تركيا .. بين انقلابين!

د. صادق القاضي

الانقلاب العسكري الفاشل على “أردوغان” غامضٌ.. أقصد ليس بوضوح الانقلاب السلمي الناجح الذي قام به “أردوغان” على القضاء والجيش ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني في تركيا.!

خلال ساعات فقط من إعلان فشل الانقلاب الأول، الذي قال عنه “أردوغان” “إنه “هبة من الله”، أطاح الرجل بآلاف القضاة وضباط الجيش، قبل إعلان حالة الطوارئ، واعتقال الصحفيين، وإغلاق آلاف المدارس، وإلغاء وظائف عشرات آلاف المعلمين!!.

إنه انقلاب كامل وشامل على القيم المؤسساتية العلمانية لتركيا، ومن المهم ملاحظة إن هذا الصراع التركي المحتدم، وإن كان يتم بين حركات دينية سياسية، إلا أنه يتم جوهريا على حساب التقاليد والقيم والقوى العلمانية في الدولة والمجتمع.

ومع ذلك، ستجد من يدافع عن الانقلاب الثاني، بالطريقة الإخوانية الجدلية الطافحة بالمزايدات، كمزايدة أعداء العلمانية هؤلاء بعلمانية تركيا.!

 في الحقيقة أفضل ما كان لتركيا وفي تركيا هي العلمانية، لكن ما الفائدة، بالنسبة لنا، كدول وشعوب عربية، إذا كانت علمانيتها لها، وإخوانيتها علينا.!!

لقد زج أردوغان بتركيا في معاداة كل دول محيطها الإقليمي: العراق، سوريا، إيران، مصر، روسيا، الاتحاد الأوروبي.. وبالجملة: فقد أغلق تركيا على العالم، وفتحها على الإخوان المسلمين!

ومع أن الانقلاب عليه، كان ربما سيجعل المنطقة أكثر أمنا، بما يخفف من دعم الإرهاب، وحدة التناحر في سوريا والعراق، إلا أنه يظل انقلابا، ومتى كان الانقلاب حلا؟!

بالطريقة نفسها، ستجد إخوانيا آخر، يدافع عن انقلاب أردوغان، بالقفز إلى مقارنة تركيا بإيران، وكأننا نبحث عن سادة لا عن سيادة.!

بمنطق النخاسة الإخوانية هذا، علينا في اليمن أن نفاضل بين إيران والسعودية وتركيا.. كما يفاضل العبيد بين السادة، وكأنه يحق للأفضل منها أن تلف اليمن تحت مؤخرتها..!!

لا أريد لليمن أن تكون تابعة حتى لـ “جمهورية أفلاطون”، ولا مصرفا لفضلات حتى “الجنة الفاضلة”!.

(62)

الأقسام: آراء

Tags: ,,,,,,