السعودية في قفص الإتهام الأمريكي!

أ٠د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور

توالت الآراء والمواقف السياسية والدينية والقانونية والإعلامية المُنددة لسلوك القيادة السعودية خلال عام واحد ، وتزامن ذلك مع نقد (خجول) من الصحافة الغربية (الحرة) للسلوك المتهور للقيادة السعودية تجاه الأزمات في المنطقة والعالم  ، كل هذه المواقف ظهرت على السطح بوضوح وغطرسة خلال عام واحد ، وكان التحضير  لكشف غيهم احتاج لأعوام عدة باعتبار أن موضوعات كهذه تحتاج إلى جمع البيانات والمعلومات والاستدلالات وبعدها يتم تجهيز الملف ليعرفه النَّاس عامة وأصحاب القرار الدولي لاتخاذ الموقف الملائم لطبيعة الأفعال المُرتكبة .

 

تابع الرأي العام العربي سلوك آل سعود وقيادتها النافذة في المملكة ورد فعل الآخرين تجاهها بشيء من القلق والخوف، لأن السعودية تتصدر المشهد كونها دولة فاحشة الثراء في العالم النامي وتسيطر على أهم بقعتين طاهرتين للديانة الإسلامية، ولذلك فإن موقفها حساس جداً تجاه كل الموضوعات وخاصة والمعلومة أصبحت مشاعة للعالم كله بسبب ما هو متاح للمتابعين عبر وسائل المعلومات المنتشرة في كل جزء من العالم .

 

ولنأخذ عدداً من الأمثلة في هذا الشأن قد قصمت ظهر بعير آل سعود :

 

أولاً :

 

تقديمها للدعم المادي والمعنوي واللوجستي الهائل لما أُطلق عليه بثورات أكذوبة الربيع العربي في كلٍ من سوريا والعراق وتونس وليبيا واليمن ، باستثناء جمهورية مصر العربية لأنها تخشى من حركة الإخوان المسلمين العالمية لحسابات خاصة بينهم .

 

ثانياً :

 

دعمهم الكبير للمنظمات الإرهابية (القاعدة ، داعش) بشكل مباشر وغير مباشر .

 

ثالثاً :

 

النشر الجائر لتعالم الفرقة الدينية الوهابية (الإسلامية) تحت يافطة إحياء تراث السلف السُني الصالح.

 

رابعاً :

 

ارتفعت أصابع الاتهام إلى السعودية بشكل علني مُنذ أحداث تدمير برجي التجارة العالمية بنيويورك ، بعد أن عرف العالم بأن من بين 19 انتحاري المنفذين للهجوم ، بلغ عدد السعوديين منهم 15 انتحاري ، ومنذ ذلك التاريخ وُضعت العائلة السعودية الحاكمة ضمن دائرة التحري الأمريكي والاستخبارات العالمية أيضاً .

 

خامساً :

وكان حرب العدوان مع الحلف المكون بأكثر من ثلاثة عشر دولة  بقيادة السعودية على الشعب اليمني  بمثابة قاصمة الظهر كما يقولون ، ومنذ إنطلاق عدوانهم على الشعب اليمني وهي موضوع مطروح على طاولة العالم ، برغم كل التعتيم والرشى التي مارسته على نحو فاضح .

 

 

السلوك المتهور المُتكئ على قوة وتأثير البترو-دولار وحدها جعل رد فعل العالم تجاه الأسرة المالكة مشككاً وقلقاً ومنزعجاً أيضاً ، ولهذا كانت ردود الفعل العالمي تجاه تلك التصرفات قويه كردع معاكس كي لا تتغول لغة المال على لغة العقل ، وظهرت في ردود الفعل الآتية :

 

أظهر الرئيس الأمريكي/ باراك بن حسين أوباما إمتعاضه الشديد من سلوك قادة المملكة السعودية في المنطقة والإقليم ، وقال ما معناه في حواره الشهير مع صحيفة أُتلانتك الأمريكية والذي سُمي آنذاك ( بعقيدة )أوباما ، حيث لخص فكرته أن على السعودية أن تتخلص من عقدة التفوق المالي خاصة و أن نجم جمهورية إيران بدأ يستقر كمنافس وشريك للسلام في المنطقة ، و أن الأمريكان لم يعودوا راغبين بأي حرب للدفاع عنهم في قادم الأيام ، وقال العديد من الأفكار في هذا الصدد .

بسبب توحش القادة السعوديين في حربهم على اليمن أتخذ البرلمان الأوروبي قراراً بمنع حكوماتها من تزويد السعودية بالأسلحة بسبب قصفها للمدنيين والمنشآت المدنية ، ورفعت منظمة حقوق الانسـان (هيومن رايتس ووتش Human Rights Watch)، ومنظمة العفو الدولية (أمنستي Amnesty International) ، ومنظمة أطباء بلا حدود (Médecins Sans Frontières) تقاريرهم بإدانة الهجمات السعودية على الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى ، حتى الأمين العام للأمم المتحدة أدخلت السعودية في قائمة العار لقتلها المدنيين وغيرها من الادانات التي أرتفع صوتها ضد غطرسة وتجبر وتغول آل سعود في عدوانها على اليمن وعلى العالم العربي كله .

 

كان لقرارات مؤتمر غروزني بجمهورية الشيشان المنعقد بتاريخ 25/08/2016م أثره المدوي والصاعق على رؤوس كهنة الفرقة الوهابية/ السعودية التي شعروا بأن أسس نظريتهم الوهابية قد كُشفَت وظَهرت على حقيقتها بإعتبارها مصدر وحيد للإرهاب في العالم ، و أن الجماعات المتطرفة الإرهابية اعتمدت على الأسس الفكرية الدينية (الإسلامية) لهذه التعاليم المتطرفة والنزقة .

و أبرز قرارات المؤتمر كان  بإستبعاد الوهابية من بين مذهب السنة و الجماعة ، وهو إنتصار حقيقي للإسلام بشكل عام والمذهب السني بشكل خاص .

 

 

اتخذ الكونجرس الأمريكي يوم الجمعة بتاريخ : 10سبتمبر 2016م ، قراراً صارماً وبالإجماع بإقرار قانون مقاضاة المملكة السعودية ( قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب ) ومعنى القانون انه يجيز لأهالي وأسـر ضحايا تفجيرات برجي التجارة العالمية بنيويورك بأن يقدموا دعاوي لمقاضاة الحكومة السعودية في أي محكمة أمريكية داخل الولايات الأمريكية ، والتهمة الموجهة هي التخطيط لهذه العملية بشكل مباشر أو بسبب الإهمال في ضبط هذه الجماعات التي كان منشأها و مبتداها و مبادئها من السعودية ، وبالتالي سنشهد تكرار ذلك السيناريو الذي طبق على ضحايا طائرة لوكوربي بأسكتلندا .

 

ليست المعضلة هنا بما قد تصرفه السعودية من أموال ولا هبات ولا تسهيلات للأمريكيين ، بل الإشكالية هي في حجم الإبتزاز السياسي والأخلاقي والإعلامي الذي ستقوم به أمريكا لهم في قادم الأيام .

 

الخلاصة :

 

المواطن اليمني البسيط بعد أن عَلم بقرار الكونجرس ومجلس الشيوخ الأميركيين ، يتساءل اليس من حقنا أن نقاضي ونحاكم قادة المملكة السعودية وعملائها من اليمنيين المرتزقة ،  بعد أن خَسِر الشعب اليمني أكثر من أربعين الف مواطن بين شهيد وجريح من مختلف الأعمار والشرائح الإجتماعية من الأطفال والنساء والشباب والشيوخ المسنين ، وكلهم مدنيين عُزّل ويتم قتلهم بالعمد والإصرار والترصد ، وبعد أن تم تدمير معظم مقدراته من بنيته التحتية .

 

لكن هذا يتطلب رصد دقيق وموثق بالأسماء والمناطق والتاريخ وبالصورة والصوت والإحصائيات العلمية الدقيقة ، وسيأتي يوم لا محالة لتقديم الأدلة الدامغة لمحاكمة المُعتَدي في محاكمنا اليمنية أو الدولية ، وهنا سيطمأن المواطن بان هؤلاء القاده السعوديين ومرتزقتهم سيمثلون امأم عدالة القانون وقبلها عدالة السماء ، والله أعلم منا جميعاً بالمستقبل .

 

 

﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾

 

 

محافظ محافظة عدن

(124)

الأقسام: المراسل العالمي

Tags: ,,,,,,,,,,,,