الضربات الجوية على اليمن تكشف فشل أمريكا في احتواء تداعيات الهجوم الإسرائيلي على غزة

المراسل : تحليل

لم تكتف واشنطن بأنهاء من قادت ومولت مذبحة غزة بحق مائة ألف فلسطيني بريء. فهي اليوم تمعن في الإجرام والعنجهية في حق اليمن إذ لم تكتف بتسع سنوات عجاف أهلكت فيها الحرث والنسل .

اليوم ترتكب حماقة جديدة ، في زمن لا يشبه الأمس ، ولا علاقة له بماضي الخوف .

في اليمن بعد قرار مجلس الأمن خرجت واشنطن لتعلن ضربة على مواقع في اليمن لم تعد ذات أهمية .

خرجت النيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين لتؤكد أن تلك الضربات جملة لم تكن ذا فائدة فالقدرات العسكرية اليمنية ومواقع ورادارات القوات الجوية والبحرية لم يمسسها سوء ، وأن ما تم استهدافه هو قليل قليل من كثير ، حيث لن تغير تلك الضربات من المعادلة العسكرية شيء كما لم تغير من قبل.

كما خرجت صحيفة واشنطن بوست ، لتؤكد ذات الحقائق أن الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، لن تهزم صنعاء ولن تحقق الردع المطلوب ، بل أنها عززت من مكانة صنعاء وجماعة أنصار الله في المنطقة.

وبحسب محللين تحدثوا إلى الصحيفة الأمريكية ، فإن تحدي أنصار الله وصنعاء هو أكثر من مجرد تهديد، فقد أثبتوا قدرتهم طوال الحرب مع السعودية على استيعاب مثل هذه الضربات، إضافة إلى أن الهجوم رفع من مكانتهم في الشرق الأوسط وفي العالم العربي وخارجه.

وتحدثوا أن تلك الضربات تكشف فشل أمريكا في احتواء التداعيات الإقليمية الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وإذا كان وزير الدفاع الأمريكي ، لويد أوستن، تمنى بأن تسفر تلك الضربات عن تعطيل وإضعاف قدرات صنعاء ، إلا أن المحللين الذين تحدثوا للواشنطن بوست قالوا إن هذا الهدف صعب المنال، مضيفين أن “الحوثيين” جماعة مسلحة ذكية استطاعت تحمل سنوات من الضربات الجوية التي قادتها السعودية، إضافة إلى أن لديهم القلق من المواقع العسكرية الدائمة وواسعة النطاق، ويستخدمون بدلًا من ذلك منصات إطلاق متنقلة للصواريخ والطائرات بدون طيار فضلًا عن امتلاكهم لشبكات من الأنفاق والكهوف التي تجعل استهدافها معقدًا للغاية.

وفي سياق هذه الشواهد كشفت صحيفة التلغراف البريطانية عن عدم جهوزية حاملات الطائرات البريطانية للذهاب إلى البحر الأحمر ، بسبب أزمة التجنيد في الجيش البريطاني.

هذا الموقف الناكص على عقبيه والمتزامن مع اشتداد التوترات في البحر الأحمر، بحسب مراقبين، يشير إلى خشية بريطانيا من الانخراط بشكل أكبر في الحرب مع اليمن وما لذلك من خسائر فادحة ستمنى بها عسكرياً واقتصادياً على أقل تقدير.

مقابل هذا الإخفاق الأمريكي تقول روسيا والصين أن احدًا لم يخول الأمريكان والانجليز ضرب اليمن ، ثم لماذا تضرب اليمن؟!.

قرار مجلس الأمن لم يكن تحت البند السابع ، حيث أن المسائل الموضوعية التي ترتبط بالملاحة الدولية والسيادة وما شابهها تتطلب تصويت أعضاء مجلس الأمن الدائمة العضوية بالموافقة إلى جانب أربعة اعضاء أخرين.أي أن المطلوب تصويت ٩ أعضاء بما فيهم الدول الخمس الدائمة بالموافقة.

روسيا والصين الدولتين الدائمتين في مجلس الأمن لم توافقا على ذلك القرار ، الذي دائما ما تتوارى خلفه واشنطن وتحالفها الهش.

بكين وموسكو إمتنعتا عن التصويت ، أي أن من صوت لصالح ذلك القرار فقط ثلاث دول دائمة العضوية وليس الخمس الدول. وهذا يجعل قرار مجلس الأمن غير نافذ بالمعنى الذي أرادته واشنطن ولندن.

روسيا والصين امتنعنا ولم ترفضا القرار ، لكن لماذا ؟

هناك سياسة خبيثة تنتهجها المجموعة الصاعدة. هاتان الدولتان تدركان أن واشنطن ستتجه لضربة جوية على اليمن ،.بهذا السلوك سترتكب أمريكا خطأين ، الأول سيكون قانوني ، إذ أن العدوان المباشر على اليمن باسم مجلس الأمن غير قانوني،  وسيعني ذات يوم مقاضاة واشنطن على تعديها على السيادة اليمنية ، فهي تواجه اليمن هذه المرة بصورة مباشرة وليس من وراء جدار.

ثم أن موسكو وبكين تنتظران سقوط واشنطن في مستنقع اليمن والغرق في البحر الأحمر ، حيث يمكن ممارسة لعبة استنزاف متقنة ضد هذه القوة العظمى العجوز ، وصولا إلى سقوطها المريح من على عرش الهيمنة لكن بثمن أقل كلفة على الصين وشركائها.

ومقابل هذا الفعل السياسي تشهد عشرات المدن حول العالم مظاهرات شعبية كبيرة تضامناً مع اليمن وفلسطين على حد سواء.

دلالات تظاهرات الشارع

لقد خرجت مئات المظاهرات والاحتجاجات في عشرات المدن حول العالم تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على غزة والعدوان الأمريكي البريطاني على اليمن، وبعض المدن شهدت أكثر من تظاهرة في أكثر من مدينة داخل عواصم ومدن العالم الكبيرة في دول آسيا وأوروبا وأمريكا بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

وبلغت عدد المدن التي شهدت مظاهرات التضامن مع غزة واليمن 45 مدينة حول العالم، فيما بلغت الاحتجاجات 120 تظاهرة ووقفة احتجاجية. حيث هتف المتظاهرون في مختلف بلدان العالم بتأييد اليمن وشعورهم بالاعتزاز والفخر بما قامت من فرض حصار بحري على الاحتلال الإسرائيلي تضامناً منها مع قطاع غزة والفلسطينيين.

لقد شهدت بريطانيا وألمانيا وكوبنهاجن ولوكسومبورج واسطنبول وسيول وكندا وواشنطن والسويد والنمسا والفلبين ونيويورك وسلسلة تظاهرات شهدتها بقية مدن العالم حركة تضامن فريدة وغير مسبوقة .

إذ يمكن إدراك حجم التأييد العالمي للأحرار والدول المستضعفة في ثلاثة أشهر كانت فيه هذه الأحداث مفاجئة العالم كما كانت المظاهرات الساخطة في أكثر من 60  بلد حالة فريدة ، عبرت عن مستوى الوعي لدى تلك الشعوب بخطر جماعات الصهيونية في الضغط والسيطرة على قادة ومقدرات الدول وعلى رأسها أمريكا والغرب.

واليوم تنتصر اليمن مع كل هذا الوجع ، فانتصرت أخلاقياً وانتصرت لعروبتها ولأسلامها ولأخوتها ، كما ثأرت لما حل بها ، فالضربة الأمريكية لم تكن سوى ردة فعل من بايدن على انتقادات أعضاء الحزب الجمهوري الذين اتهموه بالخوف من محور المقاومة ، حيث هناك انتخابات قادمة ، يبحث فيها هذا العجوز عن فرصة البقاء.

(3)

الأقسام: الاخبار,المراسل العالمي,اهم الاخبار,عاجل