القطن الذي يفقد بريقه بعزوف المزارعين اليوم!! لماذا تقلصت زراعته رغم تشجيع الدولة؟!

المراسل : سنان عبيد / عبدالله حمود
كان العام2020 عام التوجه الحكومي الرسمي لإنعاش قطاع زراعة القطن في اليمن واعادته الى مستويات انتاج تعود به الى الأرقام القياسية التي سجلها منذ بدء زراعته في ثمانينيات القرن الماضي والذي وصل الى 38000 طن.
لكن الملاحظ ان زراعة القطن لم تشهد تحسناً كبيرا .
خلال سنوات العدوان والحصار شهدت زراعة القطن تدهوراً متزايدا مع ارتفاع أسعار المحروقات والبذور والأسمدة.
بين تنظير وتطبيق
بنهاية يونيو من العام 2020 م ، كان هناك نقاش لما عرفت باللجنة الفنية المشتركة لمحصول القطن بصنعاء برئاسة وزير الزراعة والري المهندس عبدالملك الثور. وكان الهدف تحسين وتطوير زراعة وإنتاجية محصول القطن ، والوصول إلى إنتاج قطن اقتصادي المردود كمحصول استراتيجي يمكن الاستفادة من القيمة المضافة منه ومن عائداته النقدية وتوفير المواد الخام لمصنع الغزل والنسيج الذي لم يعاد فتحه حتى اليوم؟!.
فيما سبق كانت الحكومة تتبنى دعم وتشجيع مزارعي القطن عبر القروض والحوافر وتوفير البذور المحسنة وإقامة حملات مكافحة آفات القطن عبر شركة القطن التي أغلقت تماماً. حيث أثرت سنوات العدوان والحصار على زراعة هذا المحصول .
تدهورت زراعته في تهامة وتوقفت وزارة الزراعة عن تقديم البذور المحسنة للمزارعين وتوقف تقديم القروض البيضاء التي كانت تسدد بعد بيع المحصول، فيما اصبحت حملات الرش،اسقاط واجب كماحصل هذا العام ؟!!!
كانت توصيات اللجنة الفنية المشتركة ذات صيغ عامة تتحدث عن الاهتمام  بتفاصيل متعلقة بزراعة وإنتاجية القطن ودعم وتشجيع زراعته من خلال توفير البذور واعتماد أسعار مناسبة عند شراء المحصول من المزارعين وفقا للسعر العالمي… لكنها تبخرت وما انتجت ثمرًا !!
في الحديدة تركزت زراعة القطن في ثلاث مناطق تشمل سهل تهامة (حيس، زبيد) والمنطقة الوسطى ( المراوعة، اللاوية، المنصورية، الدريهمي، العُرشي) والمنطقة الشمالية وصولاً إلى وادي مور.
في الأعوام الثلاثة الماضية غابت آلية دعم المزارعين ببذور القطن المحسن والتعاقد معهم لشراء إنتاجيتهم من هذا المحصول ، كما ظهر ضعف تدخلات الدولة في مجال توفير المبيدات المكافحة للآفات حتى ان بذور القطن التي كانت توزع مجانا لم تعد كذلك فالتجار يبيعونها لمزارع القطن وبأسعار مرتفعة نسبياً ولاعلاقة للجهات المسؤولة عن الزراعة بهذا الجانب وإن كان حضورها جاء شكلياً .حيث ظل الحديث عن إنتاج القطن كمحصول استراتيجي يمكن الاستفادة من القيمة المضافة له ومن عائداته النقدية وتوفير المواد الخام لمصنع “الغزل والنسيج” ،حبرا على ورق ؟!
الإنتاج الأمس واليوم
العام الحالي 2023تم زراعة ما يقارب 2000معاد في زبيد مقابل 1500معاد بوداي مور و1000_1400 معاد بالمراوعة والتحيتا اي أن ما تمت زراعته يقارب 5000 معاد فقط. أي أننا لم نتجاوز بداية خطة تنمية ونمو الانتاج قبل ثلاثة أعوام والذي ذهب بعيدا للحديث عن زيادة انتاج القطن لحوالى ٢٠٠٠٠طن في سنوات معدودة.
وبحسب حسين الأعجم ، يمكن القول ان مساحة زراعة القطن تتقلص أكثر فأكثر حيث لا تتجاوز  اليوم 20_30 % من المساحة التي كانت تزرع في السابق حيث اتجه الناس لزراعة الحبحب والسمسم وبعض الخضار وعلف المواشي…
وفي الأعوام 2021_2022بعد ضربة أسعار البيع التي تعرض لها المزارعون وزعت بذور العام التالي يقول المزارع علي القيم من منطقة الضحي أنها لا تليق بتوجه دولة تسعى لإعادة انعاش زراعة القطن والنهوض بها
تدهور المحصول وغياب البذور المحسنة
إن قيام الجمعيات كما يقول الأخ حسين الأعجم بمنح المزارع قروض لشراء البذور للمزارعين بدلاً من توفيرها عبر وزارة الزراعة وتوزيعها لم يكن امام اولئك المزارعين سوى تجار القطن كي يشتروا منهم البذور لزراعة هذا الموسم لكن لماذا سرعان ما اشتكى المزارعون وتذمروا من قصة البذور المباعة لهم بسوق القطن ؟
مدراء القطن في زبيد والقطاع الشمالي بالزهرة والمنطقة الوسطى “حسين الاعجم ومحمد الشريف” أكدوا أن البذور التي اشتراها المزارعون هذا العام لم تكن تصلح لزراعة قطن جيد أو حتى قطن وافر المحصول ، وهي نفس بذور عام مضى؟!
قالوا أن تلك البذور التي تم شرائها بأسعار مرتفعة من التجار ليست البذور المناسبة فهي باختصار نتاج محصول العام الماضي والذي كان الكثير منه رديء ، فالتاجر الذي يقوم أولا بشراء القطن من المزارع لا يراعي جودة المحصول الذي يشتريه ولا يهتم بفرز وتمييز القطن الجيد من الرديء وجل ما يهتم به كما يقول كبير مزارعي الزهرة،  احمد عباد ، هو شراء القطن وتعبئته دون الاهتمام بنوعياته فالمهم لديه كمية القطن لا نوعيته ومن ثم بيعه للسوق المحلي .

هذا التاجر الذي يتصدر مشهد زراعة القطن مؤخرا ، يعبر عن مدى تراجع الزراعة حيث أنه لا علاقة له بهذا المجال سوى انه تاجر قطن لا علاقة له بجودة واسرار البذور وزراعة القطن وكيفية تطوير هذه الزراعة حيث تظل هذه المسؤوليات والمهام ذات علاقة فقط بالزراعة والبحوث الزراعية وتطوير تهامة واللجنة الزراعية العليا .
هذا التاجر الذي يشتري محصول القطن الخام قبل حلجه يقوم بخلط القطن في المحالج دون تمييز للجودة العالية والمنخفضة كما أشرنا وينتج عن هذا العبث بذور ما بعد حلج القطن تشابه القطن كخليط ما بين الجيد والرديء.
التخزين الجاهل؟!
أكثر من هذا أن البذور الغير منتقاة لا تخضع لعملية فرز إطلاقاً حيث يقوم التُجار بتعبئتها في أكياس بلاستيكية”نايلون” وهذه مشكلة ثانية كبيرة حيث أن أكياس البلاستيك تؤدي إلى إضعاف جنين البذرة والذي تظهر نتائجه بعد بيع تلك البذور للمزارعين وظهور محصول قطن رديء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، فضلا عن وصول أسعار كيس بذور القطن لحوالى 6 آلاف ريال فيما كانت شركة القطن والتي تعتمد على هيئة البحوث الزراعية وتطوير تهامة فيما يخص تعتيق البذور وتحسين صفاتها ، تبيع البذور بخصائصها المحسنة للمزارعين باسعار رمزية لا تتجاوز 3 الاف ريال , وقبلها كانت توزع مجاناً..
فوق هذا كانت محالج المؤسسة في زبيد والحديدة تقوم بفرز محصول القطن قبل الحلج حيث يتم حلج وتمييز القطن ذو الجودة العالية منفرداً وبعيدا عن القطن الرديء ، ثم يتم جمع بذور القطن الممتاز لوحدها حيث تجري عملية تعتيق بذورها لتكون أكثر مقاومة للآفات مع تعبئتها في (خيش) وليس أكياس بلاستيك كما يفعل التجار اليوم.
تلك البذور ذات الجودة الجيدة والتي كانت تشرف عليها مؤسسة القطن بخبراتها الزراعية هي ما كان يتم توزيعه على المزارعين مجاناً في السابق حيث كانت تعطي محصول جيد مقارنة بمحاصيل السنوات الأخيرة .
تحسين اصناف بذور القطن…أين؟
أحمد عباد أحد كبار مزارعي القطن بالتحيتا يقول إنه زرع هذا العام ما بين 100و120 معاد على أمل أن هناك تحسن في نوعية البذور وأصناف القطن ، لكنه يشير إلى أن البذور في الاعوام الأخيرة ظلت على نفس الشاكلة حيث أن الاعتماد المستمر على نفس البذرة مشكلة يتم تجاهلها من عام الى آخر وهذا يؤثر سلبا على انتاجية محصول القطن أكثر فأكثر .
يقول عباد أن هذه البذور التي تم توزيعها والتي ظهرت نتائجها في مزارع القطن حيث بدء المزارعون أولى مراحل الجني للمحصول بخيبة أمل وانتاجية ضعيفة ، ستكون سبب في تراجع بعض المزارعين عن الزراعة العام القادم.
يوضح المزارع عمر مشعشع بزبيد أن اعتماد المزارعين على نفس البذور من عام لآخر خطاء كبير ، فالأكيد أن هذه البذور ستنتج مصحول سيء وضعيف ، ويقول إنه في السابق كان يتم استيراد بذور القطن كل عامين من البرازيل مع سعي البحوث الزراعية لتطوير نوعيات جيدة محسنة ومقاومة للآفات والأمراض.وهذا ما بات غائب تماماً.
ويضيف “عندما تكون البذرة من النوع الجيد فإن الانتاجية ستكون جيدة مع الاعتناء بالمحصول حيث يمكن أن يصل الإنتاج الجيد الى 2000كيلو قطن للمعاد الوحد وبنسبة شعر وقطن تصل الى الثلثين بعد الحلج وبصافي قطن 1300_1400كيلو للمعاد ، على عكس الإنتاجية اليوم والتي تتراوح بين800_1000 كيلو للمعاد الواحد في أحسن الأحوال.
ارتفاع أسعار الوقود ومحدودية الطاقة البديلة
شهدت زراعة القطن تدهوراً متزايدا خلال أعوام العدوان نظرا للتكاليف العالية لإنتاجه التي نتجت عن ارتفاع أسعار المحروقات وتوقف دعم الديزل لمزارعي القطن, رغم وجود بدائل الطاقة الشمسية التي تبقى مكلفة كما يقول غالبية من التقت بهم “المراسل “مقارنة بما يمكن أن توفره من تسهيلات للمزارع.
فمنظومة الطاقة الشمسية يشتريها المزارع بسعر آجل يزيد 20% عن سعر البيع النقدي ، اذا كان ثمنها 5ملايين يشتريها ب6ملايين ريال.. وفي النهاية لا تغطي هذه المنظومة سوى ما نسبته 30_35% من عملية ري المحصول عكس منظومة الديزل ذات القدرة الكبيرة على ري محاصيل القطن بالكامل.
يقول حسين الأعجم _ مدير زراعة القطن بوادي زبيد : المزارع الذي لديه 50 معاد مزروع بالقطن باستطاعة المضخة المعتمدة على الديزل أن تسقي هذه المساحة بالكامل فيما الطاقة الشمسية لا تستطيع تغطية 10معادات فقدرتها محدودة وهذه إشكالية تحتاج لبعض الوقت من أجل تجاوزها.
القصور في مكافحة الآفات :
هذا العام كان هناك بحسب حديث المزارعين لصحيفة “المراسل” حملة ميدانية واحدة لمواجهة آفات القطن في مديرتي الزهرة واللحية بمحافظة الحديدة…نفذتها الإدارة العامة لوقاية النباتات بوزارة الزراعة والري بالتعاون مع الهيئة العامة لتطوير تهامة …هذا يشير إلى تقلص عدد مرات الرش من 3 حملات رش الى حملة واحدة؟!!

والمفارقة أن هناك آفات تهاجم نبات القطن والتي يتحدث المزارعون عن أنها تستدعي حملات متكررة لمكافحتها والوقاية منها في كل موسم كالذبابة البيضاء ، الأرضة، الجاسيد، ديدان اللوز، آكلات الأوراق، دودة ورق القطن، وغيرها..حيث تحتاج لحملات رش متعددة فضلاً عن مقويات نباتات القطن التي تساعد على إنتاجية جيدة للمحصول .
فضلاً عن قيام وزارة الزراعة بعمليات الرش في السابق بالمبيدات المكافحة لافات القطن وفي الوقت المحدد والمطلوب وهذا ما لا نراه اليوم للأسف ، حسب تأكيدات مزارعي وادي مور ووادي زبيد ، حيث تكتفى وزارة الزراعة برشة واحدة للمحاصيل .يقول المزارع عبدالله خربة أحد كبار مزارعي القطن أن مبيدات وزارة الزراعة هي مبيدات فاعلة لكنها اليوم لا توزع كما السابق إذ يلجأ المزارع للسوق المليء بالمبيدات الغير مناسبة وربما المهربة التي لا تؤتي نتائج كبيرة على نبات القطن ومحصوله
تقول الإدارة العامة لوقاية النباتات في وزارة الزراعة والري، إن هذه الحملة إحدى التدخلات “العاجلة” للسيطرة على الآفات، لكن مع أنها حملة عاجلة ، كانت هي الوحيدة هذا الموسم ، كما أشار إلى ذلك مزارعوا القطن بمديريات تهامة .
غياب الإرشاد الزراعي
ومع حديث وزارة الزراعة عن قيام فريقها المتخصص بتوعية مزارعي القطن، وتزويدهم بمفاهيم وإرشادات الالتزام بالممارسات الزراعية الصحيحة في زراعة القطن، من تسوية الأرض وحراثتها، إلى استخدام البذور المحسنة، والمباعدة بين الأشجار، إلى الالتزام بالمواعيد المناسبة لزراعة القطن؛ لتقليل الإصابة بالآفات التي تهدد زراعة هذا المحصول النقدي ، غير أن مزارعو القطن يؤكدون غياب الإرشاد الزراعي الحقيقي بما فيه غياب دور الجمعيات الزراعية بتهامة في جوانب الإرشاد والتوعية ونقل الخبرات والتجارب الحقلية الى حقول ومزارع القطن ، حيث تبدو الأدوار القائمة كنوع من الشكلية التي تفتقد الاستمرار والمتابعة خاصة بعد عمليات تدشين أي نشاط أو مرحلة من مراحل الاهتمام بزراعة القطن ،مع غياب المتابعة والتواصل الدائم ما بين الجهات المسؤولة ومزارعي القطن . مع غياب جانب الإرشاد الزراعي الحقيقي والواضح أن الوصول بعملية الإنتاج إلى 20ألف طن سنويا من القطن ، بدى بعيدًا في ضوء ما تم رصده من فجوات واختلالات.
الضعف في إداء الجمعيات
في الموسم الحالي لزراعة القطن والذي بدء منذ اغسطس الماضي لم تكن وزارة الزراعة المعنية بتطوير زراعة وانتاج هذا المحصول والتي خرجت بتوصيات تنمية زراعة القطن في اليمن ،حاضرة ، كما يقول حسين الاعجم ، مدير زراعة القطن بوادي زبيد ؛ فاللجنة الزراعية هي من اشرفت على هذا الموسم أو بالأصح من تحملت مسؤوليته ، وبدلاً من التعامل مباشرة مع مزارعي القطن كان التعامل مع جمعيات زراعية بشكل غير منظم أو مدروس كما سيظهر ، حيث قدمت قروض لتلك الجمعيات الزراعية في تهامة على أساس ان تقوم تلك الجمعيات بشراء البذور وتوزيعها على المزارعين ، فيما اكتفت تلك الجمعيات بمنح المزارع قرض لشراء البذور .لم يكن امام اولئك المزارعين سوى تجار القطن كي يشتروا منهم البذور لزراعة هذا الموسم لكن لماذا سرعان ما اشتكى المزارعون وتذمروا من قصة البذور المباعة لهم بسوق القطن ؟
ومع قصة البذور المشتراة من “تجار”القطن ، يمكن إدراك أن هناك فجوة ظاهرة ما بين عمل وزارة الزراعة التي يقول أحد كبار المزارعين “خربة” _أنها تشتكي من غياب التمويل واللجنة الزراعية العليا التي رمت المسؤولية على عاتق جمعيات لاتدرك معنى شراء بذور زراعة قطن ضعيفة مع غياب الأولى إلا من حضور خجول يتعلق بحملة رش مبيدات ، فيما يغيب دورها اليوم كما يبدو في توفير بذور القطن المحسنة ذات الجودة..ونتيجة هذه الفجوة هو ضعف إنتاج محصول القطن والذي كان يجب ان تتحمل مسؤوليته وزارة الزراعة وتطوير تهامة لضمان البذور المحسنة والخالية من الأمراض الى جانب عمل الإرشاد الزراعي الذي لا نجده في ميدان زراعة القطن وعملياته ومراحله فضلاً عن حملات الرش المتعددة لمحاصيل القطن لا الاعتماد على الرشة الواحدة كما حصل هذا الموسم!!
كذلك التمويل الذي يصل اليوم إلى الجمعيات الزراعية يبدو أنه غير مدروس حيث أن تلك الجمعيات ليست جاهزة للتعامل مع رؤى وخطط التوسع وتطلعات الدولة لتطوير زراعة القطن في اليمن .
كما أن الجمعيات بحسب بعض مدراء زراعة القطن تحصل على القروض من اللجنة الزراعية العليا لكن تلك القروض كما يقولون لا توزع ولا تصرف كما يجب ، بل ربما لا تصرف كلها كما لمح لنا بذلك البعض!.
السعر وغياب نشاط النسيج
يشير حديث محمد الشريف مدير القطن بالمنطقة الزراعية الشمالية بالزهرة كنوع من تأكيد ما سبق إلى تقلص حجم المناطق المزروعة بالقطن حيث يمكن القول ان التراجع يصل إلى نصف مساحات القطن المزروع العام 2020.

ويضيف الشريف ” أن العام 2020 بدء الاهتمام بزراعة القطن عبر اللجنة الزراعية العليا والهيئة العامة لتطوير تهامة ومؤسسة الخدمات الزراعية .حيث تم تزويد مزارعي وادي مور ببذور جيدة وزرعت حينها (10) آلاف معاد وحصل المزارع على محصول جيد. هذه المساحة تعادل ضعف المساحة المزروعة هذا العام ، والسبب يعود لتشجيع زراعة هذا المحصول, لكن المفارقة التي حصلت على عجل أن المزارعين بعد ان تم تحفيزهم لزراعة المزيد من القطن ، لم يحصلوا على (تسويق) جيد ولذلك تأثر المزارعون بأسعار البيع حينها وتوقف الكثير منهم عن زراعة القطن في السنوات اللاحقة .
كما يقول عبدالله خربة أحد كبار المزارعين أن من استمر في زراعة القطن بمنطقته بعد ذلك العام هم حوالى20  مزارع فقط من 63مزارع ؟!!
فيما يقول حسين الأعجم ” هناك تسهيلات تغيب اليوم.كانت مؤسسة الغزل والنسيج في السابق تقوم بنقل القطن من مناطق تجميع المحصول مجاناً بعربات خاصة به الى المحالج وهذه كانت خطوة مشجعة لزراعة القطن الى جانب البذور المجانية والأسمدة والمبيدات التي كانت توزعها وزارة الزراعة على مزارعي القطن”.
يتوقع الأعجم أن يكون المحصول هذا العام 2023 أكبر لسبب لا علاقة له بوزارة الزراعة ولا اللجنة الزراعية العليا ولا جمعيات تهامة الزراعية وهو هبوب الرياح الذي يقول أنه ساعد على التقليل من الأمراض والآفات التي تتلف محاصيل القطن.
تكاليف مرتفعة
ويشير المزارع عباد إلى تراجع المساحات في مديرية الزهرة حيث أن الكثير من المزارعين هذا العام لم يزرعوا قطن بسبب الانتاجية الغير مشجعة وتراجع الأسعار. وعلى عكس أعوام سابقة والسبب ليس فقط ضعف البذور بل تكاليف الري خاصة مع شحة الأمطار هذا العام ، وكذلك أجور جني المحصول التي تصل إلى 100ريال  للكيلو الواحد , اي أن المعاد يكلف حوالى100 ألف ريال مصاريف جني.
وهذه تكاليف كبيرة إلى جانب اجور الري ونقل المحاصيل الى المحالج في ظل أسعار بيع منخفضة وغير مدعومة للمحصول النقدي.
بيع القطن
مع توقف مصنع الغزل والنسيج تذهب انتاجية القطن للسوق المحلي حيث تخضع أسعار البيع للعرض والطلب من قبل التجار والتي في أحسن الأحوال لا تتجاوز 350 ريال للكيلو بداية الموسم وتنتهي ب250ريال للكيلو نهاية موسم حصاد القطن.
يذكر عبدالله حربة أن العام 2020  الذي سعت الدولة فيه لتشجيع زراعة القطن من خلال تحديد اسعار بيع أعلى من قبل وزارة الزراعة تبدأ بسعر 600ريال للكيلو وتنتهي ب500ريال نهاية الموسم , كان بمثابة مخدر سرعان ما انتهى أثره مع تكدس المحصول لدى المزارعين والذي بيع نهاية الأمر بحوالي 350 ريال
لماذا تخلوا عن مسؤوليتهم؟
يقدم عبدالله خربة مثالاً كيف أن وزارة الزراعة تخلت عن مسؤوليتها والتزامها تجاه مزارعي القطن حيث يشير إلى إنه حصل قبل عامين على عقود لحوالى 63مزارع قطن من وزارة الزراعة على أساس أن يتم البيع بالسعر المدعوم لتشجيع المزارعين على زراعة القطن إلا أنه عند الحصاد تفاجىء المزارعون أن الوزارة تخلت عن التزامها بتأكيدها أنها غير قادرة على شراء القطن بالسعر الذي تم تحديده قبل عند سقف لا يقل عن 500ريال ، حيث بقي مصنع الغزل والنسيج مغلقا ، وكأن الأمر لا حل له سوى بمصنع الغزل والنسيج وأنه لاحلول أخرى لتسويق منتجات القطن وتشجيع زراعة القطن غير ذلك؟!ما اضطر المزارعين للبيع لتجار السوق المحلي الخاضع للعرض والطلب بسعر لا يتجاوز60 % من السعر المدعوم.
كما أن هناك الحاجة لإعادة المصانع والمشاغل والمحالج والتي كان لها الأثر الكبير في أحياء الصناعات القطنية والتوسع في زراعة القطن لما تمتلكه البلاد من فرص ومزايا متاحة بالإمكان استغلالها كما حصل بإعادة إحياء محلج القطن في الحديدة غربي اليمن، والاستعداد لإعادة محلج زبيد الذي قصفه العدوان
تجربة أذربيجان..
في أذربيجان بدأ مشروع النهوض بزراعة القطن في عام 2021، حين جرى تنفيذ مشروع تجريبي ركّز على تدريب الباحثين والمزارعين في أذربيجان على تطبيق ممارسات الزراعة الذكية مناخيًا من خلال عروض تجريبية في المزرعة.
وفي عام 2022، نُفذ مشروع ثانٍ انصب تركيزه حينها على نقل أفضل الممارسات في إدارة التربة والمغذيات والمياه، نظرًا إلى أنّ أراضي أذربيجان معرضة بصفة خاصة لتغير المناخ وتدهور التربة. إذ شهدت البلاد ارتفاعًا في المتوسط السنوي لدرجات الحرارة بمقدار4 درجات مئوية منذ عام 1991، إضافة إلى انخفاض معدل هطول الأمطار وزيادة وتيرة الظواهر المناخية القصوى، مثل الفيضانات وموجات الجفاف والحرّ.
قام الباحثون والمزارعون بإنعاش قطاع القطن المحلي عن طريق تطبيق ممارسات الزراعة “الذكية” مناخيًا المستندة إلى تقنيات “نووية”.

ويرجع الفضل في ذلك إلى مشروع تدعمه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة) والوكالة الدولية للطاقة الذرية (الوكالة) ونفذه المركز المشترك بين المنظمة والوكالة  للتقنيات النووية في الأغذية والزراعة.
وتمكّن المشروع، إلى جانب استخدام نوع محسّن من بذور “القطن” ، من زيادة الغلات، فارتفع المتوسط الوطني من 3 أطنان للهكتار إلى 8أطنان للهكتار على مستوى الحقول في ثلاث مقاطعات.
حيث تساعد التقنيات المتعلقة بالنظائر الباحثين والمزارعين في أذربيجان في الحصول على معلومات هامة حول (كيفية تحسين استخدام الأسمدة) وزيادة “كفاءة” إنتاج القطن مع الحفاظ على “سلامة التربة”.

(10)

الأقسام: الاخبار,المراسل العام,اهم الاخبار,عاجل