لماذا تبدو مفاوضات الكويت مختلفة عن مفاوضات سويسرا ؟؟

خاص|المراسل نت

كتب| المحرر السياسي

الحديث عن إيجابية المفاوضات الحالية التي تستضيفها الكويت بهدف الوصول إلى حل سياسي باليمن مقارنة بالجولات السابقة التي جرت في سويسرا لن يكون بالضرورة تسليماً بنجاح مفاوضات الكويت.

 

أي مفاوضات تتسم بالجدية قد يكتب لها النجاح وكذلك الفشل وذلك بناءً على قابلية الأطراف بالقبول بنتائجها وقدرة تلك الأطراف على تقديم التنازلات المطلوبة للوصول إلى الحل بينما هناك نوع آخر من المفاوضات يتم عقدها لأغراض أخرى ولذلك يكون من السهل الحكم على فشلها حتى قبل انطلاقها وينطبق ذلك على مفاوضات الأطراف اليمنية في سويسرا.

 

بين مفاوضات الأمس في سويسرا واليوم في الكويت ثمة متغيرات وفروق كبيرة تكسب الأخيرة أهمية وتضع سقفاً عالياً للتوقعات بنجاحها ويمكن تلخيصها في التالي:

  • طول أمد الحرب دون تحقيق نتائج حاسمة من قبل أي طرف في وقت تحولت الحرب إلى استنزاف مالي وأمني للملكة السعودية التي بدا سوء حظها بتزامن أول حرب مباشرة تقودها مع أكبر تراجع اقتصادي في تاريخها وبطبيعة الحال ساهمت الحرب في ذلك التراجع.
  • سقوط الضحايا من المدنيين بأعداد كبيرة ساهم في الجنوح باتجاه الخروج من الحرب ولكن ذلك لم يكن ليحدث لولا الاهتمام العالمي المفاجئ والمنتقد لسقوط ضحايا أبرياء إذ لم يكن المدنيين محل اهتمام العالم على الأقل في الشهور السبعة الأولى من الحرب.
  • مثلت المفاوضات المباشرة في الحدود السعودية-اليمنية بين السعوديين وجماعة أنصارالله نقطة تحول كبيرة في مسار الحرب أظهر فيها السعوديون رغبة كبيرة في تجنب القلق العسكري في حدودهم مع اليمن بفعل الهجمات التي تعرضت لها معسكراتهم في الحد الجنوبي.
  • عدم انسجام القوى السياسية والعسكرية الموالية للرياض والتحقيقات السعودية التي كشفت أنه جرى استغلالها مالياً وبمقدار مئات الملايين تسلمها الموالون لها وتبين انها لم تصرف بما يخدم الحرب في شكل من أشكال الفساد وكذلك اكتشاف السعوديين بأنهم تعرضوا للتضليل من قبل الموالين لهم سواء من حيث المبالغة في قدراتهم البشرية العسكرية على الأرض أو من حيث المبالغة في تحجيم قدرات الحوثيين العسكرية وقابليتهم للمواجهة في حرب كبيرة كالتي حدثت.
  • كانت المفاوضات في سويسرا بعيدة كل البعد عن الجدية ولذلك لم يعترف أي طرف من الأطراف بالهدن التي أعلنت بالتزامن مع جولات المفاوضات ولم يكن هناك أي نوع من التواصل المباشر بين اطراف الحرب للاقرار بالمشاكل ومعالجتها كما يحدث اليوم بشأن وقف اطلاق النار.
  • قدم السعوديون الكثير من التنازلات الأعلامية سواء من حيث اعترافهم بالمفاوضات المباشرة مع الحوثيين أو بتغيير السياسة الإعلامية العدائية تجاههم وكذلك الاعتراف بوجود أسرى سعوديين يتم استرجاعهم بصفقات تبادل معلنة والاعتراف بوجود معارك في الحدود وهو ما كان محل انكار كبير في الاعلام السعودي على مدى العام الماضي.
  • على الرغم من ان وقف إطلاق النار لم يتحقق بشكل كامل لكن هناك تراجع كبير للمعارك في الجبهات وكذلك تراجع أكبر للغارات الجوية وتحليق الطيران.
  • أيضاً المعلومات التي أكدت أن الرياض مارست ضغوطاً كبيرة على قيادات القوات العسكرية الموالية لها للالتزام بوقف إطلاق النار بعد ان ظهر ان لدى بعض القيادات رغبة في استمرار الحرب وبرزت جدية الرياض في تحقيق وقف إطلاق النار بإحجام طيرانها عن تغطية المعارك التي حدثت في مارب والجوف وتعز بالتزامن مع وقف إطلاق النار.

أخيراً إذا كانت المؤشرات تشير إلى وجود رغبة في انهاء الحرب في اليمن فهي مؤشرات لم تتوفر في مفاوضات سويسرا وهو ما يجعل منها في الكويت أقرب للحل منها للفشل خصوصاً مع وجود رغبة سعودية في مناقشة الإشكاليات التي يطرحها الطرف الاخر غير أن كل ذلك لا يعني الحكم المسبق على نجاح مفاوضات الكويت وما يزال احتمال الفشل قائماً ولكنه إن حدث هذه المرة فلن يكون بسبب عدم جدية المفاوضات بل لفشلها بالوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف.

(212)

الأقسام: آراء,الاخبار,المراسل السياسي,اهم الاخبار