قراءة شاملة في مبادرة كيري لليمن: رؤية للحل بأولوية مأزق السعودية ورسائل حرب

المحرر السياسي| المراسل نت:

إلى ما قبل المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره السعودي عادل الجبير، اليوم الخميس في مدينة جدة السعودية، كانت التحليلات والتنبؤات تشير إلى أن اجتماع جدة سيبحث ملف اليمن بمشاركة وزراء خارجية بريطانيا وبقية دول الخليج، إلا أن ما كشف عنه الوزير الأمريكي أكد ان الاجتماع جاء لدعم السعودية الواقعة في مأزق عسكري في حدودها الجنوبية وخصوصا في نجران.

وزير الخارجية الأمريكي كشف عن أهم ما تم تداوله في الاجتماع وذلك خلال المؤتمر الصحفي حيث ظهر جليا أن الرجل جاء ليجدد التزام بلاده في حماية السعودية وربط الحل في اليمن بأمنها لدرجة أنه أظهر أن الاجتماع اعتبر الازمة اليمنية هامشا أمام أمن السعودية وحمايتها.

صحيح أن جون كيري كشف عن “مبادرة أمريكية” او “خارطة طريق جديدة” كما وصفت إعلاميا ولكن الحكم على تلك المبادرة يبقى رهن معرفة تفاصيلها وموقف الطرف الاخر (صنعاء) منها.

كيري كشف عن بعض النقاط الرئيسية من المبادرة وقال انها تعطي جميع الأطراف الفرصة وتضع الأولوية لحقوق وسيادة شعب اليمن، على أن يتم الاتفاق على التفاصيل من خلال مفاوضات الطرفين.

وتتضمن المبادرة الامريكية تشكيل حكومة توافق من الاطراف اليمنية بشكل فوري وتقاسم السلطة أيضا في الدولة بين الاطراف ذاتها.

ولم تتطرق المبادرة او الرؤية الامريكية لكثير من النقاط الخلافية مثل مؤسسة الرئاسة وتسليم الاطراف الاخرى لأسلحتها بما يجعلها رؤية معدلة بشكل طفيف للرؤية التي تبناها المبعوث الاممي وهي رؤية سعودية وقوبلت بالرفض من قبل صنعاء غير أنه وخلافا للرؤية السعودية التي تبناها ولد الشيخ مؤخرا وادت لفشل المفاوضات بتقديم الحل العسكري وتأخير السياسي فإن المبادرة الجديدة تتضمن تزامن المسارين السياسي والعسكري في التسوية السياسية في اليمن وتسليم السلاح لطرف ثالث محايد لكنها اقتصرت على سلاح الحوثيين فيما قرار مجلس الامن 2216 ينص على ان تسلم كل المليشيات المسلحة أسلحتها.

 

أيضا هناك رسائل صدرت عن كيري في المؤتمر الصحفي ويمكن تلخيصها في عدة نقاط على النحو التالي:

أولاً: إبراز الولايات المتحدة في دور قائد التحالف بدلا عن السعودية ويفسر ذلك تهديده الصريح باللجوء لخيارات أخرى ضد اليمن إذا فشل الحل السلمي، في موقف واضح وصريح على امتلاك الولايات المتحدة لقرار الاستمرار بالحرب في اليمن او وقفها.

ثانياً: ربط الحل السياسي في اليمن بوقف الهجمات على السعودية قبل التوافق بين الأطراف اليمنية المتصارعة وهو ما تحدث به الوزير كيري مصرحا أن مرحلة البحث عن الحل في اليمن أولويته أمن السعودية.

 

ثالثاً: الحلول التي كشف الوزير كيري عن جانب منها للحل في اليمن تظهر إلى حد كبير أنها لم تتغير عن التي تم رفضها من قبل وفد الحوثيين والمؤتمر وإنما جرى التلاعب بالألفاظ من أجل الإيحاء بوجود حل جديد وتحميل وفد صنعاء مسؤولية رفضه وإفشال الحل السياسي.

وفي هذا السياق وجه كيري دعوة للحوثيين إلى تسليم السلاح لطرف ثالث محايد وهنا يكمن التلاعب بالألفاظ فمطلب تسليم السلاح لم يتغير وما يزال مقتصر على الحوثيين رغم ان قرار مجلس الامن 2216 يلزم جميع الأطراف المسلحة بتسليم السلاح وليس الحوثيين وحدهم، إلى جانب أنه من الصعب إيجاد طرف محايد في ظل الانقسام الذي احدثته الحرب على اليمن.

 

وفي إطار النقطة (ثالثا) قال وزير الخارجية الأمريكي بالنص ما يلي: “اتفاقنا الجديد يعطي الحوثيين فرصة للوثوق بالهيكلة الحكومية المقبلة في اليمن”.

وهنا يتحدث كيري عن اتفاق مع وزراء خارجية الخليج وبريطانيا عن فرصة للحوثيين في الحكومة المقبلة وهذا الاتفاق تم بين أطراف الحرب ضمن معسكر التحالف فكيف يمكن للحوثيين الوثوق بحلول يقدمها الطرف الآخر إذا كانت أزمة الثقة بين الطرفين هي أهم الأسباب التي لم توصل المفاوضات إلى الحل؟!

 

رابعاً: الوزير جون كيري قال في المؤتمر الصحفي مع نظيره السعودي ان “إراقة الدماء في اليمن طالت ويجب إنهاء الحرب” وأضاف انه جرى الاتفاق على “أن تحصل مقاربة جديدة للمفاوضات اليمنية”.

تحدث كيري عن ضرورة إنهاء الحرب لكن بقية كلامه يحث على استمرارها وبقيادة الولايات المتحدة هذه المرة فالرجل أسهب في الحديث عن توصلهم في مدينة جدة لعدة اتفاقات وعلى الطرف الآخر أن يقبل بحلول خصومه مالم فسيكون هو المعرقل للحل الذي يوجب على الولايات المتحدة اللجوء لخيارات أخرى كما تحدث بذلك الوزير كيري صراحة.

خامساً: إلى جانب أن وزير الخارجية الأمريكي ربط الحل في اليمن بأمن السعودية إلا أنه أضاف على ذلك رسالة جديدة ليست مساندة السعودية عسكريا في الحدود بل تولي الدفاع عنها عندما قال ان بلاده ملتزمة بالدفاع عن أمن السعودية.

 

سادسا: ظهر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مظهر لا يوحي أنه يمثل الدولة التي تقود تحالف الحرب على اليمن واقتصر حضوره على مسؤول يمثل دولة ضعيفة تتعرض لحرب كبيرة ويقف إلى جانب ممثل الدولة التي ستتولى حماية بلاده، وعدا ذلك لم يبدو حضوره رئيسيا بالمطلق.

 

سابعاً: إذا كانت مشكلة الطرف الاخر (الحوثيين والمؤتمر) هي محاولة التحالف فرض الحلول عليه وقد رفض ذلك مرارا وعبر عن تمسكه بالحل السياسي الشامل وكرر ذلك ناطق الحوثيين محمد عبدالسلام امس الأربعاء بقوله ان الحل يجب ان يكون شاملا ويترافق مع رفع الحصار على اليمن، ولا يبدو أن الوزير كيري قد كشف في مؤتمره الصحفي عن وجود تغير حقيقي في موقف التحالف ورؤيته للحل التي فرضها على المبعوث الاممي إسماعيل ولد الشيخ.

ثامناً: اجتماع جدة يمكن قراءة اهم نتائجه من خلال المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الأمريكي بأنه اجتماع جاء لدعم السعودية وليس لبحث ملف اليمن والتوصل لحل سياسي وما ألمح عنه جون كيري لا يعدو عن كونه تلاعبا بالألفاظ من أجل تحميل صنعاء مسؤولية فشل الحل مجددا ومبررا للحرب.

 

تاسعاً: وقع اجتماع جدة في خطأ كان بإمكانه تلافيه ليخرج بصورة أفضل، فالهدف الذي أعلن التحالف السعودي الحرب على اليمن لتحقيقه متمثلا بإعادة الشرعية التي يمثلها هادي وحكومته، وهذا الطرف الذي كان وفقا للهدف يجب أن يبدو طرفا رئيسيا في الاجتماع إلا أن حكومة هادي كان حضورها معدوما بل إن المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الأمريكي لم يأتي على ذكر تلك الحكومة أصلا وحل محلها أمن السعودية.

عاشراً: لا يمكن الجزم تماما بأن الحلول التي تحدث عنها الوزير جون كيري لن تؤدي للتوصل إلى الحل وانهاء الحرب لأن كلامه جاء مجرد عناوين لا يمكن الحكم بشكل نهائي عليها إلا بعد معرفة تفاصيلها وعرضها على الحوثيين والمؤتمر الذين بإمكانهم تقييم مخرجات اجتماع جدة وإعلان موقفهم منها.

تنويه: يمنع اعادة نشر المادة او اقتباس اجزاء منها إلا بالإشارة إلى المراسل نت

(4274)

الأقسام: الاخبار,اهم الاخبار,تقارير المراسل

Tags: ,,,,,,,,,,,,,,,,,