صحيفة “تشينا ديلي” الصينية”: حلم “الانتقالي” بتشكيل دولة جنوبية بعيد المنال

المراسل:  ترجمة خاصة

في 26 أبريل من الشهر الجاري أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الحكم الذاتي في جنوب اليمن, ولكن بعد الإعلان هذا مباشرة تقريباً,  تم الطعن في هذا الإعلان من قبل حكومة  هادي وكذلك من قبل المسؤولين في خمس محافظات جنوبية في البلد.

بغض النظر عن إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، ستجد أنه من الصعب تحقيق الحكم الذاتي في الجنوب, بسبب العمل المناهض لها والمنافس التي يواجهه من مجموعات أخرى في الجنوب.

أظهرت الأصوات المعارضة لإعلان الحكم الذاتي طبيعة التحدي الذي يواجه المجلس الانتقالي الجنوبي.

وعلى وجه الخصوص، سيحتاج إلى التغلب على مجموعة كبيرة من العقبات السياسية والاقتصادية الشائكة، إذا أرادت تشكيل دولة جديدة في اليمن الجنوبي، أقلها التحدي الحالي والمستمر للحرب.

من الناحية السياسية، سيتعين على المجلس الانتقالي الجنوبي التغلب على مستوى عالي من التشظي الموجود في اليمن حالياً.

كما يدل رد فعل هؤلاء المسؤولين الجنوبيين على إعلان الانفصال إن المجلس لا يتحدث باسم الجنوب كله.

في الحقيقة، إن المجلس الانتقالي هو جماعة واحدة فقط من بين العديد من الجماعات التي تشكل الحركة الجنوبية والمعروفة باسم “الحراك”, فمن حيث الأيديولوجية، فإن الحركة الجنوبية واسعة, فهو يضم انفصاليين مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، ويشمل أيضاً آخرين أقل تطلعاً لدولة جديدة مقرها في جنوب اليمن.

وبدلاً من ذلك، ترغب هذه الجماعات في رؤية قدر أكبر من الحكم الذاتي وتقاسم السلطة داخل هيكل الدولة اليمنية الحالية – مثلما يريد الحوثيون الشيء نفسه في الجزء الشمالي من البلد.

وبالمقارنة مع الآخرين، يمكن القول أن المجلس الانتقالي الجنوبي هو أكثر الجماعات المشهورة في الجنوب, وقد تم دعم وضعه جزئياً من خلال تلقي دعم أجنبي مبكر من دولة الإمارات بعد فترة وجيزة من تشكيلها في عام 2017 والترويج الذاتي النشط في الخارج، بما في ذلك إنشاء مكاتب في عواصم بعض البلدان.

على الرغم من تلك الجهود، لم يجد المجلس الانتقالي الكثير من الدعم الدولي.

دعت الإمارات والسعودية المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي للعمل معاً لتنفيذ اتفاقية الرياض، التي تم الاتفاق عليها من اجل حل الخلافات بين الحليفين الاسميين وبعد استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على عدن.

دعا الاتفاق كلا من المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي إلى سحب قواتهما، والسماح بمعاينة أسلحتهما، والإفراج عن سجناء بعضهما البعض، وإنشاء حكومة ذات تمثيل متساوٍ, لكن حكومة هادي تحركت ببطء شديد، محبطةً بذلك المجلس الانتقالي الجنوبي الذي انسحب من لجان التنفيذ في بداية يناير.

وعلى الرغم من أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسيطر على عدن، إلا أن تأثيره على بقية محافظات الجنوب ضعيف, ولتحقيق الحكم الذاتي، سوف تحتاج إلى الانخراط مع الجماعات التي توفر الأمن والحكم المحليين في جميع أنحاء البلد، بما في ذلك في الجنوب؛ حسب ما تسمية الباحثة في الشأن اليمني  إليونورا أرديماني “الميليشيات.”

كما سيجد المجلس الانتقالي الجنوبي صعوبة في إثبات قدرته على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين في الجنوب, حيث اتهمته حكومة هادي بالفشل في الإدارة العامة والفساد، مع ضعف الخدمات العامة ومحدودية الوصول إلى المرافق الحيوية، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي, فقد أصبحت نصف المرافق الصحية فقط تعمل في البلد.

لكن الموارد المالية العامة والاقتصاد اليمني كانا في تراجع طويل على مدى العقد الماضي وخاصة نتيجة للحرب, فاليمن يعتمد بشكل شبه كامل على الواردات الغذائية التي جعلت اليمن يشهد تضاؤل في مخزون المواد الغذائية والاحتياطيات الأجنبية في السنوات الأخيرة.

تقدر الأمم المتحدة حاليا أن ما يقرب من 16 مليون من سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة يعانون من الجوع وأن نصف العائلات حاليا توفر الغذاء عن طريق المساعدات.

قد يضع المجلس الانتقالي الجنوبي آمالاً أن توفر السيطرة على ميناء عدن بعض السيولة من الجمارك والإيرادات الأخرى المرتبطة بالميناء لتغيير هذا الوضع, لكن المبالغ لن تكون كافية تقريباً للوصول إلى ادني مستوى من إحداث التأثير، حيث ستحتاج للسيطرة على معظم حقول النفط اليمنية في محافظة حضرموت وزيادة الإنتاج بشكل كبير.

على مدى العقد الماضي، انخفض إنتاج اليمن من النفط من حوالي 300 ألف إلى حوالي 50 ألف برميل في اليوم.

في الوقت نفسه، قد لا تساعد زيادة الإنتاج بالضرورة على تعزيز الإيرادات: انهيار الطلب العالمي وانخفاض أسعار النفط في أعقاب أزمة جائحة كورونا يعني أن اليمن لن يحقق أرباحاً كما كان من قبل.

بالإضافة إلى هذه المشاكل، فإن أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يسيطر بعد على محافظة حضرموت, حيث كان محافظها أحد الخمسة الذين رفضوا إعلان الحكم الذاتي الصادر عن المجلس الانتقالي الجنوبي.

باختصار، بينما يستغل المجلس الانتقالي الجنوبي العديد من المظالم والإحباطات التي حدثت قديماً في جنوب اليمن، فإن العقبات السياسية والاقتصادية المختلفة التي يواجهها تشير إلى أن أحلامه في تشكيل دولة جديدة في اليمن الجنوبي للمرة الأولى منذ عام 1990 تبدو بعيدة المنال بعض الشيء.

(23)

الأقسام: صحافة وترجمات