“المراسل” تعيد نشر كتاب “رحلة خلف القضبان” للمعتقل المحرر  “أمير الدين جحاف”: المزيد من التعذيب والقمع الوحشي (الحلقة 13)

المراسل | كتاب

في العام 2016، انطلق الطالب “أمير الدين جحاف” من صنعاء قاصدا الوصول إلى جمهورية مصر العربية لإكمال دراسة الطب، لكن الرحلة لم تكتمل، فعلى حدود مدينة مأرب قامت قوات حكومة هادي باعتقاله تعسفا، وزجت به في المعتقلات لأكثر من عامين، بدون أي وجه حق، ولم يكن الوحيد الذي تعرض لهذه الجريمة، كما لم يكن الاعتقال التعسفي هو الجريمة الوحيدة التي تعرضوا لها.

عقب خروجه في صفقة تبادل، كتب جحاف كتاب “رحلة خلف القضبان” موثقا فيه شهادته عن ما رآه وعايشه وعانى منه داخل سجون “مأرب” طيلة تلك الفترة، وما رواه في هذا الكتاب لم يكن بما حواه من فضائح و فضائع مجرد انطباعات أو حتى سردا لتجربة شخصية منفصلة، بل مثل وثيقة تاريخية تدين سلطة كاملة كان نظام حكمها “الوحشية” ودستورها “السادية” واستمدت “شرعيتها” من كل ما يمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان.

ونظرا لأهميته كشهادة هي الأوفى تفاصيلًا عن ذلك المسرح الدموي الذي لم تستطع أضواء الإعلام حتى الآن أن تبدد العتمة التي تغلفه، تعيد صحيفة “المراسل” نشر هذا الكتاب ضمن صفحاتها على عدة حلقات.. وفيما يلي الحلقة الثالثة عشرة:

 

قيود بسبب النظافة

كان العيد لدينا في سجن الأمن السياسي، عندما يأتي دور غرفتنا في الاستحمام وغسل ملابسنا، فكان شيء لا يوصف مع بساطته وكأنك أنجزت شيئاً كبيراً، بالرغم أننا كنا نعاني من شحة المياه و قطعها أحياناً ليوم أو يومين من دون شربة ماء – عدة دول في (التحالف) لا تقدر على توفير ماء وغذاء للسجناء- عندما كنا نغسل ملابسنا كان يسمح لنا بتعليقها في نافذة زنزانتنا للخارج كي تتعرض للشمس، وفي يوم كان الدور على فرض أبو طالب أن يعلق الملابس فصعد على كتف عرفات شعيب وعلق الملابس، فسقطت قطعة من الجص المكسور بالنافذة  قطعة حجمها ثلاث أصابع يد إلى الأسفل من الخارج، وفي الليل عند استعدادنا للنوم قاموا باستدعائنا جميعاً من بالغرفة، وقاموا بتجهيز سلاسل حديدية قيود، وبدأنا نشاهد حالة طوارئ رفع لهم أبو عياش تقريراً بأن غرفتنا حاولت الهروب من النافذة. وطلب المسؤول عنه (أبو محمد) و باقي الجنود، ومصدقين أنفسهم بأنهم أفشلوا محاولة هروب من السجن، قاموا بإخراجنا إلى الساحة في السجن وأمرونا بالزحف على الأحجار والرملة والشوك وضربنا بالعصي، ونحن نزحف تقريبا 40 مترا وأكثر ونعود بالدحرجة والصعق بالكهرباء، ثم أمرونا بالصعود والنزول وقاموا بتقييد السلاسل لفرض أبو طالب وعرفات شعيب لثلاثة أيام.

بعد فترة قاموا بإخراجنا للتشميس في الساحة الخارجية وخلال فترة سجني(سنتين وشهرين) خرجنا 4 مرات فقط للتشمس بالصباح لخمس دقائق.

بعد مرور سنة وتسعة أشهر، جاء عيد الفطر سمحوا لنا بالاتصال مرة أخرى وكنت قد ندمت كثيراً لأني لم أستطع التحدث مع والدتي في الاتصال السابق، اتصلت بوالدي وكان تلفونه مغلق، بعدها أتصلت بوالدتي وكان تلفونها مفتوحا وبدأ يرن كان التلفون بيد أخي، أجابني و بدأت بالحديث معه ثم مع والدتي بدأت بدون قصد بالحديث معها باللغة الروسية بعد أن بدأت تحدثني هي، كانت والدتي تبكي، لسماع صوتي لأول مرة ولكني تلقيت ضربة على بطني.

وقال أحدهم: تكلم عربي وإلا سننهي المكالمة.

لم أعرف من لكمني تلك اللحظة! حيث كنت مغطى على عينيّ، بدأت بالحديث مع والدي كان يبدو على والدي من خلال كلامه أنه تعب كثيراً من أجلي.

سألته هل التقيت بالمحطوري الذي خرج برمضان؟ وفهد أبو عادل أحد الأصدقاء المقربين لي؟ بعد أن غادر في رمضان ايضاً، أخبرني إنه التقى بهما، كان يوصيني والدي بالارتباط بالله والتمسك به، سألتهم عن جدي، أخبروني أنه بخير، لم أكن أعلم أنه توفي بعد سجني بأسابيع. وأنهيت المكالمة.

 

مرض يصيب السجناء ويعاقب الطبيب

جاءت فترة وأصيب من في السجن بالمرض، حمى شديدة حتى بدأ بعض السجناء يفقد وعيه من الحمى، منهم رمزي الجنيد، قام أحد فاعلي الخير من السجناء ممن لديه نقود بالتبرع لشراء علاج للمرضى وطلب مني أن اذهب للزنزانة المجاورة لضرب الحقنة لبعض المرضى هناك، منهم رمزي الجنيد وفور سماع صوتي بالزنزانة الأخرى من قبل أبوعياش، وهو يتجول حول الغرف من الخارج قام بمناداتي: لماذا خرجت من غرفتك؟ وبدأ بالشتم

أخبرته: خرجت لأجل عمل إنساني وفي يدي الحقنة.

قال: ضع الحقنة وأخرج

خرجت للساحة وبدأ بضربي بالعصى والتهديد بالصاعق الكهربائي والدحرجة وأمرني بأن لا أتدخل لإنقاذ أحد بعد اليوم، حيث كان من يصاب بالمرض أحاول أن أقدم له شيئا من خلال خبرتي.

بعد فترة جاء أبو ثريا يناديني بالعصر خرجت مباشرة، ربط على عيني وأخرجني إلى سيارة، نقلني بها إلى مكان حيث كان هناك أبو عياش أخذ بيدي وأدخلني غرفة وإذا بأحدهم يدخل يدعى حسين الدبا (ضابط في النجدة بمارب) من أبناء خولان قال لي إنه كان بالقاهرة، ويعرف زميلي صالح الغيلي وجلال صيفان وهو مرسل من صالح الغيلي زميلي في القاهرة بالكلية أخبرني إنه يبلغني السلام الكثير، وأنه لم يكف عن مساعدتي، ولكن والدي لا يستجيب له من بصنعاء لإخراجي وأنهم لم يطلبوا بديلاً عني سوى مدرس وشاعر، ولكن لم يخرجوهم من أجلي.

قال: عليك أن تتصل بوالدك كي يسرع في الأمر.

أجبته: الزيارة السابقة قال لي عزيز الحمدي تريدون بديل واحد وكان لقبه الردوة لماذا الآن أصبحوا إثنين، عرفت بعدها من أين التعنت والتصعيب.

ثم قال لي: نحن نتأسف لسجنك هنا كونك طالب ورجل مدني نعتذر منك – كم هو سهل الاعتذار- أعطاني بعض الأغراض من زميلي من فنيلات داخلية وفواكه وثلاثة كتب منها قاموس طبي، وبعدها لم تصلني زيارة نهائياً إلى أن خرجت من السجن. كان السجناء فرحين بالكتب وكنا نوزعها على الزنازين للقراءة بالدور لانعدامها.

 

تغيرات بالسجن

مرت أيامنا بالسجن كسائر الأيام السابقة، وكان أبو عياش وأبو ثريا قد عينا علينا شاوشا من السجناء اسمه (ع. خ)، كان هذا الشخص من المقربين لديهم  حيث يرفع التقارير والأخبار عن كل شخص مقابل شيء رخيص يحصل على عدد زائد من (الكدم) و يحصل على سيجارة واحدة مرة بالأسبوع، ويقوم ببيع كل شيء عن زملائه مقابل هذه الميزات، بعد فترة بدأ أبوعياش وأبو ثريا بتوفير مادة التمباك (الشمة الماربية) وإعطائها لـ (ع.خ)، و سمح لـ  (ع.ب)  و لـ  (س.د) بشرائها أيضاً، كونهم  يحصلون على زيارات متعددة من أهاليهم بمارب، فكان  هؤلاء الثلاثة يصنعون مصيدة لبعض النزلاء الجدد، ممن كانوا مدمنين على القات والشمة قبل السجن، وذلك بإعطائهم كمية بسيطة مجاناً حتى يتعودوا عليها، ثم بعد فترة يقوم ببيع الكيس التمباك الذي يشتريه ب50 ريال، بألف ريال يمني، واستمر (ع. خ) بالاستفادة مع أصدقائه في هذا الشيء، حتى نشبت خلافات بينهم  وأتضح أنهم كانوا يسرقون النقود على بعض الأشخاص  في السجن ويقومون بإخفاء بعض الرسائل من الأهالي كالطعام لأبنائهم، وكان المسؤولون عن السجن متواطئين معهم، حتى كثرت الشكاوى والمشاكل بالسجن، وعند مغادرة بعض الأشخاص للسجن، كانوا يشكون لأبو محمد( مسؤول عن الأمنيات) بسجن الأمن السياسي عن هذا الشيء، فكان يسألهم: من ترشحون نضع مكان (ع. خ)

فكانوا يخبرونه: أمير الدين

ومن بينهم أناس مثل عبد الله ريشان وأحمد الدغبشي، كانوا يزكونني لتولي الأمر لنحقق نوعاً من الاستقرار والعدالة في توزيع المأكل والمشرب بعد أن تحول السجن إلى عصابات لا يستفيد من الماء إلا جماعات معينة.

وبعد عيد الأضحى أتى أبو محمد وجنوده، في الصباح الباكر وطلب مني الخروج وكنت حينها نائماً، تفاجأت ظننت أن هناك شيئاً جديداً، أستجد في التحقيق، أخرجني وقام بالحديث معي إنه يريد أن أستلم زمام الأمور في توزيع الأكل والماء، بعد أن تحول السجن إلى هذا الحال، استلمت زمام الأمور عند رغبة زملائي  وحاولت بقدر المستطاع أن أفيد السجناء، كانت  أوعية الماء ( 20الترا)  التي نستخدمها لتعبئة الماء من حنفية الحمام، بداخلها طحالب ولا تنفع للشرب، قمنا بجمع نقود وشراء أوعية جديدة، وتم وقف دخول التمباك. بعد أيام بدأ يأتي إليّ أبو محمد ويخبرني بأنه يريد أخبار عن السجناء أخبرته أنني لن أقدر على هذا الشيء فلا أجيد تتبع الناس، وبعد شهر بدأ ينزعج مني لعدم رفع أي شيء له، كان دائماً يأتي ويقول: أنت متعاون مع السجناء كثيراً وتحاول أن تريحهم أكثر أثناء غياب الجنود وهذا لا يعجبني.

تساءلت مع نفسي ومع من يريدني أن أتعاون مع من سجنوني وعذبوني وحرموني من تعليمي !!

 

المطالبة بالحقوق قد تسلب حياتك

كان أحد المنتمين للإصلاح طه إسكندر ومعه بعض السجناء بالسجن ضجوا من التعامل السيئ ومن عدم توفير الاتصالات وأبسط الحقوق للسجناء، وكان يقول لسنا مسجونون عند الإصلاح نحن في سجن تابع لجهة أخرى. بدأت الصورة تتضح لديه أكثر فأكثر، عرف أن مسؤولي السجن من حزب الإصلاح، وكانوا قد أخرجوه برمضان وأعادوه من بوابة السجن كحرب نفسية، كان سبب سجنه أن طه لم يعد يدين بالولاء لبعض القيادات بالشكل المطلوب، وبعد فترة قرر هو ومجموعة بأن يقوموا بإضراب عن الطعام للمطالبة بالتحقيق في قضاياهم وتوفير أبسط الحقوق كسجناء.

بعد أن قرر الإضراب وسانده أغلب السجناء ورفضوا الطعام جاء أبو ثريا وامرهم بأخذ الطعام فقد جن جنونه، بسبب الإضراب وكان قد تزامن الإضراب مع عدم توفر الماء ليومين، نادى أبو ثريا لأبي محمد، وحضر أبو محمد.

فتخاطب معه طه إسكندر وغيره.

قالوا: لن ندخل زنازيننا حتى يأتي المسؤول أبو أسامة للسجن ليخبرنا لماذا نحن في السجن؟ ونريد أبسط الحقوق من اتصال ومأكل ومشرب وزيارات.

أجابه أبو محمد : بأن عليه أن يخرج للساحة ليتم معاقبته، دخل أبو محمد باتجاهه، ولكنه رفض الخروج مع أصدقائه.

بعدها قام بالتواصل مع فريق مكافحه الشغب، وأتوا في نفس اليوم.

كان ذلك التاريخ لا ينسى من ذاكرة أحد للآن 29 سبتمبر 2018م  من شاهد ذلك اليوم لن يصدق أنهم يمتون للإنسانية بشيء بسيط، (بسبب حقوق يطالبها سجناء بسطاء، يطالب بتحسين مأكل ومعرفة سبب سجنه وتوفير الاتصال والسماح بالزيارة)، فجأة أتى جنود وكانوا يرتدون زي منشآت وملثمون كالعادة وبعضهم واضع أقنعة، بدوا من الباب حين فتحه وقاموا بالجري باتجاه الأسرى برفقة جنود حماية السجن كان عددهم كبير جداً، كانوا يحملون عصياً غليظة وسلاسل حديدية وبعضهم قفازات حديدية للكم، كان السجناء يهربون منهم، البعض دخل الحمام والبعض الغرف والبعض تجمعوا بزاوية الصالة، اتجهوا نحوهم وانهالوا عليهم بالضرب المبرح دون تميز، البعض ضرب في عينه والبعض في رأسه وبدأت الدماء تتطاير على جدران السجن في مشهد مرعب، ثم دخلوا الغرف واخرجوا طه إسكندر ومن كان معه من المتضامنين  أخرجوهم للساحة حيث هناك كان أخرون بانتظارهم وكان الضرب بطريقة وحشية للكبير والصغير لقوي البنية وضعيفها، قاموا بضرب محمد الريمي سجين جديد، ثمانية أشخاص انهالوا عليه وبأسلوب استهزاء يغردون ويقولون :(صلي عليه صلي) وهم يضربونه ويدوسونه بالبيادات ضرب على عينه بكابل حتى ورمت عينه ولم يستطع فتحها لفترة، لم يسلم أحد منهم في ذلك اليوم سوى القليل، بعدد أصابع اليد الواحدة، وبعد فترة إذ بطه إسكندر يزحف من جهة باب الخروج وملابسه ممزقة ووجهه مملوء بالدماء يزحف، لم أستطيع تمييزه من وجهه فقد كان مغسولاً بالدماء وهو يزحف ويقوم الجنود بركله في وجهه  بأسلوب استحقاري وهمجي، وبعده زملاؤه يزحفون لا يقدرون على الوقوف يزحفون للداخل وهم ينهالون على رؤوسهم بالضرب بالعصي ووجوههم مملوءة بالدماء مثل طه، كمية الدماء التي رأيتها ذلك اليوم رهيبة، تلقيت بعض الضربات بالعصى حيث  كنت متخفيا من قبل العصابة الإجرامية التي دخلت، ساعات وخرجوا.

بدأت اتفقد المساجين وهم في حالة يرثى لها من النزيف وآثار الضرب، كانت جلود البعض سوداء حارقة من الضرب والبعض لا يقدر على التنفس للركلات بالبيادات التي تلقوها في صدورهم، كان أكثر من تلقى الضرب طه ومن أخرج معه للخارج، فُتح جرح كبير في راس طه ولم يتوقف النزيف منه إلا بصعوبة كان يغمى عليه كل دقيقة، بعض من تلقى الضرب ذلك اليوم في الكلى كانوا يبولون دماً. ظننت أن الحقراء لن يعودوا مرة أخرى.

ولكن في الليل دخلوا مرة أخرى وقاموا بضرب السجناء ضرباً شديداً وقلبوا السجن راساً على عقب، ذلك اليوم وتلك الليلة تسمع الصراخ والعويل وصوت الضربات ليلة سوداء دامية لن تمحى من الذاكرة لأولئك المتوحشين عديمي الإنسانية، قاموا بإخراج البعض للساحة ووضعهم بشكل دائري والانهيال عليهم بالضرب ومن ثم الاستعراض عليهم بعد الانتهاء من الضرب، أمروا بأن يأخذ كل فرد زميله على كتفه ويرميه على رأسه، ويعيد الكرة إن لم يرمه جيداً ويتعرض للكم والضرب ويعود الزميل لرمي زميله الآخر، تأثرت قدم علي الشرفي التي أصبحت منتفخة  وكأنها مكسورة  ولم يقدر  على المشي عليها لفترة بسبب سقوط أحد زملائه عليها، وتعرض البعض للضرب في الخصيتين.

بعد هذا الضرب تحدث زعيم العصابة جالساً على كرسي والسجناء أمامه يقفون بعد أن انتهوا من ضربهم، قائلا: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله أن يصلبوا أو يقتلوا) هذا جزاؤكم فأنتم تعيثون في الأرض فساداً وتقومون بالفوضى، تفكرون في الإضراب أنتم اليوم لولا رحمتي بكم لكنتم في ثلاجات مستشفياتنا، لأنه ليس لكم قيمة لدينا فأنتم أتباع ميليشيات.

بقيت حالة السجناء تلك الليلة، يصرخون ويبكون، وينحنون على الدوام خوفًاً من بطش الجلاد. والواحدُ مِنهُم يُسَلط عليه وحوش في شكل بشر يصفعونه متى ما أرادوا على وجهه وقفاه، وينهالون عليه بالهراوات والكابلات، ويأمرونه أن ينحني فينحني ليُضرب على رأسه وظهره كالدابة، ويؤمر أن يخلع ملابسه فيخلعها، ويأمرونه أن يدور وهو محني الظهر خالع الملابس فيدور كما تدور النحلة وهم ينهالون عليه ضربًا ولكمًا وركلًا على وجهه ويوسعونه شتمًا وسُبابًا وسُخرية.

بعد ذلك اليوم أزداد الحصار في الخروج للحمام والمعاناة في الحرية، وازداد الضرب والتعذيب وأستمر منع الزيارات ومنع إرسال الطلبات وساءت الأمور كثيراً.

بعدها بأيام أتوا بشاوش جديد يدعى أبو قصي بدلاً لأبوعياش، كان شاوش بالسجن السابق الصالح بالدور الثالث الذي كان يعذب السجناء ويدوس على وجوههم بالبيادات، عاد قائلاً من النافذة: أنا ليس لدي أب ولا أم ولا أخت، وبدأ بالسب على السجناء. كان أغلب المتعرضين للضرب الشديد يعانون من آلام شديدة كان أكثرهم تضرراً من طالبوا بالحقوق، كانت حالة طه إسكندر خطيرة كان يغيب عن وعيه وكان رأسه بحاجة لجراحة وكان صديقه هاشم الذهب متأثر أيضاً، بسبب الركل بالوجه، وكانت ظهور الآخرين سوداء من شدة الضرب وبعدها تحولت إلى اللون الأزرق.

 

(293)

الأقسام: صحافة وترجمات