في إطار المثل الشعبي (ما زاد عن حده انقلب ضده) يدخل حتى الصبر في هذا الإطار، فالغطرسة المُستمرّة والمتواصلة من الصهاينة والصبر الموجود في دول محور المقاومة لن يولد إلا مزيداً من الشجاعة والكبر لدى الصهيوني ليستهدف القائد تلو القائد دون خوف..!
في الحقيقة لم أعرف من أين ابدأ، وكيف أشرح وأوصف ما حدث، وكل ما بدأت أكتب يسبقني عقلي وقلمي متجاوزاً لخطابات القلب ومشاعره الحزينة كاتباً عن (التخاذل العربي المخزي)!!
للأسف ها هي لعنة ووصمة عار جديدة تضاف للسابقات في جبين العرب الجبناء، فبعد أن حصلوا على ذلك الخزي؛ بسَببِ الصمت على المجازر وجرائم الإبادة والتدمير لغزة هاشم ها هي اليوم تحل عليهم سحائب جديدة من اللعنات؛ بسَببِ الصمت المخزي الذي أَدَّى إلى تطور وتشجيع العدوّ الصهيوني على شن عدوان على حزب الله – لبنان وبنفس السيناريو الذي ينفذه في غزة..!
إن الجرائم لا زالت ترتكب، والمجازر تتجدد، والدماء تستباح، والنساء تزهق أرواحهن، والأطفال يموتون من الجوع.. نعم.. كُـلّ هذا يحصل في فلسطين، وبسبب حماقة العرب وتخاذلهم في نصرة هذا البلد المقدس لم يكتفِ العدوّ بهذا البلد المقدس بل امتدت يده للبنان لينفذ نفس العدوان وبنفس تلك الهمجية.!
لقد صدمنا جميعاً في اليمن والعالم بالخبر الذي تلقيناه في 28 سبتمبر 2024م والذي كان عنوانه: (السيد حسن نصرالله شهيداً)! لم تكن مُجَـرّد صدمة عابرة بل كانت فاجعة ألمت قلوبنا، وخذلت مشاعرنا، وشوشت عقولنا عن التفكير لدرجة أننا لم نستوعب هذا الخبر جيِّدًا حتى اليوم، لم نستوعبه جيِّدًا لنتلقى مزيداً من الفواجع والأحزان ولكن الأقدار شاءت لنا هذا بأن تتجدد الأحزان في استشهاد الفدائي القائد/ يحيى السنوار، وكذلك سماحة السيد الشهيد/ هاشم صفي الدين – سلام الله عليهم -..
لقد تألمت قلوبنا كَثيراً فتحولت كالحجارة أمام الصامتين والشامتين العرب من شدة الحزن والغضب.. وخذلت مشاعرنا فانهارت الدموع بغزارة.. وشُوشت عقولنا عن التفكير حتى أننا تمنينا أن تنطبق السماء على الأرض ليذهب هذا الحمل الثقيل من الوجع والألم الذي أثقل كاهلنا.!!
الشهداء القادة لم يكونوا مُجَـرّد شخصيات عربية قالت: لا، لأمريكا ولـ “إسرائيل” وبريطانيا بل كانوا السند والمدد للمستضعفين، كانوا يجسدون معنى الإخوة الإيمانية، كانوا يصدعون بالحق في خطاباتهم فكانت تلك الخطابات كالداء في قلوب الصهاينة ومن معهم من الخونة المجرمين المتصهينين، وعلينا في اليمن كالدواء تشفي صدورنا وتدخل الفرحة والسرور إلى قلوبنا؛ لأَنَّهم حملوا على أكتافهم قضيتنا والعدوان علينا كما نحمل اليوم ونساند القضية المركزية والأَسَاسية (فلسطين)!
الأحزان والآلام ستتجدد؛ وأنا على ثقة بما أقول.. ستتجدد تباعاً تباعاً إذَا لم تقف الدول العربية بموقف رجولي وثابت أمام تلك الغطرسة الصهيونية التي ستواصل ارتكاب المزيد والمزيد من المجازر بحق المواطنين، وستواصل المزيد والمزيد من الاستهدافات لقادة المحور نتيجة للاختراق الكبير الموجود بداخلها، وللصبر الطويل أمام العدوّ والحسابات والدراسات الأطول للترتيب للرد المناسب على العدوّ..!
أنا لا أفهم بالتدابير العسكرية والخطط الهجومية حتى أقول إنه حان موعد الهجوم والإبادة للكيان، ولكن بنظري أرى أن السكوت السابق من إيران على الاستهداف الذي حصل للرئيس الإيراني/ إبراهيم رئيسي – والذي أرى أنها حادثة اغتيال خُصُوصاً بعد أن رأينا بأم أعيننا عملية البياجر -، وكذلك الاكتفاء بالرد المحدود وبالتصريحات الإعلامية كرد على استهداف القيادي الكبير في حماس إسماعيل هنية، هو السبب الذي أوصلنا لاغتيال حبيب القلوب وناصر المستضعفين السيد حسن نصرالله وبقية القادة!!
لقد وصلتُ والعديد من الناس إلى قناعةٍ تامة بأن الحرب الحقيقة التي تحصد رؤوس كبار الصهاينة كنتنياهو هي الحل، فبعد أن نفذِت كُـلّ وسائل الحوار مع ثلاثي الشر (أمريكا – بريطانيا – إسرائيل)، وبعد أن تأكّـدنا تأكيداً تاماً بأن الدول “العربية” لن تعود لنشوتها العربية الإسلامية في الدفاع عن مقدساتها نجد الحل في رؤوس البنادق والصواريخ والطائرات المسيرة فطريقتها بالتفاوض هي الأجمل ودوماً – وبلا شك – تركع العدوّ أولاً، وتجبر قلوبنا ثانياً، وتدخل السرور إلى أوساط مجتمعات الدول العربية الجبانة والمتخاذلة ثالثاً..!!
نسأل الله الرحمة والسلام والمجد والخلود لكافة الشهداء السائرون على طريق القدس، والشفاء للجرحى، والحرية والفكاك للأسرى، والنصر الكبير والمعجل لمحور المقاومة ومن أيدهم.
(1)