تم تطوير وجهة النظر تلك في العديد من الكتابات، وهي في حقيقة الأمر وجهة نظر تقليدية، فعلى سبيل المثال يرى وينهولد نايبهور – علام اللاهوت ومحلل السياسة الخارجية والذي يوصف بكونه لاهوتي المؤسسة الحاكمة وهو عميد المفكرين من عهد جورج كينان إلى كنيدي – بأن المنطق هو مهارة ضيقة النطاق يتمتع بها عدد قليل من الناس؛ ذلك أن غالية الناس منساقون وراء عواطفهم، وهؤلاء – منا – من يملكون المنطق لابد وأن يصنعوا أوهاماً ضرورية وتبسيطات عاطفية لإبقاء الأغبياء السذج على ما هم فيه. وقد أصبحت تلك النظرية جزءاً أساسياً من العلوم السياسية المعاصرة، ففي العشرينات وأوائل الثلاثينيات أوضح هارولد لازويل مؤسس علم الاتصالات وأحد منظري العلوم السياسية المرموقين، أنه لا يجب أن نستسلم للدوجمات الديموقراطية التي تقول بأن الرجال هم القادرون على الحكم على مصالحهم، فهم ليسوا كذلك! نحن أكثر الناس قدرة على تحديد والحكم على المصالح العامة، وبالتالي انطلاقاً من تلك القاعدة الأخلاقية البسيطة لابد وأن نتأكد من أنه لن تتاح لهم الفرصة للتصرف بناء على سوء أحكامهم. فيما يسمى اليوم بالدولة الشمولية أو الدولة العسكرية هو أمر ليس بالمستحيل، فقط عليك أن تمسك بهراوات فوق رؤوسهم، ولكن في مجتمع أكثر ديموقراطية وحرية، فقد ت هذه الوسيلة، فعليك إذن اللجوء إلى أساليب الدعاية والمنطق، فالدعاية في النظام الديموقراطي هي بمثابة الهراوات في الدولة الشمولية، وهذا أمر يتسم بالحكمة، ومرة أخرى: لا تنسى أن المصالح العامة تضلل القطيع الحائر الذي ليس بإمكانه فهم تلك المصالح.

(198)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,صحافة وترجمات,عاجل

Tags: ,,