الثقافة سلاح بيد العدو

 

 

عبد الكريم الوشلي

 

في التعددية الواسعة لملاعب الأعداء التي يصوبون فيها على كل ما يتصل بوجودنا كأمة، تبرز الثقافة كواحد رئيسي من تلك الملاعب والساحات، التي لا يتوقف العدو عن ارتيادها في هجمته الشيطانية الحاقدة المستمرة علينا، وتوظيف كل ما بحوزته من امكانات ووسائل وأدوات في الفتك بنا والسطو على كل ما هو حق إنساني طبيعي ومشروع لنا.

فكما استطاع هؤلاء الأعداء، زرع طفيلياتهم السياسية في جسدنا العربي والإسلامي، وتمكنوا عبر هذه الأدوات المسمومة المصطنعة، من إثخاننا بالجراح الغائرة وإغراقنا في مآس لا حدود لها، إتجهوا، بالمثل، نحو تخليق دمى وفيروسات ومطايا وأحصنة طروادة ثقافية، مهمتها إطلاق النار والتصويب-بأسلحة الفن والفكر والثقافة الناعمة-على هويتنا وركائز وجودنا الروحية والثقافية.

والمفاعيلُ الخطيرة لهذه الهجمة الحريرية الفتاكة لا تخفى على كل متأمل حصيف، فما جرى طيلة الفترات الماضية وحتى اليوم، وسيجري غدا بكل تأكيد، من توظيف للدراما والفن المدجن من قِبل بعض أنظمة الخليج المتصهينة ومشيخاته المجهرية وتلك الأخرى الدائرة في الفلك الشيطاني الخياني ذاته، في تسويق فضائح الإنبطاح والترويج لمشاريع العدو المتربص القديمة الجديدة، وأبرزهافضيحةِ التطبيع مع العدو الصهيوني وتطويع الوجدان العربي الإسلامي لتقبل مفاعيل ومخرجات هذه الجريمة المتعددة الأبعاد والمخاطر.

كل ذلك ليس سوى طور جديد من أطوار هذه الهجمة الشيطانية التآمرية الشرسة بشقيها السياسي والثقافي اللذَين يتساوقان مع رديف عدواني عسكري لا يقل حماوة وخبثا وشراسة، والحالُ كذلك إقتصاديا، وهذا عين ما نتعرض له في اليمن وفي سوريا وليبيا والعراق وفلسطين وغيرها والحبل على الجرار، مايستدعي إنتباهة حضارية منا، تفطن إلى عناصر قوتنا الكامنة، وما اكثرها! لتفعيلها والإفادة منها في المواجهة المصيرية المفروضة علينا، مؤمِّنين – بذلك – ضامنةً يعوَّل عليها من ضمانات كسب المواجهة ورسم حدود نتائجها ومآلاتها النهائية لصالحنا بحول الله تعالى.

(1)

الأقسام: آراء